صفحة الكاتب : زيد الحلي

اللغة الانكليزية مفقودة في جامعات العراق ..!
زيد الحلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

النخب الثقافية في العراق تعيش الآن وضعاً لاتحسد عليه يتمثل  بتدني مستوى أهم المقومات الأكاديمية لاسيّما عند الحاصلين حديثاً على درجة الدكتوراه  ، وأعني بذلك اجادة لغة ثانية الى جانب اللغة الأم ، وقد حدثني الزميل د. طه جزاع ، ونحن ضيوفاً في مكتب الزميل د. احمد عبد المجيد رئيس تحرير جريدة " الزمان " ببغداد قبل ايام  ،  إنه التقى في سالف الزمان الكاتب والأديب المعروف جبرا أبراهيم جبرا ، فسمع منه كلاما يؤكد ضرورة  حصول المتقدمين للدراسات العليا في العراق على تأييد من معاهد او كليات اللغات تبين إجادتهم  لاحدى اللغات الاجنبية ، وذلك  في فترة الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم ، مضيفاً بان ذلك التأييد هو مكمل رئيس لمستلزمات الدراسات العليا ، فالذي يحمل شهادة عليا دون تمكنه من لغة ثانية ، يعتبر نقصاً في مسيرة اي أكاديمي .
ولا اريد ان أنظّرهنا ، فالعبد لله كما يعرف زملائي ، بعيد عن فهم اللغات الاجنبية ، وأتحدث فيها  عند الاضطرار بلغة الإشارات ، لكني اجد  ان معرفة اللغة الإنكليزية تشكل رصيداً مهماً يضاف إلى المخزون  الذهني للاستاذ الجامعي كونها لغة عالمية لا تختص بقطر دون آخر ولا بمجال علمي دون غيره ، فهي لغة التواصل الأولى بين جميع الناس في كافة البلدان ، وهيطريقة تفكير باعتبارها تمثل وسيلة الاتصال مع الآخر والتعرف على  ثقافتــــه، ومستجدات العلوم الأنسانية والصرفة بكل صنوفها ، واللغة الثانية تجعل الاستاذ الجامعي أكثر تنظيماً في شرح مادته العلمية ، واكثر قدرة  على الإقناع ، وأوسع تخصصاً  في طرحه لرؤاه المبنية على قراءات جديدة ، متجددة ، والتعليم الجامعي ميدان من ميادين الجودة التي ينبغي ان تتزود بأستمرار بالمعلومة الجديدة بلغتها الام  دون انتظار ترجمتها ، والسعي الى مواكبة  المستلزمات الاكاديمية يعتبر أهم واجبات الاستاذ الجامعي ولمن يحمل شهادة عليا في اي أختصاص كان .
 
لقد اختلطت ظاهرة عدم الأهتمام باللغة الانكليزية  في جامعات العراق  حتى غرقت في سديم من الأصوات المتشابهة والمتنافرة ، حيث يدور حديث الآن ولا أعرف مصداقيته ، ان النية متجهة ، وربما اصبح الأمر معمولاً به وهو إلغاء امتحان  الـ TOEFL الذي يعد من اهم امتحانات اللغة الانجليزية والأكثر اعتمادا من قبل الجامعات عند التقديم للدراسات العليا  ، علما ان هذا الامتحان هو الأختبار الوحيد الذي يحدد مستوى الشخص في اللغة الانجليزية ، وإذا صح  ما يدور من حديث  حول  ذلك الإلغاء فعلى التعليم  الجامعي  العراقي  نقرأ السلام  ..!
ان اكتفاء الأستاذ الجامعي بما حصل عليه من شهادة عليا باللغة المحلية ، تبقيه خارج الحداثة ، ولديّ  اصدقاء من أساتذة الجامعة ، يفخرون بكونهم متمكنين من ناصية اللغة العربية ،  وهم فعلاً كذلك ، لكني ألاحظهم عندما يحضرون مناقشة علمية تتصدى لموضوع حديث  ، يعجزون عن مجاراة نظرائهم ممن يتحدثون لغة أجنبية ، لأن العلم الإنساني بأتساع ، والجامعات العالمية ومراكز الابحاث ، تعتمد دوماً اللغات ذات التأثير الكوني ، والاستاذ الجامعي  المقتدر  يصبح في عيون طلابه وزملائه محور الاتصال المعرفي والتقدم الثقافي والوعي العلمي والرقي الاجتماعي حين يبحر في علميته وصولاً الى مديات عالمية  ، والاكاديمي مطالب بالاجابة عن الاسئلة في أختصاص شهادته ، وسبر أغوار اي أختصاص لايتم  إلاّ عبر معرفة شاملة بلغة عالمية ، تؤهله الاطلاع  على المصادر المختلفة باللغة الأم ، وعليه ان يغرق في خضم أختصاصه  وان يقود عن جدارة ما موكول اليه ، حتى يكون جديراً  بحمل لقبه العلمي .
أن المؤسسات  الجامعية  الرصينة تسعى  لتحقيق أهدافها في إعداد جيل متحرر من الجهل من خلال اساتذة أكفاء في فهم حركة التقدم العلمية في شتى المجالات ، وهذا لن يتحقق بالتأكيد دون تواصل مع الجامعات العالمية بوسائل الاتصالات الحديثة ، وهنا تلعب اللغة الاجنبية  جسراً في ذلك التواصل . فالمتعلم للغة  اجنبية لاسيّما اللغة الانكليزية يجد نفسه مشغولا على الدوام بالقيم الانسانية  لأن ثقافته تصبح  ثقافة جماعية قوامها الحرية ، فلا فواصل بين الفرد والجماعة ولا بين بيئته وبيئات العالم .
انني اتوسم بالاكاديمي بان يكون له بؤرتا نظر ، احداهما تجمّع الخارج كله في حرارة رغبة ، وفي لهب أمنية ، والثانية تحرر الداخل وتكشف الطلاء الذهبي للخارج ، فيصبح الاكاديمي  لا ضد التقاليد ، بل بأزاء الكون بعلمه وأستشرافه ، فالشهادة العليا ، تعني الوصول الى لب الأشياء والمكنونات .
 وعلينا ان لا ننسى اننا نعيش في زمن العولمة ، وقد ولّد ذلك ضرورة اعتماد لغة اجنبية تكون وسيلة للاتصال الدولي ، وأتفق الجميع على ان تلك اللغة هي " الإنكليزية " . فهل نكون على مستوى التحدي الذي جاءت به العولمة؟
وشكرا لمن اثار شهيتي لكتابة هذه السطور !
 
 
 



 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زيد الحلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/26



كتابة تعليق لموضوع : اللغة الانكليزية مفقودة في جامعات العراق ..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : علي ، في 2012/03/31 .

اتفق معك يا استاذ زيد تماما ، ولكن كيف السبيل الى ذلك ؟ اما ان يعتمد التدريسي على نفسه او ان وزارة التعليم تبادر في ذلك وكلاهما صعب لكنهما ليسا مستحيلين ، ادعو شخصيا لتعلم اللغة العربية اولا لان كثيرا من اساتذة الجامعات العراقية لا يستطيعون التحدث بالفصحى




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net