صفحة الكاتب : د . علاء هادي الحطاب

دور النُخبة
د . علاء هادي الحطاب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 حديثنا هنا عن دور النخبة بعدّها جماعة من الناس، أو فئة قليلة منهم، تحظى بمكانة اجتماعية عالية الشأن وتؤثر في الشرائح الأخرى، وتتمتع بسمات خاصة كالقدرات الفكرية والأدبية، أو الوضع الإداري المتميز والعالي، ما يجعلها ذات هيبة عالية ونفوذ واسع الانتشار. ويستخدم مفهوم النخبة (Elite) في العلوم الاجتماعية للدلالة على الجماعات الاجتماعية المتميزة بخصائصها ومواقعها الاجتماعية والإدارية. لهذا فإن لهذه النخبة – بهذا المعنى- حتماً دور مؤثر في المجتمع سلباً وإيجاباً، فكلما كان دورها إيجابياً إزاء حدث أو موقف معين كلما استطاعت إقناع الناس عامة في إيجابيته، وكذلك الحال إقناعهم بسلبيته إذا كان موقفهم منه سلبياً باعتبار أنهم يملكون وسائل التأثير والإقناع بغيرهم لأنهم يملكون أدوات ذلك. 

للنخبة دورٌ مهم في الدول المتقدمة والأمم الحضارية في قيادة المجتمع ومعالجة الأخطاء والأزمات والمشكلات التي تمر به، وتسعى هذه الأمم إلى وضعهم في مقدمة من يفكر بالمستقبل ويرسم طريقه ويضع ستراتيجياته.
لا نستطيع نفي دور النخبة في العراق وتأثيرها، لكن هذا الدور متأثر إلى حد كبير بالسلوك السياسي للطبقة السياسية ومتأثر كذلك بالطائفية السياسية وتجاذباتها، إذ لم تستطع النخبة أن تُخرج نفسها عن (طوأفة) الحياة في العراق من قبل الطائفيين، كما أنها لم تستطع أن تمثل نداً نوعياً ناقداً بنّاءً للأداء السياسي، تارة بسبب دكتاتورية النظام السياسي قبل 2003، وأخرى بسبب مصالح بعض النخب مع أداءات تلك الطبقة السياسية، وهنا “مربط الفرس”، فكلما كانت النخبة بعيدة عن مصالح السلطة، كلما كان أداؤها منطلقاً من مصلحة عامة تبحث في بناء الدولة والمجتمع، والعكس صحيح إذ كلما كانت مصالح هذه النخبة تقترب مع مصالح السلطة، كلما كان أداؤها متعثراً غير موحد إزاء بناء الدولة وتشكيل دعامات تقدمها. 
الحديث حتماً لا يسري على كل النُخب في العراق، فهناك أكاديميون ومثقفون وأصحاب رأي كنخبة لهم مواقف مهمة إزاء تراجع هذه الأمة ودفعوا أثماناً باهظة سابقاً وحالياً وما زالوا يدفعون. لكن واقع الحال أن تأثيرها بات متراجعاً في السنوات الماضية، تارة بسبب عدم رغبة أصحاب القرار في الاستماع لهم، ما ولد انكفاءهم وانطواءهم على مساحات اشتغالهم فيما بينهم، وأخرى بسبب تراكمات هذا التراجع في بناء الدولة ومؤسساتها وعدم إيجادهم قواسم مشتركة يجتمعون عليها لتقاطع مصالحهم التي ارتبطت بمصالح الأداءات السياسية المتعددة.
وها نحن اليوم بأمسِّ الحاجة إلى تفعيل دور النخب من خلال فسح المجال لهم والاستماع لمشورتهم وتمكينهم من أدوات تأثيرهم في المجتمع، وهذا لن يتم إلا من خلال وجود إرادة سياسية تعي أن استمرار غياب دور النخبة يعني مزيداً من التجهيل و(التثويل) الذي إن خدم بعض المصالح السياسية على مستوى التكتيك، لكنه حتماً يؤدي إلى تراجعات وانهيارات لا يمكن معالجتها على مستوى الستراتيج، كما يقع على هذه النخب، كلٌ بمساحة اشتغاله، أن تعمل على أن تكون مؤثرة في محيطها وأن تتنازل عن محدداتها الشخصية، فكرية كانت أم أيديولوجية أم مذهبية أم قومية أم عرقية أم غيرها في سبيل “صالح عام” يخدم الأمة وتقدمها ويعالج أزماتها. وهنا تكون المسؤولية مشتركة بين الجميع، وننتظر من يبدأ خطوة الألف ميل في هذا الطريق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . علاء هادي الحطاب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/02/02



كتابة تعليق لموضوع : دور النُخبة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net