صفحة الكاتب : حيدر زوير

الازمنة الثقافية " اعلاء ازمنة و اهانة اخرى " 
حيدر زوير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لفت نظري المعلومة  التي اوردها الصديق الدكتور Ali Taher في مقاله المهم عن احتفال المسلمين الشيعة بيوم ال ١٨ من شهر ذي الحجة " عيد الغدير " و المتعلقة بالبعد السياسي للاحتفال بهذه المناسبة و التاكيد على ان الايرانيين في ظل الجمهورية الاسلامية يحتفلون بهذا العيد بشكل اكبر من احتفالهم بعيدي الفطر و الاضحى . و يلاحظ تدخل السلطات الرسمية في هذا الاحتفال . لن اكتب عن شيء تناوله دكتور علي و هنالك مقال كنت قد كتبته في عيد الاضحى عن الزمن الارتكازي في الثقافات . بيد ان هذه التفصيلة والمتعلقة بالاهتمام بعيد يعبر عن الهوية المباشرة " اي الهوية الشيعية " بشكل اهم من الاهتمام بعيد يعبر عن هوية تشترك فيها الهوية الشيعية مع هويات اخرى تتمثل بالهويات الاسلامية جدير بالتدبر . فالاشارة الى ان كل ثقافة تتشكل من مجموعة مرتكزات ابرزها الزمن ، و من ضمن مرتكز الزمن الازمنة الارتكازية و هذا ما تم تناوله في المقال السابق . بيد ان الالتفات الى ميزة الزمن الخاص على غيره من الازمنة بما فيها ازمنة الاعياد الثقافية و الازمنة الطقسية . فعلى الرغم من ان كل زمن " عيد " يشتمل على طقس . بيد ان هنالك طقوس تخلق ازمنة خاصة . فمثلا عند فوز المنتخب الوطني بكاس اسيا سنة ٢٠٠٧ لم يكن هنالك زمن مميز بيد ان الحدث خلق احتفالات واسعة شكلت زمنا وطنيا . و من هنا يمكن ادراك البنية النفسية للزمن الثقافي . فقبل كل شيء الثقافة هي اشبه بالرحم ... و الجنين هم الابناء الذي يعرفون بهذه الثقافة . و هذا الرحم يتشكل بطريقة متناسبة وظيفيا بطريقة تبادلية بينه _ اي الرحم _  و بين الابناء . اي ان الثقافة تعبير عن الابناء ، و الابناء هم من ساهموا بشكل واسع و غير واعي بصياغة هذا البناء الثقافي . لذا يشعر الابناء بحميمية عميقة حيال كل ما تعبر عنه ثقافتهم . الرمز . الزي . الزمن . المكان . التاريخ . التراث . الفن الخ . و تشُكل العلاقة بين الافراد و ثقافتهم يتحدد بشكل طردي بما توفره لهم و تعبر به الثقافة عنهم . و من هنا نشأ ما يطلق عليه بعض علماء الاجتماع الثقافي ب الثقافة الفرعية subculture . اي ان ابناء هذه الثقافات و بعد ان عجزت او امتنعت الثقافة العامة او الام عن توفير ما يحتاجونه و التعبير عنهم يعمدون الى صياغة بديل عنها مرة يكون مغاير و مرة منافس و مصارع.  كما يذهب بعض علماء اجتماع الجريمة لتفسير اصناف من الانحراف و الجريمة . 
مؤكدا ان المسلمين الشيعة بوصفهم اقلية و معارضة في التاريخ و العالم الاسلامي . دفعهم ذلك الى عدم الشعور بشكل نفسي بتعبير الكثير من تفصيلات الثقافة الاسلامية عنهم . لذا وجدوا في امكنتهم و ازمنتهم و اشياء اخرى تعبير وظيفي و رمزي يحقق لهم ما تحققه الثقافة لابنائها. و هذا ما يفسر عمق الطقس الشيعي عند الشيعة على الطقوس الاسلامية التي يشتركون فيها مع غيرهم . 

يلاحظ ان في العراق بعد العام ٢٠٠٣ اهتمت اطراف سياسية دينية بالاحتفال بعيد الغدير و بمناسبات او اجمالا بما يعبر عن الثقافة الشيعية بشكل كبير . مؤكدا من اجل مصالحها الفئوية و على الرغم من انخفاض هذا التوجه في الفترة الاخيرة لاسباب كثيرة . بيد ان ما يجب التاكيد عليه اكثر من اي شيء اخر . هو ان الهويات او الثقافات الخاصة في العراق جميعها تشتمل على الاهتمام بارتكازاتها بشكل يتفوق على الاهتمام بمرتكزات الثقافة الوطنية . هذا على مستوى الزمن . فالى اليوم لم يتم الاتفاق على الازمنة الوطنية مثل العيد الوطني او التواريخ الوطنية . و هكذا الامكنة ، فيما لا تذكر الطقوس الوطنية امام طقوس الثقافات الخاصة او الفرعية ، لا يعني هذا ان على احد ان يطيح الاحتفالات و المرتكزات الخاصة بالثقافات الفرعية لان ذلك فعل استبدادي مهما كان حجمه بما فيه رفضه و الاستهزاء به . بل ان على المؤسسات الخاصة بالدولة ان تسعى لان تجعل من الوطن الرحم الثقافي الذي يوفر لابناءه الشعور الذي يغنيهم نفسيا و يربطهم به و يعبر عنهم بشكل اكبر من اي عنوان اخر . و هذا مؤكدا يرتبط بابعاد الادارة مثلما يرتبط بالتعبيرات المتعددة . لذا قد يعزز طقس او احتفال الشعور الوطني بشكل لا تحققه الاف الخطب الرنانة عن حب الوطن يلقيها الزعماء و المثقفين 
حيدر زوير


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر زوير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/08/20



كتابة تعليق لموضوع : الازمنة الثقافية " اعلاء ازمنة و اهانة اخرى " 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net