صفحة الكاتب : عدنان ابو زيد

الرأسمالية تعانق الاشتراكية في دول الرفاه 
عدنان ابو زيد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أصبح ملفِتا في عصر تلاشي الأيديولوجيات السياسية، انتعاش النقاش مجددّا بين النخب السياسية والاقتصادية الغربية  

حول اليسار واليمين، واشباح الاشتراكية التي تنسلّ الى الرأسماليات الغربية، ووفقًا لمجلة غالوب، يبصر الرأسماليون الديمقراطيون في الغرب الآن إلى الاشتراكية بمنظور أكثر إيجابية، ونجم عن ذلك ارتقاء سياسيين يؤمنون حتى بإبدال الرأسمالية بالاشتراكية، فيما المحافظون يدركون الخطر ويتداركونه برفع شعار "الموت أفضل من الأحمر" وهم في حالة من انفعال فكري، معتبرين انّ من غير الممكن، على سبيل المثال لا الحصر، التعامي عن رؤية نجاحات الرأسمالية، العظيمة، والسير على هدي تجارب مثل فنزويلا الاشتراكية، حيث "يموت الناس جوعًا". 

لا يخلو النقاش حول رواج "الاشتراكية" في المجتمع الرأسمالي من استقطاب لمشاعر الناس على حساب الحقائق الاقتصادية والاجتماعية، ومخرجات التطبيقات الفعلية، طالما ان السياسة تلوي اعناق الحقائق، فالقول ان الرأسمالية قد خذلت الناس وأن الاشتراكية هي الحل، ما هو في الحقيقة الا تبسيط كاريكاتوري للواقع، لا يخلو من ارهاصات سياسية انتهازية، فيما الواقع ان الاقتصادي الغربي واقتصاديات روسيا والصين واليابان، بإنجازاتها العظيمة، ماهي الا مزيج ناجح بين مؤسسات السوق الرأسمالية، والحكومية المركزية، والتجزئة الاشتراكية. 

لعقود عديدة، تساجلت القيم الرأسمالية والاشتراكية على نيل الاعتراف بشهادة "الاصلح" لبناء اقتصاديات الدول، وخلّف 

اليسار واليمين، الكثير من المعارك الأيديولوجية، لكن الحقيقة انّ كل ذلك لم يُبرِز منتصرا، لان الخاتمة كانت للنظام الهجين الذي يزاوج بين الاشتراكية والرأسمالية. 

يحتاج اليسار ووراءه الاشتراكيون، إلى تقدير دور الرأسمالية في تعزيز انتاج الوفرة، وما صاحبه من ترف، فيما يحتاج اليمين إلى الإقرار بالدور الذي لا غنى عنه لشبكات الأمان الاشتراكية والضمان الصحي، في تهدئة مشاعر عدم اليقين بالرأسمالية. 

الاشتراكيون الديمقراطيون الجدد في الولايات المتحدة، مثلا، الذين يترشحون للمناصب لا يطالبون بتأميم الصناعة أو إلغاء الملكية الخاصة، بل يدعون إلى دولة رفاهية معزّزة بشكل كبير بضمانات الضبط الحكومي لمختلف الصناعات.  

فرق كبير بين الديمقراطية الاجتماعية كما في هولندا و الدنمارك أو السويد وبين مثيلاتها في الاقتصاديات الرأسمالية لانها تمارس منهج الحرية الاقتصادية، اذ تتفوق الدنمارك والسويد، -حيث الضرائب مرتفعة والإنفاق الواسع على الرفاهية-، على الولايات المتحدة في أمن حقوق الملكية، وسهولة التأسيس للأعمال، والانفتاح على التجارة، و الحرية النقدية.  

وفي التطبيق الفعلي، فان الضمانات الاشتراكية الناعمة المصحوبة بالابتكار الرأسمالي والمنافسة والكفاءة والتجارة والنمو، تعطي درسا مفيدا عن جدوى الديمقراطيات الاجتماعية في بلدان الشمال الأوروبي. 

إنّ أشدّ أنصار الرأسمالية مثل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ومذهبه التجاري البحت، الذي يؤمّن تدفقًا ثابتًا من الفرص، يدعو أيضا الى الأسواق العادلة ذات القواعد التي لا تجعل الأغنياء يأخذون كل شيء، ويتعلق الأمر بالأقوياء أيضا، ومثلما نجحت تجربة الاقتصاد الهجين بين الاشتراكية والرأسمالية في خلق أسواق أكثر ثراءً، فإنها أيضا جعلت جميع المواطنين، أكثر غنى.  

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدنان ابو زيد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/01/12



كتابة تعليق لموضوع : الرأسمالية تعانق الاشتراكية في دول الرفاه 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net