ولادة فخر الكائنات وكلمة السيد أحمد الصافي بالجمعة المباركة
صباح محسن كاظم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ولادة النبي الأعظم.. الخاتم الأكرم.. المعصوم المؤيد.. المنصور المسدد.. أبو القاسم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) منتهى الكمال البشري ،والنموذج الإنساني الأسمى ،والأطهر، والأقدس، حتى وصفة القرآن بـ ( أنك لعلى خلق عظيم ) . إن المقامات العالية التي تكاملت فيها شخصية نبينا الأعظم، حسن وعلو المنزلة، والمكانة الرفيعة، تجسدت في سلوك الخاتم كما قالت: زوجته عائشة كان خلقه القرآن إن الأستعدادات الفطرية، في شخصيته قبل الرسالة بما وصف من أمانة، وصدق الحديث، وصفاء، ونقاء السريرة ،أهلته لحمل أسمى رسالة سماوية، ونزول أقدس الكتب السماوية عليه، فقد كانت الوثنية ،والصنمية، والشركية ،هي الإعتقادات السائدة كالأوثان في الجزيرة ،والنار في فارس ،والصليب عند الروم، والأنسانية غارقة في الظلام، وفي هذا المفصل التاريخي تأتي ولادة الرسول الأعظم حيث خمدت نيران فارس، وسقطت شرفات قصر كسرى، ونكست الأصنام، وأطل فجر التوحيد وأنعتاق الإنسان بالتوجه الى خالق الكون وموجدة . إن ولادة الرسول الأعظم جاءت من أجل مسيرة التوحيد لأبو الأنبياء إبراهيم الخليل ومن أجل هداية الإنسانية لجادت الحق , لقد أرسل نبينا الأكرم الى البادية فأرضعته حليمة السعدية وعند بلوغه السادسة من عمرة الشريف رافق أمة آمنة في سفرها الى يثرب وعند الرجوع توفيت آمنة في ( الأبواء ) وتركته يتيم الأبوين وفي الثامنة توفي عبد المطلب جد النبي وكفيله، وترك كفالته الى أبي طاب عمه وكان بمثابة والده لحبه الشديد له، ورعايته وكان يصطحبه في تجارته الى اليمن والشام وفي إحدى رحلاته للشام، مر على صومعه فيها راهب أسمه ( بحيرا ) فأخبر: بأنه نبي أخر الزمان فأعجب به من كان في القافلة وقص على الناس تلك السفرة فأشتهر أمرة بعد تلك الحادثة ثم أخذت عظمة النبي ( صلى الله علية وآله وسلم )تزداد وتنتشر بعدما هدم السيل بنيان الكعبة الشريف فأختلف رؤساء القبائل حول وضع الحجر الأسود في مكانة فقالوا : نحتكم لمن يدخل علينا أولاً من هذا الباب فأطل النبي بطلة الشريفة فقال أحدهم هذا الأمين قد رضينا به حكماً , فأمر النبي محمد ( صلى الله علية وآله وسلم ) بأن يؤتى بثوب وتناول الحجر بيديه الشرفيتين ووضعه على الثوب ثم أمرة بأن يأخذ كل رئيس قبيلة بطرف منة ثم رفع الحجر ووضعه في المكان المخصص له فحفظ حقوق القبائل ثم بدأ دور النبي بالتجارة مع كفيلة أبي طالب وكانت خديجة ذات تجارة كبيرة ورغبت بالزواج منة وهو في الخامسة والعشرين من عمرة كان العالم في تلك المرحلة المظلمة في أمس الحاجة إلى نبي لهداية البشر ودعوتهم لدين الحق لذا كان المصطفى يمثل العودة للديانة التوحيدية الإبراهيمية , النبي (صلى الله علية وآله وسلم ) رمزاً للأخلاق والعفاف والموحد والذوبان في الحب الإلهي والإخلاص للعقيدة من أجل إنقاذ الإنسانية من العنف والفساد والرذيلة والشر فجاءت شخصية نموذجية في طرحها الفكري والتربوي والأخلاقي وثورة جذرية في القيم النبيلة وقيم الطهر والفضيلة ورد على كل مفاهيم الجهل والضلالة والفساد والرذيلة وعبادة الشهوات فنسفت تلك المنظومة بقيم الحب للمرأة ومكانته الطبيعية ومكانتها الطبيعية فكانت توؤد وتهان كرامتها أما الطرح النبوي الشريف، بأن أوصى أحد الأعراب والأمة بأسرها والإنسانية جمعاء قائلا : (براً أمك ثم أمك ثم أباك ) , ( والجنة تحت أقدام الأمهات ) ثم قام بالبناء الأسري على أساس الأحترام وقدسية العلاقة الروحية ،والعلاقة بين الأبناء في بر الوالدين، كما ورد في القرآن الكريم ( وقضى ربك ألا تعبدوا ألا آياة وبالوالدين إحسانا ) والمسؤولية الجماعية (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) وكان يوصي المجتمع على حب القرآن وتلاوته ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) وطلب العلم والتعلم ( أطلب العلم من المهد إلى اللحد ) إن النقلة الحضارية التي أسسها النبي محمد ( صلى الله علية وآله وسلم ) في ثلاث وعشرون سنة نقلت الأمة من الجهل إلى النور...وتحمل العناء والعنت والصلف من قريش واليهود وقرروا قتله،فهاجر المصطفى من مكة الى المدينة مع صديقه ابو بكر الصديق تاركا أمير المؤمنين ليبيت في فراشه، ونزلت الاية بحقه(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله)..واستمر الخاتم بتأسيس كيان الدولة بوضع الدستور دستور المدينة وبناء المسجد والمؤاخاة..ان الهجرة فيها دروس وعبر ..فالارض التي تلقى فيها الاستبداد والعنف والوحشية تمنحك حق الهجرة للحفاظ على النفس والدين.... واستمر الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله)بالعلم والأيمان والأنطلاق لحمل هذه الرسالة التي وصلت إلى كل بقاع الأرض لأنها تمثل العدل والحرية والسلام وحقوق الإنسان لشمولية التشريع الإسلامي وتكامل أطروحته في كل أبعاد الحياة الروحية والأجتماعية والأقتصادية ولربطها الإنسان بالعمل الدنيوي والأخروي , إن الأصطفاء الإلهي للرسول الأعظم وأختياره كخاتم الأنبياء ورد في القرآن الكريم ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) , ( لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة إن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) , إن النبي العربي القرشي الهاشمي الذي بعث لإتمام مكارم الأخلاق وهداية الإنسانية وإنقاذها ويعترف بهذا الفضل مختلف الكتاب والمفكرين من كل الأديان والطوائف والمعتقدات فمثلا يقول الكاتب الساخر برناتشو لو خرج محمد الآن لحل جميع مشاكل الأمم المتحدة وهو يرتشف فنجان قهوته.... وقد وضع مجموعة من الكتاب المفكرين والنصارىأسمة على لائحة أفضل (100 ) شخصية في تاريخ البشرية أن الأخلاق المحمدية التي صدح بها القران الكريم مثالية وفي منتهى الكمالات والنفسية . ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيزا علية ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) كذلك جاءت الشواهد القرآنية والنصوص بخلقه الرفيع ( قيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لأنفظوا من حولك ) .
إن التربية الروحية التي أسس لها المصطفى اخلاقيه سلميه لا تؤمن بالعنف والدماء سا تحت لوائها ثلة من الأصحاب النجباء فأصبحوا رموزا للإنسانية كـ ( عمار بن ياسر- وأبي ذر الغفاري- والمقداد- وأصحاب بدر ) وغزوات المسلمين الأخرى للجهاد في سبيل نشر الإسلام وفضائله، وحين تمسك المسلمون بدينهم فتحوا العالم ونشروا قيم الحق وحين تخلوا عن تعاليم دينهم أصبحوا طعاما لكل شذاذ أفاق من المستكبرين والطواغيت فعندما تركوا وصية القرآن ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنة فانتهوا ) دخلوا في الأنحطاط الحضاري ودب الضعف في أوصالهم وتقطع الجسد إلى أجزاء متناحرة ورغم كثرتهم العددية فتشير الأحصاءات الى وصول عدد المسلمين إلى أكثر من مليار ونص مسلم لكنهم غثاء كغثاء السيل وتتداعى عليهم الأمم من كل حدب وصوب .
إن التمسك بالسنة النبوية المطهرة ،التي هي أقوال، وأفعال، وتقريرات ،الحبيب الخاتم المعصوم... يؤدي إلى جادة الصواب والحق وكلما تبتعد عن سنته ومنهجه تسحق وتتجزأ وتندحر وهذا ما يتمناه أعدائها ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) لقد أكد المصطفى على سداد وصلاح ونجاة المسلمين بوصيته في غدير خم في حجة الوداع وبعد نزول آية التبليغ (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما لغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين)) فأطمئن الرسول الاعظم بذلك الامر وبلغها للمسلمين ولما اخذ البيعة للامام علي (عليه السلام ) نزلت الاية الشريفة (( اليوم اكملت لكم دينكم وأتتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الأسلام دينا))
حتى أن أصحاب السير والتاريخ يقولون:ان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض)قال:بخ لك بخ لك أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة...وهنئه جميع الصحابة بتتويجه وصي الرسول الاعظم...وحينما ولي الخليفة ابو بكر الصديق(رض)قال:وليت عليكم ولست بأفضلكم وأخيركم..فالجميع يعرف مكانة علي لكن تداعيات السقيفة بعد طلب الجميع بالامرة فالمهاجرين تريد الامير منهم والانصار تريده منهم رشح الخليفة الاول....
إن الولاء والإتباع للقرآن والسنة المطهرة كقدوة للمسلمين سبيل حيوية الامة وبقائها في ظل العولمة والغزو الفكري الثقافي واطروحات صراع الحضارات وصدامها ونهاية التاريخ والتفوق الغربي والتغريب والذيلية والتبعية للاخر وتجاوز تراث الامة ورموزها وعقيدتها يؤدي الى الاستلاب الحضاري أما صيرورة النهوض والسنن التاريخية هي من خلال تغير الواقع من الذات الى الواقع الاجتماعي من خلال ربط المجتمع بقيمه فالثوابت القيم القرآنية والمحمدية والعلوية والحسينية ..فالامام الحسين عبق النبوة وأريجها الذي يقول:بحقه جده المصطفى الحسن والحسين امامان قاما وان قعدا..كلنا سفن النجاة وسفينة ولدي الحسين أوسع .....الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا...وفي أحد الايام دمعت عينا النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فسألته زوجته أم المؤمنين أم سلمه لم يارسول الله فقال:نزل جبرائيل بقبضة تراب قال:فيهذه الارض كربلاء يستشهد ولدك هذا....فدفعه بقارورة الى ام سلمة وقال:اذا تحول دما عبيطا حين خروج الحسين من مكة قولي ولدي الحسين استشهد.... ان ما ذكره ابن عباس قال:ربع القرآن الكريم نزل بحق أهل البيت(سلام الله عليهم أجمعين) فما على الامة الا التمسك بالعترة الطاهرة في كل عصر وعدم الابتعاد عن مثلهم ومبادئهم وسيرتهم العطرة للأنسانية جمعاء،إن الإرهاب التكفيري السلفي حاول من خلال الرعب والقتل والعنف والذبح تشويه صورة النبي العظيم بالادعاء من يقتل 4 من أتباع أهل البيت يتغدى مع النبي ويتزوج 77 من الحوريات،تباً للعقول الكهفية الوهابية وهي تقتل أبناء شعبنا كما حصدت الابرياء في بغداد والموصل والبصرة وكربلاء والنجف وكل شبر بأرض العراق وآخرها مجزرة البطحاء لزوار الامام الحسين بأربعينيته ؛إن محبة المصطفى تعني محبة المرتضى ومحبة المرتضى تعني محبة أبنائه المعصومين والإيمان بالمصفى الإيمان بالموعود الذي سيقيم دولة العدل الالهي ..فتهنئتنا للإنسانية جمعاء وللمسلمين بولادة النور ولادة الخاتم ولادة حبيبنا محمد - صلى الله عليه وآله- وصحبه الأبرار من الأولين والآخرين وكل من نهج هذا الطريق المحمدي الأصيل.
وفي إفتتاح مهرجان ربيع الرسالة الذي حضره نخبة من الأكاديميين من شتى بقاع العالم كساحل العاج،والسودان،والمغرب،ومصر في الاحتفاء الذي أقيم في الحضرة الحسينية المقدسة قال السيد أحمد الصافي إن ولادة فخر الكائنات لها دلالات تاريخية وإجتماعية وعقائدية ينبغي على الأمة إستلهام الدروس والعبر من تلك الولادة المشرفة،وإمتداد النبوة الإمامة بالمضي على درب التوحيد والإخلاص للقرآن والرسالة الاسلامية فعدل القرآن هم العترة الطاهرة الأئمة الاثني عشر الذين بقائمهم ستتحقق دولة العدل الالهي والتي هي حلم جميع الرسل والانبياء،وتطرق العلامة السيد أحمد الصافي الى دور الإعلام الجاد والهادف بتعريف الأمة بجوهر النبوة والإمامة من أجل التمهيد لليوم الموعود،وكعادة السيد الصافي في الغوص بالتحليل العلمي والأدلة التأريخية لربط محاور بحثه العلمي في صلاةالجمعة المباركة التي تقام بالعتبة الحسينية المباركة لطالما ينشد إلى وحدة الهدف الإسلامي بالإلتفات إلى مفاهيم القرآن وتطبيق المباديء والقيم والإطروحة الإلهية بإحقاق الحق وإنصاف المظلومين... ،
وقد أقيم مهرجان الأكاديميين الذي ناقش بشكل مركز ببعض بحوثه الجادة والهادفة كبحث الدكتور أمجد حميد، والدكتور منعم الشويلي والدكتور نوري كاظم والبحوث المهمة الأخرى كبحوث المستبصرين من السودان و ساحل العاج والمغرب,,, والتي ناقشت بجدية وقصدية تطوير الخطاب الإسلامي وأدواته بزمن المعلوماتيه والتواصل الحضاري والاعلامي.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
صباح محسن كاظم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat