صفحة الكاتب : د . حسن الياسري

التجارب الدستورية الدولية  في اختيار أعضاء المحاكم الدستورية   الجزء الأول  (١-٢ ) 
د . حسن الياسري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سلسلة مقالات يكتبها الدكتور حسن الياسري تحت عنوان  القولُ الفصلُ في دور خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون في المحكمة الاتحادية العليا - دراسةٌ دستوريةٌ تأصيليةٌ معززةٌ بتجارب المحاكم الدستورية في العالم - من أقسامٍ خمسةٍ  القسم الرابع  -مهم جداً -
...................
   قد أسلفنا القول إنَّ التجارب الدولية تؤكدُ أنَّ المحاكم الدستورية تتألف من فئاتٍ متعددةٍ في الغالب، وأنَّ عدد القضاة فيها عادةً ما يمثِّلُ الأقلية لا الأكثرية ، خلافاً لما يتمُّ تسويقه في العراق من قبل بعض الشخصيات والجهات غير المطلعة على المضامين الدستورية المحلية والتجارب الدولية ،من الذين يتحدثون بلا هدىً. إنَّ أصل النظرية الراجحة في هذا الصدد -بحسب تجارب المحاكم الدستورية الدولية التي سنعرض أهمها- هو ضمُّ فئاتٍ أخرى إلى المحكمة من غير القضاة تكون لها الغلبة والأرجحية في كثيرٍ من التجارب.وستلاحظون من خلال العرض أنَّ الغلبة في هذه المحاكم عادةً ما تكون لرجال القانون لا للقضاة. بل ثمة محاكم دستوريةٌ دوليةٌ ليس فيها قاضٍ واحدٌ . إنَّ الفئات التي تتألف منها المحكمة قد تتمثَّل بأساتذة القانون في الجامعات أو المحامين أو رؤساء الجمهورية السابقين أو بعض المسؤولين الإداريين أو بعض الشخصيات العامة، ونحو ذلك. 
وعموماً، سنقوم بإيراد أهم النماذج الدولية في هذا الصدد ؛كي نكشف عن الحقيقة الضائعة وسط الصخب.وهذه النماذج التي سنعرضها تمثِّل (24) تجربةً لمحكمةٍ دستوريةٍ في العالم ، من أوربا والأمريكيتين وآسيا،التي يتمُّ عرضها لأول مرةٍ ؛ فهذه الدراسة غير مسبوقةٍ في بابها هذا. 
1ـ المحكمة الدستورية الإسبانية :
تتألف المحكمة الدستورية الإسبانية بمقتضى المادة (159) من الدستور الإسباني لعام 1978 المعدل من (12) عضواً ،من أساتذة جامعاتٍ قانونيِّين وقضاةٍ ومدَّعين عموميين وموظفين عموميين ومحامين ، يمارسون الاختصاصات ذاتها.
 ينتخبُ مجلس النواب أربعةً (4) منهم ومجلس الشيوخ أربعةً (4)، واثنان (2) من الحكومة واثنان (2) من مجلس القضاء.ما يعني أنَّ عدد القضاة هو (2) من مجموع (12).وعليه فالأكثرية هي لرجال القانون وغيرهم وليس للقضاة.(لم ترد هذه الآلية في الدستور الإسباني ، بل في القانون المنظِّم لعمل المحكمة).
2ـ المحكمة الدستورية الإيطالية :
تتألف هذه المحكمة بمقتضى المادة (135) من الدستور الإيطالي لعام 1947 المعدل من خمسة عشر(15) عضواً،يتمُّ اختيار ثلثهم من قبل الرئيس وثلثٍ من قبل البرلمان في جلسةٍ مشتركةٍ وثلثٍ من قبل المحاكم العليا العادية والإدارية ، ويُختارون من بين أساتذة الجامعات القانونيِّين والقضاة والمحامين.ويمارسون الاختصاصات ذاتها.ومعنى ذلك أنَّ نسبة القضاة فيها هو الثلث فقط.وعليه فالأكثرية هي لرجال القانون وليس للقضاة. 
 
3ـ المحكمة الدستورية الاتحادية الألمانية :
 
كما المحكمة الإيطالية،تتألف المحكمة الدستورية الألمانية من أساتذة جامعاتٍ قانونيِّين وقضاةٍ ومحامين. يمارسون الاختصاصات ذاتها.(لم يذكر الدستورالألماني هذه الآلية بل القانون).
4ـ المحكمة الدستورية النمساوية :
وتتألف بمقتضى المادة (147) من الدستور النمساوي لعام 1945 المعدل من (14) عضواً و(6) بدلاء.يتمُّ تعيين الرئيس ونائبه وستةٍ (6) من هؤلاء الأعضاء -الأصلاء- وثلاثةٍ من البدلاء بتوصيةٍ من الحكومة ، ويكونون من بين القضاة والمسؤولين الإداريين وأساتذة الجامعات القانونيِّين. ما يعني أنَّ لكل صنفٍ مقعدين ،وهكذا يكون عدد القضاة (2). ويتمُّ تعيين الستة (6) الباقين والثلاثة البدلاء باقتراحٍ من المجلس الوطني والمجلس الاتحادي.وبالمحصِّلة يكون عدد القضاة (2) من مجموع (14) عضواً.وعليه فالأكثرية هي لغير القضاة . 
5ـ المحكمة الدستورية التشيلية :
بمقتضى المادة (92) من دستور تشيلي لعام 1980 المعدل في عام 2015 فالمحكمة تتألف من عشرة أعضاء من الحائزين شهادة القانون مع خدمة (15سنة)، وأن يُعرفوا بتفوقهم المهني والأكاديمي. وعلى هذا فالمحكمة ليس فيها سوى رجال القانون.
6ـ المحكمة الدستورية البوليفية :
تشترط المادة (199) من دستور بوليفيا لعام 2009 أن يكون أعضاء المحكمة ممَّن لهم الخبرة المعترف بها في مجالات القانون. ما يعني أنها قد تكون أيضاً حكراً على رجال القانون ،وليس فيها قضاة.
7- المحكمة الاتحادية العليا البرازيلية :
بمقتضى المادة (101) من الدستور البرازيلي لعام 1988 المعدل تتألف المحكمة من (11) عضواً، يتمُّ تعيينهم من قبل الرئيس بعد موافقة مجلس الشيوخ.ويُشترط فيهم أنْ يكونوا ممن يتمتعون ((بمعرفةٍ قانونيةٍ متميزةٍ وسمعةٍ لا تشوبها شائبة)).
وعلى هذا يمكن أنْ لا يكون ثمة قاضٍ فيها.
 
8ـ المحكمة الدستورية المنغولية :
تشترط المادة (65) من دستور منغوليا لعام 1992 المعدل في عام 2001 أن يكون أعضاء المحكمة من الحاصلين على((مؤهلاتٍ عليا في القانون والسياسة)). ما يعني أنها أيضاً يمكن أنْ تكون حكراً على رجال القانون ولا قضاة فيها.وتجدر الإشارة إلى أنَّ الفقرة الخامسة من هذه المادة -65- من الدستور تحظر على أعضاء البرلمان والوزراء وقضاة المحكمة العليا من أنْ يكونوا أعضاءً في المحكمة الدستورية.
 
9ـ المحكمة الدستورية البرتغالية :
بمقتضى المادة (222) من الدستور البرتغالي لعام 1976 المعدل في عام 2005 فإنَّ المحكمة تتكون من (13) عضواً، ستةٌ منهم من القضاة، والبقية (7) من رجال القانون.بمعنى أنَّ الغالبية هي لرجال القانون.
10ـ المحكمة الدستورية التركية :
بمقتضى المادة (146) من الدستور التركي لعام 1982 تتألف المحكمة من (15) عضواً،منهم ثلاثةٌ (3)من القضاة،واثنان (2) من مجلس الدولة، وثلاثةٌ(3) من أساتذة الجامعات في مجالات القانون والاقتصاد والعلوم السياسية، وأربعةٌ (4) من بين كبار الموظفين التنفيذيين والمحامين والمدعين العامين.ويبقى ثلاثة أعضاء تنتخبهم الجمعية الوطنية. وبالمحصلة يكون عدد القضاة ثلاثة (3) من بين خمسة عشر(15) عضواً .وعليه فالأكثرية هي لرجال القانون وغيرهم وليس للقضاة. 
11- المحكمة الدستورية الأوكرانية :
بمقتضى المادة (148) من الدستور الأوكراني لعام 1996 المعدل تتألف المحكمة الدستورية من (18) عضواً.ستةٌ منهم قضاةٌ معينون من قبل الرئيس والبرلمان، والبقية (12 عضواً) يتم اختيارهم عن طريق فتح باب الترشيح والتنافس بين المواطنين ،على أن يكون المرشح من الحاصلين ((على مؤهلٍ عالٍ في الدراسات القانونية أو من المحامين)). وكما ورد في غيرها من المحاكم يُطلق عليهم كلهم بعد ذلك صفة (قاضٍ) ، ويمارسون الاختصاصات ذاتها.وعليه فالأكثرية (الثلثان) هي لرجال القانون وليس للقضاة.
12ـ المحكمة الدستورية العليا الهندية :
بمقتضى المادة (124) من الدستور الهندي لعام 1949 المعدل في عام 2016 تتألف المحكمة الدستورية ((من عددٍ من القضاة وفقهاء القانون والمحامين)).وكلهم يُطلق عليهم في هذه المحكمة بحسب الدستور -كما في غيرها من المحاكم الدستورية- صفة (القاضي)؛ وذلك لأنهم يمارسون عملاً قضائياً وإن كانوا من غير القضاة.وتجدر الإشارة إلى أنَّ الدستور الهندي استعمل الوصف ذاته المستعمل في الدستور العراقي للتعبير عن القانونيِّين في المحكمة ، وهو(فقهاء القانون).
13ـ المحكمة الدستورية الكولومبية :
تنص المادة (232) من الدستور الكولومبي لعام 1991 المعدل في عام 2015 على أن يكون أعضاء المحكمة من الأكاديميين في (التخصصات القضائية) -بمعنى أساتذة القانون- أو من المحامين أو من الشاغلين لمنصبٍ في السلطة القضائية أو النيابة العامة.
14ـ المحكمة الدستورية الإكوادورية :
تنص المادة (433) من دستور الإكوادور لعام 2008 المعدل في عام 2015 على أن يكون أعضاء المحكمة من المحامين أو القضاة أو أساتذة الجامعات القانونيِّين.
وسنكملُ استعراض بقية المحاكم الدستورية الدولية في الجزء الثاني من هذا القسم إن شاء الله ؛ كي يتبيَّن وجهُ الحقيقة للرأي العام ..
 
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حسن الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/20



كتابة تعليق لموضوع : التجارب الدستورية الدولية  في اختيار أعضاء المحاكم الدستورية   الجزء الأول  (١-٢ ) 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net