مصحفُ فاطمة وأوهامُ الباحثين الجزء الأول
صادق غانم الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صادق غانم الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ابتعدت شريحة من المفكرين والباحثين والمستشرقين عن إطار مفهوم التراث الثقافي والديني، وما يحمله الإسلام من معان أثرت في المجتمعات، حينما وصلت إليها الحملات لإنقاذ الشعوب من الاضطهاد والتمييز الطبقي، وحملت إليها الكثير من المعاني والقيم الأصيلة، وانتشرت في تلك المدن السنن الصحيحة، علاوة على تأثرها بما آلت إليه ظروف مراحل حروب التحرير خارج العالم العربي.
وانساقت تلك الشريحة حول مشاريعها لتشويه وتمزيق الصورة الحقيقية للإسلام، وما يحمله من عطاء دائم وإشعاع لا ينقطع إلى يوم الحاقة.. وشهد الفكر الإسلامي صراعات ومجادلات انصبت جميعهاً حول (مصحف فاطمة)؛ وبدلاً من أن يحافظوا على وحدة الصف، والوقوف اتجاه كل مؤامرة تريد أن تخدش هذا الجمع الكريم من المسلمين، الذي أرسى قواعدَه المتينة رسولُ الإنسانية محمد(ص)، بعد جهد ونضال مرير، وأوصاهم في آخر خطبة عنه، وأكد فيها على الأمة الواحدة, لكنهم عمدوا إلى التشهير والطعن بأن للشيعة مصحفاً غير هذا الذي نتناوله بين أيدينا، وتنطق به ألسنتنا، وسمي (مصحف فاطمة)..!
في حين لم نشاهد من هذا المصحف أي نسخة في المكتبات العالمية، أو بالخصوص المكتبات الإسلامية، ولم نقف عليه، ولم تصلنا منه نسخه لمعرفة طبيعة ما في بطون هذا المصحف، وما هي نصوصه.. ولا يختلف الأمر بالنسبة للذين شهروا به ينقصهم الدليل والمعرفة والاطلاع عليه؛ وأخذوا أحكامهم من مستشرقين يكيدون للإسلام الحقد والفتن.
عن الإمام الصادق(ع): (ولكن والله -وأهوى بيده إلى صدره- أن عندنا سلاح رسول الله(ص)، وسيفه، ودرعه, وعندنا والله مصحف فاطمة، ما فيه من كتاب الله, وانه لإملاء رسول الله وخطه علي بيده).
في حين إن كلمة المصحف تعني بمصطلحنا الحاضر الكتاب، وليس اسماً خاصاً لكتاب الله، فهو اسم لكل كتاب يجمع صحفاً (أوراقاً أو جلداً)، وسمي القرآن مصحفاً؛ لأنه جامع الصحف. وعن جميع علمائنا من مدرسة أهل البيت(ع)، إلى الحديثين منهم، متفقين على أن القرآن الموجود حالياً هو الذي أنزله الله على رسولنا محمد(ص) دون نقص حرف أو زيادة.
وحسم هذا الموضع شيخ الطائفة الطوسي(قدس الله سره) المتوفى(460هـ) في كتابه (التبيان في تفسير القرآن) بقوله: (وأما الكلام في زيادته ونقصانه مما لا يليق به أيضاً؛ لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها والنقصان فيه). وهذا الكلام يدحض ويكذب كل من افترى على مذهب أهل البيت(ع) حول شرعية القرآن الكريم لدى هذا المذهب؛ بل شك إن الكثير من أصحاب الأقلام المأجورة -ومعهم المستشرقون اليهود- يبحثون عن فجوة ينفذون منها إلى قلب الإسلام؛ ليشقوا بها طريق الملاحم والفتن؛ ليسكبوا الزيت على النار.
وقد استغل المستشرق اليهودي (جولدر ستهر) ما نشره بعض أعداء الإسلام حول هذا الموضوع فيقول: (ويسود الميل عند الشيعة على وجه العموم إلى أن القرآن الكامل الذي أنزله اللهُ سبحانه كان أطول بكثير من القرآن المتداول في جميع الأيدي ومن قرآنهم هذا).
من المخجل جداً، أن يأخذ بعض الباحثين والمفكرين الإسلاميين هذا القول من رجل حاقد على هذا الدين؛ ويعتبرون ما صدر منه هو إشعاع فكري، وحقيقة ساطعة، تكشف لهم ما مُخبّأ عند عقائد الشيعة، بل يؤلفون جمعاً من الكتب حول شرعية (مصحف فاطمة)، ويتهمون الشيعة بأن هذا القرآن محرّف..!
ومن المؤسف أيضاً، إن هذه الكتب تطبع في دول إسلامية, وكان الأجدر بالباحثين، والمفكرين، ومن انساق معهم.. أن يرجعوا إلى كتب فقهاء الشيعة، ويأخذوا منهم ما كتب بهذا الخصوص حول (مصحف فاطمة).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat