صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

عينُ الأممِ المتحدةِ عن الحقِ كليلةٌ وللباطلِ نصيرةٌ
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 غريبةٌ هي الأمم المتحدة وعجيبةٌ مواقفها، وغير مفهومةٍ سياساتها وغير عادلةٍ أحكامها، تقف إلى جانب الظالم القاتل وتنصره، وتؤيد المعتدي الغاشم وتساعده، وتتفهم دوافعه العدوانية وتبرر له، وتقتنع بتفسيراته الباطلة وتروج له، وتدعو دول العالم للقبول بها والموافقة عليها والصمت عنها، وتغمض عيونها عن أفعاله النكراء وجرائمه الدولية الخرقاء، وتسكت عن انتهاكاته المفرطة ودمويته الدائمة، ولا تفكر في مساءلته ولا تتصور معاقبته، ولا تسمح بإدانته ولا تقبل التنديد بأعماله، فالكيان الصهيوني عندها هو المدلل المقرب، المسموع الكلمة، المحفوظ المكانة، الصادق الرواية، المظلوم أبداً، والمعتدى عليه دائماً.

بينما تدين الضحية المغلوب على أمرها وتنقلب عليها، وتتهمها بالعدوان وتكذبها رغم الدليل والبرهان، والقتل والدمار وألسنة النيران، ولا تؤمن بمظلوميتها، ولا تصغي السمع لشكواها، ولا ترى آثار العدوان عليها، ولا تبدي استعداداً لعقد اجتماعاً على مستوى المندوبين بسببها، لوقف العدوان عليها، حقناً لدماء أبنائها، وحمايةً لبيوتهم ومتلكاتهم وأعمالهم، بل تطالب بمحاسبتها ومعاقبتها، وتتفق مع القاتل عليها، الذي يسبقها بالصراخ والأنين، ويعجل ضدها بالشكوى، وكأن الفلسطينيين ليسوا شعباً يستحق الحياة، أو أنهم لا ينتبسون إلى الإنسان المحفوظ الكرامة والمصان الحقوق.

لهذا فإننا لا نستغرب استعداد مندوبي دول العالم وسفرائها في الأمم المتحدة لزيارة الكيان الصهيوني، بصحبة نائب أمين عام الأمم المتحدة مندوب الكيان الدائم فيها السفير داني دانون، المعروف بعنصريته والمشهود له بتطرفه وعدوانيته، لتفقد آثار "عدوان" المقاومة الفلسطينية على البلدات الإسرائيلية، ولرصد الأضرار التي خلفتها صواريخها على المستوطنين وبيوتهم، ولمعرفة الآثار النفسية والاجتماعية عليهم بسبب حالات الخوف والذعر والهلع التي أصابتهم جراء الصواريخ التي سقطت فوق رؤوسهم.

لا يخجل داني دانون وحكومة كيانه ورئيسها، الذي هو وزير الخارجية فيها ووزير الحرب، من إعلانه الصريح عن تنظيم هذه الرحلة لعشرات السفراء والمندوبين، لنصرة كيانه وتأييد حكومته، وهو يعلم أن جيش كيانه هو المعتدي، وهو القاتل الظالم، وأنه يبالغ في استخدام القوة التدميرية ضد شعبٍ أعزلٍ محاصرٍ مخنوقٍ، وأن المقاومة مهما بلغت ردودها واشتد قصفها فهو لا يشكل شيئاً بالمقارنة مع قصف جيش العدو، الذي استخدم في عدوانه الأخير على غزة الطيران الحربي، وأطلق العنان لدباباته الثقيلة وفوهات مدافعه المتعددة الأعيرة، لتصب جام غضبها وغزير نيرانها على سكان قطاع غزة، فتهدم بيوتهم وتدمر مبانيهم، وتقتل أطفالهم ونساءهم ورضعهن ورجالهم، والأجنة في بطون أمهاتهم.

لكن المشكلة الأكبر هي في الأمم المتحدة التي تصدق الرواية الإسرائيلية، وتكذب الدلائل والبراهين الساطعة في قطاع غزة، إذ تنكر استشهاد ثلاثين فلسطينياً، وإصابة قرابة مائتين بجراحٍ مختلفةٍ، وتدمير سبعة عشر مبنىً، واستهداف المؤسسات الإعلامية الفلسطينية والأجنبية، وتنتبه فقط إلى بعض الأضرار المادية التي لحقت ببيوت المستوطنين، الذين يلقون من حكومة كيانهم كل رعايةٍ وتقديرٍ واهتمامٍ، فلهم ملاجئ يحتمون فيها، أو ينقلون إلى أماكن بعيدةٍ عن مناطق التوتر في قلب فلسطين أو شمالها، في حين أن أبناء غزة لا شئ يقيهم من حمم القتل الإسرائيلية سوى لطف الله عز وجل وحمايته.

رغم أننا لا نعير مؤسسة الأمم المتحدة التي تناصر الظالم اهتمامنا، إلا أننا ننصحها أن تكون منصفةً وموضوعية، وأن تكون نزيهةً وواقعيةً، وأن تتعامل مع الأحداث باستقلالية ومسؤولية، وألا تنجر كالعمياء وراء الرواية الإسرائيلية، وألا تكون تابعةً لها ذليلةً حقيرةً، بل تنتقل إلى الجانب الأخر من الحدود، وتزور المباني المدمرة، والبيوت المهدمة، والشوارع المحفورة، والمدارس المخربة، والأندية الرياضية المحطمة أجهزتها والمبعثرة أدواتها، وتزور ذوي الشهيدة الحامل فلسطين عرار، التي استشهدت وجنينها وطفلتها الصغيرة صبا، وتنتقل إلى كل بيوت العزاء التي وصل عدد شهدائها إلى الثلاثين شهيداً.

إننا لا ننتظر من مؤسسةٍ رعت تأسيس الكيان الصهيوني واعترفت به، وحافظت عليه وامتنعت عن إدانته، وجبنت عن محاسبته وخافت من مساءلته، أن تنصرنا وتنصفنا، وأن تقف معنا وتؤيدنا، بل نرجو ذلك من الله عز وجل، فمنه سبحانه وتعالى ننتظر الفرج، والرحمة ونسأله وحده في شهره الفضيل النصرة والحماية، فهو الله الحق العدل ذو القوة المتين.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/05/07



كتابة تعليق لموضوع : عينُ الأممِ المتحدةِ عن الحقِ كليلةٌ وللباطلِ نصيرةٌ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net