صفحة الكاتب : عادل الموسوي

رفحاء وعيون المدينة
عادل الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  وأنت تستمع الى أحد "الرفحاويين" وهو يروي قصة ذلك المعسكر البائس في صحراء "السعودية" -تقرأ مأساة عراقية للناجين من المقابر الجماعية، فتستعبر وتذرف بعض الدموع لتمتزج بالصور الموثقة، فترجع بك الذكريات الى تلك اﻷيام العصيبة من تاريخ أتباع أهل البيت عليهم السلام في ظل تلك الحكومة القاسية الظالمة.
 تواصل البحث عن "رفحاء" فتسمع طبالاً وزماراً يعزف: "لامساس" من رفحاء، فتقرأ واحدة من ألف ليلة وليلة تروي ترف العيش، والحياة في "أوربا" وجنات تجري من تحتها الأنهار، وحور وقصور، فتقصر الطرف وتصدق التحسف على ماذرف من دميعات على مأساة يوحى إليك إنها خيالية!!
 تواصل البحث لتجد من السادة والمشايخ من يشدد الأعتذار لرفحاء وأنه تجنى عليها ببعض كلمات خدعها التضليل، فتظل -من مجموع ذلك- تائهاً في فتنة يحار فيها الحليم. 
 من المفترض أن يكتنف الغبار ذلك الجو  الصحراوي لرفحاء، لكن واقع قصة المحتجزين فيه -إضافة للغبار- أكتنفتها ضبابية كثيفة أقتضتها منطلقات المحب الغال والمبغض القال.
 لكن كفة الإعلام الملون لابد أن تكون راجحة لعدم الحريجة لأصحابها في الدين، فتبقى صيحات المدافعين مبحوحة لإرتفاع أصوات المكاء والتصدية.
  أساليب شيطانية ملتوية تطرق الكذب وتطرق حتى يقسى فيكون كالمسلمات يتهم منكرها بالسفاهة فينزوي صامتاً وهو يستمع ألوان الأفتراء وتفنى علاته للرد والدفاع عن الحقيقة.
  أرتفعت الأصوات -هذه الأيام- منددة بقانون "رفحاء" وأمتيازات "الرفحاويين". قاد الحملة بعض النواب وبعض الإعلاميين، وكأنهم تحالفوا على ذلك، كانت إمتيازات "الرفحاويين" المبالغة لاتحتاج الى مبالغة، لم يتحر أو يراع فيها الأنصاف والحقيقة، وكانت للحملة أغراضاً مجهولة أو مشبوهة، ومن العجيب أنها إستهدفت من بين الفئات المستفيدة من الأمتيازات المبالغة "الرفحاويين" فقط دون غيرهم، حتى روج لوجود قانون خاص بهم سمي بقانون "رفحاء"، إلا إن الصحيح مخالف للمدعى.
  صدر قانون مؤسسة السجناء عام 2006 وحدد الإمتيازات وشمل بها السجناء والمعتقلين السياسيين، وتم تعديل القانون عام 2013 ليشمل بالإمتيازات المحتجزين في معسكر رفحاء السعودي، أي إن إمتيازات "الرفحاويين" سبقهم إليها السجناء والمعتقلون السياسيون، كما يتمتع بمثلها ذوي ضحايا عمليات الأنفال، والمحتجزون من أهالي بلد والدجيل في مجمع -أو معتقل- "ليا" في صحراء السماوة، وغيرهم من الفئات.
  مرر تعديل قانون مؤسسة السجناء بإضافة محتجزي "رفحاء" إليه بصفقة واحدة مع إقرار إطلاق رواتب تقاعدية للكيانات المنحلة للنظام السابق والتي شملت الجيش والقوى والأجهزة الأمنية والقمعية مع قول بشمول فدائيي صدام.
  لاتختلف إمتيازات "رفحاء" عن غيرهم فلماذا الأصرار على قيادة الحملة ضدها؟
 هل لأن مؤسسة السجناء السياسيين وجدت أن إمتيازات "الرفحاويين" نافست إمتيازاتهم وأرهقت تخصيصاتهم؟
 هل لأن "الرفحاويين" هم المشاركون في الإنتفاضة الشعبانية؟ وإن هناك من يحمل الأضغان واﻹحن ضد الإنتفاضة؟
  هل تم تمرير قانون التعديل ليمرر أقرار رواتب الكيانات المنحلة ثم يتم الإلتفاف في وقت آخر لإلغاء التعديل فتبقى رواتب تلك الكيانات دون مساس؟
  هل أثيرت هذه الضجة للتشويش على ما أشارت إليه المرجعية الدينية من ضرورة "تبني مقترحات لمشاريع قوانين ترفع الى مجلس النواب تتضمن إلغاء أو تعديل القوانين النافذة التي تمنح حقوق ومزايا لفئات معينة يتنافى منحها مع رعاية التساوي والعدالة بين أبناء الشعب"؟ ذلك لصرف الأنظار عن الإمتيازات التي يتمتع بها النواب والوزراء وفئات من السياسيين.
  تم تزوير إستفتاء بإسم المرجعية الدينية بخصوص إمتيازات "الرفحاويين"، وتم تكذيب ذلك الإستفتاء من مكتب سماحة السيد المرجع.
 إن تكذيب الأستفتاء لايعني بالضرورة إن المرجعية الدينية تؤيد تلك الإمتيازات أو غيرها أو إنها بالضد منها أو أنها المقصودة ببيانها، لكن القدر المتيقن أن المرجعية أشارت الى إمتيازات المسؤولين صراحةً إذ شدد السيد المرجع -غير مرة- على أهمية تحقيق العدالة في منح رواتب موظفي الدولة، فيما إنتقد التفاوت الفاحش الحاصل في سلم الرواتب.
  هل كان التشويش لصرف النظر عن التقصير وعدم رفع الحيف عن مستحقات ذوي الشهداء وكثير من طبقات المجتمع العراقي المحرومة والمسحوقة؟
  هل كان الغرض من منح تلك الإمتيازات المبالغة هو التأسيس لشرخ بين فئات المجتمع العراقي؟
 في الوقت الذي تقاد فيه حملة ضد أمتيازات "الرفحاويين" يتم الحديث عن مقترح لشمول المعتقلين في سجون الإحتلال الأمريكي!! ولاتخفى تداعيات أقرار ذلك وتداعيات آخرى عن المشمولين به.
 
 إن كثيراً مما أشيع عن إمتيازات "الرفحاويين" هي إفتراءات مضللة لاتستند إلا الى مغالطات وإن تلك الإمتيازات لاتفرق عن إمتيازات السجناء والمعتقلين السياسيين وغيرهم.

كما إن هناك إمتيازات مبالغة لفئات كثيرة ليس من الإنصاف إن تستهدف فئة منها بعينها دون غيرها دون مبرر ظاهر، بل الإنصاف أن يعاد النظر بإمتيازات جميع تلك الفئات على حد سواء وبالأخص منها إمتيازات المسؤولين والتي هي القدر المتيقن مما أرادته المرجعية الدينية.
 ومن الإنصاف أن تمنح بعض الأمتيازات لفئات أخرى مستحقة كذوي الشهداء وضحايا العمليات الأرهابية وغيرهم.

 لا أريد الشد والجذب في تأييد أي من أقوال المؤيدين والمعارضين لكن كثيراً من أقوال المعارضين تضمنت مبالغات كثيرة أكثر من المبالغة في الإمتيازات الموجودة في الواقع، ولايعني ذلك التأييد لذلك، لكن إستثناء "الرفحاويين" دون غيرهم غير منصف. فلا يمكن بحال أستثناءهم، فلو تتبعت بتجرد وإنصاف لوجدت مايماثل أي من تفرعات وتفاصيل قضيتهم مع تفرعات وتفاصيل فئات اخرى غيرهم، فإن كان ثم إعتراض على ما منحوا من أمتيازات فينبغي أن يوجه الأعتراض ويتم السعي الى إلغاء أو تعديل كل القوانين التي تمنح إمتيازات لفئات معينة لتكون -حينئذ- فئة "الرفحاويين" أحدى تلك الفئات لامقصودة بذاتها.
 تعرض "الرفحاويين" الى حملة شعواء قاسية ظالمة فسعى الإعلام المنحرف الى تشويه صورتهم أمام المجتمع العراقي.
  الأنصاف: أن تتحرى الدقة والموضوعية والتجرد وعدم أطلاق الأتهامات دون دليل واضح بين.
  الأنصاف: أن تشمل جميع الفئات بإلغاء أو تعديل القوانين التي تمنح أمتيازات مبالغة.
  الأنصاف: أن تمنح الفئات المحرومة بعضاً من تلك الإمتيازات.
  الإنصاف: أن تشمل العدالة والمساواة الجميع.
المطلوب: تنفيذ مطلب المرجعية الدينية العليا والتحري عن المقصود ب"تبني مقترحات لمشاريع قوانين ترفع الى مجلس النواب تتضمن إلغاء أو تعديل القوانين النافذة التي تمنح حقوق ومزايا لفئات معينة يتنافى منحها مع رعاية التساوي والعدالة بين أبناء الشعب".
  وهو مطلب أغفل النظر فيه والإلتفات إليه وهو على حد تنصل المسؤولين من إلتزاماتهم، والذي ستكون نتيجته عواقب غير محمودة فيما يتوقع من وجه المشهد.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عادل الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/06/30



كتابة تعليق لموضوع : رفحاء وعيون المدينة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 3)


• (1) - كتب : ابو الحسن ، في 2019/07/03 .

حياك الله سيدنا الجليل
وصل توضيحكم جزاك الله خير جزاء المحسنين
كما تعلم جنابك الكريم ان الدوله العراقيه بعد عام 2003 قامت على الفوضى والفساد المالي والاداري اكيد هناك اشخاص ليس لهم علاقه في معتقل ليا ادرجت اسمائهم لاستلام الامتيازات وهناك في زمن هدام من سجن بسبب بيعه البيض الطبقه ب دينار وربع تم سجنه في الامن الاقتصادي الان هو سجين سياسي ويتحدث عن نضاله وبطولاته وحتى عند تعويض المواطنين في مايسمى بالفيضانات التي اغرقت بغداد هناك مواطنين لم تصبهم قطرة مطر واحده تم تسجيل اسمائهم واستلموا التعويضات القصد من هذه المقدمه ان موضوع سجناء رفحا وحسب المعلومات التي امتلكها تقريبا 50 بالمئه منهم لاعلاقه لهم برفحا وانما ادرجو من قبل من كان همه جمع الاصوات سواء بتوزيع المسدسات او توزيع قطع الاراضي الوهميه او تدوين اسماء لاغلاقه لرفحا بهم هذا هو السبب الذي جعل الضجه تثار حولهم كما ان تصريحات الهنداوي الغير منضبطه هي من صبت الزيت على النار حمى الله العراق وحمى مراجعنا العظام ودمت لنا اخا كريما

• (2) - كتب : الموسوي ، في 2019/07/02 .

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً اخي ابي الحسن العزيز لملاحظاتك القيمة، تتلخص وجهة النظر بما يلي:
-ان امتيازات الرفحاويين هي عينها امتيازات السجناء والمعتقلين السياسين ووذوي ضحايا الانفال والمحتجزون في معتقل "ليا" في السماوة من اهالي بلد والدجيل وجميع امتيازات هذه الفئات قد تكون فيها مبالغة، لكن الاستغراب كان عن سبب استهداف الرفحاويين بالحملة فقط.
-بالنسبة لاولاد الرفحاوبين فلا يستلم منهم الا من ولد في رفحاء اما من ولد بعد ذلك فهو محض افتراء وكذلك الامر بالنسبة للزوجات.
-اما بالنسبة لمن تم اعتبارهم رفحاويين وهم غير ذلك وعن امكانية وجود مثل هؤلاء فهو وارد جدا.
-كانت خلاصة وجهة النظر هي ان الحملة المضادة لامتيازات الرفحاويين هي لصرف النظر عن الامتيازات التي استأثر بها السياسيون او بعضهم او غيرهم والتي دعت المرجعية الدينية الى " إلغاء أو تعديل القوانين النافذة التي تمنح حقوق ومزايا لفئات معينة يتنافى منحها مع رعاية التساوي والعدالة بين أبناء الشعب".

• (3) - كتب : ابو الحسن ، في 2019/07/02 .

جناب السيد عادل الموسوي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لايخفى على جنابكم ان القوى السياسيه وجيوشها الالكترونيه اعتمدت اسلوب خلط الاوراق والتصريحات المبهمه والمتناقضه التي تبغي من ورائها تضليل الراي العام خصوصا وان لديهم ابواق اعلاميه تجيد فن الفبركه وقيادة الراي العام لمئاربها
نعم موضوع الرفحاويين فيه تضخيم وتضليل وقلب حقائق ولسنا ضد منحهم حقوقهم التي يستحقونها لكن من وجهة نظرك هل هناك ممن اطلع على القانون ليثبت ماهي مميزاتهم التي اثيرت حولها تلك الضجه وهل من ولد في اوربا من ابناء الرفحاويين تم اعتباره رفحاوي وهل جميع المشمولين همرفحاويين اصلا ام تدخلت الايادي الخبيثه لاضافتهم حتى تكسبهم كاصوات انتخابيه




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net