صفحة الكاتب : عبد الكاظم حسن الجابري

تدجين العقول سلاح امريكا الجديد
عبد الكاظم حسن الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تمثل فكرة قلب المفاهيم وتغيير الاوليات نموذج سلوكي للسلطات في تدجين الناس والمجتمعات وقولبتهم بقالب تريده السلطة الحاكم.
تُشرع الانظمة الحاكمة عادة بافتعال احداث معينة, مخيفة تارة وناعمة تارة اخرى, لترويض الناس واشغالهم بأحداث جانبية, والهاءهم عن كل ما يحتاجونه حقيقة وعن كل تطلعاتهم.
فمثلا يعمد النظام الحاكم لافتعال حدث جانبي أو فتنة مجتمعية معينة أو حدث أمني أو تهديد خارجي لتمرير قرار معين لا يقبله الشعب إن كان واعيا.
لقد مارست النظم الدكتاتورية هذا الاسلوب بشكل كبير واختصت البلدان العربية بان يكون لها الصدارة في عملية التدجين.
هذه الفكرة –التدجين- تحولت إلى صورة أوسع وأكبر من خلال النظم العالمية المتحكمة في القرارات الدولية وتَقَوْلَبَ التدجين الدولي –كما اسميه- بقالب العولمة, وصارت برامج تبادل الخبرات والبرامج الثقافية وسيلة مهمة في تحقيق التدجين وتغيير قناعات الافراد والعبث باعتقاداتهم.
تقول الكاتبة ايمان شمس الدين في احد مقالاتها " ولا يخفى على أحد أن تدجين العقل وقولبته في قالب معياري وقيمي مرسوم المعالم ومعروف المألات، هو استراتيجية تكتيكية ضمن مسارات الاستعمار والهيمنة التي تعمل بالتوازي مع القوة العسكرية، بحيث ما تعجز عنه تلك الجهات في تحقيقه على مستوى العسكر يمكنها إنجازه وفتح الطريق أمامها عن طريق الهيمنة على العقل". 

لعبت وسائل الاعلام دورا كبيرا في سلوكيات التدجين, وكان البث الاذاعي رائد هذا الدور, حيث كانت الافكار في عقول الناس تبنى على أساس ما يقوله المذياع, ومع تطور التكنلوجيا ودخول البث الفضائي والانترنيت حيز العمل وابتكار مواقع التواصل الاجتماعي, صار التدجين لعبة متاحة بيد المخططين الدوليين من خلال هذه الادوات التكنلوجية المتطورة.
استخدمت امريكا فكرة التدجين الدولي أو العالمي فصار كل شيء يدور في فلكها, واحاطت امريكا وصايتها على المنظمات العالمية والدولية, فمثلا لا يمكن القبول بدواء إن لم توافق عليه منظمة الأغذية والصحة الامريكية(FDA ), ولا يمكن القبول بخرسانة من الكونكريت ان لم تتم وفقا للكود الامريكي (ACI) .
تحاول امريكا ربط مصير الشعوب بها, وتبرز نفسها على أنها راعية السلم والأمان العالمي, وأنها الفاعل الرئيسي في ضمان هذا السلم رغم انها مسؤولة عن هلاك ملايين البشر والتسبب في مجاعة ملايين اخرين .
ولأجل أن تدجن المجتمعات, اخذت امريكا بتغيير قناعات الافراد من خلال برامجها الثقافية التي ترعاها سفاراتها المنتشرة في اكثر دول العالم, لتصنع نموذج من الشباب مؤمن بالفكرة الأمريكية تحت عناوين براقة كصناعة القادة وادارة منظمات المجتمع المدني وبرامج المرأة وحماية الطفولة وغيرها.
تحاول أمريكا من خلال إعلامها المباشر وغير المباشر – ناشطين ومدونيين ومواقع الكترونية ومنظمات مجتمع مدني وغيرها- صنع جيل مدجن فكريا ومسلما لما تقوله أمريكا.
ما حدث من وقائع في بلاد العرب وفي العراق خصوصا يمثل حالة من حالات التدجين الامريكي, وكان ما يعرف بالربيع العربي المظهر الاكثر تجليا في هذا المشروع الاستعماري الحديث.
مشروع التدجين الدولي هو مشروع طويل الأمد وإن امريكا تحاول من خلاله وبعد جيل من الزمن صنع افراد لا يملكون هوية ولا ثقافة, ولا يرتبطون بجذورهم الاصيلة, ولا يعترفون بعقيدتهم الحقة, جيل مشوه بعيدعن الاعراف والقيم, وخال من الابعاد الروحية وغائصا في الابعاد المادية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الكاظم حسن الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/02/12



كتابة تعليق لموضوع : تدجين العقول سلاح امريكا الجديد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net