صفحة الكاتب : عبدالله السعد

من يقف وراء التظاهرات في العراق ؟؟
عبدالله السعد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

سؤالٌ كثيراً ما نسمعه عند انطلاق اي تظاهرات جماهيرية في العراق، ليفتح الآفاق امام مخيلة السياسيين والمحللين والكُتّاب والمدونين ليجيبوا على هذا السؤال، وكل منهم يدلو بدلوه ليعبر عن رأيه، ولكن للأسف الشديد إن كثيراً من تلك الآراء تجافي الحقيقة، فمنها من تذهب باتجاه التخوين عبر توجيه الاتهامات للمتظاهرين والقائمين على التظاهرات بالتبعية وتنفيذ اجندة سفارة دولة ما في العراق، وبعض الآراء تذهب باتجاه تسقيط المتظاهرين والقائمين عليها عبر وصفهم بأوصاف مشينة مثل المراهقين والجهلة والمغرر بهم وما شابه، ونادراً ما نجد من ينصف المتظاهرين ومطالبهم ولكنه لا يجيب على السؤال فيما يصرح به او يكتبه.!!

وبالإشارة الى ان كلامنا يختص بالمتظاهرين غير المؤدلجين الذين ينزلون للشارع بين الحين والآخر تلبية لدعوة من زعامة دينية او قيادة سياسية، اقول إنه للإجابة على هذا السؤال فإنه يتوجب علينا إبتداءاً ان نسأل من هم الذين تظاهروا خلال السنوات المنصرمة وما هي مطالبهم ؟؟ أليس المتظاهرون هم من توزعوا بين المطالبين بتوفير الخدمات الضروية من ماء وكهرباء ورعاية صحية وتربوية وتعليمية وترسيخ للأمن والاستقرار، والمطالبين بتشغيل العاطلين عن العمل، ومنهم المطالبين بتحسين ظروف المعيشة عبر زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين، ومنهم المطالبين بتثبيت العقود والاجور اليومية على الملاك الدائم، ومنهم المطالبين بتعيين الخريجين واصحاب شهادات الدراسات العليا، ومنهم المطالبين بحقوق ابناءهم من الشهداء والجرحى؟؟؟ ولو كانت الاحزاب والكيانات السياسية التي تسيّدت المشهد في العراق بعد سقوط نظام البعث الصدامي في نيسان 2003، متمثلة بالحكومات الاتحادية والمحلية التي تعاقبت على ادارة شؤون البلاد خلال هذه المرحلة قد عملت بتفانٍ وإخلاص على اعداد الخطط الاستراتيجية وتنفيذ المشاريع البنيوية والتنموية بصورة صحيحة وفقاً لأولويات المصلحة العامة بعيداً عن التمييز العرقي والطائفي والمناطقي ومحاسبة المفسدين والفاسدين، فهل كنّا سنجد من يتظاهر للمطالبة بتوفير الخدمات ؟؟ ولو كان العمل جاداً على طريق ترسيخ الامن والاستقرار عبر فرض سلطة القانون وحصر السلاح بيد مؤسسات الدولة ومحاسبة كل من يخرق القانون مهما كان اسمه ومقامه فهل كنا سنشهد من يتظاهر للمطالبة بترسيخ الامن والاستقرار ؟؟ ولو كان العمل جاداً على طريق دعم القطاع الخاص وحماية المنتج الوطني وتوطين العمالة فهل كنا سنشهد تظاهرات للعاطلين عن العمل وهم يطالبون بتوفير فرص العمل ؟؟ ولو كان العمل جاداً على طريق مركزية التعيينات وفقاً لمعايير ثابتة ودقيقة بعيدا عن تدخلات احزاب السلطة والسياسيين والمتنفذين فهل كنّا سنشهد تظاهرات للخريجين واصحاب شهادات الدراسات العليا ؟؟ ولو كانت الرواتب والمخصصات تدفع لمستحقيها وفقاً لمعايير ثابتة ودقيقة دون تمييز بين موظف في هذه المؤسسة وموظف في تلك المؤسسة فهل كنّا سنشهد من يتظاهر للمطالبة بالمساواة بين الرواتب وتحقيق العدالة ؟؟ ولو كان العمل جاداً على طريق منح الحقوق لذوي الشهداء والجرحى دون تسويف واجتهادات من هذا المسؤول او ذاك الموظف هل كنا سنشهد من يتظاهر للمطالبة بحقوق الشهداء والجرحى ؟؟؟ ولو كان العمل جاداً على اعتبار المواطنة الحقّة منطلقاً حقيقياً ومعياراً ثابتاً لسن التشريعات والقوانين وتطبيقها فعلياً على أرض الواقع دون تمييز بين الاعراق والطوائف والمكونات وان يطبق شعار الدين لله والوطن للجميع فهل سنشهد من يتظاهر للمطالبة بالدولة المدنية ؟؟؟

يقيناً ان احزاب السلطة التي تسيدت المشهد السياسي في العراق بعد سقوط نظام البعث الصدامي لو انها كانت قد عملت جادة على تنفيذ برنامج وطني شامل يهدف الى الارتقاء بواقع العراق وشعبه على مختلف الاصعدة، بعيداً عن التفكير بمصالح قياداتها الشخصية والحزبية والفئوية، لما وجدنا من يتظاهر اليوم للتعبير عن نقمته على تلك الاحزاب والامتعاض من  الحكومة وسياساتها. وعليه فان من تسبب بنقمة الشعب وامتعاضه هي احزاب السلطة وهي من تقف وراء التظاهرات في العراق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبدالله السعد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/10/24



كتابة تعليق لموضوع : من يقف وراء التظاهرات في العراق ؟؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net