صفحة الكاتب : عبد الخالق الفلاح

العراق ...المجهول بات يقلق الكثيرين
عبد الخالق الفلاح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يظهر من خلال المتابعات ان القوى السياسية قد اصابها الدوار من التظاهرات التي سادت الكثير من المحافظات مطالبة بالحقوق ومحاسبة المفسدين وكل مجموعة تحاول ان تحمل المسؤولية للاخرين وخاصة اتهام الحكومة الحالية باللوم لعدم استطاعاتها وضع الحلول لمجابهة المشاكل مع احتجاجات عارمة شهدتها مدن وبلدات وسط وجنوبي البلاد منذ التغيير عام 2003 والجماهيرتطالب فيها بتحسين الخدمات ومحاربة الفساد المستشري في البلاد والشعور باللاعدالة في توزيع الثروة و التي عكست الانفصال التام بين الكتل السياسية وانسان الشارع العادي المتظاهر .

 في غياب ابسط المستلزمات الحياتية و عدم تسهيل فرص للإسكان و الأراضي والوحدات السكنية للفئات الأكثر احتياجًا مع منح الأولوية للمحافظات الأكثر فقرًاعن طريق مجالس المحافظات و وزارة الاسكان واعطاء القروض الميسرة بفوائد بسيطة .

ويُمكن أن تؤدي عفوية التظاهرات على بلورة مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية لا تعد بانها كبيرة للضغط على المنظومة الحاكمة لتحقيقها . رغم عدم وجود قيادة واضحة لها وتعهدت حكومة "عبدالمهدي" بمعالجة أسباب الأزمة، والوقوف على أسباب الاحتجاجات، خاصة ما يتعلق بتوفير منح حكومية للأسر الأكثر احتياجًا، إضافة إلى العمل على توفير المزيد من فرص العمل عن طريق تشغيل المعامل المتوقفة .

ان مكافحة الفساد اساس المشكلة والتي تتطلب نوعين من المعالجات: المعالجات السريعة والاجرائية، والمعالجات التربوية طويلة الامد. والنوع الثاني تقوم به المؤسسات الحكومية بشكل اساسي من خلال النظم الاستراتيجية الطويلة الامد والقصيرة الامد باساليب حضارية حديثة و التي تكفل تنشئة مواطنين فعالين صالحين وترسيخ منظومة القيم الاخلاقية في المجتمع ويعينها في ذلك الاعلام والثقافة والمؤسسة الدينية ومنظمات المجتمع المدني.. ونحن نعرف اليوم حجم الانهيار العلمي في مدارس العراق، وهو امر مازال خارج الاهتمام الرسمي والشعبي، للاسف. وغاب بشكل خاص عن خارطة طريق حكومة رئيس الوزراء وهي غير قادرة على فعله و لازالت من الناحية الزمنية مكبلة بالمحاصصة  وكذب من يقول ان المسؤولية تقع عليها انما تقع على من وضع اساس الفساد والسرقات والاختلاسات التي بلغت المليارات من الدولارات ولم تضع حجرة واحدة فوق اخرى رغم انها لم تكن بعيدة عن المسؤولية اذا ما اردنا ان تحسب الزمن للذي استغرقته 16 عام الحكومات السابقة و الحكومة الحالية . لتزداد الفجوة اتساعاً بين حكام متهمين بالتخلي عن الدور القيادي لبلادهم بضعفهم وكسلهم والتفكير بمصالحهم قبل مصالح مجتمعهم والسماح لقوى أجنبية بالتدخل مثل الولايات المتحدة الامريكية والتصارع في داخل بلادهم، حتى بلغ الحال أن أحزاباً وشخصيات من دول صغيرة لم تكن مذكورة في التاريخ بكل المقاييس مقارنة بالعراق أصبحت تأمر وتنهى وتتحكم بالقرار العراقي وتتدخل بشؤونه .

ان الصفة الغالبة والتوجه العام للعملية السياسية في العراق هو سعي أغلب الكتل، كل حسب مقدار قوتها العددية وتأثيرها في العملية السياسية، من اجل الحصول على المنافع الشخصية والحزبية بالدرجة الأساس والاستحواذ على أكبر ما يمكن من المال العام. ويلاحظ هذا الامر من خلال الصراع بين الكتل للحصول على المناصب العليا في السلطة التنفيذية التي تتيح لها فرصة تحقيق غاياتها من خلال المشاريع الوهمية والعقود الفاسدة والتعيينات الفضائية ويزداد السخط الشعبي على الحكومة ارتفاعاً؛ متجسداً بتظاهرات واحتجاجات مستمرة مع تواصل الأحزاب الكبيرة المسيطرة على المؤسسات الحكومية التي تدير البلاد وهي ليس  لديها متسع من الحلول في التعامل مع الازمة الراهنة اللهمة إلأ الترقيعية ، وهنالك أسباب أخرى تضعف موقف رئيس الوزراء امام الفساد والفاسدين من اهمها الحضور القوي والمؤثر في الشارع العراقي للكثير من الشخصيات التي يتهمها الاعلام وبعض البرلمانيين بالفساد وقدرتها الشخصية على الوقوف بوجهه إذا ما حاول مجرد النبش في موضوع فساده. حتى وان استعانت  بخبراء يتمتعون بالكفاءة والنزاهة لتشخيص الاخطاء ووضع الحلول لها وفق الاطر الدستورية والقانونية و قد فقدت حبل رشدها والإعتبارات السلوكية الصالحة وبدأت تستند في سلوكها الآثم على مبررات ذات ابعاد غير متوازنة  , خصوصا عندما يوجد في البلاد مَن يتاجرون بدم العراقيين , فعندها يكون من السهل تسويغ ما تقوم به الحكومة التي تستمد قوتها وبقائها من الطامعين بالبلاد والعباد فلن نجد احسن مما نحن فيه .ان فرض واقع سياسي جديد في منظومة الحكم بأكملها يشترط استمرار حالة الزخم في الاحتجاجات، أو في أضعف التقديرات يُمكن أن تنجح الفئات المشكِّلة للاحتجاجات -خاصة الفئات الشبابية- في تكوين كتلة سياسية جديدة عابرة للقيادات القديمة والأحزاب لتكون نواة لحركة معارضة جديدة .وأن الأيام المقبلة قد ستحمل فصولاً جديدة من التعامل من الشارع و تقرّ الاحتمالات بوجود حراك مطلبي ضاغط جدّيد، لكنها في الوقت نفسه تقر بوجود قوى سياسية تسعى إلى تصفية حساباتها مع خصومها و يجري في ترتيبها المغامرات السياسيّة والّتي تعبث بالتوازن الدقيق و في محاولات قد تكون سريعة  للاستفادة من ميزان القوى وهي ظاهراً متجاهلة دقّة المعادلة العراقية و الحؤول دون إقرار الإصلاحات الماليّة والاقتصاديّة والإداريّة الضروريّة الجذريّة لمكافحة الهدر والفساد وإيجاد الأرضية الملائمة والصالحة لانهاء الازمة الحالية وقد تدخل بعض القوى من العملية السياسية لركوب الموجة ، ، على خط الداعمين لها بهدف إسقاط الحكومة وتصفية حسابات مع الداعمين لها من القوى الاخرى . واذا ما تجددت التظاهرات مرة أخرى سوف تضع الحكومة أمام خيار الإقالة أو الاستقالة ، وكذلك أيادٍ خارجية تريد استغلاله لتحقيق مآربها. هكذا، يبدو المشهد القادم يحمل الشديد من الضبابية، في اطارمخاوف اسوأ من انفجار متجدد، وهاجس من الخوف من الانزلاق إلى المجهول بات يقلق كثيرين.، والايام حبلى بلياليها


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الخالق الفلاح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/10/20



كتابة تعليق لموضوع : العراق ...المجهول بات يقلق الكثيرين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net