صفحة الكاتب : الشيخ مظفر علي الركابي

لماذا القردة والخنازير  وعبادة الطاغوت عقوبة ؟
الشيخ مظفر علي الركابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 أحياناً تُستنسخ بعض الصور لوقائع تاريخية لوجود جهة ما للتشابه ، أو ربما في أكثر من جهة 

فتراها تتكرر بين فترةٍ وأخرى 
لكن المسميات تتغير ، وإلا الطبيعة البشرية هي نفس الطبيعة .
لذلك نرى القرآن الكريم يتحدث عن قصص الأقوام الغابرة لأخذ العبرة منها ، لأن الدنيا نفس الدنيا ، والمناصب نفس المناصب ،
والصراع نفس الصراع بين الخير والشر ، والحق والباطل ، والنزعات الإنسانية نفس النزعات ، وإن اختلفت الثقافات ، وتغيرت العادات أو التقاليد .
فالإنسان هو نفسه الإنسان سوى كان في زمن آدم أم في زماننا
فأول صراع بين الحق والباطل ، والخير والشر كان بين ولدي آدم ( هابيل وقابيل ) 
والذي أدى إلى هذه الجريمة البشعة هي نوازع الشر التي هيمنت على نفسية ( قابيل ) فاقدم على قتل أخيه  ، كما يحدثنا القرآن في تفاصيل تلك الحادثة حيث يقول :{۞ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ  27 لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ 28 إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ :29  فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ   30فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة :[31
وربما يحدثنا القرآن على ما هو أبعد من ذلك ، حيث يبين الصورة النوعية للإنسان ويكشف عن حقيقته في دار الدنيا ، وأنه غداً في ساحة المحشر سوف يُحشر على هذه الصورة . 
وأكثر أمة ذكرها لنا القرآن الكريم ، وكرر ذكرها هي أمة بني إسرائيل وذلك لكثرة ما فيها من تمرد وعناد ومخالفات لأوامر السماء وفيها التلون والتملق والمساومة ، وقلب الحقائق ، والمناورة ، ومحاولة الحصول على المصلحة الذاتية والمؤقتة على حساب الكرامة .
فإذا أردنا نموذج لأغلب الأمراض الاجتماعية فالنموذج الواضح هو بنو اسرائيل .
فنرى قصة نبي الله موسى تتكرر في أكثر من سورة قرآنية لتنقل لنا صورة ما عن هذه الأمة وتسلط الضوء على انحراف هنا، أو سلبية هناك ، ومشهد يعبر عن حقيقة ما . 
وموقف آخر يغوص في أبعاد هذه النفس ليضع اليد على الداء ويشخصه بدقة متناهية .
وبعد ذلك يعطينا الدواء الناجع لذلك المرض . 
 ومن الحقائق التي يذكرها القرآن الكريم عن هذه الأمة  ، هي العقوبة لأصناف منهم بأن جعل عقوبة المسخ على صورة بعض الحيوانات أو كما ذكرنا بالصورة النوعية ، حيث يقول تعالى : {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة : 65]
وكذلك قوله تعالى : {فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [الأعراف : 166]
وقال تعالى : {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة : 60]
والغاية من ذكر وسرد قصص بني إسرائيل هي الحذر من السير على خطاهم فتكون النتيجة نفس النتيجة .
وإن كان أكرم الله هذه الأمة بعدم وجود عقوبة المسخ ، لكن الآية الاخيرة ذكرت ثلاث عقوبات .
العقوبة الأولى : المسخ إلى قردة وقد ذيلت الآية 65 من سورة البقرة ،  والآية الأخرى 166 من سورة الأعراف بوصف القردة أنهم خاسئين . لنكتة تقابل ذلك العناد والعتو .

العقوبة الثانية : المسخ إلى خنزير ولا تحتاج للتذييل لأنه حيوان يفتقر إلى النظافة وهو محتقر . 

العقوبة الثالثة : عبدة الطاغوت 

وهذه العقوبة ليست مسخاً ، لكن قابلة للإستنساخ ، وهذا ما نراه في واقعنا في المشهد العراقي ، فكم ناس تعبد هذه الطواغيت، من رؤوساء أحزاب ورؤساء الكتل ، وكم جربناهم من السقوط إلى الآن مانفعوا هذا الشعب ، وكم قالت المرجعية ( المجرب لا يُجرب ) 
فهؤلاء الذين يعبدون الطواغيت ، أما آن لهم أن يرجعو  إلى القرآن الكريم ليشفيهم من مرضهم هذا، أما آن لهم أن يلتزمو بكلام المرجعية . 
أما آن للقلوب أن تستيقظ من نوم الغفلة .
أما آن للعيون أن ترفع عنها هذه الغشاوة .
أما آن لتلك الأسماع أن تُصغي للموعظة . 
قبل أن يعقبهم الله بعقوبة المسخ القلبي للقردة والخنازير .
فيُختم لهم بسوء العاقبة .
والحمد لله رب العالمين .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ مظفر علي الركابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/11/28



كتابة تعليق لموضوع : لماذا القردة والخنازير  وعبادة الطاغوت عقوبة ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net