صفحة الكاتب : عباس العزاوي

الحنين الى البعث
عباس العزاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الحنين الى الذل والاستعباد  والقهر "الوطني" الممنهج  والموت المجاني بدأ يلوح في الافق على اكثر من صعيد بعد فسحة الحرية والامل الكبير الذي بانت بشائره لغد مشرق لاطفالنا او ربما لاحفادنا , ان كنّا جادين حقاً بوضع قطار العراق بجميع عرباته الملونة على سكة الديمقراطية والحرية, بدل من تفكيكها وبيعها في الاسواق الاقليمية والعالمية بسعر بخس ولمن يدفع !! ولكن لماذا هذا الحنين والنكوص على الاعقاب ؟ ولماذا هذا التهافت ؟ في البحث عن سقطات واخطاء المرحلة  الحالية وتسليط الضوء عليها  تحت تأثيرحمى التقييم والنقد الفوضوي , على ماذا نبحث ؟ وبايّ فترة من تاريخ البلاد نقارن الوضع الراهن؟ والعراق منذ  تأسيسه والحرب والانقلابات لعبته الوحيدة والموت والخراب ميزته المثلى ومداره الواسع الذي يسبح فيه.. حتى قيل عنّا باننا من اصعب الشعوب انقياداً واكثرنا جدالاً وتفلسفاً  حتى في اوضح الواضحات.
 
 
 
يكون الامر مقبولاً عندما تعلن بعض الجهات امتعاضها ورفضها لسياسات معينة تقوم بها الحكومة او يقوم بها اصحاب القرار, فتتقمص هذه الجهات  التهريجية " السياسية " دور المعارضة دون تبنيه رسمياً ..وتحاول حسب فهمها تقويم سيرعمل الحكومة وسياستها .. وكل هذا لاجدال عليه ويدخل ضمن لعبة الديمقراطية وحرية الرأي , ولكن مع ضرورة بقاءه ضمن حدود معقولة وممكنة لاتضر بالصالح العام او تضر بأمن المواطن وحياته فيصبح الامرمختلف ومحض تآمر واضح وخيانة لايجيزها اي  نظام سياسي في العالم  سوى كان نظام ديمقراطي او ديكتاتوري... بل ذهب بعض سياسي العراق في اعتراضاتهم الى حد التمرد والعصيان مثلما حدث في قضية الهاشمي وهروبه من بغداد والمضحك في هذا الامر ان الكل اتفقوا على استقلالية القضاء, اعلامياً , لكنهم لايركنون اليه عملياً في اطروحاتهم في حل الازمة.. ويمارسون لعبة  المخادعة وطرح حلول مصنعة حزبياً على قياسات الحبابيب!!
 
 
 
 وارى ايضا ان تصريحات السيد صالح المطلك ضد رئيس الوزراء واتهامه بالدكتاتورية  الهدامة  مقارنة بدكتاتورية صدام  "البناءه " وحنينه وشوقه الحارق لسلطة البعث الدموي وايامه "الحلوه " تصريحات مبررة فالرجل لم يفعل شئ معيب من وجهة نظره الشخصي سوى وضوحه وصراحته بطرح مايعتمر به قلبه من حب وهيام للايام الخوالي, فهو رغم فصله من حزب البعث في سبعينات القرن الماضي كما يقول , استطاع الحصول على بعثة  دراسية على حساب الدولة وايضا تم تكليفة  كمصدر مهم للمعلومات  عام 2002(  مخبر سري ) خارج القطر كما نشرت الكثير من الصحف الوثيقة * التي تثبت ذلك. فكيف نطالبه بنسيان الحبيب الاول؟ وتبني نظام لايكون فيه  هو او سيده على راس السلطة!!
 
 
 
 بعض المواطنين ممن تضرروا من التغيير ايضا يحنون للماضي ويتغنون حباً وهياماً به وبايامه الغابرة.. فمنهم من يبكي ساعات السمر على ضفاف دجلة ومنهم من يبكي ويحنّ لنظافة منطقته في وسط بغداد , ومنهم من يحنّ ويئن على اكل الكباب والسمك المسكَوف في شارع ابو نؤاس وغيرها من مظاهر الترف والرفاهية, بالتاكيد هذه المجاميع لم يتعرض لها النظام السابق ولم يسلبها حقوقها في هذا الجانب لسبب بسيط هو انهم مسالمين , طيبين!! ومطيعين !! ولايتحرشون بالحكومة.. اما ماكان يتعرض له البلد من دمار وتخريب على كافة المستويات وارهاب وحروب واعدامات وانتهاكات لحقوق الانسان فلاتعنيهم وليس من اختصاصهم طالما لم تصل اليهم , فهم ارتضوا ان يمشوا بجانب الحائط حسب تعبيرهم...( والمايدّخل بالسياسة صدام مايسويله شي .. مو صحيح) يعني بالقلم العريض ,خانعون وقانعون !!
 
 
 
كل ماذكرت من الممكن تفهمه ووضعه تحت حقل الانانية اوحب الذات لكن ان تصدر هذه الشكاوى والتذمر الدائم من الوضع الحالي وازماته المتتالية مع معرفة اسبابها  ومن يقف ورائها من مواطنين تعرضوا لشتى انواع العذاب والقهر والتهميش والقتل لذويهم وعوائلهم واصدقائهم في العهد السابق او ان تصدر من كتّاب معروفين ,يفترض انهم ضمير الامة الحي وصوتها المعبر الصادق  فالامر مقلق ومحير.. فهل هي ازمة وعي ام ازمة ضمير ؟ , كأن يستحضر احد الكتاب روح الطاغية صدام في قضية ميناء مبارك او الملفات الاخرى العالقة مع دولة الكويت وآخر يعتبره الوحيد القادر على الجام حكام الكويت والسعوديين ودفع أذاهم عن العراق!!! بمعنى اننا لانستطيع حل مشاكلنا مع دول الجوار الا بعنتريات صدام المقبور وحروبه المدمرة التي لم تجلب لنا الا الويلات والموت والخراب والجوع. وليس لدينا امثله افضل من ذلك البائس!
 
 
 
كاتب اخر يعتبر ان التعيينات  للخريجين ايام حكم البعث كانت عادلة وسريعة , فما ان يتخرج الطالب من كليته حتى يجد كتاب تعينه في يده!!! وهذه من الانجازات المحسوبه لصدام !! .. واستتباب الامن من المعجزات الاخرى حسب قوله وقد نسي هذا الكاتب او تناسى في سعيه المحموم لنقد الدولة الحديثة, بان الفوضى وحالة اللامن  في العراق سببه نفس الاجهزة القمعية التي كانت ضمن النظام السابق تمارسه داخل الغرف المظلمة وبعد سقوط عرشهم اكملوا مسيرة القتل والتدمير من خارج الحكومة , وليس فقط نظام التعينات الذي اصابه العطب والتعطيل بل كل مرافق الدولة ولايمكن باي حال من الاحوال حل هذه الاشكالات وسط هذا الضجيج والتفجيرات الارهابية وتقاطع الاجندات الاقليمية والعالمية المتغلغلة في الوسط السياسي العراقي . وعبث الكثيرمن الافاعي القابعة في اقبية المؤسسات والدوائر الحكومية  الامنية منها والخدمية ولاننسى بان جذور البعث ولمدة  اربعين سنة كانت تنمو وتعشعش في عمق الدولة العراقية واجتثاثها كلياً  بزمن قياسي هو ضرب من المحال , علاوة على ذلك ظهور بعثيون من نوع جديد لاشغل لهم الا تعطيل عمل الحكومة لتصبح عاجزة في نظر المواطنين ,وبدل ان نسعى كعراقيين محبين لوطننا لدفع عجلة التقدم للامام بعد هذا الزلزال الكبير الذي ضرب العراق سوى كان بسقوط اعتى نظام بوليسي قمعي في العالم  او بدخول القوات الامريكية واحتلال العراق... نجد الكثير من المثقفين يدفعون بالاتجاه الاخر.
 
 
 
الطامة الكبرى ان هناك كتاب لاشغل لهم الا الكذب والسخرية من اي منجز تقوم به الدولة ولاتستطيع ان تجد ولو فسحة ضوء صغيرة في كتاباتهم  التشائمية والمظلمة ... وقبل ايام اطلعت بالصدفة على مقال لكاتب عراقي  يكذب بشكل فاضح وصريح , ولم يجعل الفيل يطير بل اطلق ( جوكًة ) ديناصورات طائرة تحوم في سماء العراق لانه جعل من المالكي نسخة ثانية للمقبور بل اسوء منه بكثير ,ووضع مقارنة غريبة تجعل كلاهما  شخص واحد ؟ وكرر اتهاماته الفارغة والكاذبه في اكثر من مقال , ومن اتهاماته بان المالكي قضى على خصومة بنفس طريقة صدام , وانه ـ المالكي ـ  قام باغتيال السيد الشهيد محمد باقر الحكيم (رحمه الله) , وكذلك الشهيد عزالدين سليم (رحمه الله ),  والتآمر على الجعفري .. واختطاف اعضاء المجلس الاعلى وخداعهم بمغريات مثل المناصب ....الخ الخ من الصور المشابة لما قام به صدام!!! وحتى الانفجارات التي تحدث في المنطقة الخضراء  ـ حسب راي هذا الكاتب الفذ! ـ هي من صنع  المالكي نفسه للضغط على خصومه وابتزازهم !!! طبعا دون ان يقدم اي دليل على ادعاءاته!!..ولم ينس اعتبار حزب الدعوة صنيعة المخابرات البريطانية!!!.. اوجدته لضرب المد الشيوعي !!  ولو اجرينا احصائية لعدد الكتّاب الاسلاميين والشيوعيين والبعثيين والقوميين الذين يتباكون  ليل نهارعلى حال العراق وماوصل اليه من خراب وضياع !! لوجدنا بان اعدادهم ومقالاتهم تعادل عشرة اضعاف الكتاب المعتدلين  والمنصفين في طرح اشكالات النظام السياسي الجديد وازماته, ولو قرأ لهم شخص  غريب لايعرف العراق وتاريخة  ونظامه السابق لصدق باننا كنا نعيش في دولة اكثر ديمقراطية  وحرية  ورفاهية من جميع الدول المتقدمة في العالم!!
 
 
 
فهل ممكن اعتبار ماورد اعلاه؟  من كذب وادعاءات ومبالغات من بعض المثقفين والسياسيين العراقيين هو نقد بناء لعمل الحكومة الغرض منه النهوض بالواقع العراقي والدفع بأتجاه ترسيخ تجربة الديمقراطية والانتخابات في البلاد او حتى محاولة جديّة في ايجاد حلول وطنية ناجعة لحالة التعثر المستمرة في  بعض مجالات عمل الحكومة بصرف النظر عن الارباك الحاصل, ام انه مجرد تهريج وكذب فاضح يخفي وراءه الحنين الحقيقي لايام البعث الفاشي .. والامتيازات التي فقدوها بعد التغيير.
 
18.1.2012

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس العزاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/01/19



كتابة تعليق لموضوع : الحنين الى البعث
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : عباس العزاوي ، في 2012/01/21 .

الاستاذ الفاضل محمد حسن
تحية طيبة لكم اخي العزيز .. وشكرا لتعليقك الهادف.. لاشك ان هذه المظاهر هي من بقايا سياسات البعث التجهيلية المدمرة .. وليس من الهين تغيير مفاهيم كثيرة رسخها الاعلام السلطوي ابنان فترة حكمه , وعملية تغيير هذه المفاهيم يحتاج لجهود جبارة وتضافر كل الامكانيات الشعبية والحكومية للقضاء عليها وهي ليست واجب مقتصر على الحكومة... فنحن ابناء العراق لنا دور حيوي وكبير في توعية اهلنا واصدقائنا ومعارفنا... والاعلام منبر مباشر ومهم لنشر الوعي الوطني بين الجماهير وتكثيف فكرة اجرام وهمجية الحقبة المنصرمة وبناء جيل جديد يؤمن بالاخر وبحقوقه وحريته .. تقبل تحياتي وتقديري استاذي العزيز


• (2) - كتب : محمد حسن ، في 2012/01/20 .

الاستاذ الفاضل السلام عليكم احد الشباب قلت له لماذا تحب صدام والله زرقكم كعائلة بعد سقوطه قال لي عمو
انا من الاول الابتدائي الى ان كملت الابتدائية لاارف غير قيام عاش القائد صدام جلوس يسقط الفرس المجوس
ولكني في داخلي اشعر باني على خطأ هكذا كانت عملية التجهيل ممنهجة في مدارس العراق بنظري هؤلاء الناس
مسؤلية المثقفين والاقلام الشريفة لانتشالهم من هذا الواقع والدولة كذالك يجب ان تؤمن لهم ما يجعلهم يحسون
بالتغيير بارك الله فيكم سيدي




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net