صفحة الكاتب : د . حامد العطية

إلى وزير التعليم العالي: يقال أن عالماً عراقياً دحض نظرية أينشتاين وغير مجرى التاريخ !
د . حامد العطية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   لأول وهلة أحسنت الظن، صدقت الخبر وسررت به، وأي عراقي لا يسعده هذا الخبر؟ عالم عراقي غير أو سيغير مجرى التاريخ، ليس العراق أو العالم العربي ولا حتى عالمنا المعاصر بل مجرى التاريخ، إنه خبر يثلج قلوب العراقيين التي أرهقتها العمليات الإرهابية والانقسامات الطائفية والعرقية والخلافات السياسية والفساد.

     بعد حسن الظن ساورني الشك، فالنفس أمارة بالسوء، إذ سرعان ما استيقظت وساوسها، ومعذورة نفسي فقد امتلأت قيحاً من أخبار تزوير الشهادات والأكاديميات المفتوحة على الساسة وأعوانهم واستشراء الطائفية والمحسوبية في الجامعات وآخرها خبر عن شهادتي دكتوراة لوزير التعليم العالي دفعة واحدة، قبل تداول خبر قرب استدعاءه للمثول أمام مجلس النواب.

    قادتني الشكوك لتحري صحة الموضوع، وللموضوعية فأنا لست مختصاً بالفيزياء ولا الكيمياء لذا سأحتكم للمعايير العلمية العامة الخاصة بالنشر تاركاً التقييم العلمي للمختصين، والسؤال المطروح عليهم: هل هذا العالم العراقي وهو الدكتور بهجت محي الدين قد غير  بالفعل مفاهيم "غابت حقائقها عن عباقرة التاريخ" بما فيهم أينشتاين؟

 الخبرمنشور في موقعي جامعتي بغداد والكوفة وغيرها:

http://www.uobaghdad.edu.iq/ArticlePrint.aspx?ID=774

http://www.kuiraq.com/ar/newsdetails.php?id=194

وتجدون معلومات وافية عن هذا الفتح العلمي الباهر المزعوم في المقالين التاليين وفقاً لمصدر الخبر:

 

On Heuristic Viewpoints Concerning the Mass, Energy and Light Concepts in Quantum Physics

http://www.eurojournals.com/ejsr%2022%204.htm

 

New Concept of Mass-Energy Equivalence

http://www.eurojournals.com/ejsr%2026%202.htm

 

المقالان منشوران عامي 2008 و2009 م وفي نفس الدورية وهي European Journal of Scientific Research، وفيما يلي بعض الملاحظات الجوهرية على المقالين والدورية:

أولاً: وجود تشابه ملحوظ بين عنواني المقال الأول والبحث المشهور لألبرت أينشتاين:

On a Heuristic Point of View about the Creation and Conversion of Light

   ولا أدري ما الذي دفع بالباحث العراقي لذلك.

ثانياً: بعد قراءة الصفحات الأوائل من المقالين للباحث العراقي تبين أن هنالك فقرات متطابقة بينهما بالحرف، وهي زلة كبيرة للكاتب، تضعف القيمة العلمية للمقالين، وإن اقتضت الضرورة الاقتباس فلابد أن يكون في الحد الأنى، مع ضرورة اتباع القواعد العلمية في الاقتباس، ولا يعفي الكاتب من ذلك كون المقالان من تأليفه.

ثالثاً: كثرة الأخطاء اللغوية والنحوية في المقالين، مما يدل على أن المقالين لم يراجعاً أويحكما، أو أن المحكمين الذين كلفوا بتقييمهما لم يهتموا بتنبيه المؤلف إلى هذه الأخطاء.

رابعاً: يستدل من سيرة الكاتب المنشورة في موسوعة الوكيبيديا بأنه متقاعد منذ عام 2007م  (وعمره حينئذ خمسون عاماً إذ هو من مواليد 1957م) ويعمل حالياً في مجال خدمات قطاع النفط حيث يمتلك ويدير شركة اسمها أريدو للخدمات النفطية ومقرها في الأردن، والمستهجن أن يقدم باحث يزعم تطوير نظريات أينشتاين وغيره من جهابذة العلماء على التقاعد المبكر جداً من التدريس والبحث ليتفرغ للعمل بقصد الربح، وفيما يلي رابط موقع الشركة الإلكتروني:

http://www.eriduoilservices.net/index.htm

     يضم مجلس إدارة شركة أريدو الذي يترأسه الدكتور بهجت محي الدين ثلاثة أعضاء، أحدهم أردني الجنسية وعراقيان، هما المرحوم الدكتور جابر شنشول والمتوفي العام الماضي وهو من أقاربي، والعراقي الآخر هو الدكتور هلال البياتي وقد زاملته في الجامعة الأمريكية في بيروت، وكان حينئذ شيوعياً متحمساً، وكنت اختلف معه واحترمه، ثم بعد تخرجه أصبح بعثياً وعينه النظام البعثي المندثر مديراً عاماً لمركز الحاسبات الإلكترونية فحزنت عليه، واختصاصه الإحصاء لكن عمله في شركة أريدو بصفة مستشار إقتصادي.

     وتصحيحاً للخبر المنشور في موقع جامعة الكوفة فإن  MRSC التي يحملها الدكتور بهجت محي الدين ليست شهادة وإنما عضوية الجمعية الملكية البريطانية للكيمياء، وهي متاحة لكل فرد لديه ثلاث سنوات من الخبرة المناسبة بعد الشهادة الجامعية.

خامساً: من المثير للاهتمام والاستغراب أن بعض المصطلحات الواردة في المقالين ملونة بألوان مختلفة، فهنا مصطلح فيزيائي باللون الأحمر ومن ثم معادلة باللون الأزرق واسم عالم فيزيائي معروف بالأخضر، وقد تكون الكتابة بالألوان ملائمة لمذكرات طالب في الثانوية أو الجامعة لكنها غير معتادة في الدوريات العلمية الرصينة.

سادساً: كما بينت سابقاً لغة المقالين ركيكة والأخطاء النحوية والإملائية كثيرة جداً مما يعزز الشكوك بأن المقالات المنشورة في هذه الدورية لا تراجع ولا تحكم وبالتالي فإن قيمتها العلمية غير مثبتة.

سابعاً: تفرض الدورية على الباحثين دفع مبلغ أربعمائة  دولار – وكانت في السابق مائة وخمسون دولاراً فقط - لكل بحث قبل نشره، وهذا سبب آخر يدعو للشك في السمعة العلمية للدورية.

ثامناً: صدر من الدورية في العام 2011م أكثر من ستين عدداً، أي عدد واحد في الإسبوع على الأقل، وهو رقم قياسي لا مثيل له في هذا الصنف من الدوريات مما يضعف تماماً مصداقية كون الدورية محكمة، كما يحتوي كل عدد حوالي عشرين مقالاً، فيكون مجموع المقالات المنشورة سنوياً ألفاً ومائتين مقالاً، أي أن المطلوب من محرري الدورية استلام وقراءة ومراجعة وتصحيح ثلاثة أو أربعة مقالات علمية في اليوم الواحد وعلى مدار السنة، وهو مستحيل عملياً ويتطلب معجزة، ويدل دلالة قاطعة على انتفاء مراجعة وتحكيم محتويات الدورية، وبالمناسبة أقدر دخل الدورية بنصف مليون دولار سنوياً.

تاسعاً: الدورية غير مختصة بحقل واحد من حقول المعرفة بل هي شاملة لكل الاختصاصات العلمية مثل الفيزياء والكيمياء والأحياء والطب والبيئة والرياضيات وغيرها، وهذا أمر مستهجن وغير معتاد.

عاشراً: تدرج أعداد سابقة للدورية اسم رئيس تحريرها المدعو أدريان شتاينبرج وهو أيضاً رئيس تحرير دوريات أخرى من نفس المصدر في تخصصات متنوعة مثل العلوم الاجتماعية والاقتصاد والمالية والإدارة، ومنذ قرون خلت لم يسمع أحد بشخص ادعى الإلمام بكل هذه التخصصات.

أحد عشر: الدورية غير مرتبطة بجامعة أو مؤسسة أبحاث أو دار نشر معروفة، وفي بعض الأعداد الأول يرد ذكر مؤسسة (لولو) للنشر في أمريكا، وهي دار نشر على الإنترنت، وتنشر للجميع من دون تقييم وعلى حسابهم الخاص، ويمكن الحصول على أعداد الدورية من موقعها مجاناً، وتجدونها مصنفة في قسم منشورات Pets (الحيوانات الأليفة)، كما يلاحظ أن الطريقة الوحيدة للإتصال بالدورية هي عبر بريدها الإلكتروني، والعنوان الوحيد المبين على موقعها يعود للشركة المالكة لهذه الدورية وغيرها من الدوريات المماثلة كما يبدو، ومقرها في جزيرة سيشل الواقعة في المحيط الهندي.

      لكل هذه الأسباب أرجح أن تكون هذه الدورية تجارية بحتة أنشأت لغرض نشر بحوث أعضاء هيئة التدريس من جامعات الدول النامية لتسهيل حصولهم على الترقية العلمية.

   وبالنسبة للدكتور بهجت محي الدين فينبغي عليه فوراً تقديم اعتذار علني لعائلة قريبي المتوفي الدكتور جابر شنشول وإزالة اسمه من الموقع الإلكتروني لشركته، أما بشأن ادعاءاته حول تغيير وجه التاريخ وبأن بعض نظريات أينشتاين خاطئة وأنه قام بوضع نظريات أصدق فوزارة التعليم العالي وجامعة بغداد وكلية العلوم فيها، التي منحت الدكتور بهجت محي الدين شهادة الدكتوراة وعمل فيها استاذاً، مطالبون وبإلحاح شديد وحفاظاً على سمعتهم بتشكيل لجنة علمية مستقلة من خارج الجامعات العراقية لدراسة مقالات هذا الباحث العراقي وتأكيد أو نفي هذه الإدعاءات، واعلان النتائج على الملأ، وأكرر طلبي المبين في مقالة سابقة بضرورة اعتماد  أرقى السياسات والتعليمات الخاصة بالبحث والنشر العلمي للتدريسيين واستثناء ما ينشرون في دوريات غير علمية من التقييم لإغراض الترقية وارساء قاعدة اللجوء للمحكمين الخارجيين من غير العراقيين في تقييم البحوث المقدمة للترقية العلمية ولكافة الدرجات العلمية، وفي حالة عدم استجابة الوزارة والجامعات لطلبي فسأضطر لإبلاغ اليونسكو وغيرها من مؤسسات اعتماد الجامعات بذلك لتعيد النظر في تقييمها للجامعات العراقية بهدف الضغط عليها لتصحيح سياساتها وصولاً إلى ضمان مستقبل التعليم العالي في العراق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حامد العطية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/20



كتابة تعليق لموضوع : إلى وزير التعليم العالي: يقال أن عالماً عراقياً دحض نظرية أينشتاين وغير مجرى التاريخ !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : عبد الحسين طاهر ، في 2013/02/22 .

سيدي الدكتور حامد العطية شكرا لجهودك في كشف الزيف هناك جامعات اهلية تقبض دولارات وتمنح شهادات لمن يدفع ولامن رقيب ولا حسيب ونتشرت المدارس الاهلية بدون ضوابط ادفع وخذ شهاده الحكنه دكتور السالفه لاكفه طين والعملية التعليمية ستصل الى كارثه وقد لا نصل لعلاجها بعد كم سنة تحياتي لشخصكم الكريم




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net