صفحة الكاتب : د . الشيخ عماد الكاظمي

آلام وآمال .. طلبة الجامعات بين صراع العلم والشهادة  
د . الشيخ عماد الكاظمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تمثل المرحلة الجامعية للطالب مرحلة مهمة لحياته الدراسية التي طويت صفحاتها الاثني عشر الماضية ما بين الابتدائية والثانوية، ليكون –كما هو المفروض- مؤهَّلاً في هذه المرحلة إلى دراسة تخصصية في المجال المعرفي الذي يصبو إليه الإبداع الفكري للطالب، والذي ينتج عن تلك السنوات التي قضى شطرًا من حياته فيها، فيكون ذا هدف يبحث عن كيفية الوصول إليه، وفي المرحلة الجامعية سيتم تحقيق هدفه الأسمى، والطالب في هذه المرحلة كما هو معلوم ستكون دراسته مغايرة نوعًا ما عن الدراسة السابقة، التي تعتمد التلقين منهجًا وأساسًا في التعليم، وكلما كان مستعدًّا للتلقين والحفظ كان الأوفر والأعلى درجة، وهذه الأرقام العالية التي حصل عليها في الامتحانات، أقصد الدرجات التي في شهادة التخرج ليست بالضرورة كما هو الغالب أنْ تعكس المستوى العلمي للطالب؛ لأنَّه قائم على منهج التلقين الذي تأبى الوزارات التعليمية تغييره، أو التفكير في تغييره؛ لتجعل للطالب حظًّا من البناء المعرفي، وهذا بطبيعة الحال يختلف من تخصص إلى آخر.
وفي الجامعة فإنَّ الدراسة لا تتوقف كليًّا على ذلك المنهج التلقيني حيث المناهج المقررة وما يضيفه الأستاذ المحاضر من مادة علمية ومعرفية لإغناء البحث، فضلاً عن المصادر الخارجية التي تساعد الأستاذ والطالب، وحث الطلبة على الرجوع إلى مصادر مختلفة تنمِّي قابليتهم المعرفية، فالطالب حينئذ يكون أمام مرحلة تعليمية جديدة، قائمة على التخصص في الدراسة، والبحث والمشاركة في المناقشة، فضلاً عن كتابة البحوث المتنوعة؛ لذلك نرى الطالب عليه أنْ يبذل جهدًا متميِّزًا للحصول على المعرفة التي يكون لها دور في تنمية شخصيته العلمية، فحصول الطالب على المعرفة هو الأساس في هذه المرحلة، ويترتب على ذلك الدرجات العالية في شهادته الجامعية، فتكون الدرجات كما هو المفروض تعكس الواقع العلمي للطالب الجامعي؛ لتكون له القدرة على الدراسة والبحث، والكتابة والمناقشة، والإبداع في تخصصه المعرفي، والطموح نحو الدراسات العليا، ولكن –للأسف الشديد- نرى اليوم أنَّ الصراع قائم على أوجه عند الطالب في الحصول على الأرقام –الدرجات- فضلاً عن العلم والمعرفة، وإنَّما غاية الأغلب منهم هو أنْ ينتهي من هذه المرحلة الجامعية في سنواتها الأربع، ليُعَدَّ من حملة الشهادات الجامعية، فيفخر بهذه الورقة أمام أقرانه، ويرتفع معدل الطلبة الخريجين في الجامعات بأعدادهم لا بإعدادهم إعدادًا معرفيًا، وقد رأيت على مستوى التجربة العلمية والعملية كثيرًا من الطلبة يبغي الأرقام لا العلم، فيبقى في مرحلة التلقين لا الدراسة والبحث، وهذا يقع في بعض جهاته على الجهات التعليمية لا على الطلبة، فمثلاً في المرحلة الرابعة يجب على الطالب أنْ يكتبَ بحثَ تخرجٍ كما هو المعهود في أغلب الكليات، وإذا بالطالب لا يعرف معنى البحث وأسسه، فضلاً عن منهج كتابته، ومصادره، وطريقته العلمية، فتراه في مكتبة علمية عامة أو خاصة متحيِّرًا، مندهشًا، خائفًا، أمام هذا السيل من المؤلفات، والبحوث العلمية التي تضمُّها تلك المكتبات، فيحاول بأي طريقة الخلاص من هذه المعركة الدامية لكتابة بحثه، للحصول على الدرجة وليس على المعرفة؛ ليخرج من ذلك بسلام من دون أي جرح أو قرح ظاهر، ولا يعلم أنَّ في التركيبة العلمية ألف جرح لا يندمل، بل لعل هناك من الطلبة مَنْ لم يذهب يومًا في سنواته الأربع إلى مكتبة عامة؛ للبحث عن تطوير شخصيته الجامعية، بل هناك مَنْ يبحث عن أي سبيل للحصول على بحث جاهز، يكتب عليه ﭐسمه بهتانًا وزورًا ..
فالصراع يبقى قائمًا بين العلم والشهادة ما دامت الشخصية الذاتية للطالب تبحث عن الدرجات وليس المقوِّمات، وستكون الغلبة في الظاهر كما نراها اليوم للدرجات، وكثرة الأرقام، الخالية من العلم والمعرفة.
فنصيحتي لأعزائنا الطلبة .. عليكم أنْ تعلموا أنَّ العلم هو سبيل بناء الشخصية العلمية لا الشهادة والدرجات، وإنْ كان في الظاهر لها الحظ الأوفر، وعليكم أنْ تعلموا أنَّ بناء الوطن بالكفاءات لا بالشهادات،فابحثوا عن الشهادة التي تعكس الواقع العلمي الحقيقي، لا الواقع الموهوم.
تحياتي لكم بحياة علمية معرفية تفخرون بها أمام الآخرين


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . الشيخ عماد الكاظمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/07/14



كتابة تعليق لموضوع : آلام وآمال .. طلبة الجامعات بين صراع العلم والشهادة  
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : منير حجازي ، في 2019/07/15 .

السلام عليكم . شيخنا الفاضل حياكم الله ، لقد تطرقت إلى موضوع في غاية الاهمية . وذلك ان من تقاليع هذا الزمان ان تُقدَم الشهادة على العلم ، فلا وزن للعلم عند البعض من دون وضع الشهادة قبل الاسم مهما بلغ العالم في علمه ونظرا لحساسية الموضوع طرحه الشيخ الوائلي رحمه الله من على المنبر مبينا أن الشهادة عنوان فانظر ماذا يندرج تحته ولا علاقة للشهادة بالعلم ابدا . في أحد المؤتمرات العالمية في احد المدن الأوربية طلبت احد الجامعات استاذا يُلقي محاضرة في علم الاديان المقارن . فذكروا شخصا مقيم في هذه البلد الأوربي كان عنده مؤسسة ثقافية يُديرها . فسألوا عن شهادته واين درس وما هو نشاطه وكتبه التي ألفها في هذا الباب. فقالوا لهم : لا نعلم بذلك لان هذا من خصوصيات الشخص ولكننا استمعنا إلى اعاجيب من هذا الشخص وادلة موثقة في طرحه للاصول المشتركة للبشرية في كل شيء ومنها الأديان فلم يقبلوا استدعوا شيخا من لبنان تعبوا عليه كثيرا من اقامة في الفندق وبطاقة السفر ومصاريفه ووو ثم القى هذا الشيخ محاضرة كنت انا مستمع فيها فلم اسمع شيئا جديدا ابدا ولا مفيدا ، كان كلامه اجوف فارغ يخلو من اي علم ولكن هذا الشيخ يحمل عنوان (حجة الاسلام والمسلمين الدكتور فلان ) . بعد مدة قمت بتسجيل فيديو للشخص الذي ذكرته سابقا ورفضوه وكانت محاضرته بعنوان (الاصول المشتركة للأديان) ذكر فيه من المصادر والوقائع والادلة والبراهين ما اذهل به عقولنا . ثم قدمت هذا الفيديو للاستاذ المشرف على هذا القسم من الجامعة ، وفي اليوم التالي جائني الاستاذ وقال بالحرف الواحد (هذا موسوعة لم ار مثيل له في حياتي التي امضيتها متنقلا بين جامعات العالم) فقلت له : هذا الشخص هو الذي رفضتموه لانه لا يحمل شهادة . فطلب مني ان أعرّفهُ عليه ففعلت والغريب أن سبب طلب الاستاذ التعرف عليه هو ان الاستاذ كان محتارا في كتابة بحث عن جذور علم مقارنة الاديان ، ولكنه كان محتارا من أين يبدأ فساعده هذا الاخ واشتهرت رسالة الاستاذ اشتهارا كبيرا واعتمدوها ضمن مواد الجامعة. وعندما سألت هذا الشخص عن مقدار المساعدة التي قدمها للاستاذ . قال : انه كتب له كامل الرسالة واهداها إياه ثم وضع امامي اصل مخطوط الرسالة . ما اريد ان اقوله هو أن هذا الشخص لم يُكمل الدراسة بسبب ان صدام قام بتهجيره في زمن مبكر وفي إيران لا يمتلك هوية فلم يستطع اكمال الدراسة ولكنه وبهمته العالية وصل إلى ما وصل إليه . اليس من الظلم بخس حق امثال هذا الانسان لا لذنب إلا انه لا يحمل عنوانا.
كما يقول المثل : صلاح الأمة في علو الهمة ، وليس في بريق الالقاب، فمن لا تنهض به همته لا يزال في حضيض طبعه محبوسا ، وقلبه عن كماله الذي خُلق له مصدودا مذبذبا منكوسا.
تحياتي فضيلة الشيخ ، واشكركم على هذا الطرح .




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net