صفحة الكاتب : د . ميثاق بيات الضيفي

مشرحة الخوف !!!
د . ميثاق بيات الضيفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

" بالخوف من الموت... تحارب الكورونا !!! "

الخوف هو شعور يمر به كل شخص مرارًا وتكرارا في حياته، ومن جميع الأعمار والقوميات والاديان، والخوف يمكن أن يقتل ويمكن أن ينقذ، والخوف يمكن أن يساعد ويمكن أن يؤدي إلى اليأس، فما هو الخوف؟ بشكل عام إن الخوف المعتدل هو رد فعل طبيعي للشخص تجاه أي موقف حقيقي أو وهمي يهدد قيمه وحياته وهذه القيمة يمكن أن تكون الصحة والسلامة الجسدية والراحة أو غيرها، غير إن التساؤل الأهم يتعلق بماهية أساسيات الخوف؟؟ ومن أين يأتي؟؟؟ إن الشعور بالخوف هو أحد اشتقاقات المجهول وعندما لا نعرف شيئًا أو لا نستطيع التنبؤ به جزئيًا فإن الجهل وعدم اليقين يخيفاننا بشكل كبير، لأن المجهول يمكن أن يخفي خطرًا يهدد القيم لذلك فأن الخوف المعتدل رغم كل الأحاسيس غير السارة التي يقدمها فهو شعور ضروري ورد فعل طبيعي تمامًا تجاه الخطر بتهديد خيالي أو حقيقي تدعمه فينا غريزة قوية للغاية وهي غريزة الحفاظ على الذات.

هل كلا من الخوف والألم على حد سواء؟ لكل من الخوف والألم هدف مشترك وهو الحفاظ على الحياة، والخوف والألم يظهران معًا في كثير من الأحيان فيعطي الألم إشارة إلى وجود خطأ ما في الجسم فيركز جسمنا على استمرار الحياة، ويؤدي الألم وظائف التحذير مما يشير إلى أن هناك شيئًا ما خاطئًا في الجسم وهذا يؤدي في النهاية إلى إنقاذنا في معظم الحالات، وان الخوف لديه وظيفة وقائية مماثلة تجعلنا نتفاعل مع الإجراءات، وهو مثل الألم مصمم لحمايتنا ولجعلنا حذرين ليجب أن نفكر ونعيد البناء ونتخذ بعض القرارات، فيمكننا أن نقول أن كل من الألم والخوف هو مؤشر على الخطر الذي يجب علينا إدراكه واتخاذ التدابير المناسبة للتغلب به على المواقف الخطيرة. وان تحدثنا عن المجهول الذي يكمن وراء الخوف فالمجهول يخيفنا وهذا امرا معروفًا وهو محنة وهمية كما هو الشعور المرتعش للقلب بالقلق والندم، كما انه تهدئة للروح في فكر الشر المستقبلي الذي من المرجح أن يقع علينا، ولكي نعيش حياة طبيعية وكاملة نحتاج إلى حد ما أن نتخيل ما ينتظرنا في المستقبل فيجب أن نكون مستعدين لجميع أنواع المشاكل لمعرفة كيفية التغلب عليها، غير اننا لا نعرف ماذا سيحدث بعد ذلك وإذا كنا لا نعرف بكيفية الرد على التحفيز سينشأ الخوف بسهولة في حالة نقص المعلومات لذلك يمكن القول إن الفكرة والعلم والقدرة على التنبؤ والتنبؤ الدقيق وتحليل الحالة والتفكير المرن تحررنا من المخاوف وكلما كنا نسترشد في المواقف كلما قلت المخاوف.

غير إننا كثيرا خائفين ومن كل شيء نخاف! فلماذا نحن خائفين جدا من بعض الناس؟ ونحن خائفين من أولئك الذين لا نعرف منهم ما يمكن توقعه! ونخاف من الصعود! ومن طلب شيء من شخص مجهول لأننا لا نعرف ما سيخبرنا! ولماذا أيضا نخاف كثيرا من اتخاذ الخيارات واتخاذ القرارات؟ نحن خائفين من اتخاذ القرارات لأننا لسنا متأكدين من أنها صحيحة، ونحن خائفين من الحياة لأننا لا نعرف كيف نعيش بها، والمستقبل يخيفنا لأنه غير معروف، ونحن نخاف حتى حين يقفز أحد غير معروف وبشكل غير متوقع من الزاوية! فهل يمكن القول أنه كلما زاد عدم اليقين زاد الخوف؟ نعم تكون المخاوف أقوى كلما كان الشخص يواجه موقف مجهولاً، والحقيقة هي أن هناك مخاوف وهمية وحقيقية، ويجب أن أقول أنه في بعض الأحيان لا يوجد سبب للخوف من المجهول لكنه ببساطة صورة نمطية ثابتة للسلوك ورود الأفعال.

غالبًا ما تؤدي مخاوفنا التي لا أساس لها والتي تشكلت بخيال غني إلى عواقب وخيمة في الحياة الواقعية لكن هل يمكننا أن نعمل آلية للمخاوف؟ وبذلك سوف يمر الخوف عبر تدرجاته ومستوياته من التشويق إلى القدرة على التنبؤ، وإذا انخفض عدد العوامل غير المعروفة يظهر شعور بالاستقرار والنظام وسوف يقوم الخوف بتوسيع حدوده بمرور الوقت غير إن معرفة طبيعته ستبدد، ومع ذلك فأن هناك حالات يواجهها الشخص في الحياة والتي تسبب له خوفًا كبيرًا مما يتسبب بالارتباك التام وسوء التكيف وانهيار نظام حياته بأكمله، وكثير من الناس ينتابهم شعور الخوف عن عمد حينما يشاهدون ويطالعون اخبار الفايروس كورونا فلماذا يحدث لهم ذلك؟ فهل هو إخراج لخوف داخلي لأجل التغلب على نوع آخر من الخوف عبر توظيف شعور أقوى لقمع شعور أضعف! فإذا كان لدى الشخص مخاوف أساسية فإن التغلب على المفارقة يتم في خوف آخر يساعده على خلق وهم أنه يتعامل مع المخاوف الأساسية، وتلك الرغبة في إثبات لأنفسنا أو للآخرين بانعدام خوفنا عبر عدم ارتداء الكمامات والقفازات هي محاولة فاشلة بعدم حل المخاوف داخل الذات وإنما اظهار ذاتنا للآخرين في أننا لا نخاف من أي شيء، ومن المفارقات أن هؤلاء الأشخاص تكتشف حقيقتهم في المقام الأول كجبناء إذا حدث شيء خطير حقًا، وهنا تكمن المفارقة في الأشخاص الذين يريدون قتل أنفسهم كثيراً ما يقولون إنهم ينظرون بجرأة في وجه الموت، وفي لحظات الصراحة يعترفون بأنهم خائفين ومتمسكين بالعيش، ومن المضحك للغاية أن نسمع من أولئك الذين قرروا الانتحار بأن يقولوا إنهم شجعان للغاية وقادرين على مثل هذا العمل الذي يمكن أن يودي بحياتهم، واقول إنه أمر مضحك لأنهم مثلهم مثل معظم الناس ليس لديهم فقط رهبة الخوف من الموت ولكنهم أيضًا خائفين من الحياة وهو ما لا يمتلكه معظم الناس، ولديهم مخاوف أكثر من الآخرين، وبالخوف من الحياة يحارب الخوف من الموت!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . ميثاق بيات الضيفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/03/23



كتابة تعليق لموضوع : مشرحة الخوف !!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net