صفحة الكاتب : جميل عوده

وزيرة المرأة امرأة شجاعة
جميل عوده

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كانت الرؤى والأفكار التي تطرحها الدكتورة ابتهال الزيدي في المحافل الوطنية والدولية بشأن رؤيتها لمستقبل المرأة العراقية، والانجازات والمشروعات التي حققتها فترة توليها منصب وزير الدولة لشؤون المرأة هي التي أثارت حفيظة تلك الشخصيات والمؤسسات النسوية الداعية إلى الانحلال والتفسخ المجتمعي تحت يافطة (الحرية الشخصية) والتي هي - بلا شك - حرية مقدسة في حدودها الإنسانية والمجتمعية.
 هناء أدوار ومنظمات نسوية ممولة من قبلها، وقنوات فضائية كـ(العربية) وأحزاب (علمانية) تدعي (حرية المرأة) وقوى سياسية ضالعة في صنع الأزمات هي وراء حرب مفبركة ضد وزيرة المرأة الدكتورة ابتهال الزيدي، والأسباب لا تعد ولا تحصى، أولها رغبة السيدة هناء أدوار أن تكون في يوم ما قائدة أو وزيرة للمرأة، وثانيها أن بعض المنظمات النسوية (العلمانية) لا تريد للسيدة الزيدي أن تنشر قيم التدين في مجتمعنا النسوي باعتبارها امرأة متدينة تمثل شريحة اجتماعية عريضة من النسوة العراقيات اللواتي يؤمن بالقيم الإسلامية ورؤية الإسلام للمرأة المسلمة، ورابعها أن القنوات الفضائية كالعربية لا تريد للمرأة العراقية أن ترتقي بإنسانيتها من خلال المحافظة على قيمها وأخلاقها وشرفها وعفتها.. بل تريد أن تتحدث عن المرأة العراقية كامرأة أمية مسلوبة الإرادة، أو كامرأة مغنية وراقصة تباع وتشترى بثمن بخس، وخامسها أن الأحزاب السياسية (المعارضة) وجدتها فرصة ثمينة لمناهضة كتلة دولة القانون الكتلة السياسية التي رشحت السيدة الزيدي لوزارة المرأة، والأعجب من ذلك أن يذهب بعضهن إلى أن سياسية وزيرة المرأة هي سياسية مفروضة عليها من قبل دولة جارة للعراق وتقصد (إيران) وهلم جرا...
أمام هذه الحملات الدعائية المدروسة بعناية، علينا أن نؤكد أن العراق ليس دولة دينية كما أنه ليس دولة علمانية بمعنى رفض التدين المجتمعي ومحاربته، بل نحن نسعى جميعا إلى إقامة دولة مدنية تتعايش فيها الأفكار والاتجاهات كما تتعايش فيها الأديان والمذاهب والقوميات، وبالتالي ليس من حق أحد أن يفرض أفكاره ومعتقداته على الآخرين، بل للجميع أن يعبروا عن انتماءاتهم الفكرية في حدود احترام أفكار ومشاعر الذين يعيشون معهم. هذا كله على مستوى الحرية الشخصية للمواطنين وهي حرية مكفولة بموجب الدستور والقوانين.
    أما على مستوى العلاقات الاجتماعية للمواطنين في الأماكن العامة أو في المؤسسات الحكومية فان الجميع ملزمون باحترام القوانين والتعليمات التي تفرضها تلك المؤسسات بغض النظر عن قبولنا لتلك الأنظمة أو رفضنا لها، لان المسألة ليست كيفية نختار منها ما نريد ونرفض ما لا نريد.
    وبالتالي، فان للمؤسسات الحكومية أن تشرع القوانين والأنظمة والتعليمات التي تراها مناسبة للمحافظة على أجواء الوظيفة العامة والسلوك الوظيفي، سواء ما يتعلق بأداء الموظفين لمسؤولياتهم، أو ما يتعلق بذواتهم أثناء تواجدهم في المؤسسة الحكومية، فكما أن الدولة مسئولة عن حماية الموظفين رجالا ونساءا أثناء أدائهم الوظيفة العامة فأنها أيضا مسئولة عن سلوكهم الوظيفي في أوقات الدوام الرسمي، أما مع نهاية الدوام الرسمي فللموظفين أن يفعلوا ما يشاءوا وليس من حق دوائرهم أن تملي عليهم ما يجب أن يقوموا به خارج أوقات الدوام الرسمي.
      ومع ذلك، فلم نجد ما يسيء إلى المرأة العراقية - أيا كان ميولها- في التوصيات التي أقرّتها "اللجنة العليا للنهوض بالمرأة" التي ترأسها الدكتورة ابتهال الزيدي، بل جاءت هذه التوصيات لتنظيم علاقات العمل الحكومية وفق القوانين والأنظمة المعمول بها، وهو نظام عالمي مهني تعمل به الدول والمؤسسات الدولية جميعا حفاظا على السلوك الوظيفي العام.
     وقد أتخذ مجلس الوزراء العراقي -من ذي قبل- قراراً مماثلاً يحدد زياً رسمياً للموظفين من الجنسين وفرض على الرجال ارتداء البدلة وربطة العنق وضرورة اختيار قمصان من النوع الرسمي مع البدلات، كما طالب الموظفات بملابس خاصة ورسمية وألوان عملية محددة. ولم تكون هذه التعليمات تهدف إلى الحد من الحرية الشخصية بقدر التحرك لاحتواء ظاهرة ارتداء الملابس والحلي غير المناسبة للدوام الرسمي.
   نعم، نحن مع الحرية الشخصية للمرأة والرجل على حد سواء، كما نحن مع احترام النظام العام والقوانين والأنظمة التي تؤسس لمجتمع مدني ملتزم، ولا يجب أن ننساق مع بعض من يدعي (الحرية الشخصية) للمرأة للمسلمة تنصيرا أو تهويدا من أجل سحق كرامتها وشرفها، وهي - دون شك - مقدسات لا يمكن السماح لكائن من كان بالتجاوز عليها .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جميل عوده
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/02/14



كتابة تعليق لموضوع : وزيرة المرأة امرأة شجاعة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net