صفحة الكاتب : واثق الجابري

دعاة من نوع آخر
واثق الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يبدوا اننا نشهد صراعا يدور هذه الأيام، وربما تجاوز مرحلة النزاع بين الطبقات المتناقضة، ووصل الى التطاحن بين دعاة جدد الى الجهل والوهم والخداع، وثلة تتناقص من مفكرين وكتاب وبعض السياسيين، نذروا أنفسهم للدفاع عن الحقيقة والإحتكام للعقل، وديدنهم أن تسلك الحياة السياسية والإجتماعية والفكرية، سبل النورانية وبناء الدولة، والخروج بسلام من مطبات وضعها الدعاة الجدد.
يبدو أن السؤال هنا بحاجة الى إيضاح.. ما هي مستويات الجهل ومدياته؟ وما العمل لمقارعته ومنع إنتشاره؟ وهل المنهج الحكيم يستطيع أن يكون محله؛ بوجود نخبة قادرة على تحمل مسؤولياتها؟ 
من الواضح أن للصراع أسبابا ووسائل وغايات، بعيدة عن القانون والثقافة والمنطق والحكمة، وقريبة من لعبة المصلحة والسلطة بإتجاه التسلط، وأن كانت على حساب الدولة والمجتمع، وتوظف الدعاية والإعلام والتلفيق، كأدوات صراع للتستر بالدين والأخلاق والإحتماء بالسلطة والمال العام، للأخذ منها والإطاحة بها، وتصويرها مثالا لكل عيوب وتحقير وتشويه وفبركة، وتعمل لخلق عالم عديم المعالم تقوده الفوضى، وتتحكم به الإشاعة والخبر الكاذب وسوء الظن، وتغيب الطاقة والوطنية والفكر.
ما يمكن ملاحظته، إزدياد ملحوظ للجهل والكذب والفساد، وانتقاص مطرد للعلم والمعرفة والدقة والمصداقية، ودائرة التشوهات تتسع ويتسع معها عدد المتهمين، لتلتهم ما تبقى من مساحة مضيئة، وتخسف شمس الدولة ويندر التشجيع، حين يشن دعاة التجهيل حملاتهم الشعواء على المبدعين تارة، وبالتشكيل بكل خطوة وطنية تارة آخرى، وثالثة تصوير أنفسهم بأنهم الأحرص على الدولة، في حين أنهم يسعون لبناء سلطة محدودة، ويتصورون أنها تمتد ولكنهم في قناعة على أنها محدودة الوقت، لأنهم يسقطون هيبة دولة من هيبة مجموعها، وبالنتيجة سيبقى المجموع غير مهاب.
متى تستطيع الحكمة والعقل وإلتزام القانون تأدية واجباتها بشكلها الكامل؟ ومتى تترسخ في أرض المعرفة؟ إذا كان هناك من يستخدمها بفعل نقيض وفعل لا معقول، ومخالف للعلم والمعرفة والخبرة والوعي؟! وتستخدمها رديفها الخطأ وباطنها الخرافة، وتصيرها حقيقة يتناولها الساسة ويتكلمها المجتمع، ويفاسفها كتاب ومفكرون، يفكرون بقدر ما يحصلون عليه، ويسهبون في وصفها وعمقها في قلب الحقائق، وتزويق الباطل والوهم، ومنهم من يتحول الى جاهل مركب، عندما يجهل أنه على جهل، ويجزم بأنه مطابق للواقع.
من المفاهيم التي تبناها الدعاة الجدد، هي الحكم على الشيء بالباطل فيم هو حق بعينه، ويقال ذاك حق فيما هو باطل، ومن والاهم حقاً ومن خالفهم باطلاً، لا عن عدم المعرفة، بل أقترانا بالوهم والخداع، وهذا ما إندرج عليه كثير من الساسة، وتمرست عليه وسائل إعلام، ومفكرون جهلوا أو علموا بما يفعلون، فأصدروا حكمهم المسبق على الدولة بالفشل، والفعل السياسي بالفساد، والإجتماعي والفكري بأنه لا يجيد الإختيار، وبذا يرون كل متر مبني فأن نصفه مسروق، ولا يوجد في البلد نزيه ووطني، وإنسان يخاف ربه!
لعل الصراع والتطاحن لم يقصد طبقة سياسية بعينها، لتزاح وتتربع آخرى مكانها، بل أشره كلام ملغم بالحشو الزائف، وتعميم لغة الجهل والخداع والوهم، وبدأ يزحف الى ساحة المفكرين والكتاب والسياسة، وقل من يرى الحقيقة حقيقة وكأن الدعاة الجدد لا يرون الدولة إلا أرضاً محروقة، دون البحث عن أسباب الخلاف وسبل الحلول، ولامفاهيم الإنسان والمعرفة.
الحكمة معرفة للمعرفة وليست للمنفعة، والوطنية شعور بالمواطنة، لا إنتماء بمصلحة، ومنها أن لا يقع الفرد والمجتمع والسياسي والإعلام، ضحية الجهل وفريسة للخرافة، فيكون مفترس للوطن.
كل شيء في هذا البلد أصبح خراباً حسب رؤية هؤلاء الدعاة، ولا يمكن إصلاحه وهم الركيزة الأساس كما يعتقدون، لكن الحكمة والعقل وأن طال إنتظارها فستنتصر أخيراً، على دعاة التجهيل والتسقيط والتشويه، ولابد للمفكر والكاتب والسياسي الوطني، أن يتحدث عن الإيجاب، ويبحث عن حلول للسلبيات، بما يمكن من الواقع.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


واثق الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/05/21



كتابة تعليق لموضوع : دعاة من نوع آخر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net