صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

تمسرحات حسينية.. قراءة انطباعية في نصّ مسرحية (الخروج عن النص) 
علي حسين الخباز

  سعت العتبة العباسية المقدسة لترسيخ مفهوم المسرح الحسيني من خلال المؤتمر التأسيس الاول للمسرح الحسيني بحضور الكوادر الاكاديمية ومن وصايا المؤتمر، اقامة مسابقة للنصوص المسرحية بحضور الكوادر الاكاديمية؛ لغرض توفير مكتبة نصية مسرحية، فالتاريخ لم يعرف المسرح الحسيني الا من خلال بعض النصوص التي كتبت في العقد الستيني والسبعيني في زمن القرن المنصرم.

كان المسرح التاريخي بمفهومه القديم بسلطة التاريخ وتجسيده بطريقة مباشرة بينما في مهرجان المسرح الحسيني في العتبة العباسية المقدسة برزت نصوص مسرحية ابداعية انطلقت لخلق عوالم جديدة تقوم على اساس التجريب واستلهمت تلك النصوص روح التاريخ لتحقق به حضور الهم المعاصر.
 ومن ضمن تلك المسرحيات كانت مسرحية (خروج على النص) للكاتب والروائي (نعيم آل مسافر) والمسرح الحسيني مسرح منفتح على جميع جوانب الواقعة والرؤى ومفهوم الولاء والنصرة، وكل رمز من الرموز له حكاية، استثمر المبدع نعيم آل مسافر حكاية جون العبد الاسود المريض الذي ناصر سيده الحسين (عليه السلام)، وكتب نصه على اسلوبية المسرح داخل المسرح ليوائم التاريخ والمعاصر في بوتقة حكاية واحدة، وابتدأ بسينو غرافيا مكانه ساحة معركة، يعني ثمة صراع مؤجل (حرب، تضاد، وخيال) يتحرك ليضيف الى منطقة الصراع تضادا متخيلا معنويا، مجموعة الشياطين وبالمقابل مجموعة الملائكة، ليضيف الى الواقع التاريخي النكهة الفكرية ويفتح مجالا لاحتواء المعاصر.
 الصراع يبدأ من تشكيل مجموعتين: الاولى مجموعة الملائكة والثانية مجموعة الشياطين منطلق الصراع كان جون الواثق من الشهادة ومن الحسم، يتحدى الشياطين التي تراهن على ان اللون لا يتغير والرائحة لا تتغير، الآن البحث يدور في فلسفة التميز، وتحقيق الارادة الفاعلة، بعزم التصابر والحزم وليس بالأمنيات، فكان جون يقول: (لهذ اليوم ولدت).
وكان حضور ابليس مفاوضا ومناقشا ومحاورا فطنا، حاول ان يستلهم هو الآخر قراءة التاريخ حسب معطيات منفعته؛ لكونه شيطانا يحاول ان يدير حوارا اقناعيا  يقول:ـ وما الذي جناه من كل تلك التعاليم التي اعتقد بها..؟ لقد مات وحيدا منبوذا في الربذة..! اذن القضية فكرية تعلمنا كيف نقرأ التاريخ، هل نقرؤه قراء شيطانية ام قراءة الملائكة..؟ 
الشياطين:ـ اللون لا يتغير، الرائحة لا تتغير. 
مجموعة الملائكة:ـ بل يتغيران..
ابليس يعيش صراعا فكريا مع سيد الضوء الحسين (عليه السلام).
ابليس:ـ اذا رأيت عبداً نائماً فلا توقظه؛ لأنه يحلم بالحرية. 
سيد الضوء:ـ أوقظه ليعمل من اجلها.
 في هذا النص المسرحي لا نمتلك سيرة تاريخية نمتلك صراعا يوثق مستويات السيرورة الفكرية ولا يقف نعيم آل مسافر عند حدود ما حدث بل يذهب الى حدود ما سيحدث من خلال رؤية المخرج لعمله المسرحي ورؤية حسون الممثل الذي اصبح جونا في المسرح، يريد ان يختار الدور الذي يعجبه المخرج، يريد ان يعطي هو الاحرار، النص غيّر فعل المواجهة من الحقيقة التاريخية التي عاشها جون الى واقع استذكاري يعيشه حسون الممثل الذي يحمل الخطاب المنبري والاحداث التي يرويها الشيخ على المنبر.
هل ثمة صراع بين المنبر والمسرح، المنبر يمنح جون العون والرائحة، والمسرح يمنحه الماكياج، اختيار المنبر لشخصية جون اختيارا فكريا بينما اختيار المسرح لشخصية جون لتطابق الصفات الظاهرية بين الدور وتجسيد الدور، بث النص في الفكرة فلسفيا، ايقظ الدلالة المعبرة عن مكونات الديمومة وتأثيرها الانساني.
 حسون هو شخصية المسرحية (جون الحاضر، الواقع، المعاش، المعاصر)، حسون الذي يعزم على الذهاب اليه، العاشق لا يحتاج الى مكملات، الممثلون وحدهم يحتاجون ذلك.
 الجرأة في قدرة التشخيص، المخرج يريد ان يقنع حسون.
 المخرج: هؤلاء مجموعة الشياطين والملائكة نغير ملابسهم ليؤدوا دور مجموعة الزوار. 
حسون:ـ ومن قال لك ان مجموعة الزوار ليس فيها شياطين وملائكة. 
الكاتب نجح في توظيف رؤاه، وإلا فالقراءات متعددة والآراء متضاربة لدرجة التناقض وهذا المعنى كان نعيم آل مسافر جادا في استنهاض ما سيحدث. 
جون في نهاية المسرحية يقول: كل شيء ممكن، حسون ممكن ان يصير جونا / كل شيء قابل للتغيير / اللون يتغير / الرائحة تتغير.. 
هذا النص المسرحي ادرك العلاقة بين النص والناس. 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/10/20



كتابة تعليق لموضوع : تمسرحات حسينية.. قراءة انطباعية في نصّ مسرحية (الخروج عن النص) 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : عباس المسافر ، في 2019/10/22 .

بوركتم سيدي الخباز على هذا النقد والتحليل البناء الذي ينم عن قراءة واعية لهذا النص الرائع الذي كما ذكرتم بان المسرح الحسيني هو مسرح فعال ومنفتح جدا للكاتب الواعي وهو ان اعتقد البعض انه مسرح لإيصلح في كل الأوقات الا ان هذا غير صحيح فالمسرح الحسيني هو مسرح انساني وهذا اهم ما يميزه .




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net