صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

البسيكولوجيا في نهج البلاغة
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ربما التعامل مع المصطلحات الحديثة يسبب بعض الإرباك في عملية التلقي وهذا سبب رئيسي من أسباب اهمالها دون حساب لأمر يبعد عنا فرصة الكشف عن حيوية الكثير من الموروث الإنساني الثري، ونهج البلاغة من أكثر المواريث إبداعا يتوائم مع مساحة كل مستحدث، والمحتوى البسيكولوجي هو منهج خاص بالشخصيات والمواضيع الكلامية أي إنه يتحرك داخل المنهج التاريخي فيذكر لنا تكوينات افعال لبعض الرموز سلبا أو ايجابا من أجل الإستدلال الوعظي أو التحفيزي بغض النظرعن ارتباطه بمنهج السيرة الذاتية للشخصية، كقوله عليه السلام:(انبئت بسر قد اطلع اليمن، واني والله لأظن ان هؤلاء القوم سيُدالون منكم باجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم، وبمعصيتكم امامكم في الحق وطاعتهم امامهم في الباطل، وبادائهم الامانة الى صاحبهم وخيانتكم، وبصلاحهم في بلادهم وفسادكم، فلو ائتمنت احدكم على قعب لخشيت ان يذهب بعلاقته) اطلع اليمن: بلغها وتمكن فيها وغشيها بجيشه، سيُدالون منكم: ستكون لهم الدولة بدلكم بذلك السبب القوي وهو اجتماع كلمتهم وطاعتهم لصاحبهم، القـُعُب: القدح الضخم .

رغم ان بعض النقاد اختلط عليهم الامر فعدوه ضمن هذه المناهج السيرية ومنهم من رأى انها تعني شيئا من جماليات علم النفس، وحسنات المحتوى البسيكولوجي انه سيكون لنا رأيا داخل المرجع النصي دون الحاجة لما هو خارجي بالبحث عن معلومات تاريخية سياسية واجتماعية متعلقة بحياة الرموز، فهناك نتائج متعلقة بافعال شخصيات كثيرة يذكرها الإمام علي عليه السلام، منها كتابه لمعاوية:(وان البغي والزور يذيعان بالمرء في دينه ودنياه، ويبديان خلله عندما يعيبه وقد علمت انك غير مدرك ما قضي فواته، وقد رام أقوام امرا بغير الحق فتاولوا على الله فاكذبهم، فاحذر يوما يغتبط فيه من احمد عاقبة عمله، ويندم من امكن الشيطان من قياديه فلم يجاذبه) يذيعان بالمرء: يشهرانه ويفضحانه، ماقضى فواته: هو دم عثمان والانتصار له، ومعاوية يعلم انه لايدركه لانقضاء الامر بموت عثمان، فاكذبهم: اولئك الذين فتحوا الفتنة بطلب دم عثمان يريد بهم اصحاب الجمل. وثمة أقوال كشفت عن مساحات نفسية، والتي لابد أن تكشف عن أحداث ووقائع معينة ليستنتج من خلالها لفعل مستقبلي آتٍ ...
كوصيته للامام الحسن عليهما السلام: (واعلم ان امامك عقبة كؤودا، المخف فيها احسن حالا من المثقل، والمبطئ عليها اقبح حالا من المسرع، وان مهبطك بها لامحالة على جنة او على نار، فارتد لنفسك قبل نزولك) كؤودا: صعبة المرتقى، المخف: الذي خفف حمله، والمثقل: بعكسه وهو من اثقل ظهره بالاوزار، فارتد لنفسك: أي ابعث رائدا من طيبات الاعمال توقفك الثقة به على جودة المنزل .
لتمنحنا مثل هذه المكاشفات متعة المتابعة وتبرز فيها تنوعات الأساليب ان تعرض من خلالها مثل هذه الشخصيات والوقائع وهذا يعني لنا ان المحتوى البسيكولوجي يهتم بالمضمونية القصدية سوى أن تكون ذاتية أو موضوعية وذاتية الإمام علي عليه السلام انصهرت في الموضوعية، يقول عليه السلام: (وانما هي نفسي اروضها بالتقوى، لتاتي امنة يوم الخوف الاكبر، وتثبت عل جوانب المزلق، ولو شئت لاهتديت الطريق الى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز، ولكن هيهات ان يغلبني هواي ويقودني جشعي الى تخير الاطعمة، ولعل بالحجاز او اليمامة من لاطمع له بالقرص ولاعهد له بالشبع) اروضها: اذللها، المزلق: موضع ما تخشى الزلة وهو الصراط، لقد كان الامام علي عليه السلام اماما عالي السلطان واسع الامكان فلو اراد التمتع باي اللذائذ شاء لم يمنعه مانع وهو قوله ولو شئت لاهتديت ...الخ، القز: الحرير، الجشع: شدة الحرص ونجد ان هذا المحتوى تشخيصي يكشف الخلل ويحرض على العلاج وهو كمضمون دلالي يتوصل عبر تراكيب سردية تتوافق مع الرؤية القصدية المؤثرة ويسهم قي العملية التوصيلية إذ تشد الإنتباه عن ذكر الشخصيات والأحداث، كقوله عليه السلام في صفة من يتصدى للحكم وليس لذلك باهل: (ان ابغض الخلائق الى الله رجلان: رجل وكله الله الى نفسه فهو جائر عند قصد السبيل مشغوف بكلام بدعة ودعاء ضلالة فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدي من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته، حمال خطايا غيره، رهن بخطيئته) وكله الى نفسه: تركه ونفسه وهو كناية عن ذهابه خلف هواه فيما يعتقد ولايرجع الى حقيقة من الدين ولايهتدي بدليل من الكتاب فهذا جائر عن قصد السبيل وعادل عن جادته .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/07/02



كتابة تعليق لموضوع : البسيكولوجيا في نهج البلاغة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net