صفحة الكاتب : زعيم الخيرالله

التَعادُلِياتُ العَلَوِيَّةُ
زعيم الخيرالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

التَعادليّةُ تعني التَكافُؤ ، وهي لاتعني دائماً المساواة . الكونُ وهو كتاب الله التكويني متعادل ، هو قائمٌ على التَعادليّةِ اي: انه متناغم ومتناسق الاجزاء ، لايوجد بين اجزائه تنافرٌ واضطرابٌ ... الله تعالى يؤكِدُّ هذه التعادلية والانسجام والتناسق بين اجزائه بقوله تعالى :
(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ).الملك: ألاية: 3. فاللهُ تعالى بعدَ الاشارةِ الى السمواتِ السبعِ الطباقِ ذكرَ انَّ هذهِ التعادليّةَ ليست مقصورةً على السموات فحسب ، بل هي ساريةٌ في كُلِّ ماخلق الرحمن ، فلاتفاوت ولااضطراب ولاتنافر بل تناسقٌ وتناغُمٌ .
ويقابلُ كتابَ اللهِ التكويني ، القران الكريم وهو : كتابُ اللهِ التدوينيُّ ، وهو ايضاً قائمٌ على التعادليّة ، يقول الله تعالى :
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) . النساء: الاية :(82). وكذلك قوله تعالى :
( لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ). فصلت: الاية: 42.
والكتاب التكويني يعادل الكتابَ التدوينيّ .
في عالَمِ الخلقِ هناكَ تعادليّةٌ بينَ الموت والحياة :
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ). الملك: الاية:2.
هناك تعادليّةٌ بين الموتِ والحياة ... ففي جسم الانسان تموت خلايا ، وتخلق خلايا ، وفي الكائنات الحية هناك وفِيّاتٌ ويعادلها ولاداتٌ جديدةٌ.
وفي القران الكريم هناك تَعادِلِيَّةٌ بينَ الاحكامِ والتَفصيلِ ، كما في قوله تعالى :
( الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ).فُصّلَت: الاية: 1.
وهناك تعادليّةٌ بينَ السبعِ المثاني والقران العظيم :
(وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ). الحجر: الاية : 87 ؛ لان الفاتحة اجملت مقاصد القرانِ الكريم ؛ فهناكَ تَعادليّةٌ بينَ الاجمالِ والتفصيلِ.
وهناك تعادليّةٌ بينَ الامرالذي أُمِرَ الرسولُ (ص) بتبليغهِ والرسالة اي: هناك تعادليّةٌ بين الولاية والرسالة . يقول الله تعالى :
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِين. المائدة: الاية : 67.اي: انه (ص) اذا لم يبلغ ماامره الله به كأَنّهُ لم يُبَلِّغ الرسالةَ كلها ؛ فهناك تعادليّة بينَ هذا الامر والرسالة.
وَتَتضِحُ تعادليّة الولاية والرسالة في قوله تعالى:
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ). المائدة: الاية : 3 . فهنالك تعادليّةٌ بينَ اكمالِ الدينِ واتمامِ النعمةِ ، ولاتوجد تعادليّة بين اكمال الدين والرخصة في اكل المضطر.
وفي اية المودة توجدُ تعادليّةٌ بينَ مودةِ ذوي القُربى وبين اجر الرسالة :
( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ). الشورى: الاية: 23.
التعادليّةُ في الاحاديثِ النَبَوِيّةِ
---------------------------
وفي الاحاديثِ النَبَوِيّةِ نجد تعادليّات واضحة ؛ فهناك حديث التعادليّة المشهور وهو قول النبيّ صلى الله عليه واله وسلم :
(إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي ).الصواعق المحرقة : ص 145 . في حديث الثقلين نلمسُ بوضوحٍ التعادليّةَ بين العترة الطاهرة والكتاب الكريم
وحديث السفينة فيه تعادلية بين سفينة نوحٍ باعتبارها سفينة انقاذٍ ونجاةٍ ، واهل البيت باعتبارهم سفينة نجاةٍ. يقول الرسول الاعظم :
(إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من دخلها نجا، ومن تخلف عنها هلك).المستدرك على الصحيحين ، الحاكم النيسابوري 3: 150.
التعادُلِيّاتُ العلويّةُ
----------------
في الايةِ الكريمةِ :( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ).ال عمران : الاية : 61 .
هناك في الاية تعادِلِيّةٌ بين نفس المُصطفى (ص) ونفس عليٍّ ، وكما قلتُ : انّ التعادليّةَ لاتعني دائما المساواة ، بل تعني التكافؤ في الطهر والنقاء والسجايا والملكات ؛ لاننا نعتقدُ انّ رسول الله (ص) اشرفُ موجوداتِ عالم الامكان ، ثُمَّ انّ النبيّ (ص) هو الذي صاغ نفس عليّ على منوالهِ ونموذجه . يبقى لرسول الله السبق لانه الاصل . فالنُسخَةُ وان كانت طبق الاصل يبقى الفضلُ للنُسخَِة الاصليّة.
رسول الله (ص) يقولُ لعَلِيٍّ عليه السلام :(يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق إلى يوم القيامة). البرهان: 3: 208 . ففي الحديث الشريف تعادُلِيّةٌ بينََ حب المؤمنِ لعليٍّ (ع) وبينَ بُغضِ المُنافقِ له (ع) .
وحديث:( لضربة علي (ع) يوم الخندق تعدل من عبادة الثقلين) . هناك تعادليّة بين ضربة عليٍّ يوم الخندقِ وعبادة الثقلين .
وحديث المنزلة حديث تعادليات ، يقول المصطفى (ص) :
(يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا بني بعدي) في الحديث تعادليّة نسبة اي: تعادليّة بين نسبة هارون الى موسى عليهما السلام ونسبة علي الى محمد صلوات الله عليهما.
وحديث :(من سب عليا (ع) فقد سبني ) فيه تعادلية بين سب علي وسب رسول الله (ص)
وحديث :(يا علي! أنت وصيي، حربك حربي، وسلمك سلمي) هناك تعادليّة بين حرب النبي (ص) وحرب عليّ عليه السلام ، وبين سلم النبي(ص) وسلم عليّ (ع) .
وفي المؤاخاة ، حينما اخى النبيّ (ص) بين المهاجرين والمهاجرين ، وبين المهاجرين والانصار ؛ اخى النبي في كلا المشهدين بينه وبين علي ؛ لان علياً لايعادلهُ في نفسه وتطلعاته الا النبي (ص) .
وتعادلية : ( علي مع الحق والحق مع علي ) ، وتعادليّة ( علي مع القران والقران مع علي ) . كلُّ هذهِ التعادليات ترشح ان يكون عليا هو من يقوم مقام النبي (ص) .
وهذه التعادليات هي التي رشحته ان يبيت في فراش النبي (ص) ؛ لانه لايقوم بهذا العمل الفدائيّ العظيم الا من هو معادلٌ لنفس الرسول في طهرها ونقائها وشفافيتها .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زعيم الخيرالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/05/26



كتابة تعليق لموضوع : التَعادُلِياتُ العَلَوِيَّةُ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net