صفحة الكاتب : زيد شحاثة

ماذا سيكتب عنا التاريخ؟!
زيد شحاثة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يخاف العرب كثيرا على صورتهم التي يراها الناس عنهم, فنراهم كثيرا ما يهتمون بما يظهر منهم, والشكل والهيئة والمظهر العام, بل والإنطباع الذي يتولد عنهم لدى الأخرين.. ويعطون لذلك أهمية كبرى فوق ما تستحق, وخصوصا زعمائنا وكبرائنا وقادتنا..

وهل هناك موضوع أهم من ذلك؟! أو ليس كلنا يريد أن تنقل عنه صورة إيجابية وجميلة وزاهية وبراقة, ويكون محبوبا لدى الجماهير؟!

يركز "كبرائنا" كثيرا على تلميع صورتهم, ويصرفون المبالغ الطائلة على ذلك, فيظهرون بمظهر المحسن النزيه والقائد المغوار " في خطاباتهم طبعا" وممن لا يدخرون جهدا في خدمة امتهم ووطنهم, بل ويُظهرون إستعدادا عاليا للتضحية في سبيلهما.. أليس كذلك؟!

بنفس السياق, فهم لا يترددون في لصق أبشع التهم والصفات بخصومهم وأعدائهم, حقيقية كانت أو مختلقة.. وهم يفعلون ذلك, لإظهار الفرق الكبير بينهم وبين هؤلاء, ومدى رفعة " مبادئهم وقيمهم" مقارنة بالأخرين.. وهذه طريقة يبدوا أنها ناجعة ناجحة, فأن لم تكن تملك ما تفخر به, إنتقص وسقط الأخرين ليعلوا نجمك!

كل هذا يدور حول فكرة واحدة تؤرقنا, تتعلق بالكيفية التي سيذكرنا التاريخ بها, عندما تحفظ وتؤرخ فترتنا التي نعيش فيها.. من خلال كتب أو من خلال ذاكرة من يعايشوننا ومن ثم ينقلونها لمن بعدهم من أجيال..

بالتأكيد سيُذكر العرب لا بأنهم خير أمة أخرجت للناس, بل الأمة التي أبيدت بعض شعوبها على يد شعوب شقيقة لها, فيما كان الباقي يتفرج.. وبأنهم الذين إستباحتهم  دويلة إسرائيل حد الخزي وكانوا يهرولون متوسلين أن تقبل التطبيع معهم!

هل هذا يكفي كذكر طيب وحسن لنا؟!..لا أكيدا, فهم سيذكرون أننا كنا نُضرب بقنابل نحن ندفع ثمنها, وأننا نجبر أن نبيع نفطنا بثمن يحدده أعدائنا, وأننا نتغنى ليل نهار بمبادئ وأخلاقيات ودولة محمد بن عبد الله وعلي أبن أبي طالب, لكننا نسينا حتى أننا عرب كما نزعم!

هل هذا يخص العرب وحدهم؟! هذه قسوة وجلد للذات.. فهناك أخرون مثلنا.. نعم فنحن نشترك معهم بأننا, أمة محمد عليه وأله أفضل الصلوات, حينما بأسم الدين ذبحنا بعضنا, وصرنا بأسم الإسلام, أطيب وأرق وأرحم دين, قدمنا أفظع وأوحش وأسوء نموذج يمكن تقديمه, فصدرنا القاعدة وداعش والنصرة ولا ندري ماذا بعد!

ما هذا الكلام المليء الحاقد! فكله كلام غير صحيح, أو ربما يكون صحيحا.. لكن التاريخ سيكون لنا, فالتاريخ يكتبه المنتصرون.. وسنكتب ما نريد عن فتوحاتنا وعن القسط والعدل لدى حكامنا, وعن حكوماتنا ودولتنا الإسلامية, وعن خيرنا وثرواتنا الكثيرة الذي أعطيناها للدنيا كلها دونا عن أهلنا.. وعن العلم والمعرفة التي نشرناها على الدنيا, ونحن سننتصر عاجلا أو أجلا.. سننتصر!

هل حقا إننا سننتصر؟!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زيد شحاثة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/08/30



كتابة تعليق لموضوع : ماذا سيكتب عنا التاريخ؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net