صفحة الكاتب : فاضل حاتم الموسوي

إذا تســاووا هـلكــوا 
فاضل حاتم الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

طبيعة الإنسان إذا كان طموحاً للتفوق يكون متقدماً على الآخرين في مختلف الميادين , حيث توجد في داخله رغبة تدفعه الى تحقيق اكبر قدر ممكن من مكاسب والمصالح , وهذه الميزة موجودة في المجتمعات المتقدمة بعكس الإنسان الخامل الذي يبحث عن مبررات يبرر بها تقاعسه . 
والإنسان الذي يسعى أن يكون متفوقاً على أقرانه يثير حالة من التنافس في المجتمع , وهي حالة ايجابية شأنها أن يفجر كل شخص يسعى للتقدم طاقاته وقدراته ويخلق نوعاً من أنواع الحراك المجتمعي وإخراجه من حيز الركود . قال تعالى : ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ ( المطففين : 26 ) وقال تعالى أيضا :﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ . ( المؤمنون : 61 ) , وهذا التنافس يشمل المجتمعات والإفراد على حد سواء , ورد عن أمير المؤمنين (ع) انه قال : الناس بخير ما تفاوتوا فإذا تساووا هلكوا . ( الصدوق , الامالي , 531 ) وهنا يشير الإمام (ع) الى نقطة جوهرية مفادها أن روح التنافس بين الناس سببها التفاوت الذي يمنعهم من الذوبان في اتجاه وطريق واحد . 
بعض الناس يكره بطبيعته أن يبرز له منافس حيث يُصاب بحالة من الانزعاج تصل به حد الحسد , وهذه الحالة يرفضها الإسلام لأنها سوف تُخرج صاحبها من الطريق القويم وتلقي به في التهلكة والعياذ بالله , حيث يسعى الى تشويه سمعة خصمه ومنافسه ويعتدي عليه بأي شكل من الأشكال , مما يؤدي بالنتيجة الى تمزيق المجتمع وتفريقه , ويتحول عندها التنافس من حالة ايجابية تدفع الإنسان الى الأمام الى حالة سلبية تكرس الصراعات والعداوات , ورد في الحكمة : أن تكسير مجاديف الآخرين لا يزيد من سرعة قاربك . 
فالإنسان الذي يحب أن يتقدم على الآخرين عليه أن يضاعف جهده ويطور عمله ولا ينشغل بما يرميه الآخرون عليه من تهم وأكاذيب لان الميدان للعمل والانجازات وليس للكلام والشعارات , قال تعالى : ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ ( القصص : 55 ) . وقال تعالى :﴿ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ ( الشورى : 15 ) . هذا هو التنافس الايجابي الذي ينبغي على الواعين في المجتمع إشاعته والعمل به سواء على المستوى الديني أو الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي لان الهدف منه هو خدمه المجتمع والسعي به نحو الأمام فأي قوة أو نشاط أو فكرة إذا كانت صحيحة ليس من المنطق والعقل أن نهدمها بمعاولنا أو نكون بجانب الحياد ونأخذ دور المتفرج لان الإسلام يدفعنا باتجاه مؤازرة الحق وأهله . 
إذن التنافس هو الذي يحفز بوادر الخير في الإنسان ويدفعه نحو العمل الصالح ويخلق حاله من التنوع ويجعل أمام الناس أكثر من خيار فهو مطلوب بذاته ومجاله مفتوح للجميع . 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فاضل حاتم الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/27



كتابة تعليق لموضوع : إذا تســاووا هـلكــوا 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net