عدم تنافي الأحكام الشرعية مع الفطرة والعقل  آية الله السيد محمد باقر السيستاني حفظه الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

س: إنَّ هناك حديثاً حول العديد من الأحكام الشرعية على أنّها مخالفةٌ لما أُشير إليه من المبادئ العامّة الفاضلة للتشريع في الدّين، ومن ذلك..
١. جملة من الأحكام التي تتضمن التفريق بين الذكر والأنثى في التشريع، إمّا بشكل عام كالفرق بينهما في الميراث، أوفي الستر والحجاب.
٢. جملة من الأحكام الجزائيّة على الجرائم، حيث تبدو قاسيةً وشديدةً مثل جزاء ارتكاب المُحصَن للفاحشة والسرقة والمحاربة وغيرها.
إلى غير ذلك من الأحكام الواردة في النصوص الشرعية أو فتاوى فقهاء المسلمين، من قبيل تجويز تزويج الولي للقاصر، فما هو مبنى هذه الأحكام وكيف تنسجم مع مباني العدالة؟

ج: ينبغي الانتباه ابتداءً إلى أنَّ هذا الحديث لا يختص بدين الإسلام كما يعلمه المطّلعون على الأديان الأخرى، فكلُّ الأديان تقريباً تشتمل على تشريعات وإرشادات، يتوجه في جملة منها التساؤل عن مدى تطابقها مع القيم الفطرية.
ويطرح التساؤل عن هذه الأحكام في الدين في سياقين:
السياق الأول: سياق التشكيك في أصل حقانيّة الدّين وصدقه، لأنّه لم يتحرّ العدالةَ في تشريعاته رغم تبنّي خطابه لها.
السياق الثاني: توفير فهم أوثق وأمثل للدّين يَسلم من أيّ شيءٍ يخالف الفطرة بشكل بيّن.
والواقع أنَّ التشكيك في حقانية الدّين من منطلق هذه الموارد أمر غير وارد، وذلك انطلاقاً من مبدأ بديهي من خلال النصوص الإسلامية ـ المتمثلة في القرآن الكريم ـ من أنَّ تحرّي القيم الفاضلة والعادلة يمثّل الدستورَ الأساسَ للدّين الممثّل لخُلُق الله سبحانه وصفاته الكريمة، كما يلحظ ذلك في جلّ المنظومة التشريعية الدينية، وهذا أمر يلمسه أي باحث متأمل في نصوص الدّين تأملاً جامعاً حتى إذا لم يكن مؤمناً بالدين، فهو يجد أنَّ هذا الخطاب يسعى في تحرّي العدالة والقيم الأخلاقية في تشريعاته كما يجد أنّه قد خَطا خطواتٍ واسعةً في هذا السبيل، وغيّر كثيراً من التشريعات السائدة في اتجاه العدالة.
وعليه فمن المستحيل أن يكون هناك شيء واضح من الدّين وهو في عين الحال مخالف لإدراك العقل الواضح بشكل عابر للزمان والمكان.
وعليه فإنّ ما تراءى لا محالة لا يخرج عن أحد حالين: 
(١) أن يكون ثبوته عن الدين على الوجه المنافي مع العقل متوهماً.
(٢) أن يكون وضوح مخالفته للعقل متوهماً. 
فما كان مخالفاً مع العقل والفطرة بوضوح ينبغي اعتباره منتفياً عن الدين كذلك، فإن دلّ عليه نص قطعي كان مخرجه أن يُعتَبر من المتغيّر الذي كان ملائماً في حينه وإن دلّ عليه نص غير قطعي في صدوره أو دلالته اقتضى تجديد النظر في أصله فضلاً عن مدى ثباته وتغيره.
ومن الممكن اختلاف نظر الفقهاء في ما هو المَخرَج الملائم مع كلّ موردٍ من هذه الموارد.
وهذا جواب إجمالي على هذه الموارد.

يراجع في تفصيل ذلك سلسلة منهج التثبت في الدين .
✍🏻: السيد محمد باقر السيستاني.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/06/27



كتابة تعليق لموضوع : عدم تنافي الأحكام الشرعية مع الفطرة والعقل  آية الله السيد محمد باقر السيستاني حفظه الله
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net