صفحة الكاتب : حسين فرحان

الذائقة الجمالية في مشاريع العتبات المقدسة
حسين فرحان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 مايزال الحلم بتلك اللمسات الفنية الجميلة على تفاصيل جسد الوطن المثقل بآثار الحروب والاهمال يراود فئة كبيرة من أبناءه، فهو حلم لم يتحقق لأولئك الذين انقضت اعمارهم فغادرت أرواحهم وهي تنتظر صلاح الحال، وكم هوقاس أن تغادر وأنت في طور الانتظار.
فهل سيشهد من بقي من تلك الأجيال المنتظرة قفزة نوعية وكمية في مجال الخدمات، وهل سيغادر العراقي بلده مسافرا الى بلد آخر دون أن يشعر بهذا البون الشاسع في مستويات الخدمات والعمران دون أن تأكل قلبه الحسرات وهو يرى الفرق واضحا جليا بمجرد دخول صالات الانتظار في مطارات ومنافذ حدود الدول التي يقصدها؟
وهل سيشهد انقراض الفوضى التي تصاحبه اينما حل في وطنه، حيث الغبار المتطاير العابث الذي يملأ ارجاء حياته، وحيث النفايات المتناثرة التي عجزت يد البلديات عن أن تضع لجمعها خططا طبقت في بلدان هي الأقل شأنا من هذا البلد؟
هل سيشهد زوال يد متصرفة لا تحكم عملها ذائقة الفن والجمال، ولا يعهد اليها سوى أن تعمل برتابة وكسل لينقضي يوم طويل دون انجاز شيء يذكر، فالهم الأكبر لهذه اليد أن تنقضي ايام الشهر ولياليه لتقبض معاشها وعلى الذائقة الجمالية بعد ذلك السلام.
السفر للبلدان القريبة والنائية  ورغم افتراض كونه من دواعي سرور فؤاد المسافر العراقي الا أنه سيهزم سرور هذا الفؤاد ليملأه من حزن المقارنات  الشيء الكثير، حتى يعمد المسافر الى تصوير كل ما تقع عليه عيناه من شوارع نظيفة وبنايات أنيقة ونصب تذكارية جميلة وتراث محفوظ بل حتى عمال النظافة وآلياتهم تكون ضمن ما يتم التقاطه من مشاهد، والقضية مؤلمة حقا وانت تسمع من يقارن بين مقابر القوم ومقابرنا التي طالتها هي الأخرى تلك اليد الفوضوية المهملة وكأن قدر الأموات أن تحيط بقبورهم تلك النفايات وسوء التخطيط الذي كان يداهم حياتهم، فكأن الحكومات المتعاقبة بعد سقوط الديكتاتورية اتفقت على أن لا يرى هذا الشعب من سمات الجمال والنظافة والذوق الرفيع شيئا، وأن لا يسمع جملة حضارية مفيدة.
وسط هذا الحطام كانت العتبات المقدسة تعمل بصمت، فتنطلق يد الحرفة الابداعية من أضرحة الائمة عليهم السلام لتحمل منها عطرها ونورها وجمالها وتتجه نحو محيطها وبما أمكن لتضع لمسة الفن والجمال على منشآت خطط لها عقل عراقي مبدع يعمل جاهدا على أن يمنح لشعبه مالم تمنحه له حكومته، فيخطط وينفذ وهو لا يرى الاعلان عن ذلك في الاعلام هدفا كما ينظر البعض حين يحشدون الرأي لمنجزات لا تعد شيئا امام مشاريع عملاقة تبنتها العتبات وأنجزتها دون أن يسلط الاعلام الضوء عليها، فالعبرة في منجز يصمد على أرض الواقع بجميع تفاصيله لا بقشرة يجعل منها الاعلام عجيبة من عجائب الدنيا.
العتبات المقدسة بكوادرها واداراتها جعلت من حلم الشعب حقيقة، فاللمسة الفنية حاضرة، والجدوى الاقتصادية حاضرة، والمنتج العراقي يستعيد عافيته، وخطط المستقبل معد لها بشكل منتظم، والنتيجة هي الصورة المشرقة التي يطمح ابناء هذا الشعب لرؤيتها تعم في أرجاء بلدهم.
مدن للزائرين، ومشاريع انتاجية، ومراكز للشفاء، وردهات للحياة، مشاتل ومناحل، مزارع وآبار، وصحراء خضراء، ومبان تسر الناظرين، كل ذلك تحقق بمبالغ لا تعد شيئا أمام ما تمتلكه الدولة من موارد مالية لم توضع في مكانها المناسب أو تحت تصرف أهل الاختصاص، بل كانت المحاصصة هي الحاكم في التأسيس لبنيان هش لا ينتفع من ريعه الا أهل النفوذ والسلطة.
العتبات المقدسة قدمت نموذجها الحضاري لانها خططت بشكل جيد واختارت لعملها الأكفاء والمخلصين، وعملت جاهدة على أن تديم منجزاتها وتحافظ عليها، ولم يكن الهدف من انشائها يوما هو وضع حجر الاساس او قص شريط الافتتاح تحت أضواء كاميرات الفضائيات، لذلك تراها متجددة حيوية تحيطها هالة من اشراقات المراقد الطاهرة وقد ارتبطت بذائقة فنية وجمالية نتمنى أن نراها على مستوى الأداء الحكومي مستقبلا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين فرحان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/27



كتابة تعليق لموضوع : الذائقة الجمالية في مشاريع العتبات المقدسة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net