صفحة الكاتب : د . رافد علاء الخزاعي

مستشفيات المسنين ضرورة ملحة في العراق
د . رافد علاء الخزاعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ان التخطيط الاستتراتيجي للخدمات الصحية  هو عامل مهم لتوفير الخدمات الصحية الملبية لاحتياجات المجتمع وعلى عاتقها تقع بناء الرعاية الصحية الاولية وتطويرها الى الرعاية على المستوى الثاني والثالث, وذلك من اجل رعاية صحية  متوازية مع امكانات العراق المادية من اجل رفاهية المجتمع التي اقرها الدستور العراقي  وجعلها ملزمة للحكومة التنفيذية على توفير وتلبية الحاجات الاساسية للفرد ومن ضمنها الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية بما يضمن كرامة الانسان.

قال الله تعالى : " { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ(54) } ( سورة الروم )

ان تطور المجتمع والزيادة المتصاعدة في عدد المسنين ضمن الخارطة السكانية للعراق,و هناك تقرير صادر عن الأمم المتحدة أشار إلى ظاهرة زيادة عدد المسنين في العالم فتوقع التقرير الصادر في عام 2003م أن عدد المسنين سيصل في عام 2005م إلى 606مليون مسن ، أي ما يعادل 10% من سكان العالم ، أما بحلول عام 2050م فمن المتوقع أن يصل ذلك العدد إلى 2 مليار مسن ، أي ما يعادل 21% من مجموع سكان العالم، وبالطبع فالعراق جزء من هذا العالم ونحن بالتأكيد بحاجة إلى عدد أكبر من الأطباء العاملين في هذا التخصص.

 وهذا يضع على كاهل المخطط الاستراتيجي للخدمات الصحية على تاسيس مستشفيات خاصة بامراض المسنين (الشيخوخة) لما تحمله هذه الفترة العمرية من خاصية  وظرفية تحتاج الى رعاية فائقة على النطاق الصحي والتمريضي والاجتماعي والتأهيلي ولما ما يحتاجه المريض من رعاية لصيقة نتيجة بعض الامراض الخاصة بهذه الاعمار , ان الدول المتدقمة كاليابان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة بدات بتجارب رائدة في تاسيس مستشفيات المسنين بمشاركة منظمات المجتمع المدني التطوعية والموسسات الدينية لما في خدمة المسنين من بر واحسان وله اجر كبير عند رب العالمين.

ان على مستوى الدراسلت الطبية قد اخذ فرع دراسة امراض المسنين او امراض الشيخوخة نطاق جديد واصبح تخصص طبي له اسس علمية وفنية خاصة لما له من تدريب عملي على مستوى التشخيص والعلاج والتاهيل والرعاية المستدامة واصبح طب المسنين  في تطور  لافت على مستوى العقد الماضي ورادفه تطور فني وهندسي في تهئية مستلزمات المساعدات العينية والطبية في تقليل جهد واعباء المسنين ومراقبتهم عن بعد وكذلك تدريب الحيوانات الاليفة في متابعة احوالهم وقد شهدت اليابان مثلا تجارب رائدة في ايجاد روبرتات خاصة بمتابعة حال المسنين واعطاء الطبيب المعالج عن بعد معلومات دقيقة عن حالة المسن المرضية والصحية.

ان طب المسنين أو علم الشيخوخة (بالإنجليزية:medicine  Geriatrics) هو فرع احد العلوم الطبية الذي يهتم بصحة كبار السن والمسنين. ويهدف لدراسة صحة كبار السن و علاج الأمراض الشائعة في الشيخوخة و علاج الآثار و الإعاقات المترتبة عليها. كان علم الشيخوخة يتبع الأمراض الباطنية في بداية الأمر، ثم صار بعد ذلك علماً قائماً بذاته، مثله مثل طب الأطفال.

ان احد اهم اهدافه هو تحسين جودة الحياة وتحفيز زيادة الأمان وحفظ الكرامة والراحة والاستقلالية للمسنين.لما من تغيرات نفسية وسلوكية وذهنية ترافق تقدم العمر  نتيجة الوهن العضلي والشيخوخة وتصلب الشرايين مما ينعكس على اداء كل اعضاء الجسم, وقد  اشار الطبيب البارع ابن سينا  في كتابه القانون في الطب  وسماه طب المشايخ  وهي اشارة اولية ان الاطباء العرب الاوائل قد عرفوا ان الشيخوخة لها خصوصية  خاصة في التداوي والرعاية.

 ولذلك ان  طب المسنين يهتم بعلاج أمراض المسنين وحفظ صحتهم عن طريق القيام بالتقييم الشامل للمسنين وتقديم التثقيف الطبي للمرضى وذويهم وفريق مقدمي الرعاية حول التفرقة بين التشيخ الطبيعي والتشيخ المرضي في كبار السن والوصول لشيخوخة سليمة بالإجراءات الوقائية من تطعيمات المسنين وغيرها وفوائد المسح الطبي لبعض الأمراض؛ استشارات عن الرياضة والتغذية في كبار السن.

أن كبار السن يتميزون بخصوصيتهم عن الفئات العمرية الأخرى وذلك لاختلاف أداء أعضاء الجسم لوظائفها (مثل اختلاف أداء أعضاء الجسم في الفئات الأخرى مثل الأطفال والحوامل والرياضيين). لابد من التفرقة بين التغييرات التي تحدث في وظائف كل عضو من أعضاء الجسم وبين الأمراض التي تحدث في كل عضو فمثلا نقص الاحتياطي الوظيفي في الكليتين (من الممكن أن يعيش الإنسان بنصف كلية) يعتبر تغير طبيعي مع السن الكبير (لا يحتاج لعلاج في كبار السن) ولكن قصور وظائف الكلى أو الفشل الكلوي يعتبر مرض في أي فئة عمرية (يستدعي البحث عن وعلاج أسبابه).

ان امراض المسنين الشائعة  (داء السكري المصحوب بمضاعفات وارتفاع ضغط الدم الشرياني وعجز القلب  وعجز الكبد وامراض الرئة التوسعية و انتفاخ الرئة ) وحالات الخلط/الهذيان، خرف الشيخوخة ومرض الألزهيمر, الاكتئاب أو القلق, اضطرابات الإفراط الدوائي وتداخل الأدوية, اضطرابات الحركة والاتزان والسقوط, السلس البولي, الجفاف وسوء التغذية, الآلام المزمنة, مشاكل المرضى طريحي الفراش, ترقق العظام, التعامل مع القرح المختلفة (مثل قرح الانضغاط), التأهيل والطب الطبيعي للمسنين, قصور الحواس (مثل السمع والبصر والإحساس), الرعاية الملطفة والرعاية النهائية.

وامراض جراحية مثل مثل كسر عنق عظمة الفخذ وقرح الانضغاط وجلطة الأوردة العميقة والقصور الشرياني الحاد وأمراض البروستاتا والتقييم الطبي قبل الجراحة للاورام ومدى امكانية علاجها بالنسبة للمسنين.

ان فريق عمل علاج المسنين يجب ان يتوافر فيه( أطباء المسنين وأطباء التأهيل وهيئة التمريض والأخصائيين النفسيين وأخصائي التغذية وأخصائي التأهيل المعرفي واللفظي والمعالج الوظيفي والأخصائيين الاجتماعيين). ان تغير العلاقات الاجتماعية والاسرية في الوقت الحاضر اوجد لنا مرضى مسنين وحيدين نتيجة استشهاداو تغرب ابنائهم او عدم وجود رعاية اسرية داعمة لهم مع وجود العوز المادي والفقر وعدم وجود السكن الملائم والرعاية المنزلية , فكم من مريض مسن تاتي به عائلته وترتكه في الردهة وحيدا اننا خلال عملنا صادفنا الكثير مثل هذه الحالات في السنوات الاخيرة , مما اوجد لنا ان نسترعي انتباه المخطط الاستراتيجي للصحة ان تضع في اعتبارها احتياجنا المستقبلي للمستشفيات المسنين.

 ان سبل رعاية المسنين يجب ان تتوفر على مستويات عدة:

1-الرعاية الحادة (Acute care) : وهي الرعاية الانية للازمة المرضية للمسن مثل الطارئة الدماغية. 

2-الرعاية طويلة المدى (Long term care) وهي رعاية تسلتزم وضع خطة لتلبية احتياجات المسن  لباقي ايامه العمرية.

3-الرعاية المنزلية(Home care ): وهي تلبية حاجات المسن الصحية في منزله بالتعاون مع الاسرة وتدريباها  على كيفية التعامل مع حالته الصحية والزيارة الدورية له او ايجاد ممرضة منزلية لصيقة به.

3-الرعاية المركزة (Intensive care) وهي الرعاية في حالة فقدان الوعي او الحالات الحرجة للمسنين في عجز الجهاز التنفسي او الدوراني مما يتطلب وضع المسن على الاجهزة المساعدة للحياة مثل التنفس الصناعي وغيرها ويجب هنالك ان تكون موازنة بين احتياج المسن لهذه الاجهزة والموت الدماغي للمسن وهو مما يضع الطبيب المعالج في دوامة متى يكون قرار الموت صحيحا.

 

4-الرعاية الملطفة (Palliative care) وهي الرعاية اللازمة للمسن لتقليل معاناته مثل التغذية الفموية او الوريدية او البديلة وادامة العملية الايضية للمسن ومعالجت الحالات التي يعاني منها مثل السكري والضغط وعدم كفاية الشرايين التاجية والخرف.

5-الرعاية النهائية (Terminal care) وهي الرعاية لمرحلة ماقبل الموت و ان وظيفة الطب هو طب الحياة أي ادامة زخم الحياة لحين يقرر الرب استخراجها من عباده, ان مايشاع من نظريات الموت الرحيم او غيرها من النظريات التي تتعارض مع الدساتير والاخلاق الطبية الاسلامية والكنائسية او اليهودية يجب ان نعارضها بشدة لان الموت والحياة بيد الخالق وواجب الطبيب هو ادامة زخم الحياة الفسيولوجية في جعل المريض التمتع بما وهبه الخالق من فعاليات حيوية لادامة الحياة.

ان طب المسنين يشكل تحديا للاطباء العاملين في المستشفيات العامة في العراق وذلك لافتقار القدرة التمريضية الكافية والمساعدة ونقص بعض الادوية او المستلزمات الطبية التي يجب ان تساهم عائلة المسن بتوفيرها , وكذلك عدم وجود كوادر طبية مساعدة تتعامل مع المسن من ناحية النظافة الشخصية والعلاجية و في خضم تغيير في نمط الحياة الاسرية في العراق في الوقت الحاضر, ان دخول مريض مسن في المستشفى يشكل تحديا للعائلة ايضا في ايجاد مرافقين للمريض  لمساعدة الكوادر التمريضية مما يمثل ضغطا نفسيا على الشخص المرافق للمريض,وخصوصا اذا كان المسن وحيد المنزل او مشرد وهذا يشكل تحديا للمؤسسة الصحية وفق الظروف الحالية. مع فقدان العمل التطوعي للموسسات المجتمع المدني مع عجز الهئيات الدينية المختلفة في العراق للمساهمة في هذا العمل الانساني.

ان من الواجب الشروع ببناء مستشفيات خاصة بالمسنين خلال المرحلة القادمة وذلك من اجل الرقي والازدهار الانساني الذي خلقنا الله من اجله على هذه الارض.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . رافد علاء الخزاعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/21



كتابة تعليق لموضوع : مستشفيات المسنين ضرورة ملحة في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net