صفحة الكاتب : نايف عبوش

إلتقاط تجليات مشهد اللحظة
نايف عبوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا ريب أن تجليات مشهد اللحظة،غالبا ما تكون فرصة مليئة بالتعابير،ومكتظة بالإيحاءات. لاسيما وان فرصة اللحظة، هي ومضة مشهد تنقدح بسرعة،لكنها سرعان ما تتخامد على عجل، وبالتالي تفوت فرصة الانتفاع من التمتع بها، والتفاعل مع جمالياتها، في اللحظة، ما لم ينثال الوجدان المرهف حسا مباشرا معها ، أو يبادر لتوثيقها صورة، في اللحظة.

وهكذا يلاحظ ان اقتناص لقطة فرصة اللحظة بالعدسة في حضن الطبيعة،بما هي حس وفن، ومهارة، انما تأتي بمثابة استيلاد نص سردي، أو إبداع نظم قصيدة تأمل صامتة،او رسم لوحة بريشة، تعكس بصدق صورة الحال في اللحظة ،وبذلك فأنها تمنح المشاهد المتأمل فيها مليا عندئذ،فرصة قراءتها بإحساس مرهف، نظما،او نثرا، او رسما،او حتى مجرد اندهاش وجداني عابر، تبعا لما تمليه عليه ذائقته، في اللحظة، من مشاعر ،وذلك هو حقا هو ما تثيره في المخيلة، تلك اللقطة من الأيحات الطافحة بالكثير من البواحات.

فعندما يهرب الانسان من مضايقة ضغوطات الحياة اليومية المثقلة بالتراكمات السلبية،ويلجأ الى فضاءات الطبيعة المفتوحة الافاق امامه ، لينفرد في جنباتها بخلوات تأمل وجدانية، يستفرغ من خلالها ارهاصات معاناته المرهقة،كلما سنحت له الفرصة بذلك، لكي يخفف من شدة وطأتها عن كاهله،فيركن الى الاضطجاع على جنبه مسترخيا عند حصى حافة شاطيء النهر، على سبيل المثال ، متكئا على مرفق يده مباشرة، ومن دون وسادة،ليمعن النظر في عناصر افاق الفضاء المبسوطة قبالته، متأملا روعة بهائها،فانه يبدو عندئذ، كأنه يسترجع ذكريات أمسه،من اخاديد ذاكرة، منهكة بإحساس موجع.

وما أن تنساب في مخياله المتعب،تلك الارهاصات المرهفة، متهدجة مع مجرى ماء النهر،ليتركها ترتحل بهدوء مع اسراب النوارس المرتحلة، هي الأخرى، الى ما وراء الشطآن البعيدة، كأنها تريد ان تتساكن هناك في ادغال الاوجاع المتناثرة عند حافات جزر الوجد، والوجع المزمن،بعد أن كانت تحز شغاف قلبه الحاضن لها في لحظة ما قبل تأمله الحالم عند حافة الشاطيء، حيث تنتابه عند ذاك ومضة شعور عارم بنشوة الخلاص، من إرهاصات تلك الأوجاع، ولو للحظات.

ومن هنا تأتي مهارة، وذائقة الإنسان صاحب الحس المرهف، الذي يستكشف بوجدانيته المتدفقة تجليات جماليات الأشياء، التي تتراءى له في اللحظة، فيبادر إلى تسليط عدسته عليها، ويسارع لاقتناص الفرصة بالتقاط صورة لها، قبل أن تتخامد او تتلاشى من أمام ناظريه، فترحل إلى الأبد، ليخسر بذلك، فرصة التقاط ملامح مشهد تلك اللحظة وتوثيقه بالصورة .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نايف عبوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/05/30



كتابة تعليق لموضوع : إلتقاط تجليات مشهد اللحظة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net