صفحة الكاتب : شاكر محمود الكرخي

قراءة في بيان انفصال بدر عن تيار شهيد المحراب
شاكر محمود الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
وأخيراً انفصلت منظمة بدر عن تيار شهيد المحراب 
ان ماحصل يوم الأحد 11/3/2012كان متوقعاً ,,حيث أثبتت الوقائع بعد وفاة السيد عبد العزيز الحكيم (رض) ان الأمانة العامة لمنظمة بدر والمتمثلة بأمينها العام الدائم هادي العامري ومجموعة من القيادات التي زرعها الإيرانيون في جسد المنظمة منذ تأسيسها وهذه القيادات كانت تتحين الفرصة من اجل الانقضاض على مقدرات المنظمة والاستفراد بقراراتها وابتعدت عن الاضواء وانشغلت بقيادة جيش المهدي من وراء الكواليس عندما كان يتبنى نظرية المقاومة ضد الامريكان لكي ينفذوا عمليات لزعزعة الوضع الامني في العراق ولم يكن لهؤلاء الجرأة على الظهور عندما تعرضت المنظمة الى هجمة مضادّة ومن أطراف متعددة استهدفت البدريين ومقراتهم, وراح ضحية ذلك الكثير من المجاهدين المخلصين.
إنّ التحدي الذي واجه السيد عمّار الحكيّم عند تصديه لقيادة المجلس الأعلى كان كبيراً وخاض فيه معركة شرسة لإثبات وجود تيار شهيد المحراب وإعادته الى الواجهة وبالمقابل سعى الايرانيين الى الوقوف بوجه المد الجماهيري المتزايد والذي يؤيد الخطاب السياسي للمجلس الأعلى، لأنهم أدركوا وبما لا يقبل الشك ان عمّار الحكيّم تمرد عليهم ولبس جلبابه الوطني وسوف لن يقبل بلغة الابتزاز أو ابتكار الذرائع لتمرير المشروع الهادف الى بسط نفوذ إيران في المنطقة.
لقد بدأت مرحلة التحدي بالنسبة للسيد عمّار الحكيّم عندما تمردت مجموعة من قيادات المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بعد وفاة السيد عبد العزيز الحكيّم (رض) ، وكان طموحها كبيراً في التصدي لقيادة هذا الكيان الأساسي، ولكنّ صرخات الموالين المدوية والتي امتزجت مع صيحات الويل والثبور لفقدان رائد عملية التغيير بالعراق السيد عبد العزيز الحكيم والتي طالبت باختيار السيد عمّار الحكيّم خلفاً لوالده إيماناً منها بقدرته على قيادة تيار شهيد المحراب، لما يمتلكه من قدرات ومواهب ووضوح في الرؤيا والنظرة البعيدة والواقعية لحقيقة ما يجري في العراق، وإيجاد الحلول الناجعة للخروج من الأزمة وقفت بوجه كل من يريد التسلق على الهرم القيادي لتيار شهيد المحراب .
وبعد تجاوز هذه الازمة ظهرت بوادر الانفصال واضحة وجلية في الخطوات التي كان يخطوها السيّد عمّار الحكيم، والتي كانت تتقاطع مع توجيهات وقناعات هادي العامري الأمين عام الدائم لمنظمة بدر تسبب ذلك في إرباك القاعدة الجماهيريّة وانقسامها على نفسها مما اثر تأثيراً سلبياً على توزيع أصوات الناخبين بشكل صحيح وذهبت جهود وأصوات أتباع تيار شهيد المحراب إلى منافسيهم في الائتلاف الوطني العراقي.
وعندما أصبحت مقاليد الأمور في يد السيّد عمّار الحكيم، تم إعادة النظر في آليات عمل مؤسسات المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وإجراء تغييرات جوهرية لمفاصل العمل وطرق التعامل ضمن مشروع واسع، أطلق عليه ((مشروع التطوير))، ويمكن أنّ يصدق على المشروع تسمية أخرى هي ((إعادة هيكلة مؤسسات المجلس الأعلى))، وتوزيع المهام بشكل يضمن سلامة الاجراء والتركيز على مفاصل التنظيم والتغيير في القيادات الوسطيّة لبث الروح وتغيير الدماء بوجوه جديدة ذات حيويّة تنسجم مع معطيات الواقع السيّاسي والتنظيمي في العراق.
ومشروع التطوير نقل المجلس الأعلى نقلة نوعيّة، وحوله من واجهة سياسيّة كما هو دوره في السابق إلى مؤسسة تنظيميّة تتحرك على الأرض بشكل انسيابي من أجل تعبئة وتنظيم القاعدة الجماهيريّة، وربطها بالقيادة من خلال كوادر وسطيّة ذات وعي سياسي ودراية بمتبنيات المنهج والخطاب السياسي ومشروع الاستراتيجي في بناء الدّولة.
وهنا لاحت بوادر الانفصال حيث لم تلتزم الأمانة العامة لمنظمة بدر بما أجراه السيّد عمّار الحكيم، من تغييرات على جسد مؤسسة المجلس الأعلى وبدأت تتعالى أصوات الذين يدّعون ان منظمة بدر كيان منفصل عن المجلس الأعلى، واتجهت أنظار عرابي هذه النظرية إلى إيران وثقفوا على ان تبعية منظمة بدر لقيادة السيّد الحكيم تحتاج إلى تعيين من ولايّة الفقيه في إيران، من دون تقديم أي تفسير او تبرير لهذه النظرية وانقسمت شورى بدر إلى ثلاث أقسام.. القسم الأوّل: من يؤمن بالنظرية الولائية، والقسم الثاني من يؤمن بأن منظمة بدر منظمة عراقيّة تتبع مرجعية السيد السيستاني وتحترم مرجعية الولي الفقيه في إيران، والقسم الثالث وقفوا على التلّ.
وتوقف عمل الشورى المركزية لمنظمة بدر أكثر من ستة شهور، بعد أن انسحب معظم أعضائها الذين يمثلون القسم الثاني وعُقدت اجتماعات كثيرة لبحث هذا الموضوع بين أقطاب القسمين الأوّل والثاني من أجل الفصل بهذه القضية، إلاّ إنهم وبعد مرور سنتين لم يتوصلوا إلى حلّ القضيّة مع رفض السيّد عمّار الحكيم الشديد لمبدأ ازدواجية القيادة ، وفي نهاية المطاف حسمت المعركة الى أقطاب القسم الأوّل وهو الجناح المدعوم من قبل إيران وعلى الرغم من انهم لم يقدموا دليلاً ملموساً على أنّ لولاية الفقيه دخل في مشروعيّة انفصال منظمة بدر عن قيادة السيّد عمّار الحكيم، إلاّ أنهم يصرون على أنّ هذا القرار هو قرار ولائي يجب الالتزام به.
والتحقيق في هذا للموضوع يفتح ملفات قديمة أُسدل عليها الستار، حيث أنّ نفس أقطاب القسم الأوّل المؤمنين بولاية الفقيه، عندما قررت الولاية قبل سقوط النظام أنّ تكون قيادة بدر تحت أمرة السيّد شهيد المحراب، نفس هؤلاء رفضوا الفكرة وتركوا العمل وتغيبوا عن الأنظار ولم يظهروا إلى الساحة، إلاّ بعد ان انجلت الغبرّة وخرجت القوات الأمريكية من العراق واستقرت الاوضاع نسبياً وزال الخطر عن مقرات منظمة بدر؟، ظهر هؤلاء من اجل مصادرة جهود المخلصين البدريين وإقصائهم وهم مدعومين من قبل جهات إيرانية متنفذة ,, وأصرّ السيّد عمّار الحكيم على مبدأ عراقيّة القرار وعلى موقفه الصلب ورفض كلّ أنواع التبعية وازدواجيّة القيادة وباءت جهود أقطاب القسم الثاني أتباع السيّد الحكيم في الأمانة العامة والشورى المركزية لمنظمة بدر بالفشل وكانت النتيجة ما ظهر على وسائل الإعلام صباح يوم الأحد ( انفصال منظمة بدر عن قيادة وتيار شهيد المحراب ).
والمثير للجدل البيان الذي صدر من اللجنة التنسيقيّة بين المجلس الأعلى ومنظمة بدر والذي يحمل بين طياته التناقض الواضح في معانيه. 
ورد في البيان (وقد عرف شعبنا الكريم ان المجلس وبدر كخط واحد لكل منهما اختصاصات ومهام تختلف عن الآخر, لتلتقي عند وحدة التيار والهدف ..) أقول .. وما الذي اختلف بالقضية كي تعلن الامانة العامة قرار الانفصال، وإذا كانت المؤسستين تعملان في تيار واحد ولهما هدف واحد فلماذا لا تكون لهما قيادة واحدة وهل من المعقول ان يكون للتيار قيادتين مع وحدة الهدف.
وورد في البيان ( لهذا شددّ شهيد المحراب وعزيز العراق على حفظ الخط السياسي الموحد للمؤسستين من جهة والاستقلالية التنظيمية لكلّ منهما في آن واحد من جهة أخرى)، أقول .. وهذا دليل قاطع على ان شهيد المحراب وعزيز العراق شددا على وحدة الخط من خلال وحدة القيادة واختلاف المهام, والقضية التي ركز عليها السيّد عمّار الحكيم في مشروع تطوير المجلس الأعلى هي(وحدة القيادة ووحدة التنظيم وتوزيع المهام وفق الاختصاصات ومساحة العمل).
وورد في البيان ( أما اليوم وبعد التطورات الكبيرة وترسيخ المفاهيم الانتخابيّة والديمقراطيّة وبعد سلسلة من المشاورات والاجتماعات وعلى كافة المستويات، توصل الطرفان إلى التقدم خطوة إضافية وذلك من خلال إعلان استقلاليّة القيادتين أيضاً ليكون الأمر منسجماً كلياً مع استقلالية التنظيمين الكاملة). 
أقول: هل التقدم خطوة إضافيّة في إعلان الاستقلاليّة وفصل منظمة بدر عن تيار شهيد المحراب مفيد في حركة المؤسستين على الأرض خصوصاً وإنهما ينشدان نفس الهدف؟.. وهل التطورات الكبيّرة وترسيخ المفاهيم الانتخابية والديمقراطية تدعوا الى تمزيق وحدة صف المؤسستين من خلال فصل القيادة او ان العكس هو الصحيح ؟؟ ... وهل فعلاً اجريت مشاورات واجتماعات لبحث موضوع الفصل او نفذ ثم ناقش ؟؟ الدلائل تشير الى ان المسألة غير قابلة للنقاش.
وورد في البيان ( ان ما يسعيان إليه بهذا الإجراء هو تمكين الكيانين من القيام بمهامهما بوضوح ومستويات أعلى ). 
أقول: إذا كانت المؤسستين تسعيان الى القيام بمهامهما بوضوح ومسؤوليات اعلى .. هل كان عمل المؤسستين في الفترة الماضية غير واضح ومن مسؤوليات ادنى ؟؟ يبدو ان معنى الوضوح هنا الانصياع الكامل والمعلن لأوامر الايرانيين وتنفيذ اجندتهم في العراق كما هو حال حزب الله لبنان.
وورد في البيان (ان قيادات وكوادر وجماهير المجلس الاعلى ومنظمة بدر قد ارتبطت بدماء شهدائهم العظام وبمبادئ ومفاهيم راسخة في السير على النهج الاسلامي القويم وعلى هدى أئمة اهل البيت وفي خط المرجعية الرشيدة).
اقول: أذا كانت قيادات وكوادر وجماهير المجلس الاعلى ومنظمة بدر ارتبطت بدماء الشهداء وبمبادئ ومفاهيم راسخة في السير على النهج الاسلامي القويم وفي خط المرجعية فلماذا نفك ارتباطها بالقيادة مع العلم ان وحدة القيادة ترسخ وتقوي الارتباط ؟. 
وورد في البيان (ووفق الثوابت الوطنية التي اقرها الدستور .. ) اقول .. هل أقرّ الدستور العراقي التبعية لإيران ؟ وهل من الثوابت الوطنية تلقي الاوامر من خارج الحدود ؟.
ان المفاهيم والمبررات التي طرحت في بيان الانفصال مفاهيم متناقضة ومبررات واهيّة لا تنطلي على جماهير تيار شهيد المحراب وستضع الجماهير الحكيميّة البدريّة أمام تحدي كبير في فهم حقيقة وخلفيات الانفصال والأهداف التي تسعى لها المجموعة التي تريد الانفصال.
ان قوة تيار شهيد المحراب وصموده امام جميع التحديات التي واجهها طيلة فترة تصديه للمواجهة الميدانية قبل وبعد سقوط النظام تكمن في وحدة ورمزية القيادة وشرعيتها وارتباطها الوثيق بالمرجعية الدينية العليا وليس من المعقول الانفصال عن قيادة سياسية واعية ذات ارث ديني واجتماعي معروف الأصول واتباع قيادة لا تتوفر فيها مفردة من مفردات القيادة المثالية.
ان مسؤولية اتباع تيار شهيد المحراب في هذه المرحلة الحساسة من عمر هذا الكيان المجاهد تحتم عليهم الوقوف خلف قيادة واحدة تحمل مشروع تغييري على مختلف الصعد من اجل بناء المنظومة الجماهيرية وبناء المنظومة الحكومية التي تضمن الرفاه لشعبنا المحروم.
رحم الله شهيد المحراب ورحم الله عزيز العراق ورحم الله شهداء الحركة الاسلامي في العراق وفي كل بقاع المعمورة وسيبقى تيار شهيد المحراب موحداً تحت راية السادة آل الحكيم رحم الله الماضين منهم وحفظ الباقين انه نعم المولى ونعم النصير.
12/3/2012

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شاكر محمود الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/12



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في بيان انفصال بدر عن تيار شهيد المحراب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net