صفحة الكاتب : مير ئاكره يي

سلطة إقليم كوردستان ؛ ثالث ترئيس لحفيد آل بارزان !
مير ئاكره يي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لقد عانى الشعب الكوردي في جميع أجزاء كوردستان المحتلة ، وبخاصة في إقليمها الجنوبي منها كل أشكال الاستبداد والدكتاتورية ، التمييز والعنصرية والتفرقة والمظالم الاجتماعية ، الكبت السياسي والاجتماعي ومصادرة الحريات في التعبير والنقد والمعارضة ، القتل الجماعي والاعدامات والاغتيالات والاحتلال من قِبَلِ أنظمة وحكومات معادية للعدالة والانسانية .
وبما ان هذه السمات السلبية والسقيمة موجودة في غالبية الأنظمة العربية وطاغية على ممارساتها في السياسة والحكم والأمن والاجتماع ، فإنها لأجل هذه العوامل لم تفشل فشلا ذريعا في تطبيق الحكم العادل والصالح في بلدانها وحسب ، بل انها أوقعت شعوبها وبلدانها في مستنقعات التخلف والتقهقر والفقر في مجالات الحكم والسياسة ، وفي مجالات الإدراة والاقتصاد والصحة والزراعة والتكنولوجيا وغيرها ! . 
ولو ان الأسس السياسية للأنظمة العربية وحكوماتها كانت قد إنبنت منذ مايسمى بعهد الاستقلال قبل نحو قرن من الزمان لَمَا إضطرت الشعوب العربية في تونس ومصر ، وفي ليبيا وسوريا ، وفي البحرين واليمن وغيرها الى القيام بالثورات العارمة على قادتهم المستبدين وحكوماتهم الاستبدادية علّه يتمكنون من تأسيس أنظمة صالحة تقوم على قواعد العدالة الاجتماعية والديمقراطية . هذا ناهيك عما قدمته الشعوب العربية لحد الآن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والعوقين ، مضافا الأضرار والخسائر الكبيرة والهائلة الأخرى  ! . 
إذن ، بعد كل هذه التجارب المأساوية والكارثية ، وبعد كل هذه الحقائق والوقائع المرة والمريرة كان المتوقع من القادة في إقليم جنوب كوردستان أن يؤسسوا نظاما سياسيا مؤسساتيا صلب الأركان والقواعد ، قائما على مباديء العدالة الاجتماعية ومفاهيم الديمقراطية كي يسير سيرا طبيعيا وصحيا الى الأمام . بالحقيقة ان هذه المباديء والمفاهيم للعدالة الاجتماعية والديمقراطية ليس إلاّ شروطا وإشتراطات ومواصفات وخصائص ومعايير أساسية للحكم الشعبي الصالح ، وللحكومة الشعبية الصالحة ، وللحاكم العادل الصالح في نفس الوقت . ومن هذه الشروط والإشتراطات والمعايير الأساسية للحكم والحاكم والحكومة العادلة هي ؛ 
1-/ التداول السلس والسلمي والمنضبط والنزيه والشفاف لرئاسة الدولة ، ولرئاسة الوزراء ، ثم تتبعها بقية المسؤوليات والمناصب الهامة والحساسة والمفصلية في البلد ، ولمدة معلومة ومحددة لاتتجاوز دورتين على الأكثر . 
2-/ التوزيع العادل للثروات الوطنية وتداولها في المجتمع ، وفي أنحاء البلاد كافة . 
3-/ الاستقلال التام للسلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية ، وبخاصة السلطة القضائية حيث هي أعلى سلطة قضائية في البلد . عليه ان السلطة القضائية ينبغي أن تكون مستقلة وغير خاضعة أبدا ، أو متأثرة على الاطلاق بالظاهرة الزعامتية والشخصانية والحزبية والسلطوية والأمنية ، أو غيرها من التأثيرات والمؤثرات التي قد تعوِّق عملها ، أو قد تشل من فاعليتها في تطبيق القانون وتنفيذه بين المواطنين بعدل وعدالة ونزاهة . 
4-/ الحرية التامة للاعلام ، حيث يسمى بالسلطة الرابعة في الأنظمة ذات الصبغة العدالتية والديمقراطية وغيرها من الشروط والمعايير الأساسية التي ينبغي أن تتوفّر عمليا للحكم السياسي في سلطة تتدّعي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية . 
لبالغ الأسى لم يحدث ما توقّعه الشعب الكوردي وما تمناه ، بل حدث العكس ، إذ تم تأسيس سلطة على غير إشتراطات ومعايير ومواصفات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، سواء كان على صعيد النظام السياسي وحكومته ، وسواء كان على صعيد رئاسة الحكومة ، وسواء كان على صعيد الادراة والاقتصاد والثروات الوطنية والقضاء وغيره ، حيث الاستبداد والفشل الاداري والفساد الحكومي والمحسوبية والمنسوبية والحزبية والعشائرية طاغية على كل المرافق والمراكز . ومن أبرز الدلائل الدامغة على ماورد هو قيام سلطة إقليم كوردستان بتنصيب وتعيين السيد نيجيرفان بارزاني للمرة الثالثة لرئاسة مجلس وزراء الاقليم بعد الدكتور برهم صالح الذي قدم إستقالته في الثاني من هذا الشهر من رئاسة الحكومة ! . 
ولأجل هذه الممارسات التي تتناقض مع مباديء العدالة الاجتماعية ومفاهيم الديمقراطية ساد السخط والتذمر والاعتراض في الكثير من مناطق ومدن إقليم كوردستان ، وبخاصة في مدن السليمانية وجمجمال وكلار وسيد صادق وغيرها ، في السابع عشر من شباط من العام الماضي ، وهذا العام الجديد أيضا ، حيث إندلعت في المدن المذكورة مظاهرات إحتجاجية جماهيرية كبرى مناشدة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، وفي ذات الوقت منددة بالاستبداد والمظالم الاجتماعية ! . 
بدلا من أن يستجيب القادة والسلطة في الاقليم لمناشدات الجماهير وتستمع الى إداناتهم وإعتراضاتهم وشكاويهم ، فإنها تصدت للمتظاهرين بالحديد والنار ، وبالقلع والقمع التامين ، فسقط على أثره الكثير من الشهداء والجرحى ، من بينهم أطفال معصومين !! . 
إن العائلة البارزانية الكريمة ، معها العشيرة البارزانية الكريمة هم على الرأس والعين ، ثم أهلا وسهلا بهم وبنضالهم ، لكن ضمن قواعد العدالة والانصاف والمساواة والقانون ، لأنه لاينبغي أن يكون أحدا فوق العدالة والانصاف والمساواة والقانون والمساءلة والإستيضاح ، أو أن يكون له حقوقا إستثنائية ، أو حالات إستثائية ، أو أوامر إستثنائية ، أو مناصب وراثية إستثنائية دائمة ، أو ثروات إستثنائية لاتعد ولاتحصى . وهكذا فإن نفس الكلام ينطبق على الاتحاد الوطني الكوردستاني وقادته ومسؤوليه الذي آستأثروا بالمسؤوليات والثروات الوطنية وآكتنزوها إكتنازا عجيبا من نوعه ! . 
اننا نثمن ونقدر نضالات اليكيتي والبارتي في طريق الثورة الكوردية ، لكن هذا لايبرر على الاطلاق إنشاء سلطة سياسية مستبدة وإحتكارية شبيهة بالسلطات الاستبدادية الاحتكارية الموجوة في العالم العربي ، حيث العرب الآن ، ومنذ أكثر من عام مضى ، وهم في إنتفاضات وثورات شعبية بهدف الاطاحة بها ، لأنه قد بلغ السيل الزبى كما يقول المثل العربي ، ولأن السكين قد وصل الى العظم كما يقول المثل الكوردي !!! . 
أخيرا نطرح هذا التساؤل وهو ؛ هل يتمكن الشعب الكوردي في إقليم جنوب كوردستان ، في فترة منظورة وقياسية أن يحرر سلطته وسيادته وإرادته وثرواته الوطنية التي دُفِعَتْ بها قهرا وجبرا وعنوة في زاوية حرجة وضيقة ، أم انه يطول الى فترات طويلة أخرى - لاقدر الله تعالى - ، حتى تكتمل وتنضج الشروط المجتمعية المؤدية الى ذلك !

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مير ئاكره يي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/02/26



كتابة تعليق لموضوع : سلطة إقليم كوردستان ؛ ثالث ترئيس لحفيد آل بارزان !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net