صفحة الكاتب : قاسم محمد الياسري

من الادب العالمي الاديب الاوكراني الثائر (تاراس شيفتشينكوТарас.Шевченко)
قاسم محمد الياسري

في لحظات المحن والازمات تفتخروتستذكر المجتمعات تاريخها ورموزها الثقافيه والقوميه في احتفالاتها وتبحث عن مفردات الوحده الوطنيه الضائعه ولملمة جراحها واستنهاض الشعور الوطني والقومي..ففي مطلع كل ربيع من كل عام تحتفل اوكرانيا بميلاد شاعرها الثوري الكبيرعميد الادب الاوكراني المعاصر(تاراس شيفتشنكو Тарас.Шевченко) الذي عاش للفتره من 1814م لغاية1861م اثناء احتلال حكم القياصره لاوكرانيا حيث توضع الزهور على ضريحه في مدينة باكوا وعلى جميع نصبه التذكاريه في جميع المدن الاوكرانيه فهو الاديب الثائر المناهض لسلطة القياصره التي اسقطتها الثوره البلشيفيه عام 1917م اضافة لكونه كبير شعراء اوكرانيا هو واضع اسس اللغه الادبيه الاوكراني فهو رسام وكاتب وعازف على آلة الكوبزار وهي الة موسيقيه وتريه تراثيه أوكرانيه تشبه العود ..وكان يرى نفسه مجرد كوبزار (أي عازف الكوبزار) وقد أطلق هذا الاسم على مجموعته الشعريّة الرئيسة وتكمن رمزية اسم الكوبزار بأنّ هذا العازف كان من ضمن مهماته أثناء العصور الوسطى استنهاض الناس للدفاع عن بلادهم..ومن اقواله المشهره ((سلب الارادة قاهر لكنني .. ماذقت يوما طعمها تلك الاراده))توزعت سنوات من حياة شيفتشينكو السبع والأربعين على ثلاثة أنواع من البؤس منها 24 سنة في الرق والعبودية واحدى عشر سنه في المنفى أما ما تبقى من عمره تحت مراقبة رجال الأمن القياصره ..لا تخلو مدينه من مدن أوكرانيا الا وفيها مؤسسه علميه او شارع يحمل إسم أو نصب تذكاري له وجامعة العاصمه كيف تحمل أسمه وتماثيله تزينها الورود احتفالا بمولده في بداية كل ربيع من كل عام يعتبره الشعب الاوكراني بعد الاستقلال رمزا وطنيا كون إبداع (تاراس شيفتشينكو Тарас.Шевченко) متمرّدًا مناهضًا للاستبداد ولم يشعر بأي شفقة تجاه الشخوص الذين خانوا بلادهم وتعاونوا مع احتلال الامبراطوريه الروسيه ولم يرحمهم فهم لديه كما أطلق عليهم بتسميات متعدده منها (عبيد موسومو الجبين) و(خدم الاوطان الغريبه )و(أذناب بأوسمة ذهبيّة) و(رعاة خنازير) و(فريسيون) و(خدم وكان شيفتشينكو يبحث بحماسة عن التاريخ الوطني وقد وصف الماضي البطولي (لشعبه للقوزاقي شعوب حرّة لم تخضع للعبودية عاشت بين نهر (دنستر غربًا ونهر الكوبان شرقًا) وهو أحد مؤسسي جمعية (سايريل وميثوديوس) عام 1843م ومن ثم عضوا فاعلا في منظمة سياسيه سريه أسست عام 1846تسمى (أخوية كيريل وميثوديوس Братство Кирилла и Мефодия)لتحرير اوكرانيا كوطن ومجتمع من القيصريّة الروسيّة ومن نظام العبودية والامتيازات الطبقيّة وإعلان الحرية كمعتقد لوحدة الشعوب السلافيّة في ظل قيادة أخلاقية..وقاد حركة فاشله للمطالبه باستقلال اوكرانيا من روسيا القيصريه وعوقب منفيا الى جبال الاورال عام 1847م كمجندا في الجيش ومنع من الكتابه والرسم وعاد الى اوكرانيا واودع السجن عدة مرات وابعد مرة اخرى الى كازاخستان ومن أفكاره الأساسية في كتابه((تكوين الشعب الأوكراني)) الذي يؤكد فيه أن الطغاة والإقطاعيين والملاكين يشكلون ظاهرة تتنافى وطبيعة الشعوب المحبّه للحريّة وكان من ضمن .سار على نهج الاديب الاوكراني (إيفان بيتروفيتش كوتلاريفسكي Иван Петрович Котларевский)وكتب ملحمته الشعريه (إينيدا) محاكيا الادب الاتيني القديم مصورا قومه من (قواقزيين الزابوروجيا) الذين خسرو مدينتهم (زابوروجيا Zaboroggio) ليبنوها من جديد مدينه (سيتش المحصنه) خلف نهر الدانوب .. وتمتاز معظم اشعار شيفتشينكو بحب الوطن وأسى الغربه والمنفى والحنين ..وقد استمر(شيفتشينكو) باكمال نهج عدد من كبار الشعراء والكتاب من الذين سبقوه ونشروا شعرهم بلغه يفهمها المجتمع الاوكراني ومن الشعراء الذي اكمل نهجهم هم ..(ايفان فرانكو) الذي سبق لي الكتابه عن سيرته و(ليسيا أوكرانيكا )و(أغاتانغل كريمسكي) ويعتبرالاوكرانيين شعر (تاراس شيفتشنكو) أساسا للأدب الأوكراني المعاصر واللغة الادبيه الأوكرانية بشكل عام وهناك قسم آخر من التراث الأدبي للشاعر من قصص ويوميات ورسائل تم تألفيها باللغة الروسية ..ولد المفكر والشاعروالفنان الكبير تاراس شيفتشينكو في 9 مارس 1814 بقرية (مورينتسي بمقاطعة تشيركاسي التابعه للعاصمه كييف في أوكرانيا وقتها كانت جزئ من الامبراطوريه الروسيه وتوفي في 10 مارس 1861 عن عمر ناهز 47 عاما تاركا ورائه إرثا ثقافيا واسعا ومسيرة فكرية خلدها التاريخ ينتمي لأسرة من المزارعين العبيد تيتم في سن مبكرة وعمل منذ طفولته خادما وانتقل مع سيده إلى مدينة (سان بطرسبورغ) حيث تعلم الرسم وتعرف على عدد من الرسامين والأدباء الكبار كان بينهم الفنان الروسي الشهير(كارل برولوف) الذي افتداه بالمال وحرره من رقة العبودية بعد أن اكتشف موهبته الشعرية ..وكان للشاعر الروسي (كارل برولوف) تأثير كبير على تجربة شيفتشنكو الأدبية إضافة إلى الفضل الإنساني في عتقه من العبوديه في عام 1840 أصدر كتابه (كبزار) وهو أول ديوان في الشعر ويشير العنوان إلى قدماء الشعراء الأوكرانيين الذين يسافرون عبر الريف لغناء القصائد الملحمية والعزف على آلة الكبزار الوترية وتندرج بعض القصائد ضمن الاتجاه الرومانسي وكان شيفتشنكو يميل في كتاباته للواقعية وقد ناضل ضد الاستبداد والعبودية من منطلق تجربته وكان من دعاة الحرية وقد حقق كتابه (كبزار) مكانة متميزة في التراث الروحي للشعب الأوكراني ويحتوي على ثمان قصائد او قصص ملحميه ..واول من اعجب من العرب في شعر (شيفتشينكو) الشاعر العربي الكبير (ميخائيل نعيمه) حيث درس في اوكرانيا مدينة (ملتافيا) قبل اكثر من قرن أي للفتره من عام 1906م الى 1911م وترجم بعض القصائد للعربيه منها قصيدة الميثاق او العهد وهي الاكثر شهره ...وكما اسلفت تمتاز معظم اشعار شيفتشينكو بحب الوطن وأسى الغربه والمنفى والحنين وهذه واحده من قصائده بعنوان الوصيه...

عندما يدركني الموت

ألحدوني وسط سهبٍ فسيح

من سهوب اوكرايينا الحبيبة

و ليكن لحدي على هضبةٍ

تطلُّ على هضاب كثيرة

و على الحقول المترامية

وعلى الدنيبر

وأسمع منها

هدير ذلك الهدّار الجبّار

و أبصر كيف يحمل الى البحر

دماء أعداء أوكرانييا

عندئذٍ أنهض من لحدي

و أهجر الحقول و الهضاب

و بوثبة واحدة أدرك عرش اللّه

لأرفع اليه صلاتي

أما قبل ذلك

فأنا لا أعرف اللّه

ألحدوني ثم هبُّوا

وحطِّموا الأصفاد

وبدماء الاعداء البغيضة

إروُّوا الحرية

ثم لا تنسوا أن تذكروني

بكلمة طيبة

في أُسرتكم الجديدة العظيمة

أُسرة الحرية

وكذالك غلب على أعماله الاخرى الطابع الإبداعي (الرومانسي)ويعتبر رائد المدرسة الواقعية النقدية مع وجود نزعة واقعية في الأدب الأوكراني .... وخلال فترة إبعاده الى كازاخستان

التي استمرت 11 سنة رسم 450 لوحة منها 350 لوحة عن طبيعة مفردات معيشة الكازاخ لذا يعده عدد من مفكري الكازاخ أحد الأبطال القوميين للشعب الكازاخي وحاليا توجد مدينة باسمه في جمهورية كازاخستان تكريما له....توفي شيفتشنكو في سان بطرسبورغ عام 1861م حيث شيّعه جمهور من الأدباء والمفكرين الأوكرانيين والبولنديين والروس ونقل رفاته إلى مسقط راسه في مدينة باكو الأوكرانيه ...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


قاسم محمد الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/05/22



كتابة تعليق لموضوع : من الادب العالمي الاديب الاوكراني الثائر (تاراس شيفتشينكوТарас.Шевченко)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net