صفحة الكاتب : د . حامد العطية

السلفية والديمقراطية والرافضة
د . حامد العطية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 في غياب عصا موسى التي تلقف ما يأفكون لا بد من الاحتكام للعقل، وأول احكام العقل تعريف المصطلحات، السلفية هم الفرقة المعروفة بالاقتداء بالسلف الصالح أي الصحابة والتابعين بإحسان، والرافضة بالحد الأدنى هم منكرو أحقية وأفضلية الصحابيين أبي بكر وعمر بن الخطاب بالخلافة، والحريات أساس النظام الديمقراطي ومن أهمها حرية اختيار القادة السياسيين.

   السلفية يكفرون الرافضة، ويرون تطابق المعتقد بين الرافضة والشيعة المعاصرين، وبالذات فرقة الإماميين أو الإثنى عشريين، والسلفية يقبلون بالديمقراطية، والدليل مشاركتهم في الانتخابات المصرية الأخيرة وفوزهم بالمركز الثاني بين الأحزاب المتنافسة فيها.

   جميع الخلفاء الراشدين في نظر السلفية أحق من غيرهم بالخلافة، وعلى الترتيب الزمني لولايتهم، ويكفي تصفح كتب التاريخ للتأكد بأن رفض واحد أو اكثر من هؤلاء الخلفاء ظاهرة شائعة، ولم تقتصر على الرافضة وفقاً للمفهوم السلفي، وأول الرافضين هم صحابة، فقد شهد اجتماع السقيفة تبايناً حاداً في اختيارات الصحابة، قبل الاتفاق على أبي بكر، واعترض بعض الصحابة الذين لم يحضروا الاجتماع على نتيجته، وهنالك الرافضون لدفع الزكاة للخليفة أبي بكر، وينطوي على انكار لشرعية منصب الخلافة أو لمن شغله حينئذ أو الإثنين، وفي عهد عمر بن الخطاب انشغل الصحابة بالفتوحات ومع ذلك فقد سارع الخليفة لعزل خالد بن الوليد عن قيادة جيش المسلمين لئلا يفتتن الناس به، وما بعد الافتتان غير الاختلاف بين مؤيد لهذا ومعارض أو رافض له، وفي خلافة عثمان تطورت واتسعت حركة رفض الخليفة بين السلف، وارتفعت أصوات الرافضين لخلافة عثمان بالانتقادات العلنية لتصرفاته وقراراته، وطالبه البعض بالتنحي، وانتهت خلافته بمقتله على أيدي الرافضين، وواجه الإمام علي عليه السلام ثلاث جبهات رافضة لخلافته، هم أصحاب الجمل ومعاوية بن ابي سفيان واتباعه والخوارج، وكلهم استخدموا السلاح للتعبير عن رفضهم لخلافته.

    إن تكفير السلفية للرافضة على أساس رفضهم لخلافة أبي بكر وعمر يسري بالضرورة على كل الرافضين لأي من الخلفاء الراشدين، وبالتالي فإن كل المشاركين في قتل عثمان والمتخلفين عن نصرته وكذلك الخوارج ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص واتباعهما وطلحة والزبير وكل من سار وراء الجمل بالنتيجة كفار وفقاً لحكم السلفية بتكفير الرافضة.

   أربعة عشر قرنأ تفصل بين تلك الحقبة المضطربة من تاريخ المسلمين والحاضر، والخلاف ما زال مستمراً، الشيعة يرفضون والسلفية يكفرون، والجديد هو مشاركة السلفية في العملية الانتخابية الديمقراطية، وفي الانتخابات المصرية فاز السلفية بالعشرات من الدوائر الانتخابية وخسروا في المئات منها، وكان للناخبين المصريين موقفان من مرشحي السلفية: القبول أو الرفض، وكل المصوتين لمرشحي الأخوان المسلمين والأحزاب الأخرى المتنافسة هم رافضون للسلفية وفكرها ومن يمثلها اليوم من المصريين، فهل هؤلاء كفار أيضاً؟

    هنالك تناقضان صارخان في موقف السلفية من الروافض، الأول ناجم عن استثناءهم للرافضين لخلافة عثمان والإمام علي عليه السلام، والامتناع عن شمولهم بصفة الروافض وعن تكفيرهم أسوة برافضي خلافة الشيخين، والتناقض الثاني ناتج عن قبولهم بشرعية العملية الديمقراطية وهو اعتراف بحق الآخرين في الرفض، فلا يجوز لهم بالتالي تكفير الرافضة.

4 اذار 2012م


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حامد العطية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/05



كتابة تعليق لموضوع : السلفية والديمقراطية والرافضة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net