صفحة الكاتب : علاء الباشق

الطاعون التلفزيوني
علاء الباشق

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هل يمكن أن يصاب الإنسان بمرض بحيث يكتسب خصائص شخص أخر سواء علم بذلك ام لم يعلم وما هي علاقة المواطن بالبرامج التلفزيونية التي تنقل اليه الأمراض. وهل صحيح أن هنالك برامج أو مسلسلات تنقل الأمراض للمشاهدين ؟؟
ان أي مرض مهما كان يحتاج الى عنصر(ناقل) ليحافظ على ديمومته ويسمى هذا العنصر بالناقلات أي الأجسام التي تنقل هذا المرض مثل البعوض أو بعض أنواع الفطريات والحيوانات مثل القطط التي تنقل داء الأكياس المائية وأمراض أخرى تنقلها الكثير من الكائنات.
 بنفس هذا الأسلوب ولكن بطريقة خبيثة جدا. يتم تصنيع أو تخليق مسلسل أو برنامج تلفزيوني يحتوي على جميع العناصر (الإثارة – الدراما – التشويق – الفائدة المزيفة) ويحتوي على العنصر الأهم بالنسبة للمُصنع الخبيث:
 [ الفيروس الفكري الذي يراد نقله من خلال البرنامج أو المسلسل ] وسوف نطرح أمثلة من ارض الواقع الذي يلامس حياة الناس على هذا الموضوع.
المقصود بالفيروس الفكري بتعبير اخر: هو فكرة سيئة قد تسبب مشاكل اجتماعية أو تشوه معتقدا ما أو تكون بذرة شر قابلة للتطوير واستقبال أفكار فاسدة أخرى لتضاف عليها. مثل التطرف الفكري وقلة الغيرة على الأهل.
 وكمثال على الهسترة الفكرية التي قد تصيب مجتمع جراء تأثره بفلم هو حين ظهر فيلم (التايتينك) وهو فيلم مشهور جدا اثر في المجتمع العراقي والعربي عموما وذلك اثر تشبه الكثير من الشباب ببطل هذا الفلم (جاك) من خلال قصة شعره المفروق من النصف والذي يغطي عيونه ومظهره الخنثوي كما تأثرت الكثير من النساء وخاصة في العاصمة بغداد بقصة شعر البطلة ولون شعرها وحتى بعض تصرفاتها السلبية.
من الملاحظ أن تأثير هذا الفلم لم يأتي اعتباطا وإنما صمم الفلم وفق دراسة نفسية متخصصة في الفرد العربي أُريد به تغيير القيم والمفاهيم العربية الإسلامية في شخصية الفرد مما يؤدي الى تحطيمها في المجتمع وهنالك أمثلة كثيرة على هكذا نماذج. مثل:
(روبي) المسلسل الأرجنتيني و(نور ومهند) المسلسل التركي وهذه المدبلجات التي تمتاز بالطول وبالتعقيد الدرامي وتعدد الشخصيات مع المحافظة على سلم التشويق للمشاهد. مما يزيد بالتالي من اندماج المتلقي بالمسلسل علما أن أبطال هذه المسلسلات هم ليسوا قدوة ولو بأبسط التصرفات فهم شخصيات منتخبة ليتأثر بسلبياتهم الكثير. والإيمان بشخصية البطل حتى وان كانت سلبية ما يؤدي الى تسريب بعض أو عدد من تلك الصفات السلبية الى شخصية المتلقي في العقل الواعي أو اللاواعي ونقل أمراض قمة بالخطورة على مجتمعاتنا مثل (السادية والماسوشية والسدومية والنرجسية. القلق. الرهاب وطبق صفات البعد النفسي في أي شخصية من تلك الأفلام او المسلسلات على قاموس الطب النفسي لتكتشف العجب)، وما الى ذلك من سلسلة أمراض نفسجنسية هي موجه بالذات الى الشخصية العربية التي يشغل الجنس لديها حيزا كبيرا من التفكير.
 وهذا الموضوع هو نقطة ارتكاز لتمرير المشاريع الفكرية على العقل العربي، و لربما يخرج علينا رأي ليقول أن هذه المسلسلات ذات نية طيبة ولكنها من بيئات مختلفة عنا اجتماعيا مما يجعلنا نشك في نواياها. ومن ثم أن الإنسان بطبعة يتأثر بالدراما مهما كانت..؟
 ونقول. لماذا توقيتات عرض هذه المسلسلات مع وقت اجتماع العائلة دائما أي (بالوقت الذهبي) كما يعبر عنه بالمصطلح التلفزيوني.
ولماذا تنتخب هذه المجموعة القيمية المتمثلة بهذا الفلم أو المسلسل لتعرض في وسط منظومة قيم تختلف 100 % عنها.

لماذا ترسم شخصية المرأة الخائنة لأقدس العهود وفق كل الأديان إلا وهو عقد الزواج، لماذا تعرض هذه الشخصية على أنها شخصية محببة ولطيفة وهنالك تبرير منطقي لافعالها المشينة وان الخيانة الزوجية أو العلاقات غير السوية هي شيء عادي جدا بحيث يجمل الفعل القبيح والمستهجن من خلال الشخصية.
 لماذا تطرح علينا شخصية القاتل الطيب الذي يجب أن يقتل ليعيش في 99% من أفلام الاكشن فيتأثر بها الصغار والمراهقون بما ينعكس على تصرفاتهم.
ولماذا هذه المجموعة من الأمراض تغلف بشخصية إنسانية جميلة تجعلنا نحمل صفات المرض من خلال حبنا للشخصية. وهل ظاهرة رواج العاب الاسلحة بين يدي الاطفال في عموم المجتمع العربي والعراقي بالاخص ظاهرة بريئة ليس هنالك اكف خلفها ؟؟؟؟
ثم لماذا لا يستغل تأثر الإنسان الطبيعي في الدراما ليوجه نحو (التطهير) كما يطلق عليه في المصطلح المسرحي والفني أليس هذا هو الهدف الأسمى للسينما والتلفزيون والذي يدرس اكاديميا أي أن تبعد الناس عن لتصرفات السلبية وتقربهم من التصرفات الايجابية وكل ذلك من خلال شخوص المادة الفيلمية.
 وهنالك الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام التي تستوقف كل شخص غيور وواعي لحجم اللعبة التي يبدو إننا نزج في طياتها سواء شعرنا ام لم نشعر.
هل كل هذه الأمور هي عفوية هل تبدو كذلك هل تنفق هوليود ملايين الدورات من اجل أشياء عفوية ويكون الجواب لا طبعا بل من اجل طرح منظومات فكرية من خلال أفلام و إسقاط سياسات دول من خلالها كالحملة (الهوليودية) التي سبقه الإطاحة بالنظام الماضي او الحملة الموجة ضد ايران والتي تصدرها فلم (300) وحملة أمركة أجيال المنطقة والعالم والتي تدخل وفق نظرية العولمة ونظرية النظام العالمي الجديد التي اعلن عنها جورج بوش الاب ابان حرب تحرير الكويت عام1991.
انما هي حرب مبادئ
 وعلى كل حال إن هذا النوع من البرامج يحمل في طياتها لنا طاعون فكري يجب علينا أن نحمي عوائلنا وأنفسنا منه بانتقاء نوع البرامج التي نشاهدها مع عوائلنا وعلينا أن نوسع ثقافة التلفزيون لدينا أي علينا أن نفهم وأهلنا كذلك أن ليس كل ما يعرض على الشاشة صالح بل قد يكون طالحة أكثر ورحم الله من وقى نفسه و أهليه نارا وقودها الفكر والمجتمع...
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء الباشق
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/12



كتابة تعليق لموضوع : الطاعون التلفزيوني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net