صفحة الكاتب : رسول مهدي الحلو

الرد الدكتاتوري..
رسول مهدي الحلو

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عندما يتكفل دستور الدولة الديمقراطية التظاهر السلمي ويترسخ ذلك في ثقافة الشعب بكل طوائفه وشرائحه حتى عُد التظاهر من المسلّمات والبديهيات التي لاخلاف بشأنها في ظل الحكم النيابي الديمقراطي، كان يفترض على الحكومة الراعية لهذا الدستور إن تحترمه احتراماً مقدساً،
لأنه يمثل العقد الساسي والاجتماعي بينها وبين شعبها،
ومما لاحظناه في الدول التي سبقتنا ديمقراطياً بقرون طويلة إن المظاهرات فيها قد تصل إلى مراحلة حرجة من التعدّي والتجاوز على الممتلكات وعلى الأجهزة الأمنية، إلا إنها لم تكن تجابه المتظاهرين السلميين العزل كما جابهتم حكومتنا الموقرة في المظاهرات السلمية الأخيرة التي راح ضحيتها ما يقارب المئة شخصُمن وأغلبهم من الشباب المطمئن إلى الدستور المتكفل بالتظاهر دون إن يكون للرصاص أي دور في مواجهتهم وتفريقهم،
ولم يدر بخلد هؤلاء الشباب إن يكون الرد بهذا العنف والقسوة وكذلك لم يكن أحد يتصور أن تحدث مثل هذه المجابهة خصوصاً ذوي الضحايا الذين كانوا على قناعة تامة بسلمية التظاهر وسلمية الرد، فضلاً عن بعض المسؤولين والنواب والمراقبين والمتابعين،
وإلا لو كانت النتائج التي حدثت متوقعة ولو بصورة ضئيلة لما سمحوا ذوي الضحايا لفلذات أكبادهم أن يغيبهم الموت من أجل مطالب متواضعة في تظاهرة سلمية مكفولة دستورياً،
لقد كشفت هذه التظاهرات عدة قضايا ينبغي على الجميع معرفتها والتحسّب لها مستقبلاً،
منها إن الدستور ليست له أية ضمانة فكل تعهداته ليست أكثر من حبر على ورق ومازلت التجربة القائمة على الدستور الحالي ماثلة أمامنا لا تخرج من تشخيص الوصف المذكور آنفاً،
كما إنها أي( المظاهرات ) كشفت لنا إن رعاة الديمقراطية والدستور لا يتورعون عن الرد بإشد مايمكن حتى وإن أدى ذلك إلى سقوط المئات من الضحايا، وكل ماقيل بشأن ذلك من عدم الأمر بإطلاق النار أو عدم الدراية والمعرفة لا يبرئ المسؤولين من مسؤوليتهم عما حدث،
كما أنها كشفت لنا رخص الدم العراقي الذي لايستحق مهما كان لونه قانياً ومهما أتسعت مساحته وتشعباته استقالة بعض المسؤولين بل استقالة الحكومة برمتها،
فمع كل الذي حدث لم نسمع باستقالة مسؤولاً واحداً مدنياً أو عسكرياً،
كما دلت على دكتاتورية النظرية والتطبيق على أرض الواقع وكل ماعدا ذلك من زيف وبهتان لا وجود له أمام الشمس.
ولابأس من الإشارة إلى موقف المرجعية الدينية التي حمّلت الحكومة كل ماجرى بشكل مباشر وصريح من انتهاكات وتجاوزات أدت بالنتيجة إلى سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى،
وبهذا تكون الحكومة قد سجلت أخفاقاً آخراً إلى جانب ماذكرناه في مقالات سابقة من أخفاقات بلغت مقام العذر في تغير النظام البرلماني المحاصصي الفاشل بالتجارب المتعددة والمؤكدة إلى النظام الرئاسي الذي لابد منه.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رسول مهدي الحلو
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/10/15



كتابة تعليق لموضوع : الرد الدكتاتوري..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net