صفحة الكاتب : محمد الوادي

الفرق بين دولة القانون ودولة العشيرة في العراق .
محمد الوادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مما لاشك فيه ان للعشيرة مكانة واضحة في الواقع الاجتماعي العراقي ,وهذه المكانة تستمد عوامل وجودها من عوامل التكوين العراقي الذي يحتاج كأي مجتمع أخر الى مجموعة ضوابط تشكل حزمة كوابح واعراف وتقاليد يجب ان توضع في خانتها الايجابية وان لاتنفلت خارج حدودها المرسومة اجتماعيا في العراق ومنذ قرون طويلة , لذلك لايمكن اطلاقا انكار الدور الايجابي للعشيرة العراقية في حل الكثير من المشاكل الاجتماعية الخاصة ومن جانب اخر عام يكون دور بارز للعشيرة العراقية في مراحل مهمة في العراق خاصة عند انحلال او ضعف ووهن الدولة العراقية في مراحل مختلفة . لكن وكما ثبت التاريخ العراقي ان اخطر انواع الاستفحال العشائري يكون عند مرحلة التداخل بين العشيرة والدولة فتكون الفوارق بين الاثنين شبه معدومة وعصية على التفريق او يستحيل رسم الفواصل بينهما وهنا ممكن الاشارة والتشخيص الى ثلاثة عقود من الحكم العشائري  المدعم طائفيا والذي سقط في نيسان 2003 , وفي نظرة بسيطة لكل مأسي العراق والعراقيين سيجد المراقب المحايد ان معظم اسباب الكوارث التي حلت بالعراق الدولة والشعب  هي بسبب نظام الحكم الطائفي والعشائري والعائلي الذي استمر حتى نيسان 2003 .

وفي عراق اليوم وبعد ان سجل الرئيس المالكي نجاح باهر في اسقاط صفحة الاقتتال والاستهداف الطائفي , يبدو ان مهمته لاتريد ان تنتهي في هذا الجانب عند هذا الحد فحسب , بل ان البعض بدأ ومع اول مواجهة قانونية او دستورية يرتد راجعا الى لعبة قديمة جديدة في التاريخ السياسي العراقي فيلجأ الى ذلك التداخل الخطير بين العشيرة والدولة .ومن يعمل في الدولة ولايستطيع الخروج من ثوب العشيرة فان مثله يضع نفسه في مأزق متجدد كل حين وبذات الوقت يشكل خطر كبير على أسس وركائز تكوين الدولة نفسها , قد تكون الفرصة سانحة في العراق الحالي في بعض الجوانب عند البعض ليلعب على وتر العشيرة ولكن هذا الوتر بدأت نشازاته اكثر وضوح مع اشراقة بعض من جوانب الربيع العربي هنا وهناك , كما ان هذه الاوتار ستتقطع وتلتف حول اعناق رموزها في اقرب فرصة مناسبة لسبب جدا بسيط لان الذي يحكم بصوت العشيرة سيكون عليه تقديم ابن العشيرة المعنية على غيره وهنا سيحدث التراكم والانفجار ولو بعد حين .

وفي جوهر الحديث ان الرئيس المالكي لم يصعد باصوات ابناء عشيرته بل حصل على حزمة اصوات مميزة في تنوعها الجغرافي وفي النوعية وفي العدد , حيث حصل وبشكل شخصي على اعلى نسبة اصوات من الناخبين وبفارق شاسع يصل الى مئات الالاف من الاصوات عن اقرب منافسيه  و دون أدنى منافسة من الاخرين , والميزة الاخرى التي تسجل للرئيس المالكي انه لايلتفت ذات اليمين وذات الشمال ليضع اقربائه وابناء عشيرته لذلك لايوجد في مجلس الوزراء او كل الخطوط الاولى في الدولة من ينتمي لعشيرة او عائلة المالكي , بل اني اجزم في هذا الجانب بان الرجل دائم البحث عن الكفاءات وبشكل ملفت للنظر وفي ظل تقاطعات وتشعبات وتناقضات تحيط بالتشكيلة الحكومية التي فرضت عليه من كل القوائم البرلمانية الاخرى . لذلك خصومه يسقطون امام الجمهور في اول مواجهة علنية معه لانهم في الاساس وفي معظمهم جعلوا من العشيرة واللقب  والارث العشائري الساتر الدفاعي الاخير عند مواجهتهم بالاستحقاقات الدستورية والقانونية الملزمة . والرجل أثبت انه زعيم حقيقي لدولة القانون وليس لدولة العشيرة التي يريد البعض ترسيخ سمتها الخطيرة في الواقع العراقي .

اما من يصف حكومة الرئيس المالكي بالفاشلة فعليه ان يتحمل قسطه من هذا الفشل اذا كان هذا الفشل واقعي  لان الجميع مشارك بهذه الحكومة , وفي واقع الامر ان قيادة الحكومة العراقية ليس فاشلة بل ان الفشل يستوطن عند بعض الوزراء المفروضين من قوامئهم وايضا التراجع الموجود في بعض المفاصل سببه العراقيل المصطنعة في مجلس النواب وفي مجلس الوزراء امام خطط وتحركات رئيس الحكومة الذي يواجه  اجندة حزبية ونظرةعشائرية ضيقة وبائسة عند الاخرين و تنعكس سلبا على الاداء الحكومي والنيابي , ومن المفارقات في تصريحات البعض انها عصية على التفسير هل هي تصريحات رسمية او عشائرية او حزبية او عائلية وهذه خزعبلات قد يكون من المفيد معها استدعاء  امثلة من الماضي القريب تدخض هذا" التنوع  الانتهازي " وايضا جوهر الفشل عندما لايريد البعض التنازل عن "جلباب " العشيرة امام زي الدولة الرسمي  وسماتها التي تتعرض كل يوم الى محاولة اغتصاب من البعض  فتتحول الامور الى  مواجهة صريحة بين  دولة القانون الدستورية ودولة العشيرة الفضفاضة .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الوادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/20



كتابة تعليق لموضوع : الفرق بين دولة القانون ودولة العشيرة في العراق .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : ابو الحسن ، في 2012/03/21 .

اداره موقع كتابات في الميزان اقدم شديد اسفي واعتذاري على العبارات الجارحه التي حذفتموها من تعليقي جزاكم الله خير جزاء المحسنين انكم حذفتوموها عذري امام الله كتبتها وانا في حاله يرثى لها لما سببه لي كاتب المقال من قلب للحقائق وتدليس الواقع نعم من حقه ان يمدح دوله الرئيس لكن ليس من حقه ان يغالط الواقع ويقلب الحق باطل ويجعل الباطل حق اكرر شديد اسفي واعتذاري والله ولي التوفيق

• (2) - كتب : ابو الحسن ، في 2012/03/21 .

اشك ان السيد محمدا الوادي ***** لهذه الدرجه ليسوق علينا بضاعه فاسده مع اسباغه على نوري تحفيه لقب جديد هو الرئيس المالكي بالاضافه الى لقبه المتعارف عليه دوله رئيس الوزراء وكان ينقصه ان يكملها بكلمه الرئيس المالكي حفظه الله ورعاه
على من تضحك وعلى من تسوق بضاعتك ******** التي قبضت ثمنها مسبقا من القائد الضروره
اسئلك بشرف المهنه وبالامانه الصحفيه التي تحملها هل زرت مكتب القائد العام للقوات المشلحه واحصيت اقارب المالكي
هل زرت مكتب رئاسه الوزراء وشاهدت اهالي قريه جناجه قريه دوله الرئيس كما تسميه كيف*******بالمنطقه الخضراء
هل سئلت نفسك ماهو دور *********************************************************
هل تعلم كم مؤتمر حضر مع العشائر دوله الرئيس قبل الانتخابات والمسدسات التي منحها لهم مع اللابتوبات وقطع الاراض
هل تعلم كيف حصل دوله الرئيس على اصوات قياده عمليات بغداد ولواء بغداد وجهاز المخابرات ووزاره الداخليه ووزاره الدفاع
فليكن المالكي شجاع ويمنع مشاركه العسكريين بالانتخابات عندها ستعرف حجم سيدك دوله الرئيس
اتقي الله وكفاك نفخا فيه فان خف الانعل يصنع الدكتاتور واي دكتاتور مقيت سيبتلي به العراق على شاكله نوري تحفيه

 

نرجو من الاخوة الكرام الارتقاء بمستوى التعليقات






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net