صفحة الكاتب : سماهر الخزرجي

أمُ الأربعة
سماهر الخزرجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أرخت حاجبيها بيأس، فالنظر الطويل لذلك الدرب قد انهك مقلتيها، ما لذلك الدرب لا يرد سالكيه!
انّت بعمق، وكأن هذا الكون الفسيح لا يتسع لأنّتها.
توارت الشمس خلف الدور،
وعمّ الظلام، فيئست من إبصار القادمين، ولجت للدار وعلى كتفها غفا الصبي.
ساعات الليل تمر ببطء، ثقالًا،
وفي ارجاء الدار ترتسم أشباح الراحلين،
لواعج الشوق تفتت بقايا قلب متعب،

عيناها تسمرت على الباب، تنتظر من يحرك رتاجه، استسلمت للنوم قليلًا،
نامت، حتى صباح آخر،
ربما سيمر هذا الصباح كسابقه

وتعود لوقفتها الطويلة تلك.

تستنطق الجمادات علّها تبوح لها بموعد اللقاء.
والزمن يهرب بعيدًا من وجد الجواب.
عادت لوقفتها تلك،
وذاك الصبي مازال متسلقًا كتفها،
يشيّع بنظراته الأفق البعيد كما هي!
هكذا ينظر، لا لشيء.
سويعات هذا اليوم تمر بخجل وحزن،
حتى هذه النسمة الحارة التي تتفادى ان تلمس وجنتيها،
فيها رائحة دماء زاكيات، ودخان خيم وعباءات،
وأصوات تأتي من بعيد،
وصراخ وأنين.
خفق قلبها بشدة،
ضغطت عليه بيدها كي لا يقع في قاع الجزع،
وأن كان الجزع عليه محببًا،
إلا انها لا تريد أن تتوجس به شرا.
تعالت أصوات النياح والبكاء

تسمرت في الأرض، قدماها لا تستطيعان حملها،
لعله مكروهًا أصاب إمامها؟
كل من عليها فداء له.
بكل رجائها ظلت تهتف باسمه، فيحمله الأثير إلى حيث رقدوا، تستجدي من الصبر جيوشا ليدعموا قلبها المكلوم،
ليصدّ هواجس الخوف من الثكل به.
هي اقوى من جبروت القدر،
لكنها مع توقع فقدانه ضعيفة لأبعد مدى،
فقلبها تهشمه الخطوب....
بدت تزحف ببطء وهي تتوسل بقدميها كي تحملانها إلى حيث مكان الناعي.
مرت لحظات خُيّل لها إن سنيها المتبقية كلها جرت أمامها
في لحظة واحدة.
كانت الرياح تتلو أخبار ثلاث نجوم تهاوت إلى الأرض وأعقبهم قمرًا انخسف ولم يستتم بعد،
خرّ الطفل من على ساعدها إلى الأرض،
وقد تقطعت نياط قلبها لهم،
تماسكت وجمعت ما تبقى من عزمها
قائلة: ما عليهم سألتك!
أخبرني عن إمامي؟

جاءها الصوت الأجش:
تركناه قتيلا في نينوى ورأسه على القناة يدارُ،

وما هذا الهواء المختمر برائحة الدم إلا هو دمه الزاكي،
ورائحة الدخان ما هي إلا رائحة حجاب هتك ستره،
ألا تعلمين أنهم اجترؤا على الله بقتله، وهتكوا حجاب عرشه،
واطفئوا نور القمر،
ألا ترين الظلام الذي ارتداه النهار سرمدا يا أم الأربعة؟؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سماهر الخزرجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/06/22



كتابة تعليق لموضوع : أمُ الأربعة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net