صفحة الكاتب : كمال الموسوي

جاسم النويني ودموع امي
كمال الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كنت طفلاً صغيرًا جدًا وانا اقف بين يدي امي وابي وأخوتي الاكبر مني سنًا وهم يقفون في لحظات غروب احدى ليالي السنة ليترقبوا رؤية الهلال ، ولينشروا السواد على جدران المنزل الصغير ويرفعون الرايات السوداء على سطح بيتنا وتبدأ مجالس اللطم والبكاء والعزاء فيه ، لم اكن ادرك ماهي الغاية من هذا الترقب الشديد لذلك الهلال ولماذا كل هذا العزاء..؟

ولا أنسى ابدا منذ ان كنت صغيراً وانا التحف صدر امي او اخر مسترخيا في حجرها وهي تستمع بشغف شديد للشيخ جاسم النويني وهو يرتل " جسام يا ضنوتي" ودموعها التي كانت تمطر كل اجزائي حتى كانت كأنها تحاول اروائي بعشق الحسين ع او محاولة منها لايصال رسالة قد تنفعني يوما ما او حين ادرك الحياة.

ابدا لن أنسى ذلك الأنين الذي كان يخرج من قلبها على شكل حسرات حتى اذا وصل القارئ لقوله " ريت الگبر ضمني گبل ما ضمك" كانت تلطم بكل ما لديها من قوة على صدرها وتصرخ ساعد الله قلبك يا سيدتي يا زينب الحوراء..! لم اكن ادرك حينها من هي زينب بالتحديد وماهي رسالة الحسين ع ولكن فطرة امي وبكائها الشديد كان يشدني لعشق الحسين، لان امي لا تكذب بصدق مشاعرها ابدا، امي اعرفها جيدا امرأة وقورة وكبيرة بالسن وتعرف ماذا تقول.

صوت القارئ كان يشدني اكثر من بكاء امي لنفس الطريق ، ولاني طفل فطن كنت عادة ما اسألها عن جسام ولماذا قتل بهذه الطريقة الوحشية التي يصفها به هذا القارئ، كانت تجيبني على قدر عقلي وعلى قدر ما تمتلكه من عشق لآل محمد ص، حتى اعتقدت ان هذا القارئ لكثرة ما جسد من إيضاح لواقعة الطف، تخيلته قد شارك معهم في كل تفاصيل المعركة، وكنت اعتقد انها قد حلت قبل يومين مع حلول شهر محرم الحرام ، حتى في داخلي كنت الوم ابي حين يجهش بالبكاء لماذا لم يشارك معهم لماذا لم يذهب للدفاع عن الحسين ع ولينقذ " جسام" مِن مقتله ..!

كانت أمي لا تطبخ في ليلة العاشر من محرم الا " الهريس" فقد كانت منذ أولى ساعات صباح تاسوعا تُعد مستلزمات الطبخ وبالأخص ( القدر الكبير) الذي لن يتحرك طيلة ايّام من مكانه الا في هذه الليلة، وكانت شديدة الحرص على الاهتمام بكمية الهريس وكيفية طبخه بطريقة احترافية وتبدء بطهوه طيلة الليلة الحزينة التي ما تنفك عنها الا وهي تستمع مع دموعها ( دولبني زماني بيك اااه يبني) كنت اسمعها تصرخ مع نفسها بكلمة اااااخ يا يمه ، حتى اعتقدت ان جسام هذا احد ابناءها الذي لم تخبرني عنهم..! لكنني اعرف اخوتي الذين أصغرهم انا لم يكن بينهم جسام فلماذا كل هذا العشق ولماذا كل هذا الانصات لهذا القارئ؟!

هكذا ولدنا وتربينا في حجور طابت وطهرت في حب الحسين واله صلوات عليهم


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كمال الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/07



كتابة تعليق لموضوع : جاسم النويني ودموع امي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net