صفحة الكاتب : عزيز الخزرجي

ألسياسة و آلأخلاق .. مَنْ يَحكُم مَنْ!؟ القسم ألخامس
عزيز الخزرجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حين يفقد مجتمع ما أو أمة من الأمم أسس ألحريّة و العدالة بسبب سياسة النظام الحاكم؛ تتعرّض منظومتها الأخلاقية للتبدد و آلتّغيير, و بآلتالي يتوقف آلأبداع و آلأنتاج أللذان يتولدان بسبب الوعي و  المعرفة, و ينتشر الظلم والفساد و آلأنحطاط بدل العدل و الأحسان و الأيثار!
و حين يفقد آلمواطن شيئاً فشيئاً خيارهُ للحصول على لقمة العيش و آلحقوق الطبيعية و التي عرّفها (إبرهام ماسلو) في مثلثه المشهور, كآلسكن و آلغذاء و آلتعليم و آلعلاج و الأمكانات الماديّة الأخرى, فمن الطبيعي أن تتعرض كرامة ألمُواطن في بلده -  للأهانة من قبل ألسّياسيين ألحاكمين ألذين يفصلون الأسلام عن السّياسة, لكون الدّين ألأسلامي يأمر بآلعدل و آلأنصاف و آلحرية و المساواة.
 
و لا شكّ حين يتحسّر آلمواطن في بلده على كسب لقمة الخبز و نيل حقوقه الطبيعية ألتي قد تؤدي به إلى  بَيْع كرامته, فأن آلتذمر و الفوضى و  الارهاب و الظلم سينتشر, و هذا ما عشناه خصوصاً في بلادنا و حتّى الدّول الغربيّة ذات ألأنظمة الديمقراطية و ألتي يميل فيها القانون عادةً لمصلحة الأغنياء و أصحاب البنوك و الشركات ألذين لهم الحقّ في وضع القوانيّن الخاصّة بإتجاه منافعهم دون مراعاة حقوق الآخرين!
 
و على أساس تلك القاعدة(قاعدة فصل ألدّين عن السّياسة)؛ نستنتج بوضوح بأنّ السّياسيين لا يُريدون تطبيق العدالة و المثل و القيم و المساواة في المجتمع, بل يريدون محوها من منهج ألتعامل مع قضايا الدولة و شؤون المجتمع و حقوق المواطن, و العكس صحيح؛ فآلذي يُريد جعل أحكام الأسلام أساساً  لمنهجه إنّما يُدلل على مصداقية و عدالة ألداعية السّياسي ألمؤمن و مؤشرٌ في طريق آلتكامل ألأنساني لتحقيق ألسّعادة والرّفاه في المجتمع الاسلامي تحت ظل  النظام الأسلامي!
 
و بإشرافنا على نهاية بحثنا في العلاقة بين السياسة و آلأخلاق  نتوصل إلى نتيجة واضحة مفادها؛
 
أننا لو أردنا أن نُحكّم مبادئ ألأخلاق ألسّامية و العدالة و المساواة و آلقيم و حفظ الكرامة الأنسانية للمواطن في مجتمعنا و حتى في أمّتنا الأسلامية ككل؛ علينا التركيز على مبادئ الأسلام و تطبيق أحكامه, و لو أردنا لا سامح الله إشاعة الفواحش و الظلم و الفساد و الرّذيلة و آلأنتهازية و الأرهاب؛ فعلينا فصل الدّين عن السياسة .. بمعنى آخر من دعى إلى فصل الدّين عن السياسة أيّا كان فهو شيطانٌ و يُريد نشر الفساد و الفوضى و الظلم و الأستغلال لأجل مصالحه سواءاً كان فرداً أو حزباً أو طبقة؛ و حقيقة الفصل إنّما هو رفض ضمني و صريح لعدالة ألسّماء, و الغاية من الفصل هو؛ إستغلال الناس من قبل السياسيين بحسب قراراتهم و أهوائهم و شهواتهم لعدم تقيّدهم بآلحلال و الحرام.
 
بإختصار شديد نقول؛
غاية و فلسفة الحكم عند آلسّياسيّن هو؛ من أجل درّ المكاسب و الأموال و  العقارات و الشهوات بكل  الوسائل الممكنة و آللاشرعية, من حيث ألغاية عندهم تُبرّر الوسيلة, و تلك هي الصفة الاخلاقية البارزة للسّياسيين.
 
أمّا بآلنسبة للمؤمنين بآلغيب؛ فأنّ فلسفة الحكم عندهم هي: من أجل رضا الناس الذي فيه رضا الله تعالى طبق الضوابط الشرعية الأسلامية ألتي يشرف عليها ألولي الفقيه و باقي أجهزة الدولة  التي يرأسها عادة ألعلماء و المجتهدون الأكفاء, و  الغاية عندهم لا تُبرر الوسيلة مهما كان الثمن, و نظرية (ألتزاحم) في الأصول محدودة جدّاً و لا يجوز العمل بها إلّا بإذن مباشر من الولي الفقيه حين تتقاطع بعض المصالح ألعليا أو ربما دماء آلبعض مع بقاء أصل الدولة الأسلامية أو زوالها, و يكون الفقيه هو  المسؤول في مثل هذه الحالة لتقرير تلك الحالات النادرة جدّاً, و لا يفتي الولي الفقيه في مثل تلك الحالات الشاذه ما لم يجعل مصلحة الأمة و النظام ككل قبل جميع المصالح ألأخرى, لأنّ المؤمن الرّسالي همّهُ الأكبر كما أسلفنا هو رضا الله تعالى الذي يتحقّق من خلال رضا الناس و إقامة العدل بينهم.
 
ربما هناك آلبعض من آلذين يفصلون الدّين عن السّياسة بسبب جهلهم بأحكام الأسلام و تأثرهم بآلدعايات الكاذبة من قبل ألشرق و الغرب و أذيالهم, لكن هؤلاء الجهلاء ربما لا يشكلون اليوم رقماً كبيراً من بين صفوف المسلمين, خصوصاً بعد نجاح الثورة الاسلامية بقيادة الولي الفقيه .. لذلك من الممكن تنويرهم بحقيقة الأسلام  بآلموعظة آلحسنة و التحمل من أجل الحق.
 
فآلأسلام يأمرنا بآلعدل و آلمساواة و الأنصاف و الأمانة و مكارم الأخلاق و آلأيثار, و لا يستطيع المسؤول في النظام الأسلامي إستغلال حقوق الناس و ظلمهم لأن حيثيات القانون تمنعه من ذلك و آلفاسد يتعرض للجزاء و العقوبة حتى لو كان رئيساً أو وزيراً أو عضو في البرلمان, لأن الجميع متساوون أمام القانون و لا فرق بين فقير و غني , أو  مسؤول مع موظف, فآلحكومة هي حكومة الجماهير ألتي صوّتت لصالح النظام الأسلامي أو الجمهورية الأسلامية!
 
لعل آلبعض يتساءَل لماذا كلمة "ألجمهوريّة" سبقتْ "ألأسلامية" في دولة وليّ الفقيه؟
 
و هل ذلك يعني خروجاً عن ألحاكمية ألأسلامية أم دعماً لتلك آلحاكميّة؟
و هل هناك فرقٌ بين مصطلح الدولة و مصطلح الجمهورية؟
أم الأثنان يتداخلان .. للتعبير عن قضية واحدة على إعتبار الصفة ألملحقة بالدولة أو الجمهورية هي الهوية الأساسية للنظام؟
 
و هل يمكننا التعبير عنهما بـ(آلنظام)!؟
 
و الجواب: لا فرق أولاً بين مُسمّى (الدولة ألأسلامية) أو (الجمهورية الأسلامية) و حتى (النظام الأسلامي), ألمهم هو طبيعة القوانين ألدستورية ألحاكمة و مدى تطابقها مع روح الأسلام على أساس الثقلين و من ثمّ مدى تطبيقها و فاعليتها في المجتمع تحت تلك المُسمّيات ألمتشابهه في المضمون, و كذلك هوية ألمتصدين فيها كآلقائد و ألمشرفين على آلسلطات الثلاث – أو ألاربعة – الرئيسية(القضائية, التشريعية, ألتنفيذية, ألأعلامية) و غيرها.
 
و أنّ كلمة "ألجمهورية"  أصلها من جَمْهَرَ, جمهرة الشيئ؛ أيّ جمعهُ, و تجمهر القوم؛ أي إجتمعوا, و الجمهوري ألمنسوب إلى الجمهور, و الجمهورية؛ هي الأمة أو الدولة ألتي يُعيّن زعيمها لا بآلتوارث أو الوصاية أو ولاية العهد أو الحزب الواحد, بل بإنتخاب جمهور الأمّة(1), و هي نسبةً للجمهور أو الناس ألمتواجدين في مكان مُعيّن من الأرض, و تعني عامة (آلناس) أو آلشعب ألذي ينتمي إلى بلدٍ أو أرض مُعيّنة تربطهم معاً روابط إجتماعيّة و دينيّة و تأريخيّة مُشتركة, و لكن دولة آلجماهير عندما تُقَيّدُ بصفةٍ رئيسيةٍ معينةٍ فأنّها تُعَبّرُ عن هويتهم ألأساسية ألبارزة من بين جميع ألأنتماآت و ألصّفات آلأخرى آلتي يتّصف بها شعباً من آلشعوب؛ كالقومية و العرقية و الوطنية أو المناطقية, و من هنا نرى إن قوى آلأستكبار ألعالمي حاولت أنْ تُضفي صفة ألدّيمقراطية على آلأقل بجانب ألجمهورية ألأسلامية بُعيد إنتصار الثورة الاسلامية كتجربة جديدة و جهّزت لذلك الكثير من الأموال والأمكانات, لذلك إضطر قائد الثورة و وليّ أمر آلمسلمين إجراء إستفتاءٍ شعبيّ أساسيّ من آلجماهير لتحديد هويّة ألثورة و آلدّولة و من آلبداية, و كان آلخيار واضحاً بين "نعم" و "لا" للجّمهورية ألأسلاميّة,  و لم يكن ذلك آلأستفتاء إلّا بسبب ضغوط آلقوى و آلتيارات ألتي إرتبطتْ بآلمستكبرين ألّذين كانوا يُحاولونَ تغيّير مسار تلك ألثورة و عنوانها بعد أنْ عجزوا على إجهاضها و دحرها!
 
لقد كان آلتصويت على آلهوية ألأيرانية ألجديدة كنموذج .. مرحلةً مصيريّةً و منعطفاً هاماً, حيث أصدر ألمجلس ألقيادي للثورة بأمرٍ من آلأمام ألخميني(قدس) و رقةً إنتخابيةً تحتوي على مُربّعين:
ألأول: (نعم للجمهورية ألأسلامية) بالّلون ألأخضر.
ألثاني: (لا للجمهورية ألأســلامية) باللون ألأحمر.
 
و كان ألتصويت سرّياً لكلّ منْ بلغ سن ألسادسة عشر, حيث بيّنت نتائج آلتّصويت, إبداء آلناس برأيهم لصالح آلأسلام بنسبة ألغالبية ألعظمى!
 
و قد رفض زعيم ألمسلمين آية آلله آلعظمى ألخميني(قدس) رأي ألمهندس مهدي بازركان(2) و مؤيّديه حول إضافة كلمة ألديمقراطية(ألشورى) إلى عنوان "ألجمهورية ألأسلامية" مُستدلّاً برأيه على عدم صلاح و جواز فرض آلآراء على آلناس بحصرهم و توجيههم من خلال خيارين فقط هما (نعم) و (لا)! بل لا بُدّ – حسب رأي تيار بازركان – من فسح ألمجال أمام آلناس ليختاروا ما يُريدون خصوصاً في آلمستقبل ألذي سيختلفُ وضعه كثيراً عمّا نحن عليه ألآن.
 
لكن آلأمام ألخميني رَفَضَ هذا آلرأي خصوصاً كلمة ألدّيمقراطية(ألشّورى) لتقرير مصير الأمة لأنّ آلناخب و المُنتخبْ ل يمتلكان ألمعرفة الكاملة بآلأحكام و فلسفة الوجود و سبل تحقيق الكمال الأنساني و سعادته!
و لذلك من الممكن أن يتصدر رئاسة الحكومة شخص منحرف بقوّة المال أو بتخطيط من الأستكبار .. فتنهال الكوارث و المحن و آلمآسي على الأمة, من هنا رفض الأمام الخميني ذلك مُبيّنا ألأسباب بقولهً؛ آلدّيمقراطية و آللّيبرالية و آلوطنية و ما شاكلها, لا تُمثل حقيقة ألأسلام ألمُحمّدي ألأصيل – إشارة إلى إسلام رسول الله و أهل بيته – و إنّ آلدّيمقراطية هي علامة آلغرب ألبارزة من أجل نفوذهم و سيطرة شركاتهم علينا عبر عولمتهم و عنجهيتهم, و خيارنا ألوحيد هو "ألجمهورية ألأسلامية"أو "ألدولة ألأسلامية" لا أكثر و لا أقل(3). و ما إجراء آلأنتخابات ألشرعية في أوقاتها سوى مظاهرةً شعبيّةً أمامَ آلعالم كدعمٍ و تواصل لحركةِ و هويّة ألثورة و قيادتها .. كيّ لا يَتّهموا ولاية آلفقيه بتُهمٍ رخيصة, أو يستغلّوا آلموقف للتصيّد في آلماء آلعكر.
 
كما بيّن آلأمام(ع) ألذي عاش كفقراء آلأمة رغم إمتلاكه لأمبراطورية عظيمة كإيران؛ تلك آلعلاقة ألرّوحية و آلمصيريّة ألتي تربط بين آلأمة و آلقيادة ألأسلامية في خطابٍ لهُ عام 1979م عُقيب إنتصار ألثورة ألأسلامية على آلشّاه ألمقبور, و هو يُرّغِّب ألشعب ألأيراني ألمسلم من أجل ألتصويت للجمهوريّة ألأسلامية بالقول:
 
" أيّها آلشعب ألأيراني ألمسلم؛ أنتمُ أحرارٌ في إنتخابكم لنوع آلحكومة, و بإمكانكم أنْ تنتخبوا ما تشاؤون من آلأنظمة و آلحكومات, لكنّي أُصوّتُ لصالح حكومة ألأسلام, ففيه خلاصنا من آلظلم و آلتبعية, و به تتحقّق سعادتنا و مُستقبلنا"(4).
 
  و جاءت نتائج ألتصويت لصالح آلأسلام بالغالبية ألعظمى 93%, حيث لعب ألأمام ألخميني دوراً قياديّاً بارزاً في إنجاح ألثورة ألإسلامية و صمودها بوجه ألمُخططات ألأستكبارية التي حاولت ألمستحيل لتحريف مسارها, مُستخدمةً كلّ وسائلها آلعسكرية و آلسياسية و آلأقتصادية و آلأمنية؛ إبتداءاً بشنّ ألحروب ألعسكرية .. كالحرب ألعراقيّة – ألأيرانيّة, و آلسياسيّة .. عبر دعم آلوجوه و ألحركات آلّليبرالية و آلعلمانية بقيادة ألتيارات و آلتنظيمات ألمختلفة كمنظمة مجاهدي خلق و آلشخصيات ألسياسية ألليبرالية كبني صدر و قطب زادة و قبلهما شاهبور بختيار, و عبر آلضغوط ألأقتصادية .. كآلحصار ألأقتصادي و آلعلمي عبر منع تخصيب أليورانيوم و آلبحوث الذرّية و آلفضائية و إغتيال عُلماؤها آلأكاديميون, لكنّ جميعها فشلتْ تاركةً ورائها جروحاً دامية, و لولا ألأمداد ألغيبي و صمود ألشعب ألأيراني و قيادته ألرّبانية ألمتمثلة بولاية ألفقيه ألّتي تُمثّل حُكومة الله على آلناس .. كلّ آلناس, لما  كانت آلثورة آلأسلامية باقيةً إلى آليوم!
 
و ما زالت ألمواجهات آلأستكبارية ألعالمية و آلدّولية لهذه آلثورة مستمرة على كلّ صعيد, لمحاصرتها و منع إنتشارها, و لا تقتصر تلك ألمواجهة فقط على آلصعيد ألسّياسي أو آلأعلاميّ أو العسكري, بلْ آلمواجهة أصبحتْ شاملة , و تُكلّف آلجمهورية آلأسلامية في كلّ مرّة .. ألكثير من آلأموال و آلأرواح و آلطاقات, فكلّما أرادت أن تبدأ بمشروع – أيّ مشروع - على صعيد مُعَيّن - بعد إعداد و إستكمال مخططاته و مُقدّماته و ميزانيته .. يظهر آلكثير من الصعوبات أمامهم فجأةً في محاولة من الأعداء و الطامعين لعرقلة ذلك آلبرنامج بدعم و تخطيط من آلغرب و أذنابهم من حكومات آلمنطقة و ألطابور آلخامس.
 
 
فليس سهلاً على آلدّولة ألأسلامية ألوحيدة في آلميدان و بقدراتها آلذاتية ألبسيطة قياساً مع آلغرب و توابعها؛ أن تُواجه كلّ تلك آلمخططات ألشيطانية, لولا تسديد ألأمام ألحجة(عج) بإذن من آلله تعالى و شجاعة القائد و جهاد الشعب الأيراني على كل الأصعدة .. فآلأقمار آلصناعية آلتي صنعتها إيران و أطلقتها في آلفضاء .. و تخصيبها لليورانيوم و آلمفاعلات ألنووية .. و تصنيع ألطائرات و آلسيارات و آلأعمار و غيرها .. كلّ ذلك ما كانت لتكون- لولا ألأمداد ألغيبي آلألهي و حكمة و تقوى و إستقامة قائدها ألمُسدد بالله و بمؤآزرة آلشعب ألأيراني ألمسلم ألّذي ما بَخَلَ بعطائهِ في طريق الله يوماً .. بآلمال و آلرّوح و آلفكر و آلأبداع, و لكن ما زال أمامهم ألكثير لِتحقيق ألأهدافِ ألكبرى في الأرض, فعلى آلرّغم من كلّ آلحروب والحصار و آلمعاكسات ألشيطانية ضدّها و قصر عمرها آلزمني و مُحاصرتها من قبل آلغرب و آلشرق .. إلّا أنّها حقّقت – أيّ الحكومة الأسلامية - ما لمْ تتمكّن أيّة حكومة أخرى - ليس في آلعالم ألأسلامي فحسب بل في كثيرٍ من دول آلعالم من تحقيقها, حتّى من آلدّول ألغربيّة ألتي تنعّمتْ بآلأمن و آلأستقرار و آلدعم على مدى أكثر من ثلاثة قرون - منذ عهد ألرّينوسانس(ألنهضة ألأوربية)!
 
و يمكننا القول بأنّ ما قطعه الغرب و توصل إليه في مضمار التطور ألمدني و التكنولوجي بعد مسيرة ثلاثة قرون؛ قد قطعته إيران خلال ثلاثين عاماً فقط حتى أذهلت الجميع, و لك أن تتعرّف على مدى فاعلية الفكر الأسلامي و تناسبه مع روح و قلب و فطرة الأنسان و السّر ألعظيم في هذه ألمفارقة!
 
أنّ آلسّر يكمن في أنّ قيادة الثورة الأسلامية قيادة ربّانية تحلّتْ بآلأخلاق ألفاضلة و كانت صادقة مع أمّتها, و إن رواتب المسؤولين في الدّولة على سبيل المثال كأعضاء مجلس الشورى و آلوزراء لا تتعدى رواتب الموظفين العاديين في معظم دوائر و قطاعات الدولة, و لعلّ رواتب بعض الفنيين و المُدراء العاديين أكثر من رواتب أعضاء الحكومة و مجلس الشورى الأسلامي.
من أسباب تأخّر ألمسلمين و حالة الفوضى والقهر في آلدّول ألأخرى:
 
أسباب كثيرة أدّت إلى تأخر المسلمين رغم إن بعض الحكومات فيها حكمت لقرون من خلال نظام ألتوريث و الملوكية كما هو السائد في السعودية و غيرها ؛ و نُضيف لما أشرنا من أسباب في مُقدّمة هذا آلبحث .. ألتالي:
 
- تشوّه الفكر الاسلامي في أوساط المسلمين بسبب المذاهب ألعديدة المختلقة من قبل آلسلاطين الذين حاولوا إستغلال ذلك كواجهة ضد خط الرسالة الأسلامية المتمثلة بآلأئمة الأثني عشر الأطهار.
-      تسلّط ألأستعمار ألذي روّج للدّيمقراطية و آلعولمة و نصَبَ علينا حكوماتٍ وضعيّةٍ و أحزاب قوميّة و وطنيّة ظالمة تُريد نهب خيرات أوطاننا و تقسيمها مع آلمستعمرين و حرمان أكثريّة آلأمة منها.
- محاربة ولاية و فكر أهل آلبيت ألكرام ألذي يُمثّله آليوم ألمرجعيّة ألدّينيّة بقيادة وليّ آلفقية .. كنيابةٍ عامّة لأمام ِآلعصر و آلزّمان (عج) و ألمُمتدة من ولاية آلأئمة آلأطهار و ألرّسول(ص) ألتي هي ولاية آلله تعالى, و قد لعب و يلعب الوهابيون دوراً رياديّاً مباشراً في ذلك عبر تكفير المسلمين, و إشاعة الأرهاب و آلمؤآمرات و تأجيج نار الطائفية بين مذاهب المسلمين في الدول ألأسلامية.
 
- ألحروب ألدّاخلية و آلأقليمية و آلشبه عالمية ألتي أنهكت قوّتها و إستنزفت إمكانيتها, ممّا مهّد آلسبيل للغرب كي يستعمر بلداننا مع (آلأمتنان و آلشكر!) من قبل شعوبها بسبب ما لاقوه من ظلم المتسلطين, و العراق نموذجٌ بارزٌ لذلك.
- تدنّي ألمستوى آلفكري و آلثقافي و آلعلمي في آلأمة, لتدني مستوى آلجامعات و آلمعاهد ألعلمية بسبب ألتعاطي ألخاطئ مع آلمبادئ و آلهدف من كسب آلعلوم لدى آلنخب ألأكاديمية, و علاقة إختصاص معيّن مع آلأختصاصات آلأخرى و كيفيتها من جانب آخر, و إنشغال آلعموم بالكسب و تأمين لقمة آلمعيشة ألتي لم تَعُد سهلةَ آلمنال بسبب ألأختلاسات و التزوير و آلنهب, ممّا أفْقدَ آلمواطنين ألتّمتع بالهدوء و آلراحة و آلكفاف و آلكرامة و بالتالي صعوبة ألتّفرغ لكسب آلعلوم و آلمعارف و آلتأمل في آلوجود و آلآفاق, و ألتي بها تتحقّق كل آلخير و آلأبداع و التقدم و آلأزدهار.
 
- إستغلال آلحكومات في دولنا للشعوب ألمقهورة بهدر و سرقة حقوقها من أجل مصالحها و مصالح آلدّول ألمهيمنة عليها, ممّا يجبر ألمُواطن العادي على آلعمل ألمضاعف لتأمين مُتطلّبات ألمعيشة, فَفَقَدَ آلشعب بسبب ذلك؛ ألأمان و آلراحة و ألفرصة و الثقة بالقائمين على حكوماتهم .. و لذلك إنعدم ألتفكير و آلأبداع و آلتقدم!
- فقدان آلأمن و آلحرية و آلكرامة آلتي معها يفقد آلأنسان ألقدرة على آلتأمل و آلبحث و آلتعاون من أجل آلأبداع و آلأبتكار و آلعمل ألمخلص ألدؤوب, و بالمقابل إنتشار آلظلم و آلدكتاتورية في جميع مرافق المجتمعات الأسلامية, إبتداءاً بالبيت ثم آلمدرسة ثم آلعشيرة ثم آلدائرة و حتىّ ألرئاسات ألعليا في الدول الأسلامية!
 
- تسابق ألكثير من المسلمين خصوصاً ألمنضوين تحت الأحزاب و التكتلات السياسية ألتي حذفتْ الأخلاق و القيم من مناهجها .. للعمل كطابور خامس ضد شعوب و مصالح بلدانهم مقابل تطمينات من قبل المخابرات العالمية بتوصيلهم للحكم و حمايتهم!
- ألنقل آلأعمى للتكنولوجيا من آلغرب, من دون معرفة أوّليات و أسس تلك آلتكنولوجيا, ممّا أدّى إلى إبقاء ألتبعية و آلأعتماد على آلغرب في كلّ صغيرةٍ و كبيرةٍ في تلك التكنولوجيا ألمستوردة, و عدم ألأعتماد على آلنفس و على آلأمكانات و آلطاقات ألذاتية .. ممّا أفقدت شعوبنا فرصة آلتطور و آلتقدم ألحقيقي.
و لولا ثروة آلنفط ألتي يعتاش عليها آلجميع كآلحكومات الخليجية و شمال أفريقيا, لكان حال دولنا أسوء بكثير من حال آلشعوب آلهندية أو آلباكستانية أو آلشعوب آلأفريقية ألمغلوبة على أمرها!
و بالنظر للأسباب و آلعلل آلآنفة .. علينا أنْ نُفكّرَ و نتأمّل بِجدٍ بما سيؤول إليه مصيرنا و مصير أبنائنا و آلأجيال آلقادمة فيما لو بقينا على هذا الوضع المأساوي المؤلم جدّاً خصوصاً لو نَضَبَ آلنفط بعد أربعة عقود من آلآن مع بقاء الهيمنة الغربية علينا؟
 
لذلك يتوجّب علينا إختيار ألنظام ألأسلامي ألذي قرّره الباري تعالى بدل الدساتير الوضعية لإحيائنا و نجاتنا في الدارين, ( يا أيّها آلذين آمنوا إستجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يُحييكم ...)(5).
 
و إنّ ألوليّ ألفقيه هو الذي يحمل آليوم راية الأسلام ضد المستغليين و المستكبرين لنشر العدالة و الحرية و المساواة في كل العالم.
 
لكن من هو ولي ألفقيه في العراق ألجديد؟
 
ألجواب: لا يختلف أصحاب ألتأريخ و آلنظر و آلخلق ألكريم من المؤمنين ألرّساليين العراقيين و العرب بأنّ آلسيد محمود الهاشمي ألشاهرودي هو آلمرشح لهذا المنصب لأعتبارات عديدة تميّز بها هذا الفقيه الفيلسوف لكونه وارث علم الفيلسوف الفقيه محمد باقر الصدر(قدس), و لكونه قائد مسيرة المعارضة العراقية بعد إستشهاد أستاذه على يد الزمرة البعثية الجاهلية عام1980م و ثاني أكبر شخصية علمية و فقهية و إدارية في الأمة الأسلامية قاطبةً بعد قائد الثورة الأسلامية في إيران آية الله السيد الخامنئي(دام ظلّه), هذا إذا لم يكن قد تعدّاه في بعض الأختصاصات العلمية في الفقه و آلأصول, و هذا الموضوع يحتاج إلى حلقة منفصلة كي يتوضح هذا الأمر ألأهمّ للغافلين و لتُجّار السياسة ألمجرمين ألذين دمّروا العراق و العراقيين, فالأسلاميّون لا خلاف بينهم حول كفاءة و قيادة هذا العالم ألرّباني الكبير و ألذي بقيادته سَنَتّقي إن شاء الله كلّ الفتن و الفساد و الأرهاب و سننعم بحياة كريمة عزيزة كما هو حال الشعب الأيراني المسلم الذي يقف بصلابة إيمانه ونباهة و شجاعة قائده و قدرات أبنائه ضد كلّ الأطماع ألأستكباريّة و آلمؤآمرات ألعالميّة.
و إنّه لا مُستقبل لنا إلّاّ مَعَ الأسلام ألمُحَمّدي ألأصيل تحت إشراف و قيادة أهل العلم و الأخلاق و التقوى, و لا حولَ و لا قوّة إلّا بالله آلعليّ آلعظيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ألمنجد في اللغة و الاعلام, دار آلمشرق بيروت, ص102, ط26.
(2) يعتبر ألمهندس مهدي بازركان أحد أهمّ ألشخصيات ألبارزة ألتي قادت حركة المعارضة ضد الشاه منذ خمسينيّات ألقرن ألماضي, فقد أسّس "حركة تحرير إيران", و كانت أوّل حركة شيعيّة في آلعالم ألأسلامي بعد آلحركات ألثورية ألمسلحة التي إنبثقتْ بقيادة ألمجاهدين و العلماء كآلميرزا كوجك خان, ثم حركة ألسيد نَوّاب صفوي و غيرها, و بسبب إبتعاد ألمهندس بازركان و أقرانهِ عن مسار ولاية الفقيه لذلك لم يتركوا أثراً كبيراً في مسار الثورة آلأسلامية, سوى تسلّمه لرئاسة أول حكومة إسلامية مؤقته بعد نجاح الثورة الاسلامية عام 1979م.
(3) ألمصدر:
(4) نفس ألمصدر ألسابق.
(5) ألأنفال / 24.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عزيز الخزرجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/02/12



كتابة تعليق لموضوع : ألسياسة و آلأخلاق .. مَنْ يَحكُم مَنْ!؟ القسم ألخامس
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net