صفحة الكاتب : حنان الزيرجاوي

ألم الماضي
حنان الزيرجاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 جمع مدير المدرسة التلاميذ المتفوقين وبدأ يتحدث معهم عن أهمية العلم والتعلم وما للعلم من فضل عند الله تعالى...

ويخبرهم أنه سيتم تكريمهم، وطلب منهم أن يخبر كل تلميذ والده لحضور حفل التكريم، إلا واحداً منهم أخذه وسار معه في ممر المدرسة وقال له: بني هلم معي. وبدأ يضع يده على رأسه وقال له: بني أما أنت يا عزيزي فكلنا آباؤك...

أنت ابن العزيز الغيور...

أنت ابن البطل...

بقيت هذه الكلمات تطرق أسماع ذلك الطفل، وهو يقارنها بكلام أُمه الذي طالما سألها عن أبيه فترد عليه: أنه في سفر يا بني، وهو يرعانا من بعيد، ويتفقد احوالنا ويغدق علينا بحنانه! 

بدأ يقارن هذه بتلك، وما إن خرج من المدرسة حتى عاد مسرعاً إلى البيت، ورمى حقيبته، ولم يضعها في مكانها ككل يوم، وتوجه مسرعاً نحو أمه مطأطأً رأسه، لأنه اعتاد أن لا يرفع بصره في وجه أمه:

أماه أين أبي؟ أما آن لأبي أن يرجع من سفره ليرى تفوق ولده؟

 كم احببت أن أراه وهو يرفع رأسه بين الآخرين فرحاً بتفوقي ويباهي بي الآخرين!

أمي، لقد علّمْتِنِي على الصدق وقلتِ لي: (النجاة في الصدق)

أرجوك يا أمي، أرجوك يا حبيبتي، أخبريني أين سافر؟ ولما هذا السفر الطويل؟ فقد اشتقت إلى رؤية وجهه، اشتقت إلى أن ارتمي بأحضانه...

اشتقت إلى أن يداعبني، أن أتسلق على ظهره... 

وهو يتكلم بهذه الحرقة وذاك الألم الممزوج بالدموع، انتبه إلى أمه فوجدها قد علا نحيبها ونشيجها، وضمته إلى صدرها: كفى، كفى بني...

سأخبرك عن سفر أبيك... لأنك أصبحت رجلاً، ويجب أن تكون فخوراً به.

بني، في ليلة شتاء باردة، وبعد منتصف الليل، سمعنا طرقاً شديداً على باب دارنا، فهمّ أبوك بالخروج لكي يرى من على الباب...

ولكن لم يمهلنا الطارق فقد دخلوا دارنا بعد أن فتحوا الأبواب عنوة، وهم مدججون بالسلاح، دون أن يدعونا نرتدي الحجاب أو ننزوي جانباً... 

واقتادوا أباك في تلك الليلة ولا نعرف إلى أين أخذوه، وبعد سنوات من الألم والبحث والضياع، اُخبرنا بأنه استشهد على أيدي تلك الزمرة العفنة من أزلام البعث.

يستمع لحديث أمه مندهشاً وقد اختنق بدموعه، بالكاد يجر نفسه...

أمي ماذا تقولين؟ أرجوك أكلُّ هذا حدث؟! 

نعم يا بني...

إذن لماذا لا نزور قبر أبي كما يفعل الآخرون؟

بني لا يوجد قبر لأبيك، فلم نستلم جثته، وبحثنا كثيراً فلم نعثر على أي شيء.

إذن يا أمي أعطني صورة أبي لأضعها على الكرسي المخصص لأولياء الأمور لكي ينظر إلي وهو يراني متفوقاً، لأني سأشعر بأنه يراني، ويفتخر بي أمام اصدقائه، ولأفتخر به أمام الجميع 

إنه: أبي، أبي...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حنان الزيرجاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/08/04



كتابة تعليق لموضوع : ألم الماضي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net