فلنتركب أخطاءنا كما تشتهي أحلامنا قراءة في مجموعة
سامي البدري

لكي نرتكب أحلامنا الشخصية، الشخصية بمعنى أنها لا تُهم غير جزئنا العصي على الكشف، فعلينا أن نتوضأ بزمزم الشعر؛ أما لكي نرتكب أخطاءنا الذهبية فعلينا أن نغسل العالم عن جلودنا بأحزاننا السرية، التي لا يمكن أن نتحدث بها لغير أنفسنا، في ليالي ضياعنا منا... من أنفسنا.

هل من رابط بين الحلم والخطأ، داخل فصول وأروقة كاتب أديب؟ وفق فهم أن فعل الكتابة الأدبية ارتكاب، نعم.

هل من علاقة تربط بين فعل اجتراح الكلمة ووزر ارتكاب الفكرة؟ نعم، إنه الجدل، جدل بحث الأسباب عن مسبباتها أو بحث فضاء الكتابة عن تشوفاته: تطلع الكاتب أو مخياله لاجتراح المزيد من فعل اللغة الذي يطوح بركائز القناعات ويستبدلها بشكوك السؤال.

لندع الكاتب، وهو هنا كاتب مخصوص (أمجد توفيق) يتلظى على نار فرضياته الأولية،(التي بناها على افتراضات صديقه المتشوق لفعل بناء تاريخه من الأحلام)، ولننظر نحن إلى ما خلف سياج فرضياته، وهذا ما يتيحه لنا فراغه من ارتكابات فعل القص (في مجموعته القصصية الخطأ الذهبي) وتقديمها لنا لننظر فيها وفي ارتكاباتها، لأنها الآن صارت ملكنا، بعد أن نفض يديه وغسلها من (خطيئة ارتكابها).

خلف سياج (أخطائه/أحلامه)، يترك لنا أمجد توفيق إضاءات وصلبان، كمسوغات لإرتاب أخطائه الذهبية، وهي القناعات المترجرجة أو المجتزأة من جلود مرورنا بوادي الأحلام، وهو المشابه لوادي عبقر الشعراء.

هل من وادٍ محدد تأتي منه الأحلام؟ لا أحد يعرف.

هل من سقف يجب أن يحدد لون سماء الأحلام؟

هل يجب أن تمر الأحلام (وأخطائها) على نقاط تفتيش أو فلاتر تنقية؟ وحدهم أصحاب القناعات يقولون نعم!

أما سعيد المسعودي، ومن شاكله من أبطال القصص، فيقولون: الحلم بحيرتنا الدافئة وعلينا السباحة فيها مادام ماءها ساخناً، أما عندما ينقطع عنه الدفء فعلينا أن ندفئه بطرقنا الخاصة أو بذات الطريقة التي يكمل بها، سعيد المسعودي، رؤية فلم سهرته، عندما ينقطع التيار الكهربائي عن تلفزيون صالة استراحته: بتخيل الأحداث المكملة لقصة الفلم وبوضع النهاية التي يحب له، من خياله.

دعونا نبقي الخيط مشدوداً بين ناصية الحكاية ووتد خطأ ارتكابها (الحلم الذي يقودنا إليه مجبرين)، من أجل ملء فراغات الوجود من حولنا، العالم، المعيش اليومي، وأخطاءنا السرية التي لا نطلع عليها أحد (رغم أن بعض النساء لها القدرة على استشفافها، بدفعنا إلى ارتكاب المزيد من الأخطاء الذهبية!)... وأيضاً مرارتنا التي يُعاقب عليها أصحاب القناعات!، فعلى هذا الخيط أن لا يتهدل، لأن تهدله إنما يعني أننا سنصير في مدى الإجابة التي تقتل السؤال، والسؤال هو أداة وفعل التحريك الذي يدرأ عنا موات القناعات المرتجلة أو التي تتعب في منتصف الطريق، ونحن مازلنا في أول مسيرنا باتجاه خطأنا الذهبي... وأول الزمن الذي يحول عنقود العنب إلى نبيذ، بلغة صديق (المنشئ السارد) المغترب.

إذاً لنبقي الخيط مشدوداً من أجل أن نبقى تحت سقف الحلم (الرحيم) (لأنه يوفر للإنسان إعفاءً مطلقاً من كل مسؤولية أو ذنب) كما يقول، راوي أمجد توفيق، لأن (الحلم يطعن المنطق بمنطق مغاير تماماً، قوامه الانتصار على محددات العقل) كما يضيف موضحاً ذات الراوي، وهذا يعني أن الحلم مراح وعراء الرب المفتوح، كحضن امنا الطبيعة، الذي يتيح لنا أن نصرخ ونصرح بما تمنعنا منع قناعات ومحددات كل السلطات في صحو الواقع، إضافة إلى إنه يوفر لنا، نحن الصارخين تحت لجاجة السؤال ونخزه، إعفاءً مطلقاً من كل مسؤولية أو حساب أو عقاب، بعد أن صرنا في زمن (قناعات منتصف الطريق) بما يحمل من قمع وترهيب وتكميم.

إذا هي الحرية من باب الحلم الذي يطعن منطق أصحاب القناعات، بمنطق مغاير ويعيد للعقل عرشه وصولجانه.

هل هذا تحريض على ارتكاب الأخطاء؟

كلا! علينا أن نتساءل أولاً، ومادامت كل حياتنا قد بدأت بخطأ أو فعل غواية، كما يقول الموروث الديني: هل الخطأ طارئ على الحياة أم هو فعل تحريك فيها؟ هل كان للحياة أن تستمر وتتطور لولا كم الأخطاء التي ارتكبنا ومازلنا نرتكب؟ إذا هل نحن هنا لنرتكب الأخطاء...؟ على الأقل من أجل أن نرتكب الاخطاء الذهبية، أي أن نحلم، نحلم كثيراً من أجل أن نرتكب أخطاءنا الذهبية ونطفو على أخطاء أصحاب القناعات المترجرجة أو قناعات منتصف الطريق.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سامي البدري

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/02/06



كتابة تعليق لموضوع : فلنتركب أخطاءنا كما تشتهي أحلامنا قراءة في مجموعة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net