صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

ماذا يجري في بغداد ؟
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

سبعة عشر عاما ونيف من التحول السياسي الكبير، وزوال نظام حكم دام لعقود شهد العراق في ظله العديد من التجارب الإقتصادية والسياسية والنزاعات والحروب، وتداعيات لاحصر لها، ولكنه تحول الى تاريخ مع دخول القوات الأمريكية الى العاصمة الخالدة بغداد، لتتحول تلك العاصمة الى مدينة محتلة لم يحمر ماء دجلتها بدماء الضحايا على طريقة هولاكو، ولاسال حبر مكتباتها مع مويجات ذلك النهر الممتد، ولكن تاريخا جديدا بدأ يكتب، وتسجل وقائع مرحلة صعبة ومعقدة وقاسية رحب بها طيف، وبكى على أعتابها طيف، وتلاقت دموع وضحكات، وتبادلت الأدوار، وتحولت من طيف الى آخر فهذا يبكي تارة، وذاك يضحك تارة أخرى، وتقلبات تليها تقلبات غريبة وعجيبة في بلد لايكاد يستقر، أو يهدأ، حتى ينتفض فجأة وكأنه بركان خمد لفترة، وسرعان ماعاد الى الثوران والتمرد، والجنون.


بعد مضي سبعة عشر عاما كاملة، وفي خضم صراعات قاسية بين مكونات سياسية تنتمي لبعضها، وأخرى تفترق طائفيا وعرقيا، بدأنا نشهد نوعا من التحول غير المسبوق، حيث يأفل نجم قوى سياسية فاعلة كانت تحكم الدولة الناشئة، وواجهت تحديات صعبة فشلت في معالجة معظمها، وخسرت ثقة الجمهور، ولم تكن ذكية، ولم تتعامل مع التطورات كما ينبغي، وتسببت بإحداث صدع كبير في علاقتها مع الشعب الذي كان يطمح الى حياة مختلفة في بلد غني مشبع بالثروات، كما هو مشبع بالأزمات التي تستهلك تلك الثروات، وتستنزف الطاقات، وتذهب بالثقة الى الهاوية، وتفقد روح المبادرة حتى خسرت جمهورها رويدا، وقد يكون فقد الحماس للدفاع عنها، أو إنه لم يعد يجد من جدوى في متابعة مسيرته معها، فصار مستعدا للحظة الفراق حتى مع عدم ثقته بالمستقبل، ونوع التغيير الذي لايضمن على وجه اليقين الى أين يأخذ به، أإلى بحبوحة العيش، أم الى وضع آخر يستنزف مابقي لديه من قوة وتحمل.


لوقت قريب كانت القوى الفاعلة منشغلة في ترتيبات المرحلة الجديدة مع علمها بان المراحل تستنزف بعضها، ومايحدث في مرحلة قد يكون إيذانا بتغيير هائل في مرحلة لاحقة، مع مارافق ذلك من تجاهل طبع سلوك قوى لم تتنبه الى صعود جيل جديد طامح ومتجدد لايرغب بحياة تقليدية ويكاد لايطيق الطبيعة التي عليها المجتمع والدولة خاصة وإن قوى النفوذ لم تفعل شيئا للتماهي مع قوى التغيير، أو محاولة التفاهم معها، ودراسة مايحدث متسارعا وصادما، وإنشغلت بمصالح خاصة وإستثمارات، حتى تيقن الجميع إن من حكموا العراق لم يكونوا يحكمون، بل كانوا متاجرين باحثين عن تامين مكاسب خاصة، ومهما كانت مفيدة لهم، وبدت كبيرة، لكنها كانت تافهة آمام مصلحة بلد كبير وعظيم، وله تاريخ تطاول على تاريخ أمم وحضارات صنعت مجد البشرية، وتشاركت فيه.


من المؤكد إننا نتجه الى حال مختلف تماما سيكون عليه العراق، وسيكون هناك الكثير من المفاجآت المذهلة بعد فقدان قوى تقليدية نفوذها أمام قوى شاركتها الحكم، ولكنها كانت تميل الى نوع حكم مختلف، وطبيعة أداء مختلفة تؤدي الى محاولة بناء علافات وتوازنات سياسية، وينسحب ذلك على تحالفات تلك القوى مع الخارج، وقد يؤدي الى تضاؤل نفوذ، وحضور دول، وتصاعد نفوذ دول أخرى، فليس ممكنا، ولفترة قادمة أن ينفصل العراق عن تأثيرات الخارج بسبب قوتها، وصعوبة توفر نظام سياسي مستقل بالكامل، وأمامنا وقت طويل يمر لنصل الى عراق يحكم نفسه بنفسه، ولايرضخ لقوى النفوذ والهيمنة الخارجية، ودائما سنحتاج الى طرح سؤال مهم مؤداه، ماذا يجري في بغداد ؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/01/20



كتابة تعليق لموضوع : ماذا يجري في بغداد ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال

 
علّق سنان السعداوي الاسدي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : الله حيوا رجال بني أسد في السعديه.

الكتّاب :

صفحة الكاتب : اسعد كمال الشبلي
صفحة الكاتب :
  اسعد كمال الشبلي


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net