صفحة الكاتب : معين شلولة

الله والجميع والطفل ريان .
معين شلولة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

منذ آمنت بالله حقا.. انتبهت إلى أن الأحياء منا يعيشون بين الأحياء وبين الله.. والأموات يعيشون فقط عند الله.. آمنت وانتبهت إلى أن الحياة هي مجموع وجودنا بين بني جلدتنا وبين الله.. وأن الموت انتقال للعيش واقتصار وجودنا بين يدي الله فقط دون بني جلدتنا.. حيث نفارق الأرض ونصعد السماء بأرواحنا التي هبطت ونزلت منها في الأصل.. ونترك للأرض أجسامنا التي صُنعت من طينها في الأصل.. أي أن الموت يرجعنا إلى أصلنا مقسومين على مصدَرِينا الإثنين.. السماء والأرض.. الجثمان للأرض والروح للسماء.. فهل يجوز لي أن أتعزى حين يغيب أحدنا.. بأنه ذهب إلى حيث كان قد خلق وعند من خلقه..؟! هل يجوز لي أن أعتقد أن الخالق ضمن طبيعية ارادته واطلاقها يأخذ من يريد أن يأخذ دون استشارتنا " ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض "؟! .. أقول هذا فقط لألفت النظر إلى أن الطفل المغربي ريان.. رحل وسط احتفالية ومهرجان فلسفي عميق.. خلاله اجتمعت الكرة الأرضية كلها تطالب الله به حيا.. ودخلنا مع الله في موجات مندفعة متلاحقة من الأمل والرجاء والعتاب وبعضنا في سخط وتعجب وحرج مع الإرادة الإلهية.. كلنا وعلى مدار أكثر من ستين ساعة.. لم نبق دعاء ولا حسن ظن بالله إلا مارسنا شيئا منه.. مترجمين حبنا لهذا الطفل بهذه الكيفية.. بينما كان إله هذا الطفل يحبه بطريقته هو.. يميته ليأخذه.. كعادة إرادته يميته ليستدعي روحه للسماوات التي نؤمن أنه يسكنها.. لو كان ريان عاش كنا سنشترك مع الله في الحضور في حياته ولله الحضور الأعظم والمطلق.. ولو كان مات وقد حدث.. فإن الطفل صار ملكا خالصا لله وفي ذلك أمان مطلق وأعلى بكثير من وجوده بيننا.. لكن رغم ذلك.. لن يكون الموت خيرا يوما.. والحياة لن تكون شرا نحمد الله على الخلاص منها.. لا يمكن قول هذا نهائيا.. إنما الثقة في فعل الله وتوزيعه لنا بين الحياة والموت هي الخير.. إرادة الله وقدره حين يحيى أو يميت أو حتى يعلقنا بين الحياة والموت.. والثقة به والإنصياع للنتائج أمر بالغ الصعوبة علينا كبشر مجردين.. لكنه سهل ومعقول ومستوعب في كنف الإيمان والروحانية.. رحم الله ريان.. ولا تثريب عليه.. " لا كرب على أبيكِ بعد اليوم يا فاطمة.. -قالها النبي وهو يحتضر- ". حديث شريف.. هذا ليس ميكانزم دفاع من نوع تسامي أو تأسي أو تروحن إزاء كارثة.. إنما هو ما يمليه الإيمان.. وإنا لله وريان لله .. وإنا إليه راجعون.. سيكون أمامنا ويظل وراءنا وفينا.. أن ندرس ما حدث لهذا الطفل المغربي.. ونخرج بتشخيصات دقيقة حول من المسؤول الدنيوي عن فقده لحياته.. بل ونستثير كل ما يتعلق بحقوق الطفل في الحماية والتربية والصون والمحافظة عليه.. ومراجعة الحكومة ودور الإعلام وضخامة مسؤولية أهله.. هذا مقدس لئلا يفلت الجاني والمجرم المسؤول.. ولئلا تتكرر الحادثة.. سيظل مهما أن تتحول قصة هذا الطفل لتؤسس نضالا من نوع خاص ينبني عليها كواقعة تاريخية تأسيسية لنزعة تربوية وحقوقية لصالح الطفل.. وكل هذا هو سقفنا.. أما في الأول والأخير فإن الله هو الأول والآخر .. وريان أحد عيال الله.. والله أحن عليه من أمه.. لكن حنان الله غيب.. غيب لا يعلمه سواه أو من أراد.. وإلا فإن كل حسبة إنسانية مجردة.. لن تنتهي بإعتبار الموت حنانا. مودتي للجميع


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


معين شلولة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/02/06



كتابة تعليق لموضوع : الله والجميع والطفل ريان .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net