صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

أفراحٌ إسرائيليةٌ مغرورةٌ وأحلامٌ صهيونيةٌ مسمومةٌ
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تدغدغ الفرحة الغامرة قلوب الإسرائيليين، وتتغلغل السعادة إلى نفوسهم، وترتسم البسمة على شفاههم، وتكاد الضحكة تملأ أشداقهم، فهم يستبشرون بالغد القادم والمستقبل البعيد، ويأمنون الأخطار القريبة والبعيدة، فالأحداث الجميلة تتوالى عليهم، والمسرات تعمر أيامهم، والخطر يبتعد عنهم، والجيران يتقربون إليهم، والمجتمع الدولي يتكفل بأمنهم ويحرص على سلامتهم، وفي كل يومٍ يحققون كسباً ويضيفون جديداً، ويراكمون إنجازاً ويصنعون نصراً، ويهدمون أسواراً قديمة ويدمرون قلاعاً كانت حصينة، ويتقدمون خطوةً نحو الاعتراف بهم جاراً وشريكاً، وأصحاب أرضٍ وورثة أملاكٍ، لهم حق العيش والبقاء، والدفاع عن أنفسهم، والتحالف مع جيرانهم الأصدقاء ضد الأعداء المشتركين والمفترضين لهما على السواء.

فهذا وزير الطاقة الأمريكي ريك بيري يلبس القلنسوة اليهودية، ويؤدي طقوساً تلمودية عند حائط البراق، ويتجول في شوارع القدس، ويدخل بصحبة عناصر الشرطة والجيش الإسرائيلي إلى باحات المسجد الأقصى، ويتفقد الأنفاق تحته وأسفل منه، وقد غدت مزارات سياحية ومرافق دينية يهودية عامة، تنظم إليها الرحلات والجولات السياحية والدينية، بحجة أنها من بقايا الهيكل المزعوم، علماً أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة هي التي نقبتها وحفرتها وأطلقت عليها صبغةً دينيةً.

 

وزير الطاقة الأمريكي الذي سبق إلى المنطقة صهر الرئيس الأمريكي ومهندس صفقة القرن جاريد كوشنير، يحمل للكيان الصهيوني بشرياتٍ مستقبلية ووعودٍ رئاسية أمريكية، وضماناتٍ دولية أن غاز المنطقة لكم، ونفط دول الجيران سيمر من عندكم، وأن أحداً لن يهدد سلامة منصاتكم أو أمن حقولكم، فمقدرات المنطقة الجوفية النفطية والغازية باتت كلها تحت السيطرة، فلا خوف من خسارتها أو فقدان قرار استخراجها والاستفادة منها.

 

وها هي الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بريطانيا تتكفلان بإنشاء أوسع تحالفٍ دولي بالتعاون مع دول المنطقة للتصدي إيران، والوقوف أمام أحلامها في امتلاك القدرة النووية، والقدرات العسكرية والإمكانيات المادية والمالية المهولة، التي تمكنها من توسيع نفوذها، ودعم حلفائها، وزيادة أنصارها، وتوسيع معسكرها، وتغذية أذرعها العسكرية بأسباب القوة وعوامل الصمود، الأمر الذي من شأنه تهديد أمن كيانهم، وترويع مستوطنيهم، وتعريض مستقبلهم للخطر ووجودهم للشطب والزوال، إلا أن الإدارة الأمريكية التي تسشعر مخاوفهم وتتحسس قلقهم، انبرت تدافع عنهم، وتصدت لبناء تحالفٍ يقيهم الأخطار، ويحميهم من تهديد إيران وحلفائها.

 

وها هم يستقبلون وفد إعلامياً عربياً موسعاً، يضم في صفوفه عدة جنسياتٍ عربيةٍ، يشكلون خليطاً من الكتاب والإعلاميين والباحثين، ويأملون منه أن يشكل خرقاً جديداً وكسباً إضافياً لكيانهم، لهذا فقد أعدوا العدة لاستقباله ببرنامجٍ حافلٍ وفعالياتٍ كثيرة، يلتقون فيه مع أعضاء من الكنيست الإسرائيلي، ويزورون مبنى الكنيست ومتحف المحرقة، ويلتقون بطلابٍ وباحثين، وقد يكللون زيارتهم بلقاءٍ مع رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي، الذي يرى في زيارتهم كسباً، وفي لقائهم دعايةً انتخابيةً له في مواجهة ليبرمان الذي يهدده باكتساح عددٍ أكبر من مقاعد الكنيست، وعما قريب سيأتي غيرهم، فبعض العرب إليهم يتسابقون وإلى تل أبيب يحجون، إذ يعتقدون أنها الحامية المنجية، وأنها الواقية المخلصة.

 

أما السلطة وقوى المقاومة الفلسطينية فقد أكفت الإسرائيليين بانقسامهم مؤونة مواجهتهم، وساعدتهم بخلافاتهم على التفرد بهم والسيطرة عليهم، ومنحتهم الذريعة للتشكيك في جديتهم والتقليل من أهليتهم، فقد انشغلت الفصائل الفلسطينية باختلافاتها البينية، وقدمت مصالحها على مواجهته، ومنافعها على التصدي له، فأصبح من السهل على العدو أن يمرر وسط انشغالهم بملفاتهم الداخلية برامجه السياسية ومخططاته الاستيطانية، فصادر الأراضي، ووسع المستوطنات، وهدم المباني، وطرد السكان، وسحب الهويات، وهوَّد القدس، وقتل المواطنين، واعتقل المقاومين، وما زال يتوسع في سياساته العدوانية دون خوفٍ أو قلقٍ، فالفلسطينيون مشغولون عنه، والمجتمع الدولي ساكتٌ عنه ولا يعترض عليه.

 

الإسرائيليون تأخذهم السكرة، وتذهب بعقولهم النشوة، ويعمي عيونهم سراب القلة وشذوذ الخونة، ويعتقدون أنهم قد حققوا ما يريدون، ووصلوا إلى ما يأملون، وأنهم باتوا في مأمنٍ، وأصبحوا خارج الخطر، وأن الزمن قد صار زمانهم، والأرض قد كتبت من جديدٍ لهم، وما علموا أن الأمة العربية والإسلامية ما زالت بخير، وأن كبوتها عابرة، ونبوتها مؤقتة، وغفوتها لحظة، وأنها عما قريب ستنهض من سباتها قويةً، وستقوم قادرة، وستستعيد مجدها الذي كان، وألقها الذي ساد، والشعب الفلسطيني رائدٌ في مقاومته لا يكذبها، وسابقٌ في تضحياته لا يخدعها، وعازمٌ على النصر لا يخذلها، واثقٌ بالله متوكلٌ عليه، وسيريها من عطائه ما يثلج صدرها ويرضي نفسها، وسيروي بالنصر ظمأها، ويشفي من العدو بإذن الله غليلها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/07/23



كتابة تعليق لموضوع : أفراحٌ إسرائيليةٌ مغرورةٌ وأحلامٌ صهيونيةٌ مسمومةٌ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net