مَعرفةُ عيوبِ النفس ومُعالجتها وضرورةُ الرضا بِقَدَرِ اللهِ سبحانه واستثمار نِعَمِه
مرتضى علي الحلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مرتضى علي الحلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
:1: إنَّ مِن عيوب الإنسان التي يحتاج إلى معرفةٍ بها ومُعالجته إيّاها - رضاه عن عملِ نفسِه ونُدبته حَظَّه - فهو يرى أنَّ ما يجده من النقصان ليس مُرتبطاً بتقصيره بأداء ما ينبغي أن يؤدّيه ، وإنّّما لِما يُعانيه من عوزٍ في ما زوّدَ به في هذه الحياة من سلامة وعافية وبيئة أسريّة واجتماعيّة وأصدقاءٍ وسائر الجهات التي لم يكن له خيار في شأنها ، وإنّما هي من مقادير الحياة التي فُرِضَت عليه .
:2: لذا نجد أنَّ الناس دائماً يَشْكون من حظوظهم ، ولكنّهم يرضون عن أنفسهم ، حتى كأنّهم عملوا بمقدار ما يستطيعون في ما أُنيطَ بهم من رعاية مُقتضيات الحكمة والبحث عن السلوك الأمثل في هذه الحياة - ولكن المفروض بالإنسان أن يَعكسَ هذا الأمر تماماً ، فيَرضَى بحظّه ويَعتبُ على عمل نفسه ، كما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):( لَا يَرْجُوَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا رَبَّه ولَا يَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَه )
: نهج البلاغة ، ت ،د، صبحي الصالح ،ص 482. .
:3: إنَّ حظّ المرء إنّما هو المقادير التي فُرِضَت عليه ، ولا خيار له تجاهها ، مِن عَوَقٍ أصابه بغير اختياره أو مرض أُبتلي به من غير تقصيره أو مصيبة أصابته ، لا دخل له فيها أو قابليات محدودة في جهة معيّنة مُنحَت له ، لا يستطيع من الزيادة فيها أو سائر الأمور التي لا يتمكّن من تغييرها ،وهذه الأمور هي بمثابة رأس المال الذي مُنِحَه الإنسان في هذه الحياة وزوِّد به ، ولا يتحمّل مسؤوليّة نقصانه .
:4: وأمّا عمل المرء فهو ما يَقدِمُ عليه باختياره ، ويَستثمر به ما زوِّد به من رأس ماله ، وهو يُعبّر عن مقدار جهده في الحياة ، ولا شكّ أنَّ قيمة كلّ أمرئٍ في اختباره في هذه الحياة من المنظورين الفطري والإلهي إنّما هي بمقدار جهده واجتهاده في ما هو منوط باختياره ، وليس بما قُدّر له وفُرِضَ عليه وزوّد به.
:5: علينا أن نرضى بما رزقنا اللهُ سبحانه وتعالى حسبَ مقاديره في الحياة ، ممّا لا دخل لنا فيه من سلامةٍ وعافيةٍ وزوجةٍ وأولادٍ وسائر الأمور التي قد نُعاني في شأنها من نواقص فُرِضَت علينا فرضاً حسب السُنن، ونهتم باستثمار ما رُزقناه وتنميته .
:6: ينبغي أن نعلمَ - أنَّ هذه الحياة هي اختبار للنّاس حسب ما زوّدوا به ، ليختبر اللهُ انجازاتهم فيها ، فمَن أُوتي نعمة أكثر كان حسابه أعسر ، ومَن أُوتي نعمة أقل كان حسابه أيسر .
ولن يتضرّر أمرئٌ في هذه الحياة بنقصانٍ في ما زوّد به من غير اختياره ، فإنَّ الله سبحانه وتعالى يحتسب له ذلك ،و صدقَ اللهُ سبحانه حيث يقول :{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)}الشورى.
:7: إنَّ إخفاقَ الإنسان في هذه الحياة إنّّما يكون بسبب إخفاقه في بذل الجهد والاجتهاد في سبيل استثمار ما رُزِقَ به ، وليس بإخفاقه في ما قد يُعانيه مِن نقصانٍ في ما زوّد به .
ألا وأنَّ المؤمن راضٍ في هذه الحياة بما أنعمَ اللهُ عليه وشاكر إيّاه ، وإن صَعُبَت الحياة وضاقت عليه بمقاديرها ، وساعٍ في استثمار ما زوّد به منها ، فهو يجاهد ويكافح من أجل مَزيدٍ من الانجاز في مضمار هذه الحياة ويحاسب نفسه ويَستقلّ عملَه ،و عِنْدَ الْصَبَاح يَحْمَدُ الْقُوْمُ الْسُّرَى.
:تَذْكِرَةٌ قيِّمَةٌ ٌ ألقاها علينا سماحةُ السيِّد الأُستاذ الفاضل مُحَمَّد باقر السيستاني ، دامت توفيقاته :
: اليوم - الأربعاء – 7 ربيع الآخر - 1441 هجري - 4 - 12- 2019 م.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat