صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

تعريف بترجمات الكتاب المقدس المخطوطة والمطبوعة – (8)
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
نماذج من الاختلاف في الترجمة تبعاً للعقيدة الكنسية:
النموذج العام الذي نستدل به على ان ترجمات الكتاب المقدس من لغته الاصلية الى اللغات الحية تخضع لفهم الكنيسة التي قامت بالترجمة وعقيدتها هو ظهور ترجمة عربية تسمى بالترجمة المشتركة، هذه الترجمة هي مشروع لترجمة الكتاب المقدس بطريقة مقبولة من جميع الكنائس بسبب اختلافها في ترجمات مواضع عديدة، وتعنّت كل كنيسة بالترجمة التي توافق رؤيتها وهواها، ورغم صدور هذه الترجمة المشتركة فلم نعثر على ما يدل على ان جميع الكنائس راضية بهذه الترجمة حيث لم يصدر عن رؤساء الكنائس المختلفة تصريحات أو بيانات تؤيد قبولهم بهذه الترجمة كترجمة موحدة لجميع الكنائس المسيحية!
على أيةِ حال، المهم بالموضوع إنَّ الإعتراف بوجود ترجمة مشتركة يعني ان بقية الترجمات غير المشتركة ليست مرضية من قبل كل الكنائس لأنها تعبِّر عن فهم وتفسير ورؤية محدَّدة ومقيَّدة بعقيدة الكنيسة القائمة بالترجمة. فنجد في مدخل الترجمة المشتركة للعهد الجديد والصادر عن جمعية الكتاب المقدس ما نصه: (دوّن الاب بولس الفغالي من الكنيسة الكاثوليكية المقدمة والحواشي لكل كتاب وقرأها مع لجنة ضمت الكنائس السريانية[1] والارثوذكسية والانجيلية، وعلى ضوء الملاحظات التي قدمت من هنا وهناك أعاد الاب بولس الفغالي صياغة هذه الحواشي لتكون في خدمة جميع الكنائس المسيحية)[2]. وجاء في موقع (الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية) بخصوص الترجمة المشتركة النص التالي: (هذه الترجمة هي أول ترجمة عربية وضعتها لجنة مؤلفة من علماء كتابيين ولاهوتيين ينتمون إلى مختلف الكنائس المسيحية من كاثوليكية و أرثوذكسية و إنجيلية. وها هي اللجنة المذكورة تقدم اليوم الكتاب المقدس كله، بعدما أنهت ترجمة العهد القديم و نقّحت العهد الجديد. في هذه الترجمة استندت اللجنة إلى أفضل النصوص المطبوعة للكتاب المقدس في اللغتين: العبرية واليونانية. فبالنسبة إلى النص العبري استندت اللجنة في ترجمتها العهد القديم إلى توراة شتوتغارت في ألمانية (طبعت سنة 1968 – 1976). و في هذا المجال نشير إلى أن اللجنة كانت تستعين باللغة الآرامية (السريانية) كلما دعت الحاجة . أما فيما يختص بالنص اليوناني , فإن اللجنة استندت في ترجمتها العهد الجديد إلى طبعة نسله – ألاند، رقم 26 و إلى الطبعة رقم 3، التي نشرتها جمعيات الكتاب المقدس)[3].
 
فمن آثار تدخل الآراء والأهواء والرغبات في ترجمات الكتاب المقدس، المخطوطة والمطبوعة، نذكر الشواهد التالية:
1)       يترجم الكاثوليك الكلدان واللاتين النص في رسالة بولس الى أهل روما (23:14) كالاتي:
* في طبعة العهد الجديد (روفائيل الاول) الكلدانية : (وكل شيء لا يصدر عن ايمان فهو خطيئة).
* في طبعة العهد الجديد (بولس باسيم) اللاتينية : (فكل شيء لا يأتي عن يقين الايمان فهو خطيئة).
* في طبعة الكتاب المقدس (أغناطيوس زيادة) المارونية كتبوها: (وكل ما ليس من الاعتقاد فهو خطيئة). 
فأبدلـوا كلمة (الايمان) بكلمة (الأعتقاد) ولهم وجهة نظر مذهبيـة مذكورة في ص (489) من طبعة أغناطيوس زيادة المذكورة ونصها : (اللفظ اليوناني المُتَرجَم هنا بالاعتقاد هو المترجم في غير هذا الموضع بالايمان الا انّا عدلنا ههنا عن لفظ الايمان لان المراد في هذا المتن مجرّد اعتقاد الضمير كما تدل عليه قرائن الكلام وكما فسره الاباء القديسون . ومعنى الاية ان كل ما نفعلهُ ونحن غير معتقدين اعتقاداً جازماً بأنه غير محرَّم ولم نبحث عن جوازه قبل ان نفعله فأنّا نخطأ بفعلهِ) . 
وفي الترجمة المشتركة كتبوها: (وكل شيء لا يصدر عن ايمان فهو خطيئة). ثم كتبوا في الهامش: (الايمان هو الذي يلهم أعمالنا، وكل ما لا يصدر عن إيمان هو خطيئة). فهم فسروا الإيمان هنا بمعنى الضمير، تلافياً للخلاف. لأن الإيمان بمعناه الديني هو أمر منفصل عن الأعمال، والعلاقة بين الإيمان والأعمال هو محور رسالة يعقوب في العهد الجديد.
والكنائس المسيحية المختلفة لا يمكنها الاتفاق على معنى واحد في هذه المسألة، فكيف بالمسائل العقائدية الاخرى الاكثر اهمية!
 فهذا نموذج بسيط من تأثير فهم الكنيسة في ترجمة الكتاب المقدس واختلاف الترجمات فيما بينها تبعاً لأختلاف الكنائس واهوائها! وهو من أسباب عدم إمكانية إتفاق الكنائس على ترجمة واحدة!
2)       نموذج آخر لتدخل عقيدة المترجم في ترجمة النص "المقدس" نجده مذكور في كلام الاب بولس الفغالي حيث يقول وهو يتحدث عن ترجمة اكيلا اليونانية للعهد القديم (التوراة): (بم يتميّز نقل التوراة لأكيلا الذي تم في السنة 128- 129؟ كل كلمة في العبرانية تقابلها كلمة واحدة في اليونانية، وهي هي لا تتبدل في كل النصوص. ولكن نتيجة هذه الطريقة الحرفية هي انعدام كل أسلوب إنشائي بل أخطاء نحوية. أمّا طرق الترجمة التي استعملها أكيلا فهي تدل على أنّ عمله يرتبط بمبادئ التأويل المعمول بها لدى الرابانيين في فلسطين في القرن الثاني ولا سيّمَا عقيبة. بالإضافة إلى هذا، نجد لدى أكيلا آثار حرب ضد المسيحية. ونعطي مثلين على ذلك. فكلمة مسيح تقابلها كلمة كرستوس في اليونانية. أمّا أكيلا فأحلّ محلّ "كرستوس" كلمة "الايمنوس" (أي الشفوق). واستعمل في أش 14:7 كلمة "صبية" لا "عذراء" ليزيل كل ما فيه تلميح إلى بتولية مريم كما يراها المسيحيون في هذا المقطع)[4].
 
3)       ونموذج آخر من التفسير اليهودي للتوراة حيث يتأثر النص بالعقيدة، نقرأ كلام الاب بولس الفغالي حيث يقول وهو يتحدث عن الترجمة الآرامية للكتاب المقدس فيخص بالذكر الترجوم اليهودي: (ان كلمة ترجوم (تلفظ ترغوم) الأرامية تعني حرفيا "النقل" و"التفسير". وهي تدل على ترجمة أرامية للتوراة تُستعمل في المجمع (أو الكنيس). فقَبْل المسيحية، أحس اليهود بالحاجة إلى أن يقرأوا، بعد التوراة العبرية، الترجوم الذي هو نقل وتفسير شفهي في الأرامية يهدف إلى أن يجعل الكلمة المكتوبة قريبة من السامعين. كان "الترجمان" ينقل النصّ المقدّس إلى لغة الشعب، ويدخل في لحمة ترجمته التوراتية عناصر تأويلية توجّه القارئ إلى فهم النص العبري المقروء. وانتقل الترجوم مدة طويلة بطريقة شفهية. وكان الأساسَ التفسيري التقليدي فينتقل بواسطة عبارات متحركة ويتكيّف ويتوسّع خلال عملية النقل. أمّا التفسير المعمول به في الترجوم فيرتبط بالنشاط التأويلي اليهودي القديم الذي يسمّى "مدراش". فالمدراش يتوسل تقنية التفسيرة، فينطلق من المعنى الحرفي، ويدرس النص ويتفحّصه ليستخرج منه ما يحمل من معاني. يدرسه بالقياس مع مقاطع بيبلية أخرى أو في علاقته بأفكار دينية حديثة في العالم اليهودي. ولكن لم يمارَس النشاط المدراشي فقط على مستوى الترجوم الذي يقوم بترجمة النص وتفسيره. فالمدراش نَقل مجموعةً من التقاليد، وهي أخبار تعيد كتابة أحداث بيبلية، ومجموعة تفاسير وضعت بجانب الآيات الكتابية، والوعظ والإرشاد. والحال أنّ الرباطات بين الترجوم وعالم المدراش متشعّبة. وهكذا يقتبس "الترجمان" تقاليد من النشاط المدراشي ويجعلها في ترجمة التوراة. هناك تقاليد قديمة وأخرى حديثة. والتداخل بين الترجوم وتفاسير الرابانيين أمر طبيعي إذا عرفنا أن الترجمة المقروءة في المجمع ترتبط بالمدرسة. من جهة، يتثقف الترجمان ليقوم بوظيفته فيسير حسب التقليد ويؤّون النص التوراتي. ومن جهة ثانية كان الترجوم الذي يُتلى في المجمع يعود كمادة درس يتعمق فيه الطلاّب بقيادة المعلّم)[5].
 
4)       في انجيل لوقا (22: 32): 
يختلفون في ترجمة النص بين (ينقص ايمانك) و(يفنى ايمانك)، وكالتالي:
* وفي طبعة العهد الجديد والوصايا العشر سنة 1737م: (ألّا ينقص ايمانك)[6].
* في طبعة العهد المقدس في الهند 1816م: (لئلّا ينقص يقينك).
* في طبعة رجارد واطس للكتاب المقدس 1833م: (ليلا ينقص ايمانك). وكذلك طبعته للعهد الجديد.
* في طبعة الاناجيل الاربعة العربية في برلين 1864م: (ليلا ينقص (تنقص) ايمانك).
* وفي طبعة الاناجيل الأربعة المارونية 1865م: (ليلا ينقص ايمانك).
* في الطبعات الكاثوليكية اليسوعية 1878م و1897م، وطبعة الدومينيكان 1875م: (لئلا ينقص ايمانك).
* في الطبعة (القبطية) الصادرة عن دار الكتاب المقدس في مصر، 2017م، كتبوها: (لكي لا ينقص ايمانك). 
وفي المقابل:
* نقرأ في الطبعات البروتستانتية يكتبونها، كما في الفاندايك 1865م: (لكي لا يفنى إيمانك).
* وفي العهد الجديد الطبعة الكاثوليكية[7] الخامسة والثامنة: (الاّ تفقد إيمانك).
* وفي الطبعة القبطية الآرثوذكسية المشرقية برعاية البابا القبطي كيرلس السادس: (الّا يفنى إيمانك).
* وفي الطبعة القبطية الآرثوذكسية المشرقية الصادرة عن مطرانية بورسعيد: (لكي لا يفنى ايمانك).
* وفي العهد الجديد القبطي الآرثوذكسي المشرقي للقمص قزمان البراموسي: (لكي لا يفنى ايمانك).
* وفي الترجمة المشتركة كتبوها: (أن لا تفقد ايمانك).
* وفي الترجمة العربية المبسطة: (لكيلا تفقد ايمانك).
* في طبعة العهد الجديد، ترجمة بين السطور [عربي-يوناني][8]: (ان لا تفقد إيمانك).
* وفي الطبعة القبطية الآرثوذكسية المشرقية 1935م التي صدرت في عهد البابا يوأنس التاسع عشر (1928-1942)م[9] : (لكيلا يفنى إيمانك)، وجاء في هامش الصفحة التعليق التالي: (رو {طبعة رومية} وكا {نسخة القبط الكاثوليك} ويس {نسخة اليسوعيين} ولند {نسخة لندن} قر {قرئت} ينقص). أي انها اعترفت بترجمة (ينقص) الواردة في طبعات أخرى.
وهذا الاختلاف بين (ينقص) و(يفنى) له بعد ديني متعلق بعقيدة عصمة بابا روما في قضايا الايمان، وهي العقيدة التب اقرها المجمع الفاتيكاني الأول سنة 1870م. فمن يترجمها (لا ينقص) هو من المؤيدين لهذه العقيدة لأنه يقصد ان ايمان بطرس لا ينقص، فيكون تاماً، ومنه اخذوا هذه العقيدة. واما من يترجمها (لئلا يفنى) فيقصد امكانية فناء الايمان وبالتالي امكانية نقصانه، وهو يعني عدم صحة ان يكون البابا معصوماً في قضايا الايمان! هكذا يفسرون الموضوع!
يقول القس اثناسيوس سبع الليل: (فعلى ذلك يقول الكاثوليك انه لا بدّ ان ايمان بطرس يبقى دائماً زاهياً زاهراً طاهراً نقيّاً لا يشوبه فساد ولا غلط. لان السيد المسيح صلّى لاجله حتى "لا ينقص" ايمانه. فماذا عمل البروتستانت ليتخلصوا من هذا البرهان؟ انهم غيّروا في الطبعة الجديدة لفظة لئلا "ينقص" ايمانك بلفظ اخرى وهي: لئلا "يفنى" ايمانك. وبما انّه على اول وهلة لا يظهر لك ايها القاري العزيز الفرق الموجود بين هاتين اللفظتين، غير انه يوجد بينهما فرق عظيم وبون شاسع، فان البروتستنت بعد هذا التغيير الذي قد اجروه بخبث يأتون المسيحيين ويقولون لهم: اما ضعف براهين الكاثوليك التي يحاولون ان يثبتوا عصمة القديس بطرس وخلفائه عن الغلط في موادّ الايمان، انهم يستندون على نص لوقا الذي قال فيه السيد المسيح انه صلّى لأجل بطرس، والحال ان السيد المسيح صلّى لآجله حتى لا "يفنى" ايمانه (اي لآجل عدم ملاشاته وعدم اضمحلاله)، والحال انه يمكن ان "لا يفنى" ايمان بطرس ويكون مع ذلك تعليمه فاسداً، فهذا ما يقوله البروتستنت، والترحيف قد اجروه يساعدهم على ذلك، وهذا هو السبب الذي حملهم على تحريف هذه الآية)[10].
وهذا الاختلاف في الترجمات العربية لم اجد مماثلاً له في الترجمات الانجليزية، فأغلبها تترجم النص المقصود: (thy faith fail not)، اي "لا يفنى ايمانك" أو (will not lose your faith) أي "لن تفقد ايمانك". وهناك ترجمات قليلة ترجمتها بطريقة مختلفة، ولكن ليس كما في الترجمات العربية القديمة: (لكيلا ينقص ايمانك) بل بأسلوب آخر!!
•        Contemporary English Version (CEV) 1995: (I have prayed that your faith will be strong).
•        The Message (MSG) 2018: (I’ve prayed for you in particular that you not give in or give out).
•        New Life Version (NLV) 2003: (But I have prayed for you. I have prayed that your faith will be strong and that you will not give up).
•        The Passion Translation (TPT) 2020: (But I have prayed for you, Peter, that you would stay faithful to me no matter what comes).
 
•        The Voice Bible (VOICE) 2012: (I have prayed that your faith will hold firm and that you will recover from your failure and become a source of strength for your brothers here).
•        Worldwide English (New Testament) (WE) 1998: (But I have talked to God about you, Simon, so that you will keep on believing in me).
هذا هو حال اغلب الترجمات باللغة الانجليزية!
* اما الترجمات بالاسبانية فوجدت تعبير (لا ينقص ايمانك) في الطبعات التالية:
1) Reina-Valera 1960 (RVR1960):
2)  Biblia del Jubileo (JBS)
3)  Dios Habla Hoy (DHH)
4)  Reina Valera Contemporánea (RVC)
5)  Reina-Valera 1960 (RVR1960)
* وفي طبعات اسبانية اخرى استخدموا (لا يفنى ايمانك)!
* ووجدت في بعض الترجمات الاسبانية تعبير (tu fe no falle) ومعناه "لا يفشل إيمانك" وايضاً في بعض الترجمات الايطالية (la tua fede non venga meno) بنفس المعنى!
وقد توسعت قليلاً في بيان هذا الموضوع لأبين للقاريء كيف ان هناك اختلاف بين ترجمات الكتاب المقدس بلغة واحدة وبين اللغات المتعددة! وهذه الاختلافات مرتبطة من جانب باختلافات المخطوطات ومن جانب آخر بنوايا القائمين على الترجمة، حيث يقوم بعضهم بالترجمة للانتصار لصالح رأي أو مفهوم معين يعتقده!
 
5)       الاختلاف ترجمة رسالة بولس الثانية الى اهل تسالونيكي (2: 15). 
حيث يختلفون في ترجمة النص بين كتابة مقردة (التقاليد) ومفردة (التعاليم)، وكالتالي:
* في ترجمة العهد الجديد 1737م: (وامسكوا التقليدات التي تعلمتموها امّا بالقول وامًا برسالتنا).
* في ترجمة العهد الجديد طبعة الهند 1816م: (وتمسّكوا بالسنن التي تعلمتموها سواء كانت بالكلام أو برسالاتنا).
* في ترجمة طبعة رجارد واطس 1833م: (اثبتوا واصبروا على التقاليد التي تعلمتم من كلامنا مشافهة ومن رسالتنا).
* في ترجمة العهد الجديد الصادرة عن مطرانية بور سعيد القبطية الآرثوذكسية المشرقية: (وتمسكوا بالتقاليد التي تعلمتموها، سواء كان بالكلام أم برسالتنا).
* في ترجمة الآباء الدومينيكان 1875م: (وتمسّكوا بالتقاليد التي تعلمتموها منّا سواء كان مشافهةً أم برسالتنا).
* في الترجمة العربية المبسطة: (وتمسكوا بالتقاليد التي تسلمتموها منّا، سواء بالكلام أم برسالتنا).
 
وفي المقابل نقرأ:
* في الفاندايك: (وتمسكوا بالتعاليم التي تعلمتموها، سواء كان بالكلام أم برسالتنا).
* في الترجمة المشتركة: (وحافظوا على التعاليم التي اخذتموها عنّا، سواء كان مشافهة أو بالكتابة إليكم).
* في ترجمة القمص قزمان البراموسي للعهد الجديد وهي ترجمة قبطية آرثوذكسية مشرقية: (وتمسكوا بالتقاليد التي تعلمتموها بكرازتنا وبرسالتنا).
* في طبعة العهد الجديد ترجمة بين السطور [يوناني-عربي][11]: (وحافظوا على التعاليم التي اخذتموها عنّا سواء كان مشافهة أو بالكتابة إليكم)، غير انه في نفس الصفحة يترجم الكلمة اليونانية بكلمة (التقاليد)!
والخلاف في الترجمة يقول عنه الكاثوليك هو ان البروتستانت استبدلوا كلمة (التقاليد) بكلمة (التعاليم) لكون الاولى تؤيد ان تكون التقاليد الشفهية الموروثة مصدراص رئيسياً من مصادر الدين المسيحي الى جانب الكتاب المقدس، بينما البروتستانت يذهبون الى التمسك بالكتاب المقدس وحده ونبذ التعاليم!
وحجة الكاثوليك في الترجمة بالتقاليد اقوى من البروتستانت، كما مرّ علينا في ترجمة العهد الجديد بين السطور حيث كتبوها كترجمة حرفية (تقاليد) ثم عندما استخدموها في الجملة كتبوها (تعاليم)!
ويقول القس اثناسيوس سبع الليل: (لأنه معلوم لكل من له المام باللغة اليونانية وطالع آية بولس الرسول في هذه اللغة ان لفظة Παραδόσεις (بارادوسيس) التي ترجمها البروتستنت بلفظة تعليم معناها تقليد كما هو موجود في سائر الترجمات القديمة كالترجمة الحبشية والارمنية والعربية القديمة والنسخة العربية التي طبعها البروتستنت في لندن والترجمة اللاتينية التي استعملت في هذه الآية لفظ Traditio والحال ان فعل Tradere الذي تُصاغ منه لفظة Traditio معناه "سلّم تسليماً" وعليه فآية بولس الرسول باللغة اللاتينية تعني "التسليمات" أي التعاليم المسلّمة الغير مكتوبة. وهذا هو بالحصر معنى لفظة "تقليدات" التي غيّرها البروتستنت في ترجمتهم الجديدة بلفظة تعاليم. غير ان ما يُظهر خيانة البروتستنت بنوع اجلى هو انهم قد اتصلوا ان يناقضوا نفسهم بنفسهم لنيل ماربهم الخبيث لان لفظة Παραδόσεις التب ترجموها في آية بولس الرسول هذه بلفظ تعليم قد سبقوا وترجموها انفسهم بلفظة تقليد في ترجمتهم الجديدة المحرَّفة ذاتها. وذلك في جملة محلات من العهد الجديد كفي انجيل متى (5: 2و3و6)[12] ومرقس (7: 3و5و8و9و13)[13]، فلِمَ يا ترى قد غيّروا بعد ذلك ترجمتها في آية بولس المذكورة خلافاً لمعناها الحقيقي وعبّروا عنها بلفظة تعليم؟ هل انهم يا ترى عندما بلغوا في الترجمة الى رسائل بولس نسوا معنى لفظة Παραδόσεις الحقيقي التي كانوا قد ترجموها في الانجيل ثماني مرّات؟ لعمري ان كان الامر كذلك فعلمهم قليل وذاكرتهم قصيرة غير انه ليس هذا هو السبب الذي حمل البروتستنت على هذا التغيير، إنما سبب ذلك هو خبثهم العميق ورداءتهم الفظيعة، وقد ساعدهم ايضاً على ذلك استهزاؤهم الفاحش بالكتاب المقدس، فاسمع ايها القاريء ما هو (حسب ظني) سبب هذا التغيير وقل لي ان كنت اصبت في حكمي ام لا، ان السيد المسيح في آيات متى ومرقس المذكورة قد وبّخ اليهود على تمسّكهم بتقليدات آبائهم التي كانت مخالفة للناموس الموسوي، فاوّلا ان هذا التوبيخ لا يمس تعليم البروتستنت وثانياً ربما انه ايضاً يساعدهم على ترويج اقوالهم في بعض اقوالهم في بعض الظروف اي مع الناس البسطاء الذين لا يحسنون معرفة الكتاب المقدس، فمع هؤلاء الانام يستعينون بشطارة الكلام ليخيّلوا لهم ان السيد المسيح قد ذمّ التقليدات كلها بنوع الاجمال وليس "تقليدات اليهود وحدها التي كانت مخالفة للناموس" ولهذا فلم يحرّفوا كلام المسيح لليهود وترجموا لفظ Παραδόσεις حسب معناها الحقيقي أي بلفظة تقليدات. اما عن آية بولس الرسول التي نحن في صددها فليس الامر كذلك لانها تحرّض المؤمنين على الثبات في التقليدات اي التعاليم الالهية الغير مكتوبة وعلى التمسك بها. وحيث ان البروتستنت لا يهضمون التقليدات فقد حرّفوا هذه الآية وغيّروا فيها لفظة تقليدات بلفظة تعاليم حتى يتخلَّصوا من هذه التقليدات التي تعرقلهم في كل تعاليمهم الجديدة. 
اعلمت الان ايها القاريء اللبيب ما هو السبب الذي حمل البروتستنت على التحريف في محل وعلى عدم التحريف في محلات عديدة اخرى؟ اليس ان البروتستنت هم "شطّار" في امورهم؟ الا يستحقون ان يُقال لهم: عفارم عليكم ايها البروتستنت ..... غير انني اقول لكم ايها البروتستنت المحرّفون الكتاب ان هذه الطريقة التي اتخذتموها هي عيب على اناس يترجمون الكتاب المقدس فضلاً عن كونها خطاءً جسيماً وخيانة فظيعة وخبثاً عميقاً ورداءَة زائدة وقحة لا تثطاق. انه عار على الدين المسيحي وجود اناس مسيحيين يمدّون يد التلاعب على الكتاب المقدس الذي يعتقدون انه كلام الله ويبدلونه ويغيرونه ويحرفونه على حسب هواهم واغراضهم واميالهم الشخصية وتأييداً لتعاليمهم المفسودة. انكم اشبهتم ايها البروتستنت المحرّفون الكتاب ذلك الملك الكافر بلشاصر الذي دنّس اواني الهيكل المقدسة اذ شرب فيها المسكرات، فانكم قد دنّستم كلام الله اذ جعلتموه انآءَ فيه تسقون الناس سكر الضلال. الا انَّ  البروتستنت لا يمنعهم مانع ولا يعوقهم عائق ولا يفتكرون في الحرام والحلال ما دام "الاهيف يزغي امام اعينهم" لانه لا يخفاك يا سلامه كراس[14] ان الخيَّال له سطوة على قلب البروتستنت، وكل المبشرين البروتستان هم ادرى بذلك، اعوذ بالله منكم يا بروتستنت ...)[15].
 
6)       في رسالة بطرس الثانية (1: 10) 
اختلاف بين كتابة عبارة (بالاعمال الصالحة) في النص وبين حذفها!
* نقرأها في ترجمة الدومينيكان 1875م: (فمن اجل هذا بالاكثر يا اخوة احرصوا أن تجعلوا دعوتكم واصطفاءَكم ثابتين بالأعمال الصالحة. فانكم اذا فعلتم ذلك لم تذنبوا ابداً).
* وكذلك في الكتاب المقدس الترجمة اليسوعية 1897م وردت عبارة (بالاعمال الصالحة).
* وكذلك وردت في الكتاب المقدس طبعة رجارد واطس في لندن 1833م المطبوعة عن نسخة رومية 1671م.
* وايضا وردت في طبعة العهد الجديد الصادرة عن مطرانية بور سعيد القبطية الآرثوذكسية.
* ووردت بتعبير (باعمالكم الحسنة) في (كتاب اعمال الرسل والرسائل الكاثوليكية وقول في تثليث الله الواحد)[16].
وفي المقابل:
* نجد انَّه في طبعة العهد الجديد 1737م هذه العبارة غير موجودة. وكذلك في طبعة الكتاب المقدس ترجمة الشدياق 1857م.
* وهي غير موجودة في طبعة الفاندايك البروتستانتية 1865م.
* ولا في طبعة العهد الجديد القبطية الآرثوذكسية ترجمة قزمان البرموسي.
* ولا في الترجمة العربية المشتركة.
* ولا في طبعة العهد الجديد التي صادق عليها مار روفايل الاول بيداويد بطريرك بابل على الكلدان وهي مطبوعة عن الترجمة العربية المشتركة.
* ولا في طبعة العهد الجديد البولسية.
والظاهر ان لكل طرف حجته لانه مستند الى مخطوطات سابقة وإن كانت متفاوتة في القِدَم والاعتبار! غير ان المثبتين لهذه العبارة (الاعمال الصالحة) يذهبون الى نفس مذهب رسالة يعقوب ضمن العهد الجديد التي تنص على ان البِرَّ أو الخلاص يكون بالايمان والاعمال الصالحة معاً، بينما الذين يعتمدون مخطوطات او مصادر تحذف هذه العبارة فهم يرون ان الخلاص يكون بالايمان فقط.
وقد اتهم القس الكاثوليكي اثناسيوس سبع الليل البروتستانت بانهم حذفوا هذه العبارة عمدا في ترجمة الفاندايك! قال: (اتعلم يا مشاط[17] ماذا عمل البروتستنت في هذه الاية؟ اسمعوا ايها المسيحيون، اسمعوا كلكم واحكموا على البروتستنت وعلى خبثهم: انهم قد حذفوا من هذه الآية اللفظين اللتين لا توافقانهم وهما (بالاعمال الصالحة) واسقطوهما من النص الإلهي في ترجمتهم، وقد تركوا المعنى ناقصاً، وهاك هذه الآية في ترجمتهم الجديدة: "اجتهدوا ان تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين ....." ولفظة "بالاعمال الصالحة" التي بها تتم الآية ويكمل المعنى فهي لحد الان موجودة في المطبعة ولكنها لم تُطبع ... فما قولكم يا قوم في هذه الجسارة؟ وكيف امكن البروتستنت ان يحذفوا كلمتين من الكتاب المقدس "عيني عينك" امام السماء والارض؟ وبعد ذلك يقول البروتستنت اصحاب الدين الجديد دين لوتيروس[18] الفاسق ان الكتاب المقدس هو القانون الوحيد لايمانهم واعمالهم .... كان الواجب عليكم ان لا تأتوا ابداً بذكر الكتاب المقدس على افواهكم ولا في كتاباتكم ايها البروتستنت الذين لا تعرفون ان تحفظوه سالماً بدون تحريف ..... وكيف تقولون انه قانون "اعمالكم" وانتم تحذفون منه ضرورة الاعمال الصالحة؟ فلا يكون بعد ذلك الا قانون الاعمال السيئة، وهذا ظاهر وجلي لانكم تقولون ان الكتاب المقدس هو قانون اعمالكم، والاعمال امّا صالحة واما طالحة، فلا يمكنه ان يكون قانون الاعمال الصالحة حيث انكم قد حذفتم منه ضرورة الاعمال الصالحة، فلا يبقى اَّا ان يكون قانون الاعمال الطالحة. ولكن اتظنون ايها البروتستنت ان تلاعباتكم في آيات الكتاب المقدس يمكنها ان تبقى مخفية؟ "ليس خفي الا سيظهر"، فلنفتّشنَّ في النص اليوناني الاصلي وفي الترجمات القديمة على هذه الآية ليظهر للكل تحريفكم وخبثكم. ان هاتين اللفظتين اللتين حذفهما البروتستنت وطردوهما من كتاب الله موجودتان في النص اليوناني وفي ترجمات الكتاب المقدس كلها. ففي النص اليوناني توجد هذه الالفاظ: διά τ ών καλών ύμών έργων أي "باعمالكم الصالحة" وفي الترجمة السريانية توجد هذه الكلمات: "دَ بَيد عَبودَ يكون طوبي" أي (بواسطة اعمالكم الحسنة). وفي الترجمة اللاتينية توجد هذه الالفاظ (per bona opera) ومعناها كما سبق. وفي الترجمة القبطية توجد هذه الالفاظ:

 
ومعناها: "بواسطة اعمالكم الصالحة". وفي الطبعة الاولى التي طبعها البروتستنت في لندن سنة 1860 توجد هذه الالفاظ عينها في هذه الآية أي: "باعمالكم الصالحة". فكيف امكن البروتستنت ان يتجاسروا ويلعبوا في كلام الله ويغيروا ويبدلوا فيه بهذا المقدار؟)[19].
 
7)       في رسالة بولس الاولى الى اهل كورنثوس (9: 5).
اختلاف في ترجمة النص بين كلمة (اخت) وكلمة (زوجة)!
* نقرأ النص في الكتاب المقدس ترجمة الدومينيكان: (أوَما يحلّ لنا انْ نصطحب امراةً اختاً تجول معنا كسائر الرسل واخوة الرب وكيفا). وجاء التعليق التالي في هامش نفس الصفحة: (قد افسد هذا النص في بعض ترجمات غير الكاثليكيين فوُضع زوجة مكان امراة، ولكن في الاصل اليوناني لفظة معناها امراة على الاطلاق، والقرائن لا تحتمل ان يكون الكلام هنا عن الزوجة، اولاً: لانها تسمى اختاً فان كانت اختاً فكيف تكون زوجة. وثانياً: لانه يذكر لاي سبب تُتّخذ، اي لكي تجول مع الرسل وتداريهم. وثالثاً: لانها واحدة مع اثنين اي مع بولس وبرنابا. ورابعاً: لانه معلوم انّ بولس لم يكن له زوجة كما يظهر في هذه الرسالة ص7: 7و8).
* وفي طبعة العهد الجديد 1737م ترجموها: (عسي ما لنا سلطان ان تدور معنا اخت امرأة كباقي الرّسل واخوة الرب وكيفاس).
* وفي طبعة رجارد واطس للكتاب المقدس في لندن 1833م عن نسخة رومية 1671م: (او ما يحل لنا ان نستصحب امراة اختا تجول معنا مثل ساير الرسل واخوة الرب ومثل الصفا).
* وفي طبعة الكتاب المقدس ترجمة اليسوعيين 1897م: (بامرأة أختٍ).
* وفي العهد الجديد الطبعة البولسية: (بامرأةٍ أُختٍ).
* وفي طبعة رينا فاليرا Reina Valera الاسبانية 1569م: (una hermana por mujer) أي امرأة اخت.
* وفي الطبعة اليونانية للعهد الجديد ستيفانوس STEPHANUS 1550م: (αδελφην γυναικα) أي امرأة أخت.
 
وفي المقابل:
* نقرأ في طبعة العهد الجديد المطبوعة في كلكتا الهندية 1816م: (او لم يحلّ لنا ان نسافر باخت زوجة كما يفعل الحواريون واخوة الربّ وكيفا).
* وفي طبعة الفاندايك 1865م: (بأُختٍ زوجةً).
* وفي طبعة العهد الجديد الصادرة عن مطرانية بور سعيد القبطية الآرثوذكسية: (بأختٍ زوجةً).
* وفي طبعة الملك جيمس الانجليزية 1611م كتبوها (a sister, a wife) أي اخت زوجة.
* وفي طبعة جنيف الانجليزية للكتاب المقدس 1599م كتبوها: (a wife being a sister) أي زوجة تكون اختاً.
* وفي طبعة الكتاب المقدس الفرنسية LOUIS SEGOND (LSG) 1910م: (une soeur qui soit notre femme) أي اخت زوجة لنا.
* وفي طبعة لوثر الالمانية 1545م: (eine Schwester zum Weibe) أي اخت زوجة.
* وفي الطبعة الايطالية NUOVA RIVEDUTA 1994 (NR1994) كتبوها: (una moglie, sorella in fede) أي زوجة اخت في الايمان.
* بينما في طبعة القمص قزمان البراموسي للعهد الجديد 1981م القبطية الآرثوذكسية، فقد اختلف عما سبقه جميعه فكتب النص: (امرأة مؤمنة).
* وفي الطبعة الاسبانية La Biblia de las Américas (LBLA) 1986م: (una esposa creyente) أي زوجة مؤمنة.
* اما الترجمة العربية المشتركة طبعة بولس الفغالي[20] 2004م فكتبتها: (زوجة مؤمنة) ثم كتبت التعليق في هامش نفس الصفحة: (زوجة مؤمنة. حرفياً: امرأة اخت. يمكن ان تكون زوجة بطرس وزوجات اخوة الرب. كما يمكن أن تكون هناك نساء يعملن مع الرسل على مثال النساء اللواتي رافقن الرب يسوع (لو 8: 2-3). كانت الجماعة تؤمّن أيضاً معيشة هؤلاء النسوة). فهي تعترف بأن الترجمة الحرفية هي (امرأة اخت) ولكنهم يفضلون كتابتها بطريقة الترجمة التفسيرية التي تخضع عادة لرأي القائم بالترجمة وليس لحرفية النص!
كتب القس الكاثوليكي اثناسيوس سبع الليل: (في النص الاصلي وفي كل الترجمات القديمة وفي الترجمة العربية التي طبعها البرتستنت اوّل مرة في لندن يوجد نص هذه الآية الحقيقي وهو: "أليس لنا سلطان ان نجول بامرأة اختاً كباقي الرسل". اما البرتستنت في ترجمتهم الجديدة فقد غيّروا لفظة "امرأة" بلفظ "زوجة" وجعلوا آية بولس في ترجمتهم مخالفة لما قاله هذا الرسول، إذ ترجموها بهذه الكلمات: "اليس لنا سلطان ان نجول باخت "زوجة" كباقي الرسل". انظروا وافطنوا للتحريفات وخبث النية يا من لكم رغبة ان تقفوا على الحقيقة، ان البروتستنت وضعوا لفظة "زوجة" ليوهموا ان الرسل كانوا يجولون في الامصار مستصحبين زوجات كما يفعل الآن المبشرون البروتستنت خلافاً لعادة الكنيسة الغربية ولكل الرهبان، نعم ان الرسل كان اكثرهم متزوّجين كالقديس بطرس الذي يوجد ذكر حماته في انجيل لوقا، ولكن انهم قد تركوا بيوتهم ونساءهم ليلصقوا بالمسيح ويتفرَّغوا لبشارة الانجيل، كما قال بطرس الرسول للسيد المسيح (لوقا 18: 28): "ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك". نعم ان الرسل كان معهم نساء يساعدنهم في الخدمة لتعليم النساء وتعميدهم، ولكن هؤلاء كنَّ "اخوات" وليس "زوجات"، وكانوا يدعوهنَّ "شمَّاسات" او "خادمات" كما هو مذكور في رسالة القديس بولس الى رومية (16: 1). والذي يقصده البروتستنت بهذا التحريف هو معروف للجميع: انهم يرغبون في اقامة الحجة على الكنيسة الكاثوليكية التي تطلب التبتل من كهنتها. فبهذا التحريف يتيسر لهم ان يقولوا عنها انها مخالفة للرسل الذين كانوا يستصحبون نساءهم في التبشير بناءً على ما ورد في ترجمة البروتستنت المحرَّفة). ثم يقول: (ولكن ارجوك يا كراس ان تسال البروتستنت على ايّ استاذ درسوا اللغة اليونانية وفي اي قاموس وجدوا ان لفظة γυναικός معناها "زوجة"، ان كل الذين عكفوا على درس اللغة اليونانية مدة اسبوعين علموا ان هذه اللفظة معناها امرأة بدون دلالة على تقييدها برباط الزواج ولا تفيد الّا التمييز عن جنس الرجال. فمن قال γυναικός قال احدى جنس النساء بدون تعيين كونها مرتبطة بالزواج او ارملةً او بكراً، لان هذا التعيين لا يدخل في معنى هذه اللفظة، وهذا هو المعني الذي استعمل فيه كتَّاب اليونان هذه الكلمة منذ عهد هوميروس الى الآن، غير ان البروتستنت لا يتقيدون بقواعد اللغات ولا بقواميسها عند ما يتيسّر لهم في ترجمتهم الكتاب المقدس ان يؤيدوا تعاليمهم الفاسدةبالتغيير والتبديل، لان لهم قاموساً خصوصياً يأخذون عنه معاني الفاظ الكتاب المقدس وهو "قاموس التحريفات" الذي وضعه لهم لوتيروس وكلوينوس وزوينكلوس وبيزا وكل مؤسسي هذا الدين الجديد، وعادة البروتستنت ان التلميذ عندهم ينقل تعليمه عن معلمه ويناقض كل ما سواه وان كان تعليم معلمه هذا مخالفاً للحق وللسيد المسيح نفسه. فحبّاً بالمترجم انا "ابيع" اللغة اليونانية واربابها وانْ كانوا من الفطاحل كيوحنا قم الذهب وغريغوريوس وباسيليوس واثناسيوس وكيرلص، فانني اضرب صفحاً عن كل هؤلاء والتصق بالمترجم البروتستانتي وحده (ولا بدّ ان يكون ممنوناً من غرامي هذا فيه)، ولكن ما العمل "يا بَطَل" في الترجمات القديمة كالسريانية والقبطية واللاتينية والعربية القديمة؟ انه لا جسارة لي ان امشي معك ضد هذه الترجمات كلها وضد هؤلاء المترجمين كلهم وضد كل آباء الكنيسة الذين تضادهم كلهم انت وحدك. الا ان هيامي بك ايها المترجم العزيز يجعلني ان اترك الكل واقتحم كل الاخطار حتى اكون دائماً معك ولا افارقك البتة، فلا اعبأ بكل ما ذكر وبكل مَن ذكر، الا ان شيئاً واحداً يوقفني وهو معارضة البروتستنت نفسهم لك، لان نسخة البروتستنت التي طبعها العلامة اربينيوس في ليد (هولاندا) سنة 1616 لا يوجد فيها لفظة "زوجة" في هذه الآية بل لفظة "امرأة" والتوراة البروتستنتية المطبوعة في لوندن اي في عاصمة الانكليز سنة 1860 يوجد فيها لفظة "امرأة" وليس لفظة "زوجة" فما العمل؟)[21].
 
8)       في انجيل لوقا عن مريم (عليها السلام): (1: 28).
أ‌.        الترجمات قبل ظهور البروتستنتية:
* في ترجمة الاسعد ابي الفرج العسّال العربية: (فلمّا دخل إليها الملاك قال لها: "السلام لكِ يا ممتلئةً نعمةً، الرب معكِ، مباركة أنتِ في النساء")[22].
* ونقرأ في ترجمة جون ويكليف John Wycliffe 1377م الانجليزية الشهيرة التي كتبت قبل ظهور البروتستانتية انها كتبتها: 
"And the aungel entride to hir, and seide, Heil, ful of grace; the Lord be with thee; Blessed be thou among wymmen".
فذكرت عبارة (ful of grace) أي الممتلئة نعمة.
* وأيضاً في ترجمة ويليام تيندال William Tyndale 1535م كتبوها: (full of grace) أي الممتلئة نعمة.
 
ب) الترجمات بعد ظهور البروتستنتية:
* نقرأ في ترجمة العهد الجديد 1737م: (افرحي يا ممتلية نعمة ، الرب معك ، مباركة انتِ في النساء).
* وفي طبعة رجارد واطس في لندن 1833م عن نسخة رومية 1671م: (السلام لك يا ممتلية نعمة).
* وفي طبعة الكتاب المقدس للدومينيكان 1875م: (السلام عليكِ يا ممتلئة نعمةً).
* وفي الطبعة اليسوعية للكتاب المقدس 1897م: (السلام عليكِ يا ممتلئة نعمة).
* وفي العهد الجديد الطبعة الكاثوليكية الثامنة 1982م: (السلام عليكِ ايتها الممتلئة نعمةً).
* وفي طبعة مطرانية بور سعيد القبطية الآرثوذكسية للعهد الجديد: (سلام لكِ يا ممتلئة نعمة).
* وفي طبعة القمص قزمان البراموسي للعهد الجديد 1981م: (السلام للممتلئة نعمة).
* وفي الطبعة البولسية للعهد الجديد: (السلام عليكِ يا ممتلئة نعمة).
 
وفي المقابل:
* نقرأ في طبعة كلكتا الهندية للعهد الجديد 1816م: (اهلا بك ايّتها المنعم عليها فليكن الربّ معك فانك مباركة بين النساء).
* في طبعة الفاندايك 1865م: (سلام لك أيتها المنعم عليها).
* وفي الترجمة العربية المشتركة: (السلام عليكِ يا من انعم اللهُ عليها).
* وفي ترجمة الملك جيمس للكتاب المقدس 1611م: (Hail, thou that art highly favoured) اي: أيتها المنعم عليها.
* وفي طبعة الكتاب المقدس الفرنسية LOUIS SEGOND (LSG) 1910م: (Je te salue, toi à qui une grâce a été faite)، اي: السلام لك يا التي اعطيت لها النعمة.
 
* وتفردت طبعة لوثر الالمانية 1545م بترجمتها: (Gegrüßet seist du, Holdselige) أي: التحيات يا عزيزتي!!
كتب القس الكاثوليكي اثناسيوس سبع الليل عن ترجمة (الممتلئة نعمة): (انه لا يخفى احداً ان الكاثوليك وغير الكاثوليك يبجلون العذراء مريم البتول امّ سيدنا ومخلصنا والهنا يسوع المسيح ، اما البروتستنت فيقولون عنها انها "ماعون وفرّغ" وعلى ذلك فلا بد ان نجد تحريفاً ما في الترجمة البروتستنتية الجديدة في ما يخص فخر العذراء مريم وشرفها. اسمع ايها القاريء: ان لوقا البشير قال عن العذراء مريم (1: 28): "فلما دخل اليها الملاك قال السلام عليكِ يا ممتلئة نعمة"، فاللفظة اليونانية المستعملة في هذا المقام هي κεχαριτωμένη ومعناها "ممتلئة نعمة" وهذا مقرر عند ارباب اللغة اليونانية). ثم يقول: (وهذه هي الترجمة التي اتخذتها كل الشعوب المسيحية في كل الاجيال، فان السلام الملائكي هو صلوة عمومية يتلوها كل مسيحي منذ نعومة اظفاره، فالكل يقولون: "السلام لك يا مريم يا ممتلئة نعمة"، وصحة هذه الترجمة تظهر لمن طالع هذه الآية في ترجمات الكتاب المقدس كالترجمة القبطية والترجمة السريانية والترجمة اللاتينية وغيرها.

فاللاتينية تقول: "gratia plena" والسريانية تقول: "مَليات طَيْبوتو" (ممتلئة نعمة) والترجمة القبطية قالت:  ، وكل الشعوب في كل الاجيال قالت هذا المعنى نفسه. أ هل كان يعسر يا ترى على اولئك البطاركة العظام "اليونانيين لغةً"  كفم الذهب واثناسيوس وكيرلص وغريغوريوس وباسيليوس وغيرهم كثيرين ان يفهموا معنى هذه الكلمة؟ وهل انه منذ الف وثمانمائة سنة ما وُجد في العالم المسيحي باسره انسان يونانياً كان او بربرياً قدر ان يفهم هذه اللفظة؟ وهل ان كل الناس وكل الشعوب وكل العلماء وكل المؤلفين كانوا في غلط بخصوص معني هذه الكلمة الى ان حضر اخيراص هذا المترجم البروتستنتي وردَّ غلط كل الناس بتغييره لفظة "ممتلئة نعمة" بلفظة اخرى ليصح ترجمة اللفظة اليونانية؟؟) ثم يقول: (انه لا يعسر عليك يا مشاط ان تعرف سبب هذا التحريف وما هو الغرض الذي يقصده البروتستنت. ان جلّ مرغوبهم هو ان يبخسوا شرف العذراء مريم، وهذه هي الفائدة التي يجنونها من تغييرهم لفظة "يا ممتلئة نعمة" بلفظة "ايتها المنعم عليها" ولكي تدرك ذلك بسهولة ايها القاري العزيز ارجوك ان تلاحظ ان كل انسان منعم عليه من الله تعالى بنعم مختلفة العدد، فهذا منعم عليه بنعمةٍ وآخر بنعمتين وغيره بثلاث نعم وآخر باكثر حسب ارادته عزَّ وجلَّ واستعداد الانسان الذي يحسن التصرُّف بهذه النعم فيستحق ازديادها او يسيء التصرُّف بها فلا تُعطى له بقيضٍ، فاراد البروتستنت ان يحطوا بشرف العذراء مريم جاعلين ان الله تعالى انعم عليها ببضعة انعمٍ كباقي الناس خلافاً لما جاء في الانجيل، لان هذه هي نتيجة وضعهم لفظة "المنعم عليها" عوضاً عن لفظة "ممتلئة نعمةً". أفهمت يا مشاط ما هو قصد البروتستنت في هذا التحريف وما هي الفائدة التي ينتظرونها منه؟ بئست هذه الجسارة وبئس هذا المقصد. نجّانا الله من المشرب البروتستنتي وروحه ومباديه واغراضه ومقاصده وتعاليمه وعوائده ....)[23].
إذن اختلاف الترجمة متعلق بالموضوع اللاهوتي الذي يختلف حوله الكاثوليك والآرثوذكس من جهة والبروتستانت من جهة اخرى وهي قولهم بأن مريم هي والدة الإله ورفض البروتستانت هذه العقيدة، مما ألقى بظلاله على ترجمة الكتاب المقدس والاختلاف في هذا الموضع.
 
9)      في انجيل متى (6: 7).
والخلاف فيها بين ترجمتين، الاولى: (لا تكثروا الكلام)، والثانية: (لا تكرروا الكلام). وكالتالي:
أ‌.        الطبعات فبل ظهور البروتستانت:
* في ترجمة الاناجيل الاربعة لابي الفرج العسّال 1253م: (وإذا صليتم فلا تكثروا الكلام كالوثنيين، فإنهم يظنون أنْ سيُسمع لهم بكثرة كلامهم).
* وفي ترجمة ويكليف 1377م بلغتها الانجليزية القديمة نقرأ:
"But in preiyng nyle yee speke myche, as hethene men doon, for thei gessen that thei ben herd in her myche speche".
* وفي طبعة ويكليف بلغة انجليزية عصرية[24]:
"But in praying do not ye speak much, as heathen men do, for they guess that they be heard in their much speech".
بنفس المعنى السابق.
* وفي ترجمة تيندال 1535م:
"But when ye pray, babble not much, as the gentiles".
ومعناها: ولكن عندما تصلون، لا تثرثروا كثيراً كالوثنيين.
 
ب‌.   الطبعات بعد ظهور البروتستانت:
* في ترجمة الاناجيل الاربعة المطبوعة في روما 1591م[25]: (وإذا صلّيتم فلا تكثروا الكلام مثل الوثنيين لانّهم يظنّون ان يستمع لهم بكثرة كلامهم).
* في ترجمة رجارد واطس 1833م عن نسخة طبعة رومية 1671م: (واذا صليتم فلا تكثروا الكلام مثل الوثنيين لانهم يظنون ان يستمع لهم بكثرة كلامهم).
* وفي ترجمة العهد الجديد 1737م: (واذا صليتم فلا تكثروا الكلام كالامميين لانهم يظنّون ان سيُسمع لهم بكثرة كلامهم).
* وفي ترجمة العهد الجديد العربية المطبوعة في الهند 1816م: (فاذا صلّيتم لا تلغوا كالعوام فانّهم يزعمون انّه يستجابُ لهم بكثرة كلامهم).
* وفي ترجمة الكتاب المقدس للدومينيكان 1875م: (واذا صلّيتم فلا تكثروا الكلام مثل الوثنيين لانهم يظنُّون أنَّهُ بكثرة الكلام يُسمع لهم).
* وفي طبعة الكتاب المقدس لليسوعيين 1897م: (واذا صلّيتم فلا تكثروا الكلام مثل الوثنيين فإنّهم يظنّون انّه بكثرة الكلام يُستجاب لهم).
وفي المقابل:
* في الكتاب المقدس ترجمة فاندايك 1865م: (وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالأمم، فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم).
* وفي العهد الجديد الطبعة الكاثوليكية الطبعة الخامسة 1977م: (واذا صلَّيتم فلا تُطيلوا الكلام عبثاً مثل الوثنيين ، يظنون أنَّهم اذا أكثروا الكلام يُستجابُ لهم)... غير انه في الطبعة الثامنة 1982م التي صادَقَ النائب الرسولي للاتين في بيروت بولس باسيم على إعادة طبعها، نجد العبارة قد اعيدت كتابتها بالصيغة التالية: (وإذا صلّيتم فلا تكرِّروا الكلام عبثاً مثل الوثنيين فهم يظنُّون أنَّهم إذا أكثروا الكلام يُستجابُ لهم).
* وفي الترجمة العربية المشتركة 1993م: (ولا ترددوا الكلام ترداداً في صلواتكم مثل الوثنيين، يظنون ان الله يستجيب لهم لكثرة كلامهم).
* وفي الترجمة البولسية للعهد الجديد الطبعة السادسة والعشرون 1995م: (وفي الصلاة لا تكرِّروا الكلام عبثاً مثل الوثنيين فإنهم يتوهمون أنَّهم لكثرة الكلام يُستجاب لهم). بينما عادت في الطبعة الرابعة والثلاثون 2007م لتعيد صياغتها هكذا: (وإذا صلّيتم فلا تُثرثِروا كالوثنيين: فإنّهم يتصورون انهم بكثرة الكلام يُستجاب لهم).
* وهناك معنى ثالث اعطته الترجمة العربية المبسطة للعهد الجديد: (وعندما تصلّون لا تنطقوا بكلمات بغير فهم كما يفعل عابدوا الاوثان، فهم يظنون أنَّ صلواتهم ستستجاب بسبب كثرة كلامهم).
كتب القس الكاثوليكي اثناسيوس سبع الليل: (انه من ضمن العبادات الدارجة عند الكاثوليك توجد عبادة مسبحة الوردية، وفي هذه العبادة يتلو الكاثوليك السلام الملائكي خمسين مرّة، فهذه العبادة الجليلة قد جعلها البروتستنت مضادّة للكتاب المقدس بواسطة تحريفاتهم. اسمع ايها القاري: ان السيد المسيح قال في متى (7:6): "وحينما تصّون لا تكثروا الكلام كالامم، فانهم يظنون انه بكثرة الكلام يُستجاب لهم". فماذا عمل البروتستانت؟ انهم اذ ترجموا هذه الآية غيّروا فيها كلمة واحدةً فصارت مضادة لعبادة المسبحه، وذلك لانه عوضاً عن ان يقولوا في ترجمتهم: "لا تكثّروا الكلام" قالوا: "لا تكرّروا الكلام"، وحيث اننا في تلاوة المسبحة نكرّر الصلوة الربية خمس مرات والسلام الملائكي خمسين مرة فالنتيجة هي ان هذه العبادة (بناءً على ترجمة البروتستنت) هي مضادة للكتاب المقدس، فما قولكم في ذلك يا ناس؟ افهمتم كيف ان البروتستنت  هم اصحاب حيل ويعرفون يعملون للمسائل "دارجاً بعيداً" حتى لا يظهر حبثهم وخداعهم؟ لانه بعد هذا التحريف ينهض البروتستنت ويصيحون قائلين باعلى صوتهم: ان الكاثوليك قد ادخلوا في الكنيسة تعاليم وخرافات وعبادات مضادة لكلام الله، ثم يفتحون الكتاب المقدس ويقرؤون هذه الآية ويقولون: "انظروا كيف ان الكاثوليك في صلاتهم يخالفون تعليم السيد المسيح الذي شجب تكرار الكلام في الصلاة". الَا ان النص اليوناني يدل بدون ريب في هذه الآية على معنى تكثير الكلام وليس على تكراره، كما تحقق ذلك من كان له المام بلغة اليونان. هذا وحيث ان معرفتكم لهذه اللغة هي قصيرة بهذا المقدار ايها البروتستنت الكرام حتى انه قد التبس عليكم معنى لفظة μή βαττολογήσατε فترجمتموها بلفظة "لا تكرّروا الكلام" وخفي عليكم معناها الحقيقي فاسمعوا ما اقوله لكم لتقفوا على هذا المعنى وتصحُّوا ترجمتكم للكتاب المقدس في هذه الآية لئلا يضحك عليكم تلامذة المدارس: ان كل ذي ذوق سليم متى التبس عليه معنى لفظةٍ ما فيستعين بالقرائن وظروف الحال ليضبط المعني الشارد منه: فلو أنكم اتَّبعتم هذه القاعدة العمومية لما أُبهم عليكم معنى هذه اللفظة. غير انه لو كان اتبع البروتستنت هذه القاعدة لما كانت ترجمتهم محرَّفة. وحيث انَّ جلَّ مقصودهم في هذه الترجمة الجديدة هو تحريف النص الشريف موافقةً لتعاليمهم المفسودة فما كان يمكنهم ان يتبعوا القياسات العمومية وقد حادوا عنها ليتمكنوا من التحريف المضل. غير ان القرائن وظروف الحال تصرخ ضد البروتستنت وتظهر احد الامرين: اما الجهل الكثيف واما خبث النية. اسمع ايها القاري واحكم بنفسك: ان الوثنيين كانوا يتلون الفاظاً كثيرة في صلواتهم ظانّين ان مقعول الصلاة كله قائم في كثرة الالفاظ بدون التفات الى استعداد القلب وحرارة المحبة. فأمر السيد المسيح تلاميذه ان لا يتشبهوا بالوثنيين وان لا يكثروا الكلام في الصلاة بهذه الكيفية مثلهم. والدليل على ان ما قاله السيد المسيح في هذه الآية لم يقصد به ان يلوم "تكرار الكلام" في الصلاة خلافاً لما قاله البروتستنت في ترجمتهم هو ان السيد المسيح نفسه قد كرَّر الكلام ذاته في الصلاة ثلاث مرات كما هو مذكور في انجيل متى (44:28): "فتركهم ومضى ايضاً وصلّى ثالثةً قائلاً ذلك الكلام بعينه". والدليل على ان ما قاله السيد المسيح في هذه الآية قد قصد به ان يامر تلاميذه بعدم "تكثير الكلام" الذي يُتلى بدون حرارة المحبة كما ترجم الكاثوليك ومعهم كل الشعوب المسيحية في كل الاجيال هو ان المسيح لامَ الوثنيين لظنهم انه "بكثرة كلامهم" يُستجاب لهم. فلو ان السيد المسيح قال في اول الآية (حسب زعم الترجمة البروتستنتية) "لا تكرروا الكلام كالوثنيين" لكان اردف في باقي الآية قائلاً: لانهم يظنون انه "بتكرار كلامهم" يُستجاب لهم. والحال انه لم يقل هذا في باقي الآية، بل قال: لانهم يظنون انه "بكثرة كلامهم" يُستجاب لهم. ولا يخفى ان تكرار الكلام يختلف عن تكثيره، لان الانسان يمكنه ان يتكلم كثيراً بدون ان يكرّر كلامه، كالذي يقص "حدُّوتة" مثلاً، فانه عادةً يكثر الكلام ولا يكرّره، وبالعكس يمكن تكرار الكلام بدون تكثيره، كالذي يقول: يا رب عشر مرات او خمس او ثلاث مرات فانه يكرّر الكلام ولا يُقال انه يكثره. وعلى ذلك فحيث ان السيد المسيح لام الوثنيين لظنهم انه "بكثرة" كلامهم يُستجاب لهم فتحريضه تلاميذه ان لا يتشبهوا بهم هو واقع على عدم "تكثير" الكلام حسب طريقة الوثنيين الباطلة وليس على عدم تكراره، وذلك لتكون موافقة بين فقرتي الآية الواحدة، لانه لا يجوز لنا ان نقول ان السيد المسيح قد نطق بكلام "في الشرق" في ابتداء الآية وبكلام "في الغرب" في آخرها حالة كون آخر الآية مرتبطاً بأولها في المعنى الواحد: "لا تكثروا الكلام في الصلاة كالوثنيين لانهم يظنون انه بكثرة كلامهم يُستجاب لهم". وحتى تفهموا ذلك بسهولة ايها البروتستنت الكرام اصغوا الى ما هو آت: لو ان الطبيب اراد ان يظهر للعليل مفاعيل كثرة الاكل المضرَّة بجسمه اتظنون انه كان يقول له: لا "تكرر الاكل"، اما كان يقول له بالاولى: "لا تكثر الاكل لان كثرة الاكل تضر بك"، انه لا يمكن ان تكون اجزاءُ هذه الجملة موافقة بعضها بعضاً ما لم تكن بالصورة الثانية وذلك لان السبب المبني عليه هذا النهي يجب ان يكون مطابقاً لما يُنهى عنه. فوجب ان تكون هذه المطابقة نفسها بين كلمات السيد المسيح حتي تكون اجزاءُ الآية مرتبطةً بالمعنى الواحد: وحيث انه قال عن الوثنيين انهم يظنون انه بكثرة كلامهم يستجاب لهم" فامرُهُ لتلاميذه القاضي بانهم لا يتشبهوا بالوثنيين في الصلاة يقع على عدم تكثير الكلام وليس على عدم تكراره. هذا وكنت عذرت البروتستنت على ما فاتهم من معنى الآية اليونانية التي نحن في صددها ونسبت ذلك الى الجهل الكثيف وليس الى الخبث لو انهم التزموا ان يدققوا هم بنفسهم في هذه الآية بالكيفية المذكورة. غير ان هذا التدقيق قد سبق واجراه غيرهم قبلهم كما هو ظاهر في الترجمات القديمة التي كلها تذكر في هذه الآية "تكثير الكلام" وليس "تكراره"، فالترجمة القبطية تقول:   والترجمة اللاتينية تقول: "Nolite multum loqui"، والمعنى واحد وهو: لا تكثّروا الكلام. والسريانية تستعمل لفظة "مفققين" والحال ان فعل "فقق" معناه: "هذر وهذرم وثرثر" كما هو مذكور في القاموس السرياني. وكل هذه الافعال معناها: "اكثر في الكلام"، والكتاب البروتستنتي العربي المطبوع في لوندرا يقول: "لا تكثّروا الكلام"، فلِمَ لم يلتفتوا الى هذه الترجمات؟ ولِمَ عارضوها وقوموها وخالفوها؟ اهل انهم دققوا في معنى هذه الآية ولاحظوا القرائن واعملوا الفكرة في ظروف الحال فوجدوا ان لفظة "لا تكثروا الكلام" الموجودة في النسخة القديمة وفي كل الترجمات لا تطابق القرائن فغيَّروها بلفظة "لا تكرروا الكلام" ليصحُّوا الترجمة؟ "قولوا لي بالحق" ايها البروتستنت أَهذا هو سبب التغيير والتحريف الذي اجريتموه في هذه الآية؟)[26]. 
(((يتبع في الحلقة القادمة)))

 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
[1]  الظاهر المقصود بها السريانية الكاثوليكية، وبذلك فلا نعلم ما هو موقف بقية الكنائس الكاثوليكية غير السريانية، كالكلدانية والأرمنية الكاثوليكية والمارونية، وغيرها.
[2]  العهد الجديد ، الترجمة المشتركة ، جمعية الكتاب المقدس ، بيروت – لبنان ، ص6.
[3]  الموقع الالكتروني الموسوعة المسيحية العربية الالكترونية ، من خلال الرابط:
http://www.albishara.org/bible.php?op=aT0x 
[4]  المدخل الى الكتاب المقدس / الخوري بولس الفغالي ج1 ص80.
[5]  المدخل الى الكتاب المقدس / الخوري بولس الفغالي – ج1 ص89 و90.
[6]  ترقيمها مختلف، تجد هذه الجملة في (80: 32) ، ص155.
[7]  سميت بالطبعة الكاثوليكية نسبة لأسم المطبعة التي طبعتها وهي المطبعة الكاثوليكية في بيروت.
[8]  صادرة عن الجامعة الانطونية / كلية العلوم البيبليّة والمسكونيّة والأديان / إعداد الاباء بولس الفغالي وانطوان عوكر، نعمة الله الخوري ويوسف فخري / طباعة مؤسسة دكّاش للطباعة / الكبعة الأولى 2003م.
[9]  طبع في: مطبعة التوفيق القبطية في القاهرة، 1935م.
[10]  متفرقات في المذهب الابروتستاني / القس اثناسيوس سبع الليل خوري الاقباط الكاثوليك بطهطا / مطبعة المعارف بالفجالة بمصر / 1894م - ص56 و57.
[11]  { مصدر سابق}.
[12]  الصحيح انجيل متى (15: 2 و3 و6)، جاء فيه بحسب ترجمة الفاندايك البروتستانتية: (1 حينئذ جاء إلى يسوع كتبة وفريسيون الذين من أورشليم قائلين: 2 »لماذا يتعدى تلاميذك تقليد الشيوخ، فإنهم لا يغسلون أيديهم حينما يأكلون خبزا؟« 3 فأجاب وقال لهم: «وأنتم أيضا، لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم؟4 فإن الله أوصى قائلا: أكرم أباك وأمك، ومن يشتم أبا أو أما فليمت موتا.  5 وأما أنتم فتقولون: من قال لأبيه أو أمه: قربان هو الذي تنتفع به مني. فلا يكرم أباه أو أمه. 6 فقد أبطلتم وصية الله بسبب تقليدكم!
[13]  في انجيل مرقس (7: 3-13) بحسب ترجمة الفاندايك البروتستانتية: (3 لأن الفريسيين وكل اليهود إن لم يغسلوا أيديهم باعتناء، لا يأكلون، متمسكين بتقليد الشيوخ. 4 ومن السوق إن لم يغتسلوا لا يأكلون. وأشياء أخرى كثيرة تسلموها للتمسك بها، من غسل كؤوس وأباريق وآنية نحاس وأسرة. 5 ثم سأله الفريسيون والكتبة: «لماذا لا يسلك تلاميذك حسب تقليد الشيوخ، بل يأكلون خبزا بأيد غير مغسولة؟» 6 فأجاب وقال لهم: «حسنا تنبأ إشعياء عنكم أنتم المرائين! كما هو مكتوب: هذا الشعب يكرمني بشفتيه، وأما قلبه فمبتعد عني بعيدا، 7 وباطلا يعبدونني وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس. 8 لأنكم تركتم وصية الله وتتمسكون بتقليد الناس: غسل الأباريق والكؤوس، وأمورا أخر كثيرة مثل هذه تفعلون». 9 ثم قال لهم: «حسنا! رفضتم وصية الله لتحفظوا تقليدكم! 10 لأن موسى قال: أكرم أباك وأمك، ومن يشتم أبا أو أما فليمت موتا. 11 وأما أنتم فتقولون: إن قال إنسان لأبيه أو أمه: قربان، أي هدية، هو الذي تنتفع به مني 12 فلا تدعونه في ما بعد يفعل شيئا لأبيه أو أمه. 13 مبطلين كلام الله بتقليدكم الذي سلمتموه. وأمورا كثيرة مثل هذه تفعلون»).
[14]  سلامه كراس البلموسي من رجال الدين البروتستانتيين في مصر آنذاك.
[15]  متفرقات في المذهب الابروتستاني / القس اثناسيوس سبع الليل {مصدر سابق} - ص (59-62).
[16]  طُبِعَ عن النسخة القديمة المخطوطة الموجودة في دير طور سيناء، نسخته واهتمت بتصحيحه مارغريطا دنلب غبسون، طبع في مطبعة دار الفنون في كمبريج 1899م.
[17]  صليب المشاط احد رجال الدين البروتستانت في اخميم بمصر آنذاك.
[18]  يقصد مارتن لوثر مؤسس البروتستانتية.
[19]  متفرقات في المذهب الابروتستاني / القس اثناسيوس سبع الليل {مصدر سابق} - ص(65-67).
[20]  هي نفس نص ترجمة الكتاب المقدس الترجمة العربية المشتركة ولكن تم ادخال المزيد من المقدمات والحواشي لكل كتاب فيه من قبل الخوري بولس الفغالي، وصدرت عن جمعية الكتاب المقدس في بيروت، الطبعة الاولى 2004م.
[21]  متفرقات في المذهب الابروتستاني / القس اثناسيوس سبع الليل {مصدر سابق} - ص(68-70).
[22]  الاناجيل الاربعة / ترجمة الاسعد أبي الفرج هبة الله العسّال (1253م) / تحقيق وتقديم د. صموئيل قُزمان معوَّض / الناشر مدرسة الاسكندرية (القاهرة) / الطبعة الاولى 2014م - ص302.
[23]  متفرقات في المذهب الابروتستاني / القس اثناسيوس سبع الليل {مصدر سابق} - ص(71-73).
[24] WYCLIFFE’S NEW TESTAMENT / Translated by JOHN WYCLIFFE and JOHN PURVEY / A modern-spelling edition of their 14th century Middle English translation, the first complete English vernacular version, with an Introduction by TERENCE P. NOBLE (Editor and Publisher) / Copyright ©August 2001 by Terence P. Noble.
[25]  ترقيم فصول وجُمَل هذه الطبعة مختلف عن المتداول، تجدون عبارة متى (7:6) المتداولة في الفصل العاشر منها ص17.
[26]  متفرقات في المذهب الابروتستاني / القس اثناسيوس سبع الليل {مصدر سابق} - ص(74-78).


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/12/05



كتابة تعليق لموضوع : تعريف بترجمات الكتاب المقدس المخطوطة والمطبوعة – (8)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net