صفحة الكاتب : عدنان ابو زيد

الشهادات العليا في الغرب تنحسر.. وفي العراق تتضخّم 
عدنان ابو زيد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 معضلة التضخّم في أعداد خريجي المعاهد والجامعات، الناجم عن الانتفاخ الديموغرافي ليست عراقية فقط، بل عالمية، لكن الفرق، انّ دولا نجحت في معالجاتها وتحويلها الى فرصة للتطور والازدهار، بعدما كانت أزمة مستفحلة. 

بحسب (بي بي سي بيزينس)، يتخرّج من الجامعات في الهند، أكثر من خمسة ملايين طالب سنويا. 

وفي الصين يتخرّج سنويا نحو ثمانية مليون طالب من جامعات البلاد، بأكثر من سبعة أضعاف العدد قبل 15 عامًا، وقد أدى ذلك الى مصادمات دموية في العام 1989 في ساحة تيانانمين، اشعلها الشباب العاطل لاسيما الخريجون، وقد تكرّرت نسخ منها لاحقا في دول كثيرة ومنها العراق، حين أشعل الشباب العاطل فتيل تظاهراته التشرينية العام 2019 وقبلها انتفاضة شباب الربيع العربي. 

تجربة الصين رائدة في امتصاص عاصفة تناسل الشهادات، بعد ان خفضّت نسب البطالة الى 4٪ باقتصاد متسارع النمو، وقطاع خاص يمد أذرعه الى كل انحاء العالم.  

في أوربا، التي تمنح جامعاتها سنويا اعدادا هائلة من الشهادات، بمستويات علمية رصينة، لجأت الخطط الى ابتكار فرص عمل للكوادر الوسطية في مختلف القطاعات، الامر الذي قلّل من اعداد الطلاب الشهادات الجامعية العليا، وأصبحت الدورات الفنية المتعلقة بالتوظيف، الأكثر اقبالا من المواد الأكاديمية والنظرية في الجامعات التي تتطلب زمنا أطول، الى الحد الذي يؤكد فيه معهد تشارترد للأفراد والتنمية ان إشراك المزيد من الشباب في التعليم العالي لم يعد مبررًا، بسبب تضخم الاعداد، فضلا عن كلفه الهائلة. 

بل ان نجاح تجربة أوربا في استيعاب الشباب المتعلم، رائدة وفريدة، فلم تشهد هذه القارة المبدعة هجرة لشبابها عبر الحدود، ولم يكن ذلك ليتم لولا الاقتصاد القوي والإدارة الناجحة للموارد البشرية. 

الى وقت قريب، كان يُنظر الى شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، على انها النافذة الاوسع للحصول على وظيفة، لكن التخطيط الاقتصادي البعيد الأفق، وسّع من دائرة الفرص، وأصبح الطلب يتزايد على الحرف ومجالات الكادر الوسطي، والتلمذة الصناعية، حتى ان خريجين جامعيين، لجأوا اليها بعد عجزهم عن العثور على وظائف الشهادات العليا ونجحوا في اختراق القطاعات التي احتكرتها المجموعات الاجتماعية المتدنية التعليم، مثل الفلاحين والعمال المهاجرين والعاطلين.  

وعلى عكس ما يحدث في العراق، فانّ الوظائف في قطاع الدولة في الدول الصناعية، لم تعد هدفا للخريج الجامعي الباحث عن العمل، لأنه يدرك ان هناك مئات الفرص التي يوفّرها القطاع الخاص، مع امتيازات أفضل. 

المتعلمون العاطلون، في دول أوربا، لا يُتركون وشأنهم، فهم يُمنحون رواتب اعانة شهرية، ويدخلون دورات تحويلية 

تأهلهم بشكل عملي الى سوق العمل، بغض النظر عن الشهادة التي يحملونها، الامر الذي يحول دون انفصالهم عن   الواقع، لاسيما حين يرون ان دولتهم عادلة، وصاحبة اقتصاد ابتكاري، وان التوظيف على وفق المهارة، وليس الشهادة فقط. 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدنان ابو زيد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/02/11



كتابة تعليق لموضوع : الشهادات العليا في الغرب تنحسر.. وفي العراق تتضخّم 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net