لماذا يتعدّد المراجع؟

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وجهت احدى المؤمنات الى مركز الابحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة السيد السيستاني (دام ظله) سؤالاً "لماذا يتعدّد المراجع؟ ؟ وفيما يلي نص السؤال وجواب المركز عليه :- 
السؤال / م/ هيام / السعودية
من وجهة نظري أنّه لا بدّ من توحيد المرجعية، وأن يعود جميع الشيعة إلى مرجع واحد فقط. هذا الأمر لن يكون مستحيلاً لدى الإمامية؛ لأنّهم من بين جميع المذاهب الوحيدون الذين تعرف مرجعيتهم وهي كتاب الله والعترة المطهّرة التي يمثلها الإمام الصادق(عليه السلام).
الجواب
الاخت المحترمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كما تعلمين أيتها الأخت الكريمة أنّ أتباع مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) هم أتباع الدليل، يميلون معه حيث مال، ولا يحيدون عن الدليل الشرعي أو العقلي الذي أرشد إليه الشرع في عباداتهم أو معاملاتهم أو عقائدهم، بل وفي أخلاقهم وآدابهم...
وبالنسبة للتقليد في زمن الغيبة، فقد وردت النصوص من أئمّة العترة الطاهرة(عليهم السلام) بأن يرجع الناس إلى رواة أحاديثهم من الفقهاء العدول؛ قال الإمام الحسن العسكري(عليه السلام): (فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه)(1).
وورد في التوقيع الشريف عن الإمام صاحب الأمر(عليه السلام): (وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا؛ فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حجّة الله عليهم)(2).

وبما أنّ هذه الأحاديث الشريفة قد حدّدت الصفات والخطوط العريضة لما يجب أن يكون عليه مرجع التقليد، ولم تلزم بالاتّفاق على مرجع واحد في كلّ عصر، فالمجال يبقى مفتوحاً لمن يجد في نفسه الكفاءة والأهلية لهذا الموقع أن يرشّح نفسه، أو يرشّحه أهل العلم والأهلية لهذا الموقع، وهذا فضاء رحب يجعل فقهاء الطائفة في زمن الغيبة في مستوى المسؤولية والتنافس العلمي من أجل الوصول إلى أعلى المراتب العلمية..
وكذلك يعطي المجال للطائفة أن لا تكون أسيرة الأزمات السياسية والإقليمية التي تحدث في البلدان الإسلامية والتي تمنع المقلّدين من مراجعة علمائهم في بعض الظروف، مع أنّ الاتّفاق على مرجع أعلى للطائفة قد توفّر في بعض الأزمان، عندما تهيأت الظروف الموضوعية للانقياد إليه من جميع المؤمنين في العالم.

وببيان آخر: إنّ الأدلّة الواردة في المقام لم تكن إلزامية في وجوب العودة إلى مرجع واحد في كلّ زمان، وإنّما بيّنت القواعد الأساسية والشروط الواجب توفّرها في مرجع التقليد فقط، وبقي هذا المجال مفتوحاً، ولا يمكن لأحد أن يلزم الطائفة بوجوب العودة إلى شخص بعينه، وإنّما كان المعوّل عليه هو توفّر الشروط في شخص المتصدّي لهذا المنصب، وهذا الأمر قد يتوفّر في اثنين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك في كلّ زمان، وقد يحصل الاتّفاق على مرجع واحد وقد لا يحصل.

والحاصل: أنّه لا يوجد دليل شرعي على وجوب توحيد شخص المرجع، وقد يتصدّى فقيهان أو ثلاثة لمنصب المرجعية يرى فيهم مقلّدوهم أنّ كلّ واحد منهم هو المؤهّل دون غيره، ولا إلزام على أيّ مكلّف في اتّباع ما لا يراه الأعلم بنظره. وفي المسألة فوائد ومصالح ذكرنا جانباً منها في البيان المتقدّم.
ثمّ لا بدّ من ملاحظة أنّ صفات، مثل العدالة والأعلمية، تدرك بالحدس القريب من الحسّ لا بالحسّ، وبالتالي يحصل الاختلاف بين العقلاء في ضبطها ودرجة التفاضل بينها، كما في كلّ الأشياء المدرَكة بالحدس، فيكون من الطبيعي اختلاف أهل الخبرة بالأعلمية في تفضيلهم بين المراجع؛ إذ الحدس لا ينضبط عند الكلّ، خاصّة في المراتب المتقاربة، وهو ما يحصل غالباً في المراتب بين الفقهاء المتصدّين.
ودمتم في رعاية الله

(1) الاحتجاج 2: 263 احتجاج أبي الحسن العسكري(عليه السلام) في أنواع شتى من علوم الدين، وسائل الشيعة 27: 131 الباب(10) حديث (33401) من أبواب صفات القاضي.
(2) كمال الدين وإتمام النعمة: 484 الباب(45) ذكر التوقيعات، وسائل الشيعة 27: 140 الباب(11) حديث (33424) من أبواب صفات القاضي.

مركز الابحاث العقائدية اضغط هنا 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/10/08



كتابة تعليق لموضوع : لماذا يتعدّد المراجع؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net