صفحة الكاتب : محمد جواد الميالي

مواطن من الدرجة الثانية الجزء الأول
محمد جواد الميالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الفوارق الطبقية بين المواطنين، هي التي تحدث فجوة في نسيج الترابط الإجتماعي، بين أبناء الجلدة الواحدة.

الأصعب أن تكون هذه الفوارق هي من فعل السلطة المسيرة لأمور المواطنين، فتبدأ بتقسيم الشعب لا إراديا إلى مواطن من الدرجة الأولى، وآخر من طبقة الإنعدام أو ربما أقل.

هذا أولى الحكايات مع المواطن (ع.ك) البالغ من العمر ٥٤ عام، ومازال يعمل كغالبية الشعب لأعالة عائلته، لأن الراتب لا يكفيهم لنهاية الشهر، لذلك لم يقدم على التقاعد، رغم أن قواه الجسدية قد تقاعدت منذ مدة.

أخذ سياق الحديث عدة محاور، وفي كل محور كانت تزداد تنهيدات المعاناة، التي لا تجسد شخصه فقط، بل تمثل وجهة نظر غالبية الشعب، فكانت أولى المعاناة بحرقه مع أول كوب للشاي:

كنت مجند في الجيش العراقي في الوحدة الطبية، ومن ضمن الجرائم التي كنت شاهد على حدوثها حالي كحال سائر الوحدة، كانت حرق الأهوار في سنة ١٩٨٩، من قبل الفريق عبد الواحد شلاش وذلك لقتل كافة المعارضين لنظام الحكم، وبعد مرور سنتين وبالتحديد بعد أنتهاء ثورة ١٩٩١، قام الرئيس حينها بدفن الأهوار لتهجير سكانها، للقضاء على آخر أنفاس المقاومة، غير مبالي بهدر الثروة الوطنية للأهوار..

بعد أن أنهينا شرب أول كوب للشاي، بدأ بإكمال باقي الحديث عما حدث بعد واقعة الغوغائين، كما كان يدعوهم النظام البعثي آنذاك، وقال أن الناس في ذلك الوقت بدأت بالهروب إلى خارج العراق، عن طريق الصحراء الرابطة بين بلدنا و المملكة السعودية، وكانت السيارات تنقل الناس إلى منطقة تدعى رفحاء، ومن هناك يتم تسفيرهم إلى دول أوربا.

تبسم ثم قال أن أحد أصدقائه قد عرض عليه الهروب معه إلى رفحاء، لكنه لم يستطع أن يترك العراق رغم كمية الظلم، وضنكة العيش تحت خيمة الدكتاتورية.

ثم أكمل بتنهيده حزينه.. عانينا كسائر الشعب الذي بدأ يترنح بين جوع الحصار وظلم الأعتقالات التعسفية، لمدة ١٢ عام من بعد الثورة الغوغائية، حتى ٢٠٠٣ عندما سقط صنم الحكم، والكل كان يتوسم خيراً من القادمين من خارج الحدود!!

تساؤلات المواطن (ع.ك) كانت غريبة! رغم أنه كان يقولها بأبتسامه أستخفاف من ما يحدث في وقتنا الحالي، حيث قال:

 من يستحق الرواتب والأمتيازات؟ من أرتاح من عذاب وحكم الدكتاتورية وتنعم في معيشة رفحاء و دول أوربا، أم نحن الذين جاهدنا بقوة من أجل أن نتمسك بتراب الموطن ؟! ومن يستحق تقاعد وأمتيازات القادة البعثيون الذين يسكنون الخارج الآن أم نحن الذي نقبع تحت سلطة مجموعة من الفاشلين؟

بعد أن أنهينا حديثنا تيقنا أن العراق فيه شعبان.. أحدهما مازال يعاني ويعتبر مواطن من الدرجة الثانية وربما أقل، والآخر شعب من الدرجة الأولى وربما أعلى، يمتازون بأنهم فدائيين لصدام وآخرون بجهادهم الرفحاوي وإقامتهم الأوربية.

يبقى السؤال المحير هل من بقى وقارع النظام البائد لا يعتبر مجهاد ؟ وإن كنا لا نستحق كوننا تمسكنا بهويتنا العراقية! ألا نستحق اليوم رواتب جهادية لأننا نتحمل الحياة تحت حكم الديمقراطية المزيفة، بقيادة أشباه السياسة؟ أم مازلنا لا نملك الروح الوطنية التي نستحق بها أن نكون مواطنين من الدرجة الاولى ؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد الميالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/06/24



كتابة تعليق لموضوع : مواطن من الدرجة الثانية الجزء الأول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net