صفحة الكاتب : د . حسن الياسري

سلطةُ البرلمانِ على حكومة تسيير الأمور اليومية الحالية
د . حسن الياسري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ليس بوسع البرلمان الجديد -الحالي- بسطُ سلطتهِ في المساءلة الدستورية ، المنصوص عليها في المادة (٦١) من الدستور ، على حكومة تسيير الأمور اليومية الحالية ؛ وذلك للأسباب الآتية:

١- إنَّ حكومة تسيير الأمور اليومية هي حكومةٌ منتهيةٌ دستورياً ، ليس لها من الأمر شيءٌ سوى حفظ الأمن وتسيير الأمور اليومية الجارية ، وكلُّ ما عدا ذلك من صلاحياتٍ دستوريةٍ منزوعٌ منها .

٢- ليس البرلمانُ الجديد -الحالي- هو مَنْ منحَ الثقة إلى هذه الحكومة ؛ لذا لا مكنة له بسحبها منها ؛ لأنَّ سلطته تقتصر على الحكومة التي منحها الثقة هو لا مَنْ منحها غيره. فهي لم تنشأ من رحمهِ ، ولم تلتزم قِبلهُ بالمنهاج الوزاري.

٣- إنَّ مدة الولاية الدستورية للبرلمان والحكومة محددةٌ بنصوصٍ صريحةٍ ، وكلاهما يلتزم حيال الآخر بالتزاماتٍ دستوريةٍ. فالأول -البرلمان- يمنح الثقة للثاني ثم يمكنه سحبها منه ، والثاني -الحكومة- بوسعهِ تقديم طلبٍ مشترك مع رئيس الجمهورية يطلب فيه حلَّ الأول - البرلمان-.

وبضرسٍ قاطع أقول إنَّ هذه الالتزامات قد سقطت مع زوال الأول -البرلمان- وبقاء الثاني -الحكومة- ؛ لذا لا غرو أنَّ هذه الحكومة قد تحولت تلقائياً وبقوة الدستور إلى حكومة تسيير أمورٍ يوميةٍ بعد زوال مَنْ منحها الثقة ؛ ولا يُغيرنَّ من الأمر انتخاب برلمانٍ جديد ، فهذا البرلمان انتُخب ليختار حكومةً جديدةً ، لا ليُسائِلَ حكومةً منتهيةً.

٤- إنَّ من المعروف أنَّ النتيجة التي قد تفضي إليها مساءلة الحكومة برلمانياً ، سواءٌ أكانت سؤالاً أم استجواباً ، ونحوهما -بحسب الآليات الدستورية المعروفة- ، إنما تتمثلُ في سحب الثقة منها ، لتغدو بعد ذلك مستقيلةً ، ريثما يتم انتخاب أخرى جديدةٍ. والسؤال الذي يُطرح هنا : ما جدوى تلك المساءلة إنْ كانت هذه الحكومة هي منتهيةً بالأساس وبمنزلة المستقيلة بحسب الدستور !!

٥- ولعل سائلاً يسأل : إنَّ الأخذ بهذا الرأي سيجعلُ هذه الحكومة بمنأى عن المساءلة والرقابة ، فكيف يمكن القبول بذلك ؟

ونجيب عن هذا الإشكال بإيجازٍ شديدٍ :

أ- لقد كان الدستور واضحاً ودقيقاً جداً بإزاء هذه الأمر ، إذْ وضع مدداً محددةً وقصيرة المدى بغية تأليف الحكومة الجديدة ، بيد أنَّ الفرقاء السياسيين بسبب خلافاتهم السياسية قد تجاوزوا هذه المدد والتوقيتات، فضربوا الدستور عرض الحائط ؛ لذا عليهم أنْ يتحملوا هذه النتيجة ، واللوم عليهم لا على الدستور !!

ب- إننا وإنْ قلنا بعدم إمكانية مساءلة هذه الحكومة من قبل البرلمان الجديد ، بيد أنَّ ذلك لا ينفي البتة إمكانية مساءلتها ومحاسبتها على وفق القانون ؛ إذْ يمكن للمؤسسات الرقابية والقضاء بسط الرقابة عليها ومحاسبتها عن أي فعلٍ يمثل خرقاً أو فساداً ، فضلاً عن رقابة الرأي العام ؛ وبالمحصِّلة إنَّ هذه الحكومة ليست بمنجاةٍ من المساءلة والمحاسبة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حسن الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/03/06



كتابة تعليق لموضوع : سلطةُ البرلمانِ على حكومة تسيير الأمور اليومية الحالية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net