الانتخابات الإسرائيلية.. الحصانة لنتنياهو والسيادة للمستوطنين

بدا المشهد السياسي الإسرائيلي أكثر تعقيدا بعد النتائج شبه النهائية لانتخابات الكنيست، التي أظهرت تعزيز قوة معسكر اليمين المتطرف وهيمنة الحريديم (جماعة من اليهود المتدينين)، مع استمرار تراجع مكانة معسكر الوسط واليسار الصهيوني.

وظهر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منتصرا بحصول حزب الليكود الذي يترأسه على 35 مقعدا، ومثلها لحزب “كاحول لافان” برئاسة بيني غانتس الذي أظهر عجزه وفشله في استمالة الشركاء التقليديين لنتنياهو لصالحه كي يترأس الحكومة المستقبلية.

غابت القضية الفلسطينية وتحديات جبهة قطاع غزة عن هذه الانتخابات التي هدفت إلى إعادة ترتيب الأوراق في معسكر اليمين بغرض تحصين نتنياهو من ملفات الفساد التي يواجهها ومنع محاكمته مستقبلا، وهي الركيزة الأساسية التي ستجمع الأحزاب حول طاولة الحكومة التي سيشكلها نتنياهو الذي له الباع الطويل في تعزيز مكانة الأحزاب الدينية وتيار الحريديم و”تحالف أحزاب اليمين” والمستوطنين في المشهد البرلماني.

وتجمع تركيبة الكنيست الـ22 -كما الائتلاف الحكومي المستقبلي لنتنياهو الذي سيضم 65 نائبا على الأقل- فسيفساء اليمين المتطرف ومعسكر المستوطنين والمتدينين الذين -كغيرهم من الأحزاب الإسرائيلية- غيبوا عن البرنامج الانتخابي تسوية الصراع مع الفلسطينيين، وعززوا من أيدولوجية دولة إسرائيل على كل فلسطين التاريخية.

سيناريوهات

واستبعد محللون إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤلفة من حزبي الليكود وكاحول لافان قوامها 70 نائبا، ويمكن أن تضمن استقرارا داخليا في إسرائيل، وعزوا ذلك إلى الخلافات على شخص نتنياهو وما ينسب إليه من فساد، علما بأنه لا توجد فوارق بين الحزبين حول الأجندة السياسية والأمنية والتحديات العسكرية على مختلف الجبهات خصوصا جبهة غزة، وكذلك الموقف من خطة السلام الأميركية التي تعرف بصفقة القرن، والتطبيع مع الأنظمة العربية.

وعوضا عن سيناريو حكومة الوحدة الوطنية، اختار نتنياهو أن يكون عرضة للابتزاز من قبل المستوطنين والحريديم، سواء في القضايا السياسية بضم الضفة الغربية أو أجزاء منها للسيادة الإسرائيلية، أو بتعزيز مكانة الشريعة اليهودية، في مؤشر تفجر الصراع الديني بين الإسرائيليين من علمانيين ومتدينين.

حصانة وسيادة

ويرى المعلق السياسي في صحيفة “هآرتس” ألوف بن أنه سيكون لحكومة نتنياهو الجديدة هدفان رئيسيان: إبعاد وحتى شطب لوائح الاتهام التي تهدد نتنياهو وسن قانون لتحصينه، وضم المستوطنات إلى إسرائيل بالتنسيق مع حكومة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مضيفا أنه “يمكن تلخيص الهدفين في صيغة بسيطة.. الحصانة من أجل السيادة”.

ومقابل السعي لتحصين نتنياهو من ملفات الفساد، يعتقد المعلق السياسي أنه سيتعين عليه أن ينسق مع الرئيس الأميركي بنود ومضامين صفقة القرن التي من المرجح الإعلان عنها منتصف مايو/أيار المقبل، لافتا إلى أن تصريحات نتنياهو قبل 48 ساعة من فتح صناديق الاقتراع حول تطلعه إلى ضم المستوطنات وأجزاء من الضفة، تنسجم مع صفقة ترامب التي من شأنها أن تسمح لإسرائيل بإعلان سيادتها في المستوطنات وضمان عدم إجلاء أي مستوطن.

كما يعتقد أن الضوء الأخضر الأميركي لنتنياهو لضم الضفة، سيسهل على رئيس الوزراء مهمة إقناع معسكر المستوطنين وأحزاب الحريديم في حكومته للتعاطي مع صفقة القرن والتحفظ على بنودها -لكن دون رفضها- بغرض إلقاء الكرة في ملعب السلطة الفلسطينية لترفضها، ومن ثم تتم شيطنتها بأنها رافضة لأي تسوية، علما بأن غالبية الأحزاب الإسرائيلية حسمت الأمر بتعزيز مشروع الدولة اليهودية الواحدة، وتخلت عن حل الدولتين على أساس تقسيم الأرض لإقامة دولة فلسطينية.

فساد

بدوره، يعتقد الوزير الإسرائيلي السابق يوسي بيلين -وهو من مهندسي اتفاقية أوسلو- أن انتخابات الكنيست كانت بدون أجندة سياسية، لافتا إلى أن الجميع في إسرائيل تعامل فقط مع سؤال واحد: هل يمكن لرئيس وزراء يشتبه في ارتكابه جرائم فساد خطيرة أن يحظى بدعم الجماهير لولاية أخرى؟ مؤكدا أن الانتخابات كانت استفتاء عاما على شخص نتنياهو لا على برنامج سياسي أو أمني أو قضايا اقتصادية واجتماعية.

ويرى بيلين أن السياسة الإسرائيلية ستتمحور في الأشهر المقبلة على فساد نتنياهو ومدى أحقيته بالبقاء في الحكم إذا قدمت ضده لوائح اتهام، خاصة بعد إخفاق المجتمع الإسرائيلي في تمييز الخلافات العميقة بين الأحزاب الرئيسية، التي لم تكن حول جبهة غزة المرجحة للاشتعال في الصيف المقبل، ولا حول الصراع مع الفلسطينيين، أو الصحة والتعليم، وإنما حول نتنياهو والبديل غانتس.

اختراق

في الداخل الفلسطيني، أدى تفكيك القائمة العربية المشتركة وخوض الأحزاب الانتخابات بقائمتين عربيتين حصلتا إجمالا على عشرة مقاعد، بعدما فازت القائمة في انتخابات 2013 بـ13 مقعدا، إلى فتح الباب لعودة الأحزاب الصهيونية مجددا إلى البلدات العربية، إذ حصلت هذه الأحزاب على عشرات آلاف الأصوات منحتها الفوز بثلاثة مقاعد.

وفي قراءة لما أفرزته الانتخابات إسرائيليا وفي المجتمع العربي، قال مدير مركز “أمان” للأبحاث الاجتماعية المحامي رضا جابر “إسرائيليا، فازت الفاشية بوضوح، ونحن أمام مجتمع غالبيته معادٍ للأقلية العربية والشعب الفلسطيني، فنحن أمام حالة تشبه أوروبا قبيل الحرب العالمية الثانية عندما سيطر الفاشيون باسم الديمقراطية وأحدثوا انهيارا في قيمها، والنتيجة كارثية.. نحن أمام خطر مشابه”.

تمثيل وإقصاء

ولمواجهة هذه الحالة، يعتقد جابر أن المجتمع العربي الفلسطيني بحاجة إلى مجتمع موحد متنبه لخطورة المرحلة، مما يستلزم إعادة تنظيم الجماهير العربية وطرح نوع آخر من التنظيم والتفكير والإبداع، لافتا إلى أن الأحزاب خسرت على الأقل ثلاثة مقاعد في الكنيست بسبب أزمات بينها، وتصرفت بعكس مصلحتها ومصلحة الجمهور العربي.

ودعا الأحزاب العربية إلى مكاشفة الجمهور العربي، خاصة في ظل تعالي الأصوات الشعبية والجماهيرية الداعية للمقاطعة وإعادة النظر في جدوى الوجود والتمثيل العربي بالكنيست، مع مواصلة أحزاب اليمين وحكومة نتنياهو مخططاتها لنزع الشرعية عن القيادات العربية وإقصاء التمثيل العربي من الكنيست.

وشدد جابر على ضرورة الاستماع لنبض المجتمع والأصوات الداعية إلى إعادة بناء لجنة المتابعة العربية، وإقامة مشروع تنظيمي ليكون المظلة السياسية والاجتماعية لفلسطينيي 48. والأهم -يضيف- أن هذا المشروع “يحدد العلاقة مع إسرائيل ومؤسساتها ويكون سدا منيعا قبالة التكتلات السياسية في المجتمع الإسرائيلي”.

المصدر : الجزيرة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/04/11



كتابة تعليق لموضوع : الانتخابات الإسرائيلية.. الحصانة لنتنياهو والسيادة للمستوطنين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net